CRI Online

الأدب الالكتروني في الصين

china.org.cn       (GMT+08:00) 2016-11-08 15:25:35

خلال السنوات القليلة الماضية، غيرت شبكة الإنترنت الأدب التقليدي في الصين بشكل كبير. الأدب الإلكتروني نوع من الأعمال الأدبية يتم إبداعها في بيئة رقمية، وتحديدا عن طريق الحاسبات الشخصية والإنترنت. منذ مطلع القرن العشرين، شهد الأدب الإلكتروني، الذي يعد شكلا جديدا للكتابة، تطورا كبيرا في الصين، وترك انطباعات عميقة في قلوب الناس.

أدب الإنترنت ليس مجرد إعادة نشر الأعمال الأدبية التقليدية بشكل رقمي، وإنما أعمال أدبية يتم إبداعها عبر وسائط الاتصال وتُنشر أولا عبر شبكة الإنترنت وتحمل نكهة وصفات الإنترنت. بالمقارنة مع الأدب التقليدي، يمتاز أدب الإنترنت بعناصر هامة مميزة، منها سرعة الإبداع الأدبي وسهولة الوصول إليها وقيود النشر القليلة، والتفاعل القوي مع جمهور القراء مباشرة على شبكة الإنترنت. وقد نشأ عن أدب الإنترنت أجناس أدبية مثل الشعر الرقمي، المدونات الأدبية والمدونات الصغيرة للروايات، وغيرها من الأنماط الجديدة للإبداع الأدبي التي لم تعرفها مسيرة تطور الكتابة من قبل.

وفقا لاستطلاع أجرته شبكة سوتو (Sootoo.com) حول أدب الإنترنت، وصل عدد القراء المنتظمين لأدب الإنترنت في الصين إلى ثلاثمائة وخمسين مليون فرد في الربع الأول من عام 2015، مقارنة مع مائتين وثلاثة وثلاثين مليونا فقط في نفس الفترة من عام 2012. كما أظهر الاستطلاع أن 85% من القراء يفضلون مطالعة الأعمال الرقمية على قراءة الكتب الورقية. كما أظهر الاستطلاع أن الذين يعتبرون القراءة أسلوب ترفيه رئيسيا، يطالعون الكتب والمقالات الطويلة على الأجهزة النقالة بمتوسط 84.6 دقيقة يوميا. حسب الإحصاءات، تبدو رغبة الصينيين في المطالعة الرقمية أعلى بكثير من غيرها من الأنشطة الترفيهية التي توفرها الأجهزة النقالة. وعلى سبيل المثال، يقضي الفرد الصيني حوالي 72.6 دقيقة يوميا في الاستماع إلى الموسيقى، وحوالي 66.1 دقيقة يوميا في تصفح وسائل الإعلام الاجتماعية، وحوالي 54.6 دقيقة يوميا في ممارسة الألعاب الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وحوالي 45.8 دقيقة يوميا في مشاهدة الفيديو على الأجهزة المحمولة.

في عام 2015، وصل حجم سوق أدب الإنترنت في الصين إلى سبعين مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6.7 يوانات)، مقارنة مع 2.7 مليار يوان فقط في عام 2012، ما يجعل أدب الإنترنت نقطة واعدة في الصناعة الثقافية. اغتناما لهذا الوضع، قامت مجموعة علي بابا وشركة تنسنت، وغيرها من الشركات العملاقة في مجال الإنترنت بالاستثمار على نطاق واسع في أدب الإنترنت خلال السنوات القليلة الماضية. تتعاقد هذه الشركات مع كثير من المؤلفين للعمل بمنصات القراءة الخاصة بها. تنسنت، صاحبة أكثر برامج الحوار والدردشة نجاحا، وهو (QQ)، وصاحبة تطبيق التواصل الأكثر انتشارا في الصين، وهو (WeChat)، تتعاون منذ بداية عام 2015 مع مكتبة سحابة (Cloudary) التابعة لمجموعة شاندا للتعاون معا في تطوير سوق أدب الإنترنت. أطلقت مكتبة سحابة منذ أوائل عام 2008 خمس بوابات رائعة الأداء لأدب الإنترنت، تقدم ستة ملايين عنوان من الكتب لمليون وستمائة ألف مؤلف، ما يجعلها أكبر منتج لأدب الإنترنت في الصين.

موقع رونغشوشيا (rongshuxia.com)، الذي تأسس سنة 1997، هو أول موقع لأدب الإنترنت في الصين. يمكن لأي مؤلف أن ينشر أعماله الأدبية عبر هذا الموقع، ويمكن لمستخدمي الإنترنت مطالعتها مجانا. ترعرع مع هذا الموقع دفعات من الكتاب الشبان الموهوبين، منهم هان هان ونينغ تساي شن وجين خه تساي ومورونغ شيوي تسون، وغيرهم.

بعد ذلك، ولج أدب الإنترنت العصر الذهبي لتطوره، مع الإقبال الكبير عليه من الشباب في بكين وشانغهاي وغيرهما من المدن الصينية الكبيرة. ويشير استطلاع شبكة سوتو إلى أن 85% من مطالعي أدب الإنترنت أعمارهم أقل من أربعين سنة، ومعظم مؤلفي أعمال أدب الإنترنت ينتمون إلى الطبقة الوسطى الناشئة، وولدوا بعد سبعينات القرن الماضي.

يستفيد أدب الإنترنت من جاذبية وسائط الاتصال التفاعلية الجديدة التي تتيح للمؤلف التواصل مباشرة مع القراء. بل إن هذا النوع من التفاعل يتشكل خلال العملية الإبداعية، ولا يقتصر على كتابة القراء تعليقات حول أعمال أدب الإنترنت، بل يمكنهم إكمال عملية الإبداع الأدبي مع المؤلفين، فيكون الإبداع مشتركا. وبعبارة أخرى، يبدع بعض القراء قصصا جديدة على أساس كتب أدب الإنترنت التي تم نشرها.

الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر شيوعا على الإنترنت. ومن الملاحظ أن الصينيين مفتونون بالروايات البوليسية والخيالية وروايات الخيال العلمي وروايات الدراما الإمبراطورية وقصص المسيرة المهنية وقصص حياة الطلاب وقصص السفر عبر الزمن وروايات المغامرات في القبور والأعمال الأدبية التاريخية. مؤلفو الإنترنت، في الغالب، ينشرون أعمالهم فصلا بعد فصل أو على شكل سلسلة، الأمر الذي يعكس إحدى خصائص الأعمال الأدبية الرقمية، وهي أن القارئ يركز على المطالعة في فترة قصيرة نسبيا. أسلوب نشر وتسويق أدب الإنترنت يتفق مع العادات الجديدة للقراءة، ولعل ذلك سر النجاح التجاري لأدب الإنترنت في الصين.

الذين يحققون نجاحا في سوق أدب الإنترنت، يمكن إعادة نشر أعمالهم في سوق الكتب التقليدية، بل وتحويلها إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية وأعمال كارتونية وكتب مصورة أو ألعاب إلكترونية. خلال السنوات الماضية، أصبح أدب الإنترنت الصيني سلسلة صناعة ناضجة، وأصبحت دورة تسويق أعمال أدب الإنترنت أقصر.

هناك العديد من الأمثلة لكتاب الإنترنت الصينيين الناجحين، الذين يصل دخل كل منهم من الكتابة مليونا يوان سنويا. على سبيل المثال، في سنة 2015، وصل دخل تانغجيا سانشاو (اسم مستعار)، أكثر كتاب الإنترنت نجاحا في الصين، إلى أكثر من مائة وعشرة ملايين يوان. وقد ذكر وو شو لين، نائب رئيس الجمعية الصينية للنشر الصينية، في مؤتمر دولي سنة 2016، أن خمسة من كتاب الإنترنت الصينيين تجاوز دخلهم السنوي أكثر من خمسين مليون يوان في سنة 2016، وأن هناك 160 كاتب الإنترنت الصيني يتجاوز دخل الواحد منهم مليونا يوان سنويا.

مثل قصص النجاح هذه نادرة، فقد أشار وو شو لين إلى أن الصين بها حاليا ملايين من كتاب الإنترنت، ولكن عددا قليلا منهم حقق نجاحا كبيرا في النهاية. من أسباب هذه الظاهرة، أن شبكة الإنترنت كوسيلة إعلام جديدة، لها خصائص فريدة، منها سهولة الوصول وسرعة النشر وعدم التعقيد وكثرة القراء المحتملين، والتحرر من القيود المفروضة على وسائل الإعلام الورقية التقليدية، ولكن كل هذه الخصائص سيف ذو حدين بالنسبة لأدب الإنترنت.

أضاف السيد وو أن هناك فجوة جودة ضخمة بين الأعمال المختلفة. يرى بعض النقاد أن أدب الإنترنت له صبغة تجارية قوية، وأن بعض الأعمال تحمل في ثناياها ترويجا لمنتجات معينة تحت ستار السرد الأدبي. كما أن أدب الإنترنت يفتقر إلى نظام نقد أدبي ناضج بالمقارنة مع الأعمال الورقية التقليدية. وقال وو: "بعض الأعمال تمجد العنف وغيره من العناصر السيئة، وهذا الأمر يقلقني. وعلاوة على ذلك، هناك أعمال كثيرة نقوم بها في مجال حقوق الملكية الفكرية لأعمال أدب الإنترنت." وذكر يورغن بوس، مدير معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، في أحد المؤتمرات الدولية، أن وظيفة دار النشر هي ضمان جودة الأعمال الأدبية، هذه الوظيفة لا غنى عنها في قطاع الأدب الصيني.

من المعروف أن المزيد من أعمال أدب الإنترنت قد تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية وإعادة نشرها ورقيا. لقد نجح أدب الإنترنت في التحول من منتج هامشي في نهاية القرن الماضي إلى صناعة ثقافية واعدة. إن تطوير جودة أعمال أدب الإنترنت يعتمد على مطالب الجمهور المستهدف بالتأكيد. فقد نشأ أدب الإنترنت واستمد غذاءه من المؤلفين والقراء الذين ولدوا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. ولا شك أنه سيضيف قوة حيوية للصناعة الثقافية الصينية في المستقبل.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي