لحراسة غابات الهضبة المسماة "زمرد على حزام الأرض"

^{رآن جينغ تشينغ}

في محافظة ليبوه بمقاطعة قويتشو جنوب غربي الصين منطقة جميلة تسمى ماولان، معناها في اللغة الصينية "زهرة متفتحة" نظرا لمناظرها الطبيعية الجذابة، وهي تشبه "زمردا على حزام الأرض" وأدرجت في قائمة أجمل الغابات العشرة في الصين. هيا نذهب إليها مع مراسلنا لمشاهدة معالمها الجميلة ومعرفة من الذي يحرسون هذه الغابات العذراء بقوة وإخلاص.

بعد وصولنا إلى المنطقة، استقبلنا رئيس هيئة الإدارة المحلية رآن جينغ تشينغ، ومن خلال الحديث معه، عرفنا أن منطقة ماولان منطقة كارستية جيولوجية يسودها الطقس الدافئ والرطب طوال السنة منذ قديم الزمان، مما شكل فيها مساحة كبيرة من الغابات العذراء ذات الصفة الكارستية المتميزة التي يندر وجودها في أماكن العالم الأخرى، كما تحافظ هذه الغابات العذراء على معالمها الأصلية القديمة بشكل أساسي بسبب موقعها المنعزل عن الخارج فضلا عن صعوبة وصول وسائل النقل والمواصلات إليها، مما جعل الناس يطلقون عليها "زمرد على حزام الأرض". وحول ميزاتها الطبيعية عرفنا رئيس الإدارة بالأحوال قائلا:

" يمكن أن نقول إن غابات الأشجار هنا تنمو على الأحجار ، وهذا هو الأمر العجيب. إذ أن كثيرا من النباتات هنا تستطيع إفراز نوع خاص من السوائل من تلقاء نفسها ليذوب الصخور ويأكلها، ثم ترسخ عليها وتتأصل فيها بدون أية تربة. لذلك، تنمو الأشجار والنباتات هنا ببطء شديد. فمثلا الشجرة غير الكبيرة هنا ربما قد يتجاوز عمرها مائة سنة."

أصبحت منطقة ماولان إحدى المناطق المحمية الطبيعية على مستوى الدولة رسميا في عام 1984. وبعد سنوات، جاء إليها السيد رآن جينغ تشينغ كأول خريج جامعي للعمل فيها. وظل يعمل هنا 23 سنة حتى اليوم وأسهم إسهاما كبيرا في ممارسة البحوث العلمية وكحارس مؤمن لحماية هذه الغابات العذراء الطبيعية . في البداية، كانت ظروف العمل والحياة صعبة جدا، وكثيرا ما نزل مع زملائه في أعماق الغابات لإجراء التحقيقات العلمية على أرض الواقع ، حيث قد عانى من المخاظر الكثيرة كخطر الموت من لدغ الثعبان ولسع النحل السام وغيرها. غير أنه لم يخضع أمام كل هذه الصعوبات وتمسك بالعمل في هذه المنطقة للآن. وبفضل جهوده مع الزملاء ، اكتشفوا أنواعا كثيرة من النباتات النادرة والحيوانات النفيسة التي تنمو وتعيش في المنطقة. وفي عام 1996 انضمت محمية ماولان الطبيعية إلى شبكة المناطق المحمية العالمية لأقاليم الأحياء بالأرض تحت إدارة منظمة اليونسيكو التابعة للأمم المتحدة.

ومع توسع خطوات تنمية الاقتصاد المحلي في مجالات مختلفة، بدأ بعض القرويين يصعدون الجبال لقطع الأشجار بصورة عشوائية في محاولة لبيع الأخشاب إلى الخارج من أجل كسب المزيد من الأموال. وأمام ذلك، شعر رآن جينغ تشينغ بقلق كبير. فما الذي يمكنه فعله لإيقاف هذه الأعمال المخالفة للقوانين؟ ومساعدة القرويين بأية طريقة لزيادة دخلهم ورفع مستوى الحياة على أساس حماية البيئة الطبيعية؟ كان ذلك موضوعا هاما يتعبه كثيرا بعد أن أصبح مسؤولا في هيئة الإدارة المحلية بالمنطقة. وبعد تدابيره ومحاولاته، قاد السكان المحليين لتطوير السياحة الأيكولوجية بالاستفادة من الظروف الطبيعية الملائمة فضلا عن تنظيم الأعمال اليدوية المميزة ليشارك فيها الريفيون. وهكذا، حقق ازدياد الدخل الفردي للسكان المحليين بصورة ملموسة. والآن تم تأسيس جمعية التعاون للمصنوعات المنسوجة من شرائح البامبو الرفيعة في المنطقة، وأصبحت هذه المنتجات الجاهزة والصديقة للبيئة كنوع من الأعمال الفنية اليدوية مشهورة ورائجة في الأسواق المحلية ما أضاف إلى المنطقة فوائد كبيرة . وحول ذلك قال السيد رآن جينغ تشينغ:

"يجب أن نهتم كل الاهتمام بحماية البيئة الطبيعية والأيكولوجية باعتبارها أساسا وضمانا لتحقيق حياة أفضل. ويجب أن نتعلم أيضا كيفية تحقيق الانسجام بين الإنسان والطبيعة بشكل أفضل. أحب منطقة ماولان المحمية الجميلة، وقدمت لها معظم أوقاتي في الحياة، وسأواصل العمل باستمرار كحارس لحماية هذه الغابات المعروفة ب "زمرد على حزام الأرض" ."