CRI Online

قصة عن قائد عسكري متميز من قومية التبت

cri       (GMT+08:00) 2010-04-21 10:33:39


السيد قونغ تشيو تسي لي

من هو السيد قونغ تشيو تسي لي ؟ إنه نائب قائد منطقة ديتشينغ العسكرية الفرعية للجيش الصيني بمقاطعة يوننان. لقد مضى على وفاته لأكثر من سنة كاملة. وبصفته ضابطا عسكريا من قومية التبت، كان يعمل في الجيش منذ حوالي أربعين سنة، حيث ظل مؤديا للواجبات العسكرية بإخلاص وكرس كل قوته في خدمة الشعب والجنود والمعسكر وأسهم إسهاما بارزا في المحافظة على الوحدة القومية والدفاع عن الأمن والاستقرار في المجتمع. وأخيرا، توفي هذا القائد العسكري المتميز في مكان العمل بسبب الأعراض الشاملة لمرض الارتفاع في الهضبة.

لم ينس الناس ذلك اليوم الحزين من فبراير عام 2009، تواجد حوالي عشرة آلاف شخص من القادة العسكريين والجنود والكوادر والرهبان والتجار والرعاة من مختلف الأقليات القومية بولاية ديتشينغ الذاتية الحكم لقومية التبت في مكان إقامة الجنازة وداعا للسيد المحترم قونغ تشيو تسي لي الراحل، وكانت الدموع الحزينة تسيل من عيون الناس جميعا .

" مع السلامة للأبد يا أبي العزيز قونغ تشيو!" صاحت فتاة من قومية يي بصوت عال وهي تبكي بحزن شديد أمام جثمان السيد قونغ تشيو تسي لي. إنها فتاة تسمى جي شين مي، وهي ليست من أولاد عائلة السيد قونغ تشيو تسي لي. إذن، لماذا أدعت أن السيد قونغ تشيو تسي لي والدها؟ كانت الفتاة جي شين مي تحكي للمراسل قصتها مع المتوفي المحترم .

قبل عشرة أعوام ونيف، تلقت الفتاة جي شين مي التي تعيش في قرية ريفية بمحافظة شانغريلا رسالة بقبولها من مدرسة ثانوية بالمحافظة، ولكن عائلتها فقيرة جدا لا تستطيع دفع الرسوم المدرسية لمواصلة دراستها. وعندما شعرت الفتاة بغياب الأمل، قرأت صدفة مقالا صادرا في (( صحيفة ديتشينغ اليومية)) حول مساعدة السيد قونغ تشيو تسي لي الطلاب الفقراء لمواصلة دراستهم. سرت الفتاة سرورا كبيرا بذلك، وكتبت في الحال رسالة خاصة له طلبا من المساعدة. لم تفكر أن السيد قونغ تشيو تسي لي زار بيتها بنفسه بعد بضعة أيام وتعهد بمساعدتها ماليا من أجل مواصلة الدراسة حتى تخرجها من الجامعة. تذكرت الفتاة ذلك المشهد قائلة:

" عندما زار الأب قونغ تشيو تسي لي بيتي أول مرة ، أعطاني المبلغ المطلوب لدفع الرسوم المدرسية لنصف السنة الدراسية. وبعد ذلك أرسل لي المبالغ الدراسية المطلوبة في المواعيد، كما جاء إلى المدرسة لزيارتي بصورة خاصة وشجعني على تعلم المعارف باجتهاد، كما تعهد بتمويل دراستى ومساعداتي باستمرار حتى تخرجي من الجامعة."

بفضل مساعدة السيد قونغ تشيو تسي لي الخيرية، حلت مشكلة دفع الرسوم الدراسية للفتاة جي شين مي بسلاسة، والتحقت بالمدرسة الثانوية بفرح وسرور. ولكن لم يمض وقت طويل حتى ظهرت عقدة في نفسه نتيجة ظروف عائلتها الفقيرة ، وهي كئيبة الصدر دائما ولا تريد الاتصال والتعايش مع الزملاء. وبعد أن عرف السيد قونغ تشيو تسي لي ذلك الأمر ، كتب رسائل لها دائما لإلهامها وتنويرها، كما ذهب إلى المدرسة لزيارتها وتشجيعها عقليا وتقديم المساعدة المالية اللازمة لها.

في مارس من عام 2005 أصيبت الفتاة جي شين مي بإلتهاب حاد في الزائدة الدودية حتى درجة عدم قدرتها شرب الماء ولو جرعة واحدة، فأطلعت المستشفى بيتها بأنها في حالة صحية خطيرة، وشعرت الفتاة أيضا باليأس. وفي هذه المناسبة هرع السيد قونغ تشيو تسي لي إلى المستشفى، ولم يدفع ثمن العلاج بكامله فحسب، بل تابع مرضها في المستشفى بعناية دقيقة لعدة أيام كأنه والد لطيف لها، وساعدها في غسل الوجه وإعداد أدوات الحياة الضرورية، وشجعها على مواجهة المرض ومكافحته بالروح القوية . وهكذا، عادت الحياة للفتاة وظهرت الابتسامة على وجهها مرة أخرى .

وخلال أكثر من عشرة أعوام ماضية، ظل السيد قونغ تشيو تسي لي يهتم بحياة الفتاة جي شين مي ودراساتها، وبفضل تربيته ورعايته أصبحت الفتاة خريجة جامعية ممتازة في النهاية وتعمل حاليا كمدرسة في مدرسة قريتها. قالت للمراسل:

" كل شيء لدي اليوم جاء بفضل مساعدة السيد قونغ تشيو تسي لي . لذلك، كثيرا ما أرغب في مساعدة آخرين بما في وسعي كما فعل الأب قونغ تشيو. كان لدي فرصة للبقاء في المدينة للعمل بعد تخرجي من الجامعة، ولكن، عندما سمعت أن مدرسة قريتنا تحتاج إلى مدرسين بإلحاح، قررت العودة إلى موطني لتكون مدرسة شريفة. وهذه الفكرة لاقت تأييدا كبيرا من قبل السيد قونغ تشيو وقال لي : أحسنت يا إبنتي، أنت عضوة جيدة من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني، يجب عليك أن تخدم أبناء الشعب بشكل أفضل وتذهب إلى كل مكان يحتاج إليك."

وكذلك الحال قد حدث داخل أسرة السيد قونغ تشيو تسي لي، كان إبنه قونغ جيان بينغ شابا ذكيا يرغب في بقائه بالمدينة بعد تخرجه من معهد كونمينغ العسكري للمشاة بنتائج ممتازة، ولكن والده لم يوافق على ذلك، بل أصر على عودته إلى منطقة ديتشينغ الأصلية . قال الإبن قونغ جيان بينغ للمراسل:

"تخرجت في معهد كونمينغ العسكري للمشاة ، حيث درست بجد وكد حتى أحرزت نتائج ممتازة في جميع الألباب الدراسية خلال السنوات الدراسية الثلاث، وحسب هذه الشروط التقديرية فإنني يمكني البقاء في مدينة كونمينغ للعمل بلا ريب، وهو رغبتي أيضا. عندما أخبرت ذلك لوالدي، لا يوافق على ذلك بقوله: إنك إبني وأنا ضابط عسكري، تنظر إلينا أنظار الناس. يجب أن نترك فرصة للغير وأنت تعود إلى الهضبة المرتفعة أو إلى مكان أصعب للعمل."

بالإضافة إلى الإبن قونغ جيان بينغ والإبنة قونغ شيوي لين ، تبنى السيد قونغ تشيو تسي لي أيضا اليتيمة التبتية لوه سانغ دون تشو حينما بلغ عمرها 7 سنوات. وتحت عنايته وتربيته وتعليمه، عاشت الفتاة اليتيمة في هذه العائلة بسعادة وسلامة، وأصبحت اليوم شرطية مجيدة للدولة . وفي ذكريات الإبنة قونغ شيوي لين أن والدها رجل كريم طيب القلب، يحب مساعدة الآخرين والمحتاجين بكل ما في وسعه سواء كانوا من الأصدقاء أو الغرباء، ولا يهتم بتحقيق المكاسب الشخصية. حيث قالت إبنته :

" في كل مرة عندما ينزل والدي إلى الريف، لا بد أن يطلب بعض الأموال من أمي لاستخدامها في مساعدة الفقراء. ذات مرة وجدت كتيبا في دولابه، ومكتوب عليه أسماء كثيرة للفقراء وعناوين بيوتهم وأرقام التلفون للاتصال بهم. تأثرت من ذلك تأثرا كبيرا ."

قالت السيدة سينا لامو الكادرة المتقاعدة من الشرطة لولاية ديتشينغ الذاتية الحكم لقومية التبت، وهي زوجة السيد قونغ تشيو تسي لي الراحل. قالت إن زوجها رجل كريم للغير وبخيل لنفسه وأضافت:

" كان زوجي رجلا بسيطا ومتواضعا في الأكل والملبس ، وليس له إلا طاقم واحد من البدلة الشخصية الجاهزة. وقال لي دائما إنك من الشرطة الشعبية وأنا من الجيش العسكري، لدينا الملابس الرسمية الموحدة من قبل الدولة. لذلك، لا نحتاج إلى شراء الأزياء الأخرى، ويجب الاقتصاد في أموالنا لمساعدة أولئك المحتاجين إليها. وحسب مطالبه ، فإن أولادنا لم يشتروا الملابس الغالية أو ذات العلامات التجارية المشهورة منذ صغرهم."

إلى جانب ذلك، قاد القائد قونغ تشيو تسي لي الجنود بنشاط لمشاركة الجماهير الغفيرة في بناء الطرق العامة والعثور على موارد المياه ونشر المعلومات المختلفة لمواجهة الفقر وتحقيق الثراء ودفع التنمية المحلية. ومنذ السنة الماضية عانت مقاطعة يوننان من الجفاف الشديد، وعدم وجود مياه للشرب في المناطق الكثيرة ولكن قرية ناقو لولاية ديتشينغ المعروفة بنقص المياه منذ الزمان، لم تواجه مشكلة نقص مياه الشرب هذه المرة بفضل إعادة بناء قناة نقل المياه للقرية بمساعدة السيد قونغ تشيو تسي لي قبل وفاته. قال رئيس منطقة فوشان للمراسل:

" كانت لقريتنا قناة قديمة لنقل المياه ، تخربت بشدة مع مرور الزمان، كلما يحل موسم الجفاف يواجه القرويون مشكلة نقص المياه. وبعد أن عرف القائد قونغ تشيو تسي لي ذلك ، قاد بعض الجنود إلينا في الحال لمساعدتنا في ترميم وإعادة بناء القناة. والآن لا نخاف من الجفاف لأن هذه القناة تمدنا بالمياه الكافية للمعيشة والزراعة ."

وفي عيون العسكريين كان القائد قونغ تشيو تسي لي يظهر ظله دائما أينما يتواجد أي خطر، وقد ألقى نفسه في المياه والحرائق بشجاعة من أجل إغاثة الجماهير. عندما لزم على الفراش مريضا مازال قلقا على الأعمال. قال زميله العسكري المسؤول للمراسل:

"كانت ثلوج كبيرة في ذلك العام تعرقل الطرق العامة بشدة، فقادنا القائد قونغ تشيو تسي لي بسرعة إلى الخارج لتجريف الثلج وفتح الطرق. في إبريل من ذلك العام حدثت حرائق حطيرة في الغابات ، فقادنا بسرعة دون أي تردد للاقتحام لمهيب الحرائق لإطفائها، كنا نواصل العمل في الجبال عدة أيام حتى لا نجد وقتا للراحة إلا بعض دقائق منها داخل السيارات ."

وبسبب حالته الصحية الضعيفة فإن القائد قونغ تشيو تسي لي يمكنه النقل من منصب عمله في الهضبة إلى مكان مريح للاستراحة، ولكنه كتب رسالة إلى القيادة العليا طلبا من مواصلة العمل في نفس المكان. وفي يوم من نوفمبر عام 2008، سقط على الأرض وأغمي عليه في مكتبه. فنقله العاملون إلى المستشفى للفحص الكامل. وفي المستشفى مازال قلقا على الأعمال غير مبال بنفسه .

بعد ثلاثة أشهر، وبالرغم من أن المستشفى كانت تعالجه بكل الوسائل والأدوية الطيبة، لم تنجح في إنقاذ حياته. رحل السيد قونغ تشيو تسي لي للأبد ولم يترك لنا إلا روحه السامية. أشاد به القائد العسكري بالمنطقة العسكرية لمقاطعة يوننان قائلا :

" تبدو حياة السيد قونغ تشيو تسي لي حياة بسيطة متواضعة، ولكن فيها عظمة وكرامة وروح سامية ، وكل ذلك يأتي من إخلاصه للحزب وحبه للشعب وجده في العمل ، يجب أن نتعلم منه ." *

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي