CRI Online

بر الأهل عند قومية هوي المسلمة وبناء المجتمع المتناغم في الصين

cri       (GMT+08:00) 2009-11-23 16:34:52

إن البر يمثل ركنا أساسيا في ثقافة أبناء قومية هوي المسلمين، ويلعب دورا بالغ التأثير في الحياة الأسرية لأبناء قومية هوي ومجتمعهم، ويساعد في تعميق العلاقات الأخلاقية بين الناس. ولا غرو أن البر يلعب دورا لا مندوحة عنه في بناء المجتمع المتناغم فهو القاعدة الأخلاقية لتربية الفرد وكنز عظيم لبناء الأسرة الصالحة.

قومية هوي واحدة من ست وخمسين قومية في الصين. يتميز أبناء هذه القومية بحفاظهم على ثقافتهم الإسلامية واستيعابهم للثقافة الصينية ودمجها في ثقافتهم فزادت بها ثراء وحُسنا. والبر، كونه من العناصر الأساسية لثقافة هوي، يجسد التمازج بين الثقافتين الإسلامية والصينية.

والبر عند أبناء هوي ذو سمات إسلامية واضحة، باعتبار أن الإسلام هو دينهم الذي يستمدون منه أخلاقهم. وبر الوالدين في الإسلام خُلق أساسي. ويجمع بين الثقافتين الإسلامية والصينية تبجيلهما وتوقيرهما للوالدين.

لقد تأثرت ثقافة قومية هوي بالثقافة الصينية، وخاصة الثقافة الكونفوشية، فتوطنت الثقافة الإسلامية في الصين. والحقيقة أن تأثُر ثقافة هوي بالثقافة الكونفوشية بدأ منذ أن تكونت تلك في الصين. في فترة أسرتي مينغ وتشينغ، وبسبب الضغوط السياسية، شهدت بعض المفاهيم والسلوكيات الإسلامية عملية توطين في الصين. وفي أواخر أسرة مينغ وأوائل أسرة تشينغ، كان علماء الإسلام من قومية هوي يشرحون ويفسرون الثقافة الإسلامية حسب الكتب الكونفوشية المقدسة، وترجموا الكتب الإسلامية إلى اللغة الصينية، ونقلوا العلاقات الأخلاقية الإقطاعية الصينية إلى ثقافة قومية هوي. المبادئ الخمسة الأساسية للأخلاقيات الصينية القديمة هي "الطقوس بين الإمبراطور والوزير" و"الحب بين الأب والابن" و"الاختلاف بين الزوج والزوجة" و"الترتيب بين سنون وأطفال" و"الإخلاص بين الأصدقاء".

قامت الصين بإصلاح النظام الاقتصادي في ثمانينات القرن الماضي، وتغير المجتمع الصيني كثيرا. دخل المجتمع الصيني مرحلة تحديث اتسمت بالتنمية السريعة والتغيرات الاجتماعية التي أدت بدورها إلى تغير المفاهيم الأخلاقية التقليدية لأبناء قومية هوي وغيرت الشكل والنظام التقليديين للأسرة التقليدية. أدى ذلك إلى خروج أبناء هوي من إطار الثقافة التقليدية المغلقة إلى إطار أوسع من الثقافات المتعددة والانخراط في التغيرات الاجتماعية، وقد أدى كل ذلك على تغير مفهوم البر عند أبناء قومية هوي.

يؤدي تغير نمط الإنتاج إلى تغير المجتمع ويصدم الثقافة التقليدية. يبدو أن أخلاق البر لأبناء قومية هوي لم تتكيف بعد مع الأحوال الجديدة. منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، يغادر كثير من أبناء قومية هوي بلدانهم إلى أماكن بعيدة للعمل ويبقون هناك فترات طويلة. في الأرياف، كان الناس قديما يبدءون عملهم في الحقول مع شروق الشمس ويعودون إلى بيوتهم بعد الغروب، لكن التقنيات الجديدة والميكنة الزراعية قللت الحاجة إلى الأيدي العاملة الزراعية فهجر كثير من الفلاحين قراهم إلى المدن الكبيرة للعمل. يقف المسنون حائرين أمام هذا النمط الإنتاجي الجديد، فبرغم ما في جعبتهم من خبرة وتجربة في مجال الزراعة، لم يعد لهم القول الفصل في شؤون الأسرة كما كان الحال الماضي، وذلك يجعلهم يشعرون بأن كلمتهم غير مسموعة وأنهم عبء زائد على الأسرة. ومع تغير نمط الحياة التقليدي، يصعب الحفاظ على العادات التقليدية والثقافة التقليدية، يجد المسنون صعوبة في التكيف مع المفاهيم والأفكار الجديدة. أما الشباب فيهملون الالتزام بالتعاليم الدينية ويضعف وعيهم الديني، وهذا يشكل عبئا نفسيا وروحيا لكبار السن الذين يخشون من أن يهمل أبناؤهم إقامة الشعائر الدينية لهم عند الموت، مثل إحضار إمام ليلقيهم الشهادة والتوبة. كما أنهم يقلقون على عدم وفاء أبنائهم بالواجبات الدينية مثلهم بعد وفاتهم. وقلق المسنين الذين يعيشون في المدن الكبيرة بشأن تلك الأمور أشد ممن يعيشون في الريف، فصدمة الثقافة التقليدية في المدن الكبيرة أعنف من الأرياف.

تلاشى مفهوم الإنجاب التقليدي الذي يعتبر إنجاب كثير من الأطفال قاعدة وقوة لتنمية الأسرة والمجتمع. مع نمو الاقتصاد وتعدد المفاهيم القيمية، ساد مفهوم جديد للإنجاب يدعو إلى إنجاب أطفال أقل وتربيتهم تربية أفضل. الآن يختار معظم شباب قومية هوي إنجاب طفل واحد، برغم أن لهم الحق في إنجاب طفلين أو أكثر أحيانا. لذلك يواجه أبناء قومية هوي "مشكلة الابن الوحيد"، وهذا يعني أنه على الزوج والزوجة أن يعيلا أربعة مسنين، وذلك يفرض ضغوطا اقتصادية وروحية على الأسرة.

إن البر لقومية هوي أساس تعليم الأخلاق، ويربط الأخلاق بالسياسة في كل المجتمعات. تقرر السياسة على اتجاه تنمية المجتمع، ويكون الأخلاق قاعدة لاستقرار المجتمع والسياسة. الآن تقع الصين على عملية بناء المجتمع القانوني، هذا يحتاج إلى التعاون بين القانون والأخلاق ولا يهمل بأي واحد منهما. قال المثل الصيني: "البر أول أمر من مائة أمر للتصرفات الخيرية". إن البر قاعدة الأخلاق، والمضمون المهم في الحضارة الروحية. ويعلب البر دورا خاصا في مجتمع قومية هوي، تنمية البر في مجتمع قومية هوي هذا يستطيع ارتفاع مستوى الأخلاق العام ودفع بناء المجتمع المتناغم في مجتمع قومية هوي.

يتعلق البر بالعلاقات بين الناس في الأسر، فمن اللازم أن ينمو البر من كل أسرة. إن رعاية السنين وتربية الأطفال مسؤولية لكل أسرة، على كل أسرة أن يكمل هذه المسؤولية بشكل جيد. إن الأسرة خلية واحدة للمجتمع، إذا تكون العلاقة في كل أسرة متناغمة، يكون المجتمع متناغما.

تكون تنمية البر الطريق الهام لافتتاح الخدمة في الحي السكني. يزداد عدد الشيخوخة في الصين كل سنة، يوجد مسنون كثيرون في كل حي سكني، فيجب على الحكومة أن تستثمر لإقامة نادي يلعب مسنون فيه في الأحياء السكنية، وتقدم خدمات متنوعة لهم في الأحياء. على الأحياء السكنية أن تنظم نشاطات لإعلان احترام السنين ورعايتهم ومساعدتهم من أجل تنمية البر في الأحياء السكنية. هكذا سيصبح المجتمع لقومية هوي متناغما، ثم ينتشر التناغم إلى المجتمع الشامل.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي