CRI Online

مسجد دونغسي

cri       (GMT+08:00) 2012-06-04 16:05:38





autostart="true"

src="mms://webcast.cri.cn/cairo/musilin/musilin20120601.wma"

type="video/x-ms-wmv" width="285" height="44">

تعتبر مدينة بكين مركز الصين سياسيا واقتصاديا وثقافيا، كما عُرِفَت بأنها واحدة من أشهر المدن الثقافية في العالم. لقد هاجر المسلمون إلى بكين منذ الزمن القديم بحُكمِ وجود مسجد نيوجيه. وفي الوقت الذي قام فيه الامبراطور يونغله بنقل عاصمة الصين من نانجينغ إلى بكين عام 1421 كان من مرافقيه كثير من المسلمين إلى جانب عشر أسر مسلمة كانت مكلفة بحماية الأسرة الامبراطورية خلال الانتقال. ونتيجة لذلك ظهر في بكين المزيد من المساجد، ومن ضمنها مسجد دونغسي.

وقد سمي هذا المسجد بهذا الاسم لوقوعه على مقربة من " دونغسي بايلو ". ومن محفوظات المسجد نصب حجري نقش عليه العبارة "المسجد الامبراطوري". وعلى الرغم من أن الكتابات المنقوشة عليه قد أصبحت غامضة، إلا أن المطبوعات عليه واضحة. فتعرف منها أن مسجد دونغسي قد تم بناؤه سنة 1447 على حساب الجنرال المسلم تشن يو..

وبفصل سمو مكانة الجنرال تشن يو وكثرة أمواله، فقد كان مسجد دونغسي المبنى على حسابه فخما فوق العادة. ولا يتمثل هذا في فخامة مبانيه وروعة هندستها فحسب، بل يتمثل أيضا في امتيازه، في عهد أسرة منيغ الملكية، وبالحماية الاستثنائية القانونية.

ويتكون مسجد دونغسي من دارين متلاصقتين. أما الدار الأمامية، فهي صغيرة الحجم، يقوم على جانبيها جناحان متوازيان، يستعمل أحدهما للوضوء والآخر للإدارة.

وإلى الغرب من هذه الدار قاعة مرور مؤدية إلى الدار الخلفية الكبيرة المساحة، وهي مظللة بأشجار الصنوبر والسرو المخضوضرة ومزدانة بالأزهار الزاهية الألوان. وهناك جناحان جنوبي وشمالي وهما على أحسن ما يكون من الانسجام. أما قاعة الصلاة المتربعة في غرب هذه الدار، فتبلغ مساحتها أربعمائة وثمانين مترا مربعا، وهي واسعة ومضاءة مزخرفة عوارضها ودعاماتها بالنقوش المزركشة المثيرة للاعجاب بألوانها المتألقة.

يضاف إلى ذلك أن مقصورة المحراب المميزة بفنون العمارة العربية غائرة السقف وخالية من العوارض، وان عقد المحراب والعارضة الرئيسية لقاعة الصلاة تعلوهما نقوش بديعة من الآيات القرآنية المنسقة الخطوط المموهة بالذهب. وهذه كلها تضفى على القاعة جمالا وجلالا لا مثيل لهما.

وليس مسجد دونغسي مجرد مركز لممارسة النشاطات الدينية، بل هو مركز للتعليم الحديث لمسلمي الصين. ويدل على ذلك أن المثقف المسلم تشنغ شي شنغ، وهو من مواليد مقاطعة هوبي، قد أسس فيه مدرسة إسلامية ثانوية سنة 1926. وان مدرسة تشنغدا للمعلمين التي أسسها الشيخ عبد الرحيم ما سونغ تينغ في جينان عاصمة مقاطعة شاندونغ، قد انتقلت إلي المسجد سنة 1929. يومَها كانت أصوات القراءة تتردد اصداؤها في كل جنباته، مما زاده حيوية ونشاطا.

وبعد أن تأسست في المسجد مكتبة فؤاد الأول التي أنشئت بدعم من الملك المصري وشخصيات من مختلف القطاعات الصينية ومجلة "نضرة الهلال" الإسلامية ودار النشر التابعة لمدرسة تشنغدا على التوالي، أصبح هذا المسجد مركزا ثقافيا وتعليميا إسلاميا للصين كلها. ولما نشبت حربُ المقاومة ضد اليابان عام 1937 كان لا بد من انتقال مدرسة تشنغدا إلى قويلين بمقاطعة قوانغشي. فتدهور وضع مسجد دونغسي تدريجيا في ظل حكم الغزاة اليابانيين.

ولم يستعد حيويته إلا بعد افتتاح معهد الدراسات الإسلامية فيه على يد الشيخ عبد الرحيم ما سونغ تينغ الذي عاد إلى بكين عقب انتصار حرب المقاومة ضد اليابان. وقد تم ترميم هذا المسجد على نطاق واسع في سنة 1952 وسنة 1974.

لقد اجتاز مسجد دونغسي عددا من الامتحانات في التاريخ واحدا تلو الآخر خلال خمسة قرون مضت. وعلى الرغم من اغلاق أبوابه خلال" الثورة الثقافية الكبرى" فترة قصيرة، إلا أن تأثيراته الكبيرة على الصعيد العالمي أدت إلى فتح أبوابه من جديد في حين ان سائر المساجد في الصين ظلت حينذاك مغلقة الأبواب دون استثناء. ويمكن القول إن هذا المسجد كان الاستثناء الوحيد في تلك الفترة العصيبة.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي