CRI Online

شيخ تبتي يبذل جهوده الدؤوبة طوال حياته للمساهمة في تنمية التبت

cri       (GMT+08:00) 2010-02-08 15:54:22


مع الرئيس الصيني الراحل ما تسه دونغ

 توفي في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر العام الماضي الشيخ التبتي نجابوي نجاوانغ جيجمي البالغ من العمر مائة سنة. عاصر نجابوي نجاوانغ جيجمي، بصفته أحد شهود عيان على التغيرات التي شهدتها التبت خلال نحو مائة سنة الماضية، فقد عاصر نظامين اجتماعين مختلفين في تاريخ التبت، حيث يرى أنه لا يمكن للتبت التقدم ولمواطنيها التمتع بالسعادة والصحة إلا إذا عاشت ضمن الأسرة الكبيرة لجمهورية الصين الشعبية، مشيرا إلى أن التغيرات الملحوظة التي حدثت منذ تحرير التبت سلميا قبل أكثر من 50 سنة تبرهن على صحة ذلك تماما. وخلال حياته التي استمر قرنا واحدا، من الزمان ساهم الشيخ نجابوي نجاوانغ جيجمي بكل ما في وسعه من أجل تنمية المنطقة.

تعد حياة نجابوي نجاوانغ جيجمي أسطورة كبيرة. فقد ولد عام 1910 في أسرة نبيلة تبتية قديمة ونشأ في مزرعة كبيرة، وانضم إلى حكومة منطقة التبت القديمة في شبابه، وأصبح مسؤولا رفيع المستوى بالحكومة المكونة من النبلاء.

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من شهر أكتوبر عام 1949، كانت الحكومة المركزية تفكر في ضرورة تحرير التبت لتهيئة ظروف مناسبة لتوحيد الوطن، فأعلنت في أوائل عام 1950 سياسة تحرير التبت سلميا، داعية حكومة التبت المحلية إرسال ممثلها لإجراء مفاوضات مع الحكومة المركزية.

وفي ظل هذا الوضع، عينت الحكومة التبتية في شهر فبراير عام 1951 نجابوي نجاوانغ جيجمي كبير المفاوضين، وأرسلته مع المفاوضين الأربعة الآخرين إلى بكين لإجراء مباحثات مع الحكومة المركزية. وفي الأول من شهر مايو نفس العام، قبل نجابوي نجاوانغ جيجمي دعوة الحكومة المركزية لحضور احتفال بمناسبة عيد العمال العالمي في ميدان تيان آن مون ببكين، حيث التقى الرئيس الصيني الراحل ماو تسه دونغ معه، وأكد له قائلا: مرحبا بزيارتكم لبكين، ونحن أفراد أسرة واحدة، وقضية التبت إحدى الشؤون المنزلية، ويمكننا حل أي مشكلة داخلية من خلال المناقشات مع أفراد الأسرة.

استعراضا لمسيرة المفاوضات، أشار السيد يانغ يون الباحث بالمركز الصيني لبحوث ودراسات العلوم التبتية إلى أن نجابوي نجاوانغ جيجمي لعب بمكانته الاجتماعية الرفيعة وموقفه الحازم دورا كبيرا في دفع المفاوضات بشأن تحرير التبت سلميا لتحقيق النجاح. حيث قال

"تولى نجابوي نجاوانغ جيجمي منصبا رفيع المستوى في الحكومة التبتية القديمة، وعنده تجارب للاتصال المباشر مع جيش التحرير الشعبي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. ومن خلال الاتصالات مع الحزب، تعرف على سياساته القومية والدينية، وأدرك ضعف الحكومة التبتية وأهمية الحكومة المركزية في تقرير مصير التبت مستقبلا، فقام بالتبادلات الصريحة والطويلة الأمد مع الحكومة المركزية، وأخيرا دفع عملية تحرير التبت السلمية لتحقيق النجاح."

وبفضل الجهود التي بذلها مفاوضو الحكومة التبتية برئاسة نجابوي نجاوانغ جيجمي وممثلو الحكومة المركزية، تم في ال23 من شهر مايو عام 1951 التوقيع على "اتفاقية الحكومة المركزية الشعبية الصينية والحكومة التبتية المحلية بشأن تحرير التبت سلميا"، التي تضم 17 بندا ولذلك تسمى أيضا ب"اتفاقية ال17 بندا"، وبذلك تحقق التحرير السلمي في التبت.

لكن لم تغير "اتفاقية ال17 بندا" نظام العبودية الإقطاعية الذي فرض الإبادة الشديدة على المواطنين التبتيين طوال مئات السنين. وخلال الفترة ما بين عامي 1951 و1959 التي حاولت فيها الحكومة المركزية تنفيذ الإصلاح الديمقراطي في التبت، شنت القوى المحافظة النبيلة التبتية بالتواطؤ مع القوى الانفصالية الخارجية حملة ضد تطبيق الاتفاقية. ولمواجهة هذه التحديات، قاد نجابوي نجاوانغ جيجمي الحكومة التبتية لتخوض معركة شرسة ضد هذه القوى الرجعية. وفي هذا الصدد، قال السيد يانغ يون الباحث بالمركز الصيني لبحوث ودراسات العلوم التبتية:

"كان نجابوي نجاوانغ جيجمي يتخذ موقفا حازما للحفاظ على التضامن والتكاتف، وأبلغ الحكومة المركزية بأخر تطورات الأوضاع في التبت، وعمل على تنسيق الاتصالات بين الحكومتين المركزية والمحلية ولعب دورا مهما في توعية النبلاء التبتيين بإدراك أهمية وحدة الوطن. وعبر عن دعمه لتطبيق الإصلاح الديمقراطي في المنطقة وتحرير الأقنان التبتيين البالغ عددهم مليون نسمة. لأنه رأى أن إلغاء النظام الاجتماعي القديم وتنفيذ الإصلاح الديمقراطي طريق الأمل أمام التبتيين."

وبفضل دعم نجابوي نجاوانغ جيجمي، نجحت الحكومة المركزية الصينية في إخماد التمرد المسلح وتحرير مليون مواطن من الأقنان إضافة إلى تنفيذ الإصلاح الديمقراطي وإلغاء نظام العبودية الإقطاعية المتسم بالحكم الموحد بين السياسة والدين في التبت.

وبعد تأسيس القيادة العسكرية التبتية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني في فبراير عام 1952، تم تعيين نجابوي نجاوانغ جيجمي النائب الأول لقائد القيادة، وترقيته إلى رتبة فريق. وفضلا عن ذلك، بدأ يتولى منصبا رفيع المستوى في حكومة منطقة التبت، وأختير كنائب لرئيس اللجان الدائمة للمجالس الوطنية الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع لنواب الشعب الصيني، حيث قدم مساهمات كبيرة في دفع التحولات العظيمة في البلاد.

ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، التقى كل قادة الحزب الشيوعي الصيني والدولة مع نجابوي نجاوانغ جيجمي لمناقشة الشؤون الوطنية الكبرى، وأولوا اهتماما كبيرا لاقتراحاته، وأقاموا علاقات صداقة مخلصة معه.


مع الرئيس الصيني الراحل ما تسه دونغ

وقال السيد يانغ يون الباحث بالمركز الصيني لبحوث ودراسات العلوم التبتية:

"تعد حياة نجابوي نجاوانغ جيجمي أسطورة، لأنه شهد الكثير من التحولات التاريخية الكبيرة، وخلال العقود الماضية منذ تحرير التبت سلميا، أولى اهتماما دائما لتنمية التبت والحفاظ على الوحدة الوطنية والتضامن العرقي، واتخذ مواقف صحيحة وثابتة إزاء القضايا الكبيرة، ونقل للمواطنين ما حدث بصورة حقيقية وواقعية في التبت محاولا إزالة الشائعات، وإظهار نمط القيادة الممتاز."

وعقب وقوع أحداث الشغب ال14 من شهر مارس عام 2008 في لاسا حاضرة المنطقة، عبر نجابوي نجاوانغ جيجمي عن غضبه واستنكاره الشديد، واصفا أحداث الشغب بأنها صراع بين قوى الانفصال ومكافحة الانفصال، مؤكدا أن أي شكل من أشكال المحاولات الرامية إلى الأضرار بقضية توحيد الوطن والتضامن القومي والاستقرار الاجتماعي مصيره الفشل.

ورغم أن الشيخ نجابوي نجاوانغ جيجمي قد غادرنا ورحل عن دنيانا، إلا أن الناس سيتذكرونه وجهوده المبذولة للحفاظ على وحدة البلاد والتكاتف العرقي إلى الأبد. ونحن واثقون أن تنمية التبت وتعزيز استقرار المجتمع المحلي والتضامن العرقي ورفع مستوى معيشة الشعب لجعل المنطقة تتمتع بمستقبل أجمل هي أفضل هدية لإحياء الذكرى لهذا الشيخ العظيم.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي