CRI Online

مدينة ووتشو، قلب الجنوب!

cri       (GMT+08:00) 2015-10-30 16:17:45

تعتبر مدينة ووتشو القديمة مهداً لمقاطعتي قوانغدونغ وقوانغشي، ففي فترة أسرة سونغ (960- 1279)، حدد الإمبراطور تاي تسونغ (993-997) الجزء الواقع شرقي ووتشو بأنه مقاطعة قوانغدونغ (دونغ تعني الشرق) والجزء الواقع غربي ووتشو بأنه مقاطعة قوانغشي (شي تعني الغرب). ووتشو الحالية مشهورة بمناظرها الطبيعية المميزة والأنيقة وبصناعتها فضلا عن ثقافتها العريقة. تحمل المدينة ألقابا عديدة، منها "مدينة الغابات الوطنية" و"عاصمة الأحجار الكريمة الاصطناعية في العالم" و"النموذج الوطني لإعادة التدوير والطاقة الخضراء".

إن ووتشو مدينة بين الأنهار، فالمجاري المائية هي قلب المدينة النابض بالحياة. هنا، يلتقي نهرا شيونجيانغ وقويجيانغ ليشكلا معاً نهر شيجيانغ، الذي يتدفق شرقاً إلى قوانغدونغ ويصب في بحر الصين الجنوبي. وبحضارة ممتدة لأكثر من أربعة آلاف عام ومدينة عريقة عمرها أكثر من ألفي عام، تبرز ووتشو كواحدة من المدن الأكثر شهرة في الصين.

يرجع اسم المدينة إلى قبيلة تسانغوو البدائية في عهد الإمبراطورين الأسطوريين ياو وشون. وقد اتخذت اسم "تسانغوو" لكثرة أشجار البارسول الصينية ذات اللون الأخضر الداكن فيها. تاريخياً، كانت ووتشو محطة تجارية مهمة على طريق الحرير البحري، وكانت تحمل في الأصل اسم محافظة "قوانغشين"، ثم اتخذت اسم "تسانغوو" في عام 583 خلال فترة أسرة سوي (581- 618). وقد ظهر اسم ووتشو لأول مرة عام 612 في عهد أسرة تانغ (618- 907).

وإن ووتشو مشهورة أيضاً بأنها كانت مكان استراحة الإمبراطور شون الأسطوري، الذي توفي أثناء رحلة صيد في براري تسانغوو. حكم شون الصين في سنة 2000 قبل الميلاد تقريباً، وقد وحد سهول النهر الأصفر مع المرتفعات الخمسة (منطقة تضم أساسا قوانغدونغ وقوانغشي). في أواخر أيامه، قاد شون قواته إلى تسانغوو ونشر ثقافة السهول الوسطى في المناطق غير المتحضرة حينذاك. ومع ذلك، وبعد العديد من رحلات السفر الشاقة، مات شون ودفن في جبل باييون. وكان قبره مزاراً يحتفى به من قبل العديد من الأدباء أمثال لي باي ودو فو وسو شي.

في عام 221 ق.م، أرسل الإمبراطور الأول لأسرة تشين (221-207 ق.م)، خمسمائة ألف جندي لقمع الفتنة بالمنطقة الجنوبية التي كانت تسيطر عليها قبائل باييويه، بالاستفادة من قناة لينغتشوي التي تربط أنهار الصين الشمالية والجنوبية. وانضمت بعد ذلك المرتفعات الخمسة في الجنوب إلى أراضي تشين. ورغم ذلك، بقيت إحدى قبائل باييويه، التي عاشت في المنطقة التي تضم حالياً ووتشو ويولين وبيهاي، في حالة تمرد. بعد ذلك، أوفد الإمبراطور خمسمائة ألف جندي للقضاء على التمرد، وبعد أربع سنوات، تم إرسال خمسمائة ألف آخرين للدفاع عن تلك المنطقة التي لا تهدأ. وقد بلغ عدد القادمين الجدد خمسة أضعاف عدد أبناء باييويه، مما ساهم في نشر وتجذر ثقافة السهول الوسطى في المنطقة، ونتيجة لانصهار لغة باييويه مع اللغة الصينية الأم، ظهرت اللغة الكانتونية إلى حيز الوجود.

في عام 206 ق.م، انهارت أسرة تشين وسقطت البلاد في حالة من الفوضى. ووقعت منطقة المرتفعات الخمسة تحت سيطرة أمراء الحرب. وقد أنشأ تشاو توه، وهو جنرال من الأسرة الحاكمة السابقة، مملكة نانيويه في منطقة الجنوب، وعين ابن عمه تشاو قوانغ أميراً على تسانغوو. ثم تم بناء قلعة، هي أول مدينة تُبنى في قوانغشي ولها سجل تاريخي. قبل أكثر من 2100 عام، تم ربط نظام نهر اليانغتسي ونهر اللؤلؤ بقناة لينغتشوي، وأصبحت المدينة الميناء التجاري الأكثر ازدهاراً في المنطقة الواقعة جنوبي المرتفعات الخمسة. في عام 1897، وفي فترة حكم الإمبراطور قوانغ شيوي، من عهد أسرة تشينغ، اعتبرت ووتشو ميناء تجارياً. بعد ذلك، أصبحت أكبر مركز للتجارة الداخلية وميناء تجارياً في قوانغشي.

أجدد لكم التحية ومرحباً بكم في برنامجنا من إذاعة الصين الدولية: السياحة في الصين، معكم مشيرة جيوي تشنغ. وفي رحلة اليوم التي تأخذنا إلى مدينة ووتشو بمقاطعة قوانغشي، قلب جنوب الصين، نتمنى أن تروق لكم وتجدوا فيها الراحة والفائدة، أكرر ترحيبي وأشكركم مقدماً على حسن المتابعة.

وصلت البوذية إلى الصين من الهند عبر طريقي الحرير البري والبحري. وكانت ووتشو واحدة من المدن الأولى التي تأثرت بالبوذية. مو تسي، من أسرة هان الشرقية (25-220 ق.م)، من مواليد ووتشو، وقد كتب أول أطروحة بوذية في الصين، جمعت بين عناصر من الكونفوشية والطاوية. على الرغم من أن البوذية وصلت في مرحلة مبكرة إلى ووتشو، ظل السكان المحليون يؤمنون بدين التنين الأم. بالنسبة لأبناء حوض اللؤلؤ، التنين الأم إلهة محلية قوية في الطاوية الصينية. هناك معبد للتنين الأم يقع على ضفة نهر قويجيانغ، بني في عهد أسرة سونغ الشمالية (960- 1127)، يغطي المعبد مائة ألف متر مربع، مع تمثال للتنين الأم يبلغ ارتفاعه 38 متراً. ويوجد أيضاً تمثال فو هونغ ليه، وهو من الشخصيات التي نالت احتراماً كبيراً في فترة أسرة تشينغ، وكان رجلاً مشهوراً بتعاطفه مع عامة الناس وبأعماله السخية.

بسبب المناخ شبه الاستوائي الكثير الفيضانات، اشتهرت ووتشو ببنايات "تشيلوتشنغ" المتعددة الطوابق منذ زمن قديم، والتي يستخدم الطابق الأول فيها عادة كواجهة أو محل ما، ويترك فسحة أمام باب المحل لتشكل مع أمثالها للبنايات المجاورة ممراً على طول الشارع، بينما يخصص الطابق الثاني للسكن. عندما يصل ارتفاع المياه إلى الطابق الثاني أثناء الفيضانات، يمكن للسكان وأصحاب المحلات أن يواصلوا أعمالهم كالمعتاد، فيربطون القوارب بالجدران الخارجية للطابق الثاني، ويدخلون ويخرجون من نوافذه أو من الأبواب المتحركة. وقد أصبحت ووتشو مثل مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية، وأصبحت الحلقات الحديدية لربط القوارب والباب المتحرك من رموز المدينة. تقع هذه البنايات في المركز القديم لووتشو. السير في المدينة يبدو وكأنه سير عبر التاريخ. اثنان وعشرون شارعاً، يصطف بها مباني "تشيلوتشنغ" بأنماط مختلفة، تذكرنا بالماضي العريق للمدينة. وبعد مئات السنين، لا تزال هذه البنايات تشكل ملامح المدينة الأكثر سحراً وروعة.

محافظة تسانغوو، تقع شمال مدينة ووتشو وهي تابعة لها، وعلى بعد عشرين دقيقة بالسيارة من وسط المدينة، حيث تقع مزارع ليوبو الشهيرة للشاي التي تبلغ مساحتها أكثر من 73 هكتارا، وتبدو مزارع الشاي كأنها لوحة خضراء هائلة تنتعش بفتيات يعتمرن قبعات القش، ويقطفن أوراق الشاي. وقد اكتسب شاي ليوبو سمعته في فترة الإمبراطور جيا تشينغ (1796- 1820) من عهد أسرة تشينغ، بنكهة الجوز المميزة. ويشتهر هذا الشاي أيضاً بأنه مفيد في تطهير الأمعاء والمعدة، وأصبح علاجاً شائعاً للناس في قوانغدونغ وقوانغشي. وهناك أيضاً محافظة تنغشيان التي تشتهر بأنها أعجوبة طبيعية وثقافية. فيها الكثير من المشاهد الثقافية والطبيعية التي تثير الإعجاب، ومنها جبل شيبياو ذو الأجرف الشاهقة بالصخور الحمراء اللون الشبيهة بتضاريس دانشيا. يقع الجبل عند ملتقى نهري بيليو وسيلوه، وهو منطقة سياحية منظرية على المستوى الوطني AAAA، الجبل الشامخ والنهران المتدفقان وضفافهما والصخور الحمراء والشمس الذهبية وغابات الخيزران الخضراء، تضفي جميعها على المنطقة سحراً وروعة وفخامة، الأمر الذي يجعل المنطقة نقطة جذب كبيرة للسياح ونشاطاتهم. وتحتضن المحافظة أيضاً مسقط رأس البطل الوطني يوان تشونغ هوان (1584-1630)، القائد العسكري المعروف بشهامته وصموده أمام غزو قبائل المانتشو.

في اللغة الصينية، تسن تعني التل الصغير المرتفع، وشي تعني الجدول الضيق عبر الوادي. تسنشي مدينة على مستوى المحافظة في ووتشو، وتتمتع بموارد هائلة من الذهب والفضة والرصاص والزنك والحديد، ولكن أبرز ما يميزها هو مخزونها من الغرانيت الأحمر، وإنها أكبر قاعدة لإنتاج الغرانيت الأحمر بالصين. وفيها أيضاً مقاصد سياحية بارزة مثل نهر هوانغهوا، ومنطقة بايشوانغجيان المنظرية ومنطقة جبل تيانلونغدينغ. نهر هوانغهوا مشهور في الماضي والحاضر، كونه منطقة رائعة الخضرة والأزهار وسيقان الخيزران الباسقة.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي