CRI Online

رحلة أنور الصبري إلى سور الصين العظيم

cri       (GMT+08:00) 2010-06-04 17:23:02










فائزة: مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم، تحييكم فائزة تشانغ لي من بكين، ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي "الصين في عيون الأجانب" الذي ينقل فيه الزملاء العرب العاملون في إذاعة الصين الدولية نظرتهم الخاصة عن الصين من مختلف نواحيها. وفي هذه الحلقة نستضيف الزميل أنور الصبري مجددا ليحدثنا عن خبرته أثناء رحلته الأخيرة إلى سور الصين العظيم. أهلا بك يا أنور.

أنور: أهلا وسهلا ومرحبا بمستمعينا الكرام.

فائزة: أعزائي، سور الصين العظيم من أهم معالم التراث العالمي، وهو ثروة حضارية لا تقدر بثمن، شأنه شأن العديد من الكنوز الإنسانية المنتشرة على طول الكرة الأرضية وعرضها كأهرامات الجيزة بمصر وحدائق بابل المعلقة و برج بيزا المائل وغيرها من عجائب الدنيا التي تعكس الكثير جدا من روح الماضي السحيق. وتعتبر هذه العجائب إلى جانب كونها معجزات في التشكيل أو النحت أو البناء أو التصميم، فهي أيضا تعد معجزة صمود عبر الزمن منذ ذلك الزمن الغابر.

سور الصين العظيم لا يعكس فقط دهاء الصينيين في التخطيط الحربي وحنكتهم الدفاعية فقط، لكنه يشير أيضا وبوضوح إلي مدى جسارة الأمة الصينية منذ فجر التاريخ.

اليوم سنعرض مقتطفات سياحية عن السور كما رآه زميلي أنور الصبري في زيارته الأخيرة لسور الصين، نستهل هذا الحديث بالسؤال عن كيف يمكن أن يصف لنا أنور سور الصين كونه أجنبيا؟

أنور: سور الصين كما قلت يا فائزة هو شاهد آخر للعبقرية العسكرية الصينية، ومن جهة أخرى رمز لصلابة الصينيين أيضا، وهذا ما سيشعر به المرء من أول نظرة عندما يصل إلى سور الصين، أريد أن أشير في بداية هذه الحلقة إلى أنه مهما تحدثنا عن هذا المكان، فمن الصعب التعبير بشكل كامل عن ما أريد قوله، هناك أشياء تعجز اللسان عن التعبير عنها، و لا يمكن وصفها أو الإحساس بها إلا أن تخوض المغامرة بنفسك وترصدها عن قرب.

أعود إلى سؤالك يا فائزة وأقول بأن سور الصين كما شعرت به، هو عبارة عن تنين عملاق مستلق على أرض الصين، يعني أن الأساطير الصينية عن التنين لم تبتعد كثيرا عن وصف التنين المتعرج الذي يطير في السماء، والذي يعد شعارا ورمزا يشير إلى الصين، فها هو التنين المستلقي على الأرض وبشكل متعرج و المتمثل بسور الصين ومستعد لحمايتها من هجمات الأعداء، وسيجد هذا الشعور كل من وقف في وضع مرتفع في السور وألقى عليه نظرة من عل، كما سيتملك الواحد منا الكثير من المشاعر والتساؤلات وهو على سور الصين العظيم مثل كيف بنى القدماء هذا السور؟ وكم فترة من الزمن قضوها في ذلك؟ وكيف كانت أعمال البناء تتم والصعوبات الجمة التي واجهت القدماء لا سيما وأنت ترى السور يمر على قمم الجبال وفي خط متعرج و عسير. يخبرك ذلك أن خط سير السور لم يكن ارتجاليا بل تم بناؤه على أساس دراسات وجداول وخطط هندسية معينة، فالمراقب للسور اليوم سيرى أنه يمر بأماكن استراتيجية على قمم الجبال، وكان بالفعل خطا دفاعيا ليس من السهولة اختراقه، هذا بالإضافة إلى مكونات السور ذاتها. فارتفاع السور عال وحصين يصل إلى 8 أمتار ناهيك عن أنه يرتفع على قمم عالية كما ذكرنا، وعرض السور واسع، الأمر الذي يهيئ كتائب من جنود القدامى بالارتصاص عليه، فهو يتسع لخمسة خيول تعدو جنبا إلى جنب أو عشرة أشخاص يمشون كتفا بكتف، يأتي بعد ذلك المنصات المنتشرة على طول السور والتي تعتبر الأماكن الاستراتيجية في السور، فهي مخازن الأسلحة و المعدات العسكرية و نقاط مراقبة وإنذار مبكر ومراكز نقل المعلومات والأوامر العسكرية، كما أنها مخازن للغلال والحبوب وغير ذلك، يعني أن سور الصين كان خطا دفاعيا متكاملا، وعلى الرغم من أن بعض المؤرخين ذكروا بأن السور لم يقم بمهمته المطلوبة في الدفاع عن البلاد ضد هجمات القوميات البدوية في فترة من فترات التاريخ إلا أن السور يظل تكنيكا دفاعيا رفيع المستوى مقارنة بأجهزة الدفاع الخاصة بالقوميات الأخرى في تلك الفترات التاريخية.

فائزة: هذا صحيح، لقد أقيم سور الصين على فترات مختلفة من التاريخ الصيني لصد هجمات القبائل البدوية من شمال الصين، وهو مشروع عسكري بدأ بناؤه في عهد الأمبراطور شي هوانغ دي الذي استمر من سنة 259 قبل الميلاد إلى سنة 210 قبل الميلاد بعد بتوحيد الإمبراطور بلاد الصين. وكثيرا ما يطلق الصينيون على السور اسم (سور وان لي) أو (وان لي تشانغ تشنغ)، تشانغ تشنغ تعني السور الطويل، و(وان) تعني حرفيا عشرة آلاف، وتستخدم عادة في وصف عدد كبير. و(لي) مقياس طول، يساوي نصف كيلومتر، وذلك لأن صيغة الحساب عند الصينيين دائما ما تستخدم مصطلح (وان) لكل عشرة آلاف، كما أن اللغة الصينية تعتمد صيغة نصف كيلومتر بدلا من الكيلومتر، وسمى الصينيون سور الصين ب"وان لي تشانغ تشنغ" من أجل وصف طوله اللاحدود.

يا أنور، لا شك أنه قبل رحلتك إلى سور الصين، لجأت إلى بعض المعلومات الخاصة به، هل من الممكن أن تقدم لمستمعينا معلومات خاطفة عن السور؟

أنور: بكل سرور. يمتد سور الصين من شرق الصين إلى غربها لمسافة تقدر بـ 8851.8 كيلومتر، ويمر بعشر مدن ومقاطعات صينية وينتهي عند جيا يوي قوان في مقاطعة قانسو غرب الصين. وإن السور الذي نراه اليوم، فهو تم البناء في عهد أسرة مينغ الملكية في القرن الرابع عشر الميلادي ويمتد من جيا يوي قوان بمقاطعة قانسو غربي الصين حتى شان هاي قوان بمقاطعة خبي في شرق الصين.

واليوم هناك عدد لا بأس به من القطاعات السياحية المنتشرة على طول مسار السور في الصين، والتي يتم المحافظة عليها وترميمها باستمرار، ويوجد منها أربعة قطاعات في العاصمة بكين، ومن أشهرها قطاع بادالينغ السياحي، وهو أفضل موقع سياحي لسور الصين في عموم البلاد.

وبدأ الصينيون القدامى في بناء سور الصين قبل 2000 سنة، ولهم أسباب قوية لذلك. وقد يقول الواحد منا إن الدفاع عن الأراضي الصينية هو السبب الرئيسي. لكن من زيارتي الأخيرة للسور عرفت بعض المعلومات عن هذا الجانب والتي جعلتني أشعر باحترام أكثر تجاه الصينيين، فالأسباب الدفاعية التي أقيم لها السور هي في الأصل رسالة سلام للعالم كونه أحد رموز السلام والنوايا السليمة للأمة الصينية، ويتجلى هذا المعنى بوضوح حين يفكر المرء قليلا بالمقاصد الحقيقية وراء بناء السور، فالصين بنت هذا السور كي تتقي شر هجمات الآخرين، بمعنى آخر أن الصين لا تريد مهاجمة أحد ناهيك من أنها لم تسع يوما على مدى تاريخها الطويل تدبير أو شن هجوم على أحد. وهذه نقطة تاريخية يجب التمعن فيها و دراستها، حيث يمكن القول إن الصين تلتزم بالسياسة السلمية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، وتدعو إلى السلام العالمي كمنهاج حياة عند الشعب الصيني، وهذه من الأشياء التي تثير إعجاب الكثيرين في الوطن العربي، حيث تعكس هذه النقطة مدى ود الأمة الصينية ومحاولتها لإقامة علاقات صداقة مع شعوب العالم، فسور الصين كونه مشروعا عسكريا، إلا أنه أداة يقصد بها إرساء معاني السلام في الأرض.

صراحة توجد الكثير من المعاني و الدلالات حول السور، وهذه أشياء لابد منها كون السور بناءا تاريخيا ضخما سُخر من أجله الكثير من الإمكانيات المعنوية والمادية والبشرية، وبمناسبة الحديث عن هذا الجانب فقد صاحب بناء السور العديد من الحكايات الأسطورية أو القصص الخيالية التي تجسد لنا مدى تضحيات الشعب الصيني خلال فترات البناء، فهناك مثلا قصة مشهورة عن المرأة (منغ جيانغ نيويُ) التي فقدت زوجها (وانغ شي يان) خلال أعمال بناء السور، و كيف انهار السور بعد أن رأى دموع عينيها من شدة التأثر، تعرفين هذه القصة يا فائزة.. صحيح؟

فائزة: نعم، هذه قصة مشهورة يعرفها الصينيون كبارا وصغارا، ونسميها "قصة انهيار السور من بكاء منغ جيانغ نيوي"، وهي من القصص المشهورة التي تخلد دراما العمل الشاق الذي صاحب بناء السور.

أنور: إنها أسطورة جميلة بالفعل.

ف: هكذا مستمعينا الأعزاء نصل وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة التي نتمنى أن تكون قد نالت أعجابكم، شكرا لزميلي أنور الصبري، وشكرا لجميع أصدقائنا الذين يتابعون برامجنا عبر الأثير أو موقعنا على الإنترنت. لم يبقى في النهاية إلا أن أذكركم بموقعنا على الانترنت على العنوان التالي: Arabic.cri.cn

وإلى اللقاء في حلقة جديدة وموضوع جديد في الاسبوع القادم فكونوا معنا.

أ: إلى اللقاء.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي