CRI Online

ثقافة الأطعمة الصينية الخالية من اللحوم الحمراء والبيضاء

cri       (GMT+08:00) 2015-09-21 09:21:36


حينما نتحدث عن السياحة، يخطر ببالنا التمتع بمختلف المناظر الطبيعية والثقافية. لأنه موضوع مهم للسياحة حقا، لكن كلمة السياحة تحمل الكثير من المعاني، منها معرفة الثقافات المحلية المختلفة. وتشتهر الصين بحضارتها العريقة وثقافتها المشرقة في العالم، وتعتبر ثقافة أطعمتها جزءا هاما من ثقافتها المشرقة. في هذه الحلقة، نتحدث لكم عن ثقافة الأطعمة الصينية وبالتحديد الأطعمة الخالية من اللحوم الحمراء والبيضاء.

في الحقيقة إن الشعار السياحي الصيني للعام الجاري هو "السياحة في مملكة الطبخ المشهورة – الصين". وعندما يزور سائح مواقع سياحية مختلفة، لا بد أن يتذوق أطعمتها المحلية المشهورة.

تعرفتم في برنامجنا الأسبوعي الآخر " الثقافة في الصين " على الأطباق الثمانية التقليدية الصينية المشهورة. وبالإضافة إلى هذه الأطباق، أصبحت الأطعمة الخالية من اللحوم الحمراء والبيضاء شائعة ومحبوبة لدى كثير من الصينيين في السنوات الأخيرة.

ورغم أن تاريخ هذه الأطعمة يعود إلى ما قبل ألف وخمسمائة سنة، غير أن معظم الناس كانوا يعتقدون بأن الأطعمة الخالية من اللحوم غير دهينة وليس لها طعم مميز. لذلك من الصعب أن يقبلوها وقلما يتذوقوها. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، ازداد عدد محبي هذه الأطعمة بكثرة بسبب ألوانها المتعددة ورائحتها الذكية وطعمها اللذيذ وتشكيلاتها الجميلة. وأنشئت في بكين على التوالي مطاعم عديدة تقدم للزبائن خصيصا هذا النوع من الأطعمة. وأشهرها مطعم يحمل اسما شاعريا هو مطعم "بركة اللوتس تحت ضوء القمر" إذ يعتبره الكثير فردوسا لمن يفضلون الأطعمة الخالية من اللحوم حيث يمكنهم التمتع بالبيئة الهادئة والأطعمة الصحية.

وزار مراسلنا مؤخرا هذا المطعم، وعندما وصله صادف صاحبة المطعم السيدة شيا تسه هونغ التي كانت تعرف للزبائن بمزايا أطعمتها:

"إن أطعمتنا تتسم بميزتين، الأولى هي الحفاظ على طعم المواد الأصلي، والثانية هي أننا أعطينا لكل نوع من أنواع الأطعمة اسما شاعريا مثل: مناظر بركة اللوتس تحت ضوء القمر و الذهب المختبأ في الحجر الكريم الأحمر وفرن الفرح والسعادة وما إلى ذلك."

قبل أن تفتح السيدة شيا تسه هونغ هذا المطعم، تناولت أطعمة خالية من اللحوم البيضاء والحمراء لعدة أعوام. ووجدت أن هذه الأطعمة صالحة جدا لتوازن الأغذية في الجسم ومفيدة للوقاية من أمراض القلب وشفاءها. لذلك، خطرت ببالها فكرة لفتح مطعم تقدم فيه أطعمة خالية من اللحوم لتوسيع سوق هذه الأطعمة. وبعد تعرفها على أطعمة بوذية خاصة خالية من اللحوم الحمراء والبيضاء وأي مادة ذات رائحة قوية أو نفاذة وأطعمة شعبية خالية من اللحوم وأطعمة إمبراطورية خاصة خالية من اللحوم ومثيلاتها في الدول الأوروبية والأمريكية، والاستفادة من خبراتها الذاتية في مجال طبخ هذه الأطعمة، توصلت إلى هذه المجموعة من الأطعمة المميزة الخالية من اللحوم.

وبعد مقارنات كثيرة، قررت السيدة شيا تسه هونغ فتح مطعمها في فناء رباعي تقليدي شمال شرقي بكين وتحيط بهذا الفناء أشجار خضراء كثيفة. وفي داخله بركة مليئة بأزهار اللوتس، وفي ركن صالة المطعم مكتبة صغيرة. وبجانب البركة ممر تضيئه أشعة الشمس، وهو مكان مفضل للزبائن حيث يتمتعون بالمناظر الطبيعية الهادئة.

أعجب مراسلنا كثيرا باسم المطعم. فتحدثت السيدة شيا تسه هونغ عن سبب اختبارها لهذا الاسم:

"أعتقد بأن كثيرا من الأصدقاء درسوا في المدرسة مقالا نثريا بقلم الكاتب الصيني المشهور تشو تسي تشينغ وعنوانه "مناظر بركة اللوتس تحت ضوء القمر". رسم هذا المقال مناظر خلابة جميلة وترك انطباعات عميقة في نفوس القراء. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر زهرة اللوتس زهرة محترمة في الدين البوذي لأنها نشأت من الطين لكنها نظيفة وجميلة تمثل الأخلاق السامية. أما القمر، فيمثل الهدوء والنظافة، فقد فضلت هذا الاسم آملة في أن يتمتع الزبائن خلال تناولهم أطعمة لذيذة ببيئة هادئة وآمنة مثلما رسمه تشو تسي تشينغ في مقاله المشهور.

تذوق مراسلنا أطعمة هذا المطعم، وجده مزدحما بالزبائن. ولاحظ أن زبونا يجلس على طاولة بجانب طاولته منهمكا في الأكل. فتجاذب المراسل أطراف الحديث معه.

"كنت أحب عادة الأسماك واللحوم، وأعرف أنها ليست صالحة للصحة. وسمعت من أصدقائي أنه يوجد مطعم مميز هنا، فجئت اليوم. رغم أن الأطعمة هنا خالية من اللحوم، غير أن طعمها لذيذ جدا. وأحب الدوفو أي مستحلب فول الصويا، وما تناولته اليوم من الدوفو في هذا المطعم هو الألذ والأحسن من نوعه . لا أعرف كيف تمتلئ أرجاء المكان برائحة وطعم اللحم بينما تكون المأكولات خالية من اللحم."

بالإضافة إلى الطعم اللذيذ، تتطلب الأطعمة الخالية من اللحوم من الطباخين أن يتميزوا بتصورات فنية وافرة، ثم يختاروا أوعية مناسبة ليضعوا الأطعمة فيها. مثلا، يوجد هنا طبق يسمى بجزر هاواي الزرقاء، ويحضر من مسحوق نبات بحري يعرف باللمنارية ومسحوق فول الصويا على شكل شرائح أذن البحر ويوضع في طبق زجاجي أزرق فوق طبقة من الجليد ، ويشعر الناس هذا التشكيل ببرود شاطئ البحر.

كلما يأتي المساء، تزداد الحركة والنشاط في مطعم "مناظر بركة اللوتس تحت القمر" الواقع داخل غابة صغيرة. غالبا ما يختار الزبائن الذين يصلون إلى المطعم مبكرا الجلوس بجانب الشبابيك الزجاجية ، حيث يتمتعون بمناظر غروب الشمس بينما ينتظرون الأطعمة التي يحبونها . وينتهز بعض الزبائن القدامى وقت انتظار الأطعمة لاصطحاب أصدقائهم الذين جاؤوا إلى المطعم للمرة الأولى إلى زيارة مكتبة "النور" التي تقع في ركن من أركان المطعم. يوجد في المكتبة كثير من الكتب الخاصة بالدين البوذي والكتب التاريخية والأدبية وأشرطة التسجيل . والمكتبة مجهزة أيضا بكراس مريحة ومصابيح ذات ضوء هادئ. يمكن للزبائن الاستراحة هنا قليلا للتمتع بالبيئة الثقافية والموسيقى الخفيفة عندها. تتدفق في صدورهم مشاعر الفرح ، وينتهي التوتر والقلق.

بالنسبة إلى محبي الأطعمة الخالية من اللحوم، لا يهمهم تناول هذه الأطعمة، بقدر ما تهمهم البيئة الهادئة والمريحة التي يوفرها لهم مطعم " بركة اللوتس تحت ضوء القمر " في عملية الأكل.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي