CRI Online

الإصلاح المتواصل في الصين "هبة" للعالم رغم التحديات المستمرة

cri       (GMT+08:00) 2013-02-05 15:38:58


الإصلاح المتواصل في الصين "هبة" للعالم رغم التحديات المستمرة

أتى النمو الاقتصادي القوي المستمر منذ ما يزيد على ثلاثة عقود أكله وانتشل مئات الملايين من الصينيين من براثن الفقر، على الرغم من أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم لم يزل يواجه تحديات وعقبات.

ووضعت سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية على درب النمو المطرد، وأثمرت عن "حصص إصلاح" ثرية تتقاسمها الدول المجاورة وشتى بقاع العالم.

وفي هذا السياق، شدد نائب رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ مؤخرا على عزم الصين على توطيد هذه السياسة، مؤكدا أهمية الإصلاح، وذلك في أول اجتماع موسع يستضيفه منذ إعادة انتخابه عضوا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني.

وصرح لي كه تشيانغ في مؤتمر عمل مجلس الدولة الذي عقد في نوفمبر المنصرم، قائلا "لقد استفدنا كثيرا من الإصلاح على مدار الأعوام ال30 الماضية ... ينبغي لنا، ويمكننا فقط، المضي قدما حيث لا يوجد مجال للتراجع ... يظل الإصلاح الربح المشترك الأكبر بالنسبة للصين".

اقتصاد سوق مطور يرحب بمزيد من الاستثمارات العالمية:

بفضل قرار الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ الخاص بتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح بطريقة أطلق عليها "عبور النهر عبر تحسس الحجارة"، دمجت الصين نفسها على مدار السنوات ال30 الماضية في الاقتصاد العالمي وتحولت إلى نظام اقتصادي أكثر توجها نحو السوق.

بيد أن الإصلاحات الحالية دخلت "منطقة محصنة" و"منطقة مياه عميقة" و"لا بد أن نواجه التحديات ونتغلب على جميع العقبات التي تعترض سبيل التنمية العلمية"، حسبما قال لي كه تشيانغ لمجموعة من المسؤولين في الاجتماع.

كان المؤتمر الوطني ال18 للحزب الشيوعي الصيني قد أظهر عزم الصين على إزالة الشكوك بين أعضاء الحزب، وبخاصة المسؤولين الحكوميين، حول سياسة الإصلاح والانفتاح عن طريق إضافة عبارة إلى دستور الحزب الشيوعي الصيني تنص على أن "بإمكان الإصلاح والانفتاح وحدهما تمكين الصين والاشتراكية والماركسية من تطوير أنفسهن".

وكان الرئيس الصيني السابق هو جين تاو قد ذكر في تقرير العمل الذي قدمه إلى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي أنه من أجل تعميق إصلاح الهيكل الاقتصادي، يتعين على الصين عمل توازن بين دور كل من الحكومة والسوق، وإتباع قواعد السوق بشكل أوثق، وتحسين دور الحكومة.

وفي هذا الصدد، قال لي يي نينغ، الأستاذ بجامعة بكين الصينية، إن الجانب الأكثر إلحاحا في عملية الإصلاح بالصين يتمثل في إقامة اقتصاد سوق اشتراكي، ومنح الشركات قدرة كاملة على إدارة شؤونها.

وتعتزم الصين في خطوات سياسية مقبلة إصلاح منظومة الضرائب لدعم تطور الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم وتقوية التنافس وكبح جماح الفساد.

كما تنوي الصين منح السوق دورا أكبر في تحديد كلفة الأراضي والموارد الطبيعية ورأس المال، وتحرير الأسواق المالية، وجعل العملة الصينية أكثر قابلية للصرافة.

وهذه الإجراءات من شأنها أن تنهض بنظام اقتصادي أكثر توجها صوب السوق من أجل الحد من عدم الفعالية والكشف عن محركات جديدة للنمو.

ووجود اقتصاد سوق مطور في الصين بلا شك يوفر للمستثمرين الأجانب بيئة عمل أكثر شفافية وحرية وكفاءة، ما يسمح للاقتصاد الصيني بالاندماج في سلسلة القيمة العالمية بصورة أكثر سلاسة.

وفي هذا الإطار، قال سون هاو، وهو محلل صيني متخصص في الشؤون المالية، إنه على مدار العقود الثلاثة الماضية، أدت إقامة اقتصاد السوق في الصين وتحسينه إلى زيادة كبيرة في الإنتاجية. وأضاف أن الصين توفر للعالم إمدادات كافية من السلع المصنعة، الأمر الذي يلعب دورا جوهريا في الحد من التضخم في عالم يشهد سيولة مفرطة.

إصلاح هيكلي يضفي قوة واستقرارا على الاقتصاد العالمي:

يعد منح السوق دورا أكبر في الاقتصاد أمرا ضروريا في جهود الصين الرامية إلى تحويل نمط نموها الاقتصادي وحفز الإنتاجية والكفاءة.

وقد تعهد قادة صينيون بإحداث ثورة في نمط النمو الحالي، الذي يعتمد بشدة على بيع السلع المصنعة رخيصة الثمن إلى دول أخرى وإنفاق المليارات على البنية التحتية.

وقال الرئيس الصيني هو جين تاو في تقريره إلى المؤتمر ال18 للحزب الشيوعي الصيني "يجب علينا الإسراع في تشكيل نمط نمو جديد، وضمان أن يعتمد النمو على جودة وأداء أفضل"، مضيفا أن الصين تعتزم السعي إلى أن تصبح عملاق تكنولوجيا مبتكرة، في حين ينتقل التصنيع منخفض التكلفة إلى أماكن عديدة.

يهدف نمط النمو الاقتصادي الجديد إلى السماح للصين برفع سلسلة القيمة وجعل الاستهلاك المحلي ركيزة أساسية لاقتصادها، ما يعطي زخما قويا للاقتصاد الصيني الذي بات بطيئا بالفعل وسط الانكماش الاقتصادي العالمي.

وبما أن الصين تعد محركا رئيسيا للنمو العالمي، فقد يترك الإصلاح الاقتصادي الناجح فيها تأثيرا كبيرا على باقي دول العالم.

ويرى أندي روثمان، الاقتصادي المعني بشؤون الصين في مجموعة "سي أل أس أيه لأسواق منطقة آسيا- الباسيفيك" ومقرها في شانغهاي، يرى أن هذا أمر جيد في الحقيقة بالنسبة للاقتصاديات الأكثر تقدما مثل ألمانيا أو الولايات المتحدة، والتي تصدر ميكنة أكثر تطورا وتقننة إلى المصانع الصينية.

وفضلا عن شهيتها المتزايدة للتكنولوجيا الفائقة، والتي توفر فرص التعاون الجديدة على المستوى الدولي، تعد السوق المحلية الصينية الشاسعة عامل استقرار ضخم للاقتصاد العالمي.

وفي هذا السياق، قال الاقتصادي الصيني الشهير وو جينغ ليان إن التأثير الأكثر أهمية لإصلاح الهيكل الاقتصادي للصين بالنسبة للاقتصاد العالمي يتمثل في أن الصين سوف تتحول على الأرجح مما يوصف بمصنع العالم والمصدر الكبير إلى أكبر سوق استهلاكي ... سوف تصبح قوة مهمة في المحافظة على نمو مطرد ومستقر للاقتصاد العالمي.

وكانت مجموعة "مورغان ستانلي الصين" قد توقعت "عقدا ذهبيا" للاستهلاك الصيني، وقالت إنه بحلول عام 2020 سوف يرتفع إجمالي مبيعات التجزئة للصين إلى ما يعادل ثلثي نظيره في الولايات المتحدة، وسوف يمثل 12 بالمائة من الإجمالي العالمي.

وتشير توقعات إلى أن الحضرنة المستمرة في الصين على وجه الخصوص سوف تؤدي إلى تضييق فجوة الدخل بين سكان الريف والحضر، وتطلق العنان للطلب الكامن لدى كثير من الأشخاص غير المحصنين اجتماعيا نحو الإنفاق بحرية.

وتوقع خبراء أن يصل عدد سكان الحضر في البر الرئيسي الصيني، والذي تجاوز عدد سكان الريف في نهاية عام 2011 فقط، يصل إلى 70 بالمائة من إجمالي عدد السكان في عام 2040.

ومن المرتقب أن تزداد باضطراد مشتريات سكان الحضر من الأجهزة المنزلية والسيارات ووثائق التأمين ومنتجات التسلية. وقد تحتاج سلطات المدن إلى توفير خدمات عامة مثل أنظمة النقل الجماعي ومحطات الطاقة ومعدات الاتصالات.

وفي هذا الصدد، أوضح جفري بادر، الباحث وزميل "مؤسسة بروكنغز" والمدير السابق لقسم شؤون آسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أوضح أن عددا من الدول والشركات حقق عدة منافع ضخمة من التجارة مع الصين، التي أصبحت لاعبا مهما في نظام التجارة العالمي.

وقد تمكنت الصين عبر الإصلاحات من تحقيق معجزة اقتصادية، إذ سجلت معدل نمو سنوي بنسبة 10.7 بالمائة في الفترة بين عامي 2003 و2011، وهي نسبة تزيد كثيرا على معدل النمو العالمي الذي بلغ 3.9 بالمائة في الفترة ذاتها. وتجاوزت مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي نسبة 20 بالمائة.

وفضلا عن هذا، قدمت الصين عبر تجربتها التنموية واستثماراتها الدولية وتكنولوجيتها سهلة المنال نسبيا، قدمت مساعدة كبيرة للتنمية في دول ما تزال في المراحل الأولى من عملية التصنيع.

وليس من المبالغة القول إن نهج الإصلاح الحالي سوف ينقل الصين بدرجة أكبر نحو تنمية أكثر استدامة وتنسيقا وتوازنا، ويعطيها دورا أكبر في حفز النمو الاقتصادي العالمي.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي