CRI Online

المترجم المسلم الصيني الكبير نا شيون

cri       (GMT+08:00) 2012-07-02 09:24:54


المترجم المسلم الصيني الكبير نا شيون






يعتبر نا شيون، الذي اسمه العربي نور محمد، كبير المترجمين للغة العربية في مجال الترجمة الصيني، حيث عمل طوال حياته على تعريف القرّاء العرب بالثقافة الصينية، إلى جانب ترجمة الأعمال الأدبية العربية المشهورة إلى اللغة الصينية، مما أنشأ جسر تبادل أدبي دائم بين الصين والدول العربية.

ولد نا شيون عام ألف وتسعمائة وإحدى عشر في أسرة مسلمة بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين، غير أن سلفه القديم سعيد أجال عمر شمس الدين هو فارسي وأتى إلى الصين من غربي آسيا في أسرة يوان الملكية قبل ثمانمائة سنة تقريبا، وكان مكلفا لتولي أعلى حاكم لمقاطعة يوننان. وفي السابعة من عمره، بدأ نا شيون تعلم الشريعة الإسلامية واللغة العربية وكذلك الثقافة الصينية القديمة في مدرسة تابعة للمسجد، وكان هذا التعليم منتشرا بين المسلمين الصينيين. وبعد سبع سنوات، التحق نا شيون بمدرسة منتظمة لدراسة الثقافة الصينية، مما أرسى أساسا ثقافيا متينا له.

ومنذ ثلاثينات القرن الماضي، بدأ المسلمون الصينيون السفر إلى مصر للدراسة هناك، حيث بُعث نا شيون من قبل جمعية إسلامية محلية إلى جامعة الأزهر المصرية لمواصلة الدراسة بعد تخرجه من المدرسة الثانوية في مسقط رأسه. وبذلك، بدأ نا شيون دراسته في جامعة الأزهر ابتداءا من عام ألف وتسعمائة وأربعة وثلاثين، حيث اختار نا شيون الأدب العربي كتخصص له وتعلم في كلية الأداب بالجامعة.

كانت المدة الدراسية لجامعة الأزهر ست سنوات، غير أن الطلاب الصينيين احتاجوا إلى أخذ دروس إضافية في الجامعة لتعلم اللغة العربية والثقافة الإسلامية، ما جعلهم يحتاجون عادة إلى ما بين تسع أوعشر سنوات للتخرج من الجامعة. وكان نا شيون مجتهدا جدا في الدراسة، وأكمل كل المهام الدراسية خلال ثمان سنوات، وحصل على الشهادة الجامعية من جامعة الأزهر.

وخلال دراسته في الأزهر، كان نا شيون غارقا في ترجمة الأعمال الصينية الأدبية إلى اللغة العربية، بما فيها النثر الأدبي القديم والنثر الحديث والدراما الحديثة وغيرها من الأعمال الأدبية المشهورة في المجال الثقافي الصيني حينذاك، ونُشرت ترجماته في الصحف والمجلات المصرية، ولقيت ترحيبا لدى القرّاء العرب.

واعتبارا من نهاية عام ألف وتسعمائة وستة وثلاثين، بدأ نا شيون ترجمة العمل الأدبي العربي المشهور "ألف ليلة وليلة". وحتى أوائل عام ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين، أتم الترجمته لستة مجلدات من هذا الكتاب، والتي تشمل ستمائة ألف كلمة. وكلف نا شيون أحد أصدقائه ليأخذ نسخة من ترجمته إلى الصين للنشر في البلاد. رغم أن نشر ترجمة "ألف ليلة وليلة" كان في فترة تمر فيها الصين بحرب مقاومة العدوان الياباني، حيث عاش المواطنون الصينيون في حالة صعبة، غير أن العديد من الصينيين بادروا لشراء هذا الكتاب المترجم الجديد. وبعد ذلك، أرسل نا شيون بعض ترجماته للحكايات العربية والتغطيات السياسية الدولية إلى الصين للنشر، ما جعله يصبح مشهورا في مجال الترجمة الصينية في ذلك الوقت.

بعد مرور خمسة عشر سنة منذ أن وطئت قدماه الأرض المصرية، عاد نا شيون إلى الصين، حيث كان في بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية. ومن أجل تعزيز ازدهار الثقافة والفن في الصين الجديدة، كانت الحكومة المركزية مهتمة بترجمة الأعمال الأدبية الأجنبية الممتازة إلى اللغة الصينية، وأقامت عام ألف وتسعمائة وأربعة وخمسين مؤتمرا خاصا بالترجمة الأدبية، وحضره نا شيون. وفي هذا المؤتمر، قبل نا شيون مهمة كبيرة وهي ترجمة كتاب "ألف ليلة وليلة" بأكمله.

ومنذ ذلك الوقت، اتخذ نا شيون ترجمة هذا العمل الأدبي العظيم كأول شيء في حياته. ولكن، كانت الصين الجديدة تمر بتغيرات كبيرة خلال فترة طويلة منذ تأسيسها، مما عرقل أعمال نا شيون في الترجمة، إلا أن هذا المترجم العظيم لم يتوقف عن ترجمته، وبذل كل ما في وسعه لإنجاح عمله. وخلال إثنين وعشرين سنة منذ بدء ترجمته لكتاب "ألف ليلة وليلة"، بذل نا شيون كل جهوده لهذا العمل، حتى أكمل هذا الكتاب المترجم العظيم للغة الصينية في نهاية عام ألف وتسعمائة وستة وسبعين. وبعد نشره، لاقى الكتاب ترحيبا كبيرا لدى القراء الصينيين، وانتشر إلى تايلاند وبورما ولاوس وغيرها من دول جنوب شرق آسيا.

حقق نا شيون أول أحلام حياته، ونجح في تعريف الصينيين بالقصص الجميلة من "ألف ليلة وليلة"، التي تأخذنا إلى العالم العربي الساحر. وفي نهاية عام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين، توفي نا شيون وكان في عمره ثمانية وسبعين سنة.

وتجدر الإشارة إلى أن نا شيون ليس أول صيني ترجم هذا الكتاب، وفي الحقيقة، بدأ بعض المترجمين الصينيين ترجمته في بداية القرن الماضي، غير أن ترجماتهم جاءت من النسخات الإنجليزية والفرنسية، ولذلك اتسمت بانحراف غربي واضح، إلا أن ترجمة نا شيون جاءت من النسخة العربية الأصلية، مما ساهم في توفير المميزات العربية البارزة في الترجمة، فيمكننا أن نقول إن النجاح في ترجمة "ألف ليلة وليلة" من أبرز الإنجازات التي حققها نا شيون طوال حياته.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي