CRI Online

مقابلة هاتفية مع السيد مروان سوداح حول الذكرى ال70 لانتصار الصين في حرب مقاومة العدوان الياباني

cri       (GMT+08:00) 2015-09-02 14:57:21

السيد مروان سوداح المحترم:

يصادف عام 2015 الذكرى ال70 لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، ونريد أن نقوم بالمقابلة الهاتفية معك، من فضلك قبول دعوتنا المخلصة. تخبرنا أي وقت يناسبك، سيتصل صديقك القديم أسامة مختار بك هاتفيا. ألف شكر.

فيما يلي الأسئلة في المقابلة:

1، ما رأيك في دور الصين في الحرب العالمية ضد الفاشية؟

2، ما رأيك في مغزى قيام الصين بالأنشطة التذكارية لانتصار مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية؟

3، ماذا يجب على الصين واليابان فعله من أجل بناء الهيكل التنموي الجديد في آسيا حتى العالم؟

4، ما هى تداعيات التطور الصيني في بلادك خلال السنوات ال70 الماضية بعد الحرب العالمية الثانية؟ هل عندك تجربة شخصية حول ذلك؟

5، إن السلام والتنمية أمنية مشتركة للمجتمع الدولي، ما رأيك في كيفية منع حدوث الحرب في المستقبل؟

1، ما هو رأيك بدور الصين في الحرب العالمية ضد الفاشية؟

الجواب:

ـ في الذكرى السبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية، اسمحوا لي من خلال أثير اذاعة الصين الدولية، بالاصالة عن نفسي وبالنيابة عن قيادات واعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين، عن امتناني العميق، وتقديري الكبير، للصين العظيمة/ حزباً عظيماً وقيادة نابهةً وشعباً شقيقاً وصلباً/ لموقفهم في الحرب العالمية الثانية، برغم دموعهم وآلامهم والخسائر الكبيرة التي لحقت بهم، فقد كان موقف الصين وحزبها الشيوعي المِثال والقدوة - موقف شريف ومُميّز، أدّى الى إنقاذ وطني – الاردن وووطني روسيا، وإنقاذ البلدان العربية من المطامع اليابانية الاستعمارية..، إذ خططت طوكيو لاستعمار الاردن والعالم العربي بالكامل، كما والاجهاز على العالم الاسلامي بالقتل والسحل والاستعباد وتحويلنا الى يد عاملة فقيرة ومُتعَبة على الدوام، ومَن لا يعرف التاريخ الاجدر به ان يبحث عن الحقائق فيه التي تتحدث عن تطلعات اليابان لاحتلال الاراضي العربية، وتأسيبس امبرطورية واسسعة تضم الاجزاء الاكبر من قارة اسيا، وتحويل شعب اسيا الى رقيق ابيض، وهي نفس الافكار الاستعبادية التي حملها هتلر والرايخ الثالث، وفاشية موسوليني وحزبه، والمحور العالمي المناصر لهما.

في الواقع، لم تحارب الصين الفاشية فقط في الحرب العالمية العالمية الثانية. فقد حاربت الصين ضد أكثر من فكرة ومعسكر ودولة. لقد حاربت الصين وناضلت عسكريا وفكريا وسياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا ضد محور كامل ومعسكر كبير، فاشي ونازي وعسكرتاري، والاخير هو دولة اليابان الامبرطورية، التي عاثت خراباً في الصين على مدار عشرات السنوات/ وقتلت 35 مليون صيني، واخضعت عشرات ألوف بل ومئات الوف السيدات والفتيات الصينيات والكوريات الى متعة جيشها الاستعماري، ولم تعتذر اعتذاراً حقيقياً حتى اللحظة، وهو ما يؤكد انها قوة استعمارياً ليست معادية للدول والصين كدولة فقط، بل وكشعب صيني ايضا، برغم ان هذا الشعب هو شعب جارٌ لها.

ـ أما في الحرب الاساسية على الجبهة الحربية الصينية اليابانية، وهي جبهة مباشرة وقديمة بدأت قبل بداية الحرب العالمية الثانية بسنوات طويلة، فقد حارب الشعب الصيني والحزب الشيوعي الصيني المجيد بقوة وفاز فوزا باهراً في نهاية المطاف، بالاستقلال والسيادة على وطنه الصيني.

ـ في جبهات الحرب، تصدت المقاومة الصينية للقوات اليابانية في ميانمار، الى حيث ارسلت الصين قواتها والى دول اخرى عديدة للمساعدة في مقاومة الغزاة اليابانيين/ وبذلك فقد دافع الصينيون والحزب الشيوعي الصيني عن شعوب اخرى غير الشعب الصيني، وعن أمن وأمان العالم كذلك/ ما يُشير الى أممية هذا الشعب/ وشرف النضال الذي أعلنه بدون مكاسب مادية أو معنوية ورسالة الصين وحزبها الشيوعي في العالم/ وهي رسالة شريفة وتحريرية/ وتلتزم بالقوانين الدولية والانسانية/ التي رسخت في البشرية خلال ألفيات عديدة.

ـ المقاومة الصينية، الشعبية والرسمية العسكرية والسياسية/ وفرت للدول الأخرى المناهضة للفاشية والنازية والعسكريتاريا وقتا كبيراً لجمع قواها لكسب الجولة/ بما في ذلك الوقت الذي وفرته الثورة الصينية والمقاومة الصينية للاتحاد السوفييتي ودول الحلفاء الغربيين، والأخيرين برغم تناغمهم مع المحور الاستعماري، وذلك لتركيز قواهم على الجبهة الفاشية – النازية - الاوروبية، ما وّفر قاعدة ثمينة وصلبة لإنتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب، ودخول برلين والرايخستاغ واراضي دول اخرى غربية.

وقد كانت المقاومة بزعامة الشيوعيين الصينيين الأفذاذ نواة انتصار العالم على الخطر الاستعماري الفاشي والنازي والياباني العسكري.

ومن إضافات هذه المقاومة الصينية الصلدة، أنها أضعفت اليابان وقدراتها / ومنعتها من ارسال المزيد من قواتها للباسيفيك / ووقفت في وجهها ومنعتها من احتلال سيبيريا الروسية والسوفييتية وشمال الاتحاد السوفييتي ومضيق بيرنغ الذي يفصل الاتحاد السوفييتي وروسيا الحالية عن منطقة الاسكا الغنية بالنفط/، وخربت خططها لمد سكك الحديد من خلال الصين وروسيا للاتصال الحربي والاقتصادي مع القوات النازية الالمانية والحليفة لها التي قاتلت على اعتاب موسكو ولينينغراد وفي ستالينغراد وغيرها من المدن السوفييتية البطلة / ، ومنعت المقاومة الصينية ايضا قوات طوكيو من مشاغلة الاتحاد السوفييتي خلال تصديه المحموم للطاعون البُني في الجبهة الغربية.

ومن اجل تصور أساسية الجبهة الصينية اليابانية في الحرب، أقول - ان الجيش الياباني نشر 1.86 مليون جندي في الصين، بما يُمثل مايزيد على 50 في المائة من اجمالي 3.58 مليون جندي ياباني ارسلوا لخارج اليابان. وقتلت القوات الصينية واصابت وأسرت مايزيد على 1.5 مليون جندي ياباني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني في الفترة من 1931- 1945.

كما وأُلحقت بالصين على يد اليابان الاستعمارية، خسائر قدرها أكثر من 100 مليار دولار امريكي في الممتلكات بحسب سعر الصرف في عام ، ووصلت الخسائر الاقتصادية المباشرة الى 500 مليار دولار،

2، ما هو مغزى قيام الصين بالأنشطة التذكارية لانتصار مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية

الجواب:

ـ لا بد من الاشارة الى ان اليابان كانت غزت شمال شرق الصين في شهر سبتمبر عام 1931 . بيد ان المؤرخين يتفقون على أن الغزو الكامل كان بدأ بعد الغزو الجزئي للصين، وذلك يوم 7 يوليو عام 1937، عندما تعرّض جسر كان يُعدُ نقطة وصول حيوية الى بكين للهجوم من جانب الاستعماريين العسكرتاريين اليابانيين.

وبشأن فعاليات الصين على مختلف المستويات من اجل استذكار الانتصار الكبير المؤزر على الاحتلال والغزو الياباني للوطن الصيني الحليف، هو فعل لازم تربوي وسياسي ومعنوي ومادي، ولأسباب اخرى كثيرة قد تكون اهميتها تربية الجيل الجديد على ضرورات الولاء للوطن/ وإجلال الشهداء/ والدفاع عن المكتسبات/ والسعي لتوحيد الوطن المقسم حالياً بطرق سلمية وضمن فكرة نظامان ودولة صينية واحدة/ وجمع الامة وتوحيدها/ ومن أجل سيادتها واستقلالها الدائمين/ وتقدّمها اللاحق اقتصادياً وصناعياً وسياسياً وتألّقها في العالم/ إستناداً الى إرثها الفكري والانساني العظيم.

ـ ولا مندوحة هنا عن استعادة تصريحات الامين العام للحزب الشيوعي الصيني الرئيس شي جين بينغ، حول ضرورة إجراء الفعاليات التي تتحدث عن النصر الكبير. فقد دعا الرئيس شي خلال دورة دراسية حضرها اعضاء المكتب السياسى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصيني، الى بذل الجهود لدراسة اهمية المقاومة الصينية للغزو الياباني ودور الصين فى الحرب العالمية الثانية .

ويركز الرئيس شي، على ضرورة إظهار اصرار الصين القوي على حماية ثمار الانتصار فى الحرب العالمية الثانية الى جانب العدل والإنصاف في النظام العالمي . ويؤكد: سوف يحترم الصينيون التاربخ ولن ينسوا أبداً الماضي، كما أنهم يقدّرون قِيم السلام والتطلع الى الأمام، ويُشير الى ان البحوث والتغطية الخاصة بهذا الجزء من التاريخ يتعين ان "تتبع الاتجاه الصحيح وتركّز على الطبيعة الحقيقية للمقاومة ضد الغزو الياباني"، ويضع امام الصينيين مهمة جليلة هي ان عليهم ان يدحضوا بحقائق قوية تلك الحُجج التي تسعى الى تشويه أو نفي او تبرئة تاريخ الغزو" .

ـ وفي إضافة لضرورات هذه المسألة، ان الحكم الياباني الحالي سيّما رئيس الوزراء شينزو آبي، المتنافخ والمُستمسك بالشرير والمُستند الى دعم امريكي ضد الصين/ لا يريد الاعتراف بكامل مسؤولية اليابان العدوانية عن الجرائم التي أوقعها جنود بلاده بالشعب الصيني المُعذّب/ رغبة برفض دفع تعويضات لأُسر الضحايا وانكشاف الطبيعة العدوانية اليابانية على أوسع نطاق، وللتغطية على جرائم ارتكبت بحق (فتيات المتعة) الصينيات والعار الذي لحق باحفادهن الحاليين، عن اغتصاب قوات الامبرطورية اليابانية الهمجي لعشرات الوف الصينيات، من جانب جنود اليابان، الذين اعترف بعضهم بتلك الاغتصابات علينا/ ومنهم مؤخراً العسكري الياباني نارومي ميتسوي/ الذي ولد في اليابان عام 1920 وشارك في الحرب اليابانية ضد الصين في العام 1941، إذ انه اعتراف اعترافا خطياً ومُفصلاً، انه ذبح في العام 1954 واغتصب السجناء والمدنيين، وقتل سبعة أسرى في مقاطعة هوبي في يناير من العام 1943، حيث قام بقطع رأس واحد منهم على الأقل/ وغيرها من الاعترافات الدموية التي يَندى له جبين الانسانية، وتتضمن تفاصيل الجرائم التي تم تحضيرها من قِبل اليابانيين بما فيها القتل والاستِعباد وتسميم المواطنين الصينيين، إلى جانب استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد العزّل والمسالمين منهم، والعسكريين على حد سواء.

ـ وليس خِتاماً، أنه في الضرورات الأكثر أهمية، أن تُبقي الفعاليات المُقامة عن الذكرى العطرة للنصر المؤزر على اليابان، في ذاكرة الاجيال الصينية/ وفي التاريخ الصينيين/ كما وبقائها حاضرة في أذهان وعقول أصدقاء الصين وحلفائها/ على مِثال الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب حُلفاء الصين الذي يحمل الهمّ الصيني على كتفيه كفاحاً ونضالاً وتحالفاً على المدى الدائم.

3، ماذا يجب على الصين واليابان فعله من أجل بناء الهيكل التنموي الجديد في آسيا حتى العالم؟

الجواب:

ـ بداية ، على الحُكم الامبرطوري الياباني الحالي وفي المستقبل ايضاً/ الاعتراف الكامل والشامل بجرائمه ضد الصين وشعوب آسيا بالحرب العالمية الثانية، وما قبلها من سنوات/ سيّما وان النظام السياسي الياباني لم ينفِ للآن مسؤولية "النظام" الياباني كنظام دولتي ذا إستمرارية للآن، عن تلك الجرائم/ إذ ان النظام الامبرطوري الياباني يستمر باعتبار النظام الحالي استمراراً قانونياً ودستورياً للنظام السابق خلال الحروب الاستعمارية على الصين، ولم يتنصّل من تلك العدوانات والاحتلال/ ولم يقم النظام الحالي بفض علاقاته السياسية والفكرية - الايديولوجية مع ذاك النظام السابق/ إذ لم تعلنه اليابان نظاماً بائداً ولا نظاماً معادياً للإنسانية.

وفي عملية منطقية يجب ان تتبناها طوكيو، ان تشرع لليابان الشروع بالعمل مع الصين لجهة نشر الحقيقة موثقة عن ذلك الاستعمار والعدوان/ لوقف أي نسيان لنقلات التاريخ/ ولتحذير الأجيال القادمة من الحرب وأمزجة السياسيين اليابانيين بشن حرب على الصين/ والتحذير من احتمالية صعود النزعة العسكرية لليابان من جديد/ والعمل على حماية مكاسب انتصار الحرب العالمية الثانية لجهة احترام انسانية الانسان وكيانه، وحقوق الشعوب والدول بالحياة الحرة المستقلة والمتحررة/ و استمرار الاحتفالات بالانـتصار بالحرب العالمية الثانية ضد الفاشية صينياً ويابانياً/ حتى لا يتمكن أي سياسي ياباني من كل عيار في المستقبل استعادة أو بعث الفاشية والنازية والعسكرية باليابان وتهديد الدول والشعوب الاخرى.

ـ وأُجزم جازماً /ولا اعتقد اعتقاداً/ ان على اليابان الاعلان عن عدم رغبتها باحتلال أي شبر من آسيا، والاعلان عن التخلي عن تطلعاتها التوسعية والإحلالية الموروثة عن الحُكم السابق.

4، ما هى تداعيات التطور الصيني في بلادك خلال السنوات ال70 الماضية بعد الحرب العالمية الثانية؟ هل عندك تجربة شخصية حول ذلك؟

الجواب:

في الوقائع السياسية، تؤثر أية تطورات سياسية في بلد ما، بشكل أو بأخر، على البلدان الاخرى. فنحن نعيش فوق كوكب واحد، والعمليات السياسية والعسكرية والاقتصادية، تجد تأثيراتها وإنعكاساتها الفورية، أو بعد حين، في الانظمة السياسية الاخرى والبلدان على اختلافها.

كان انـتصار المقاومة الشعبية الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، علامة واضحة على بداية تغيير العالم نحو الافضل والأكمل. فالنصر الصيني في الحرب العالمية الثانية على الاحتلال الياباني، دشّن عصراً جديداً لقوى التحرر العالمية من الهيمنات الاجنبية، في كل القارات. فالصين دولة محورية في العالم وفي أسيا، وتلعب دوراً رئيسياً في توجهات العالم نحو نظام عالمي سياسي واقتصادي جديد، خالٍ من التبعية والإستكبارية والتبعيات ذات الالوان المختلفة.

والنصر الذي تحقق في اوروبا على النازية الهتلرية والفاشية الموسولينية تحقق جزء كبير منه على الجبهة الصينية اليابانية، حيث شاغلت المقاومة الشعبية بقيادة الشيوعيين اليابان، ومنعتها من التقدم نحو النازي والفاشي صوب أوروبا، وافشلت مساعيها لاستكمال الطوق حول العنق السوفييتي والشرق اوروبي.

كانت اليابان وايطاليا والمانيا النازية تريد الحاق الصين والاتحاد السوفييتي بها. وفي نهاية الستينات من القرن الماضي، قدّر لي الاطلاع في الصحافتين الصينية والسوفييتية على الخطط اليابانية لاستعباد الصين وروسيا. فقد كانت طوكيو تعمل من اجل ربط سيبيريا باليابان ودول المحور بخط سكة حديد لنقل العسكر والتقنيات العسكرية نحو الغرب، واستغلال ثروات الاتحاد السوفييتي في تصليب القوى الحربية لتلك الدول، لكن المقاومة الصينية أفشلت تلك الخطط تماماً، وحولت الآليات العسكرية اليابانية الى رُكامٍ محروق.

وفي النصر الصيني أيضاً، كانت تداعياته وما تزال تؤثر على البيئات العربية وبضمنها الاردن. واليوم، نرى كيف تقدّمت العلاقات الصينية الاردنية على نحو غير مسبوق، في كل المجالات بدون استثناء، وكيف صار الاردنيون يدرسون في الصين، ويتاجرون معها، ويقيمون المشاريع والاستثمارات، وغدت الصين قريبة من الاردن، كما بين طرفي حَبل الوريد، بعد ان كانت بعيدة عنّا قبل اقامة العلاقات الدبلوماسية في عام نيسان 1977.

أذكر، في تجربتي الشخصية الاولى، وكانت خلال مراسلاتي مع القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI ، في نهايات ستينات القرن العشرين الماضي، حين كانت الاذاعة ترسل لي بالبريد العادي مطبوعات منشورة بالعربية، ورسائل مطبوعة بلغة الضاد، وتزوّدني بمؤلفات الزعيم ماوتسي تونغ باللغة العربية، كنا أنذاك أقرأ كيف كيف كان تأثير النصر الصيني على اليابان التوسعية في إنقاذ دول وشعوب كثيرة عانت منه وتعرّضت للأذى والسحل. وفي الواقع، كانت البلدان العربية في الحرب العالمية الثانية ترزح تحت نير استعمار متعدد الاشكال: برطاني وفرنسي وبرتغالي واسباني، ومن ثم امريكي.

في تجربتي ايضاً لتداعيات النصر الصيني في الحرب المقاومة الشعبية، تأسيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب حُلفاء الصين، في الاول من اكتوبر 2010، والاعلان عنه رسمياً، وقد غدا الاتحاد علامة مضيئة في تاريخ العلاقات العربية الصينية، وتعبيراً شعبياً عربياً جلياً عن ضرورة الصين قيادة ودولة وشعباً للامة العربية والعالم العربي، سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً وإنسانياً، ضمن حتمية التحالفية بين العالمين الصيني والعربي. فقد كان انتصار الصين في الحرب، ومراسلاتي مع القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، أحد نتائج ذلك النصر العظيم على الاحتلال الياباني، الذي افضى الى ربطي بالصين في تحالف لا يمكن ان ينفصل، إذ ان طوكيو كانت تجهد لوأد العالمين الصيني والعربي، وإفراغ إقليمهما من السكان، والحلول محلهما ومحل شعوب آسيوية وأفريقية اخرى، ضمن تنسيق طوكيو مع برلين وروما قبل 70 سنة.

بعد الحرب الثانية، تحرّر الاردن من استعمار لندن، وكان ذلك الاحتلال وجهاً آخر لاستعمار برلين وطوكيو، فقامت على تراب الاردن دولة مستقلة، إمارة ثم مملكة، كما بدأت الدول العربية الاخرى تتحرّر واحدة بعد اخرى وتُقيم مَمَالِك أو جمهوريات. وباشرت بالاعتراف بالدولة الصينية الشعبية ودراسة تأثيرات نصرها على اليابان في تحرّرها وتقدّمها العربي. وفي واحدة من تلك التداعيات، ان المقاومة الصينية حتّمت تراجع قوات النازي، روميل، في شمال افريقيا، وأضعفت نفوذ دول المحور في الدول العربية بخاصة الاسيوية، وأنهت حكومة فيشي الفاشية في دمشق والتي لم تدم طويلاً، وصبت المقاومة الشعبية الصينية نجاحاتها في صالح دول الحلفاء السوفييت والغربيين، ولصالح سَحب قوات هتلر من الدول العربية وتخلّصها، بالتالي للابد، من خطر الطاعون البُني.

وفي فلسطين والاردن، إنزاح الخطر التوسّعي الهتلري عن البلدين. كيف كان ذلك؟ في الحقيقة، ارسلت المانيا النازية قواتها التي هبطت بسهولة بالبرشوتات من طائرات عسكرية المانية، وحطّت على مدينة أريحا التاريخية الفلسطينية، المحاذية للضفة الشرقية لنهر الاردن، وبالتالي تشكّل أنذاك خطر احتلال فلسطين والاردن نازياً، واستعباد البلدين واسترقاقهما.

ولقد عملت المقاومة الصينية من أجل تحرير الصين، وأفضى ذلك الى تحرير الشعوب الاخرى من ربقة العسكرتارية والنازية. فالعلاقة بين الجهتين، الصينية والعربية، في آسيا أفريقيا، متلازمة وتبادلية ضمن القوانين الطبيعية، وينطبق على الاحداث الحربية بين الصين وبين العالم العربي ما ينص عليه القانون الثالث من قوانين نيوتن للحركة في الميكانيكا التقليدية، على أن القوى تنشأ دائمًا بشكل مزدوج. حيث يكون لكل فِعل رد فِعل مساويِ له في المقدار وعكسه في الاتجاه. وتعيين أحد القوتين كفِعل، والأخرى كرد فِعل، هو تعيين تبادلي حيث يمكن اعتبار أي من القوتين فِعل، في حالة اعتبار الأخرى رد فعل، والعكس صحيح. وفي المقاومة الصينية فقد كانت فعلاً أممياً تحريرياً لا حدود لفضائه، بينما كان العالم العربي برمته وبضمنه الاردن وفلسطين، وبلاد الشام الطبيعية، رد الفِعل الذي تأثّر بالمقاومة الصينية وبالنصر الصيني النهائي.

ومن تمخّضات العلاقات بين البلدين، الاردن والصين، اعتبارها إستراتيجية كما أكد مراراً وفي كل مناسبة جلالة الملك عبدالله الثاني ملك الاردن، وفخامة الرفاق رؤساء الصين المُتـتالين، ما يَشهد على عُمق العلاقة وتشعبها، وتجاوبها لمصالح الطرفين في شتى الحقول.

ويهتم الاردن كثيراً بالسياسة الصناعية والتحديثية الصينية ويحاول ان يستفيد منها، ومن طريق الصين التنموي الذي يتفق مع ظروفها الخاصة، الذي هو «الطريق الاشتراكي بالخصائص الصينية»، وقد قطع الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني أشواطاً متقدمة في هذه الطريق وحقق منجزات عظيمة تلفت أنظار العالم. وتلفت الصين انظار الاردنيين الى خيار الجدية الجاد للتنمية السلمية والتعاون والكسب المشترك كطريقة أساسية لتحقيق التحديث والمشاركة في الشؤون الدولية ومعالجة العلاقات الدولية، انطلاقا من تاريخها وثقافتها التي امتدت لآلاف السنين، وإدراكها لطبيعة العولمة الاقتصادية وتغيرات العلاقات الدولية ومعادلة الأمن الدولي في القرن الـ21 والمصالح والقيم المشتركة للبشرية كلها، فتجارب الصين خلال العقود الماضية، أثبتت أنها اختارت طريقاً صحيحاً، يجب ألا تغيره.

كما ويهتم الاردن اليوم بمبادرة الصين لبناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» التي من شأنها ان تكون أساساً لعمل محوري لتواصل إنساني وثقافي كدعامة رئيسية للسلام الانساني العام والرخاء الاقتصادي والكفاية المادية الى حد كبير، وهي فكرة تنتزع ما يُسمّى بقيادية العالم من يد الدول الامبريالية، وترسي سياسة تعدد الاقطاب، وانتهاء النفوذ الخارجي من خلال التعاون الاقتصادي المتكافئ. ف "الحزام" ليس كياناً أو آلية، ذلك انه سيعتمد بشكل أساسي على الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة بين الصين والدول ذات الصلة، ويستعين بأُطر التعاون الإقليمية القائمة والفاعلة، إضافة إلى أن النطاق الجغرافي والأممي لـ"الحزام" سيكون مفتوحاً، وستلعب فيه الدول الواقعة على طريقي الحرير البري والبحري القديمين ومنها الاردن، دوراً مهماً، مع الترحيب بالدول الأخرى للمشاركة فيه، وستمكّن الفكرة الجديدة الجانبين الصيني والعربي من التشارك في بناء «الحزام» عبر قنوات ثنائية مع الاستفادة الكاملة من التعاون التقليدي الصيني العربي، وتركيز الجهود على مجالات التعاون ذات الأولوية، من خلال توسيع التجارة والاستثمار بين الصين والعالم العربي، ووضع آليات وترتيبات مناسبة لتسهيل التجارة والاستثمار.

5/ السلام والتنمية أمنية مشتركة للمجتمع الدولي، ما رأيك في كيفية منع حدوث الحرب في المستقبل؟

الجواب

الحرب - هي عملية قتل ، إضداد السلام والتنمية. والحرب ظاهرة مشؤومة على الدوام، بينما السلام هو ظاهرة محمودة جداً، لذلك نرى كيف ان مختلف الدول تركّز جهودها في سبيل التنمية الاقتصادية المُستدامة وتطبيق سُبلها القويمة، برغم التحديات الكبرى التي تواجهها.

الحرب تقوم أساساً برغبة من مجاميع صناعية عسكرية تنشد الارباح على حساب موت البشر، بينما التنمية هي في صالح مجموع الجماعة البشرية، وفي صالح هِبة الحياة المقدسة/ وتفضي الى - كما في رؤية القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، وهي بالمناسبة رؤية صائبة وعقلانية، الى تعزيز علاقات حسن الجوار والصداقة مع دول الجوار/، وتعميق قوى الدفاع الوطني/ وترفع من مستوى التقنيات المعلوماتية/، وتعزّز من دور الأمم المتحدة في حفظ السلام والامن الدوليين/ وتسير نحو تبنّي النظام العالمي الجديد للسلام والتنمية في أسرع وقت ممكن، بغية إزاحة المأسي من حياة الناس.

تعمل الدبلوماسية الصينية تحت راية السلام والتنمية والتعاون وهي تخطو خطوات جريئة وتخدم التنمية الوطنية وتساهم في السلام العالمي والتنمية المشتركة، ما من شأنه تطوير التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية تطوراً مُعمّقاً، لتنتزعها من طريقهما الحالي المُلتوي، ولترتفع بها الى وتيرة تحديث العلوم والتكنولوجيا فتسارُع تقدم المجتمع البشري ضمن توسيع القواسم المشتركة لمصالح دول العالم كلها، بما يحقق المنافع المتبادلة والمكاسب للجميع دون أي تغول من طرف على آخر.

. – ان السلام والتنمية والتعاون هي امنيات بشرية عامة وخاصة، للمجتمعات والافراد سواء بسواء. ومطلوب حالياً في ظل ارهاب دولي متعاظم، صيانة الأمن المشترك بوجه تزايد التهديدات الأمنية غير التقليدية والتي تتشابك مع التهديدات الأمنية التقليدية. والتعاون مطلوب لتحقيق التنمية المشتركة نحو تطبيق الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول من ناحية، وتعميق التوازن التنموي في العالم من ناحية أخرى.

في التنمية التي تعمل الصين عليها من خلال افكار كثيرة تطرحها على العالم، ستتمكن الحضارات المختلفة من المساهمة في التقدم المشترك للبشرية، في وقت تتحقق فيه التنمية الذاتية من خلال الاستفادة المتبادلة وتعزيز التواصل والحوار والتعاون على أساس الاحترام المتبادل والسَّماحةِ المتبادلة، وليس التسامح المُفضي الى تبادل الشك والريبة .

شخصياً، ارى في الخصائص الصينية تميزاً كبيراً، لجهة تطبيق السلام والتنمية المستقبلية لمجموع الشعوب في المجتمع الدولي، مما يُضعف من احتمالات نشوب الحروب واستمرارها.

وتتجلى الخصائص بمميزات منها/ السعي المتواصل دون النظر لأية معوقات، الى تحقق إنجازات متواصلة تحت راية السلام والتنمية والتعاون/ ثم العمل على تدعيم السلام والاستقرار والازدهار في آسيا اولاً/ والعالم ثانياً/، وتطبيق نهج الصين بسياسة الصداقة وحسن الجوار مع كافة الدول المجاورة لها/ حرصاً على إيجاد بيئة محيطة متناغمة وآمنة ومزدهرة تنعكس على مستقبل الجميع بدون استثناء.

واعتقد ان خطط الصين ومشاريعها المختلفة الجسورة، وبخاصة الفكرة العبقرية لإحياء طريق الحرير التاريخي القديم، وإقامة حزام كبير يجمع القارات ببعضها، هو مستقبل آمن بلا شك للبشرية ويعظم من ازدهارها، ويَطغى على افكار وامزجة الحروب والنزاعات، ويُعلي من قيم التعاون والنفع المتأتي منها للجميع بلا استثناء.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي