CRI Online

بعض الصور والملامح لجوانب حياة المسلمين في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة والتي تقع في شمال غرب الصين

cri       (GMT+08:00) 2013-02-20 10:17:26

حنان: أعزائي المستمعين السلام عليكم يسرني أن ألتقي معكم مرة أخرى في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي "صور من المجتمع"، الذي يكشف أنماطا وصورا اجتماعية وحياتية، ويسلط الضوء عليها ويناقشها من زاوية العادات والتقاليد الصينية ويبين الآراء حولها. وفي الحلقتين الماضيتين، قدمنا لكم بعض الصور والملامح لجوانب حياة المسلمين في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة والتي تقع في شمال غرب الصين، وفي الحلقة اليوم نواصل جولتنا في تلك المنطقة مع مراسل إذاعتنا زميلي آدم شي جينغ لاكتشاف الجديد.

حنان: يوجد في الصين حاليا عدد كبير من دارسي اللغة العربية وخاصة في المناطق المكتظة بالمسلمين، وبعد إتمامهم الدراسة، يعملون في مختلف المجالات باعتبار اللغة العربية وسيلة هامة في أعمالهم. وفي منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة التي كانت موقعا هاما على طريق الحرير القديم، يقبل المزيد من الشباب على دراسة اللغة العربية مع نمو العلاقات الصينية العربية خلال السنوات الماضية، لذلك يُطلق على هذه المنطقة اسم مهد دارسي اللغة العربية.

وفي حلقة اليوم نعرفكم ببعض المسلمين من منطقة نينغشيا والذين يجيدون اللغة العربية، لنقترب منهم ونتعرف على مسيرتهم لتحقيق أحلامهم.

في مركز مدينة يينتشوان حاضرة منطقة نينغشيا يقع مبنى جديد وعال هو مبنى التجارة الإسلامية الدولية الذي تم بناؤه عام 2011، و يؤمه يوميا عدد كبير من الزوار المحليين والأجانب. وفي هذا المبنى تعمل بطلة قصتنا اليوم السيدة نا هوي بينغ التي تجيد اللغة العربية.

درست نا هوي بينغ اللغة العربية في إحدى مدارس يينتشوان، وبعد تخرجها قبل عشر سنوات سافرت بمفردها إلى الإمارات العربية المتحدة للبحث عن فرص لبدء أعمالها الخاصة، ولكن بسبب نقص الخبرات والعلاقات الاجتماعية، واجهت صعوبات كبيرة في بداية وصولها إلى ذلك البلد العربي، وقالت نا هوي بينغ:

"لم يكن لدي أي صديق أو قريب في الإمارات، وأصبت بمرض خطير، كنت أقلق كثيرا، هل أستطيع مواجهة هذه الصعوبات، ومن سيودعني إذا توفيت هنا بعيدة عن الوطن، وأيقنت حينها أني لن أنجح دون الدعم المالي الحكومي."

ثم عادت السيدة نا هوي بينغ إلى الصين وسعت إلى الحصول على المساعدة والدعم من الجهات الحكومية المعنية، وبفضل جهودها المستمرة، أسست شركة "سليمة" المحدودة لحاجات المسلمين عام 2009. وشهدت الشركة تطورا كبيرا خلال هذه السنوات حيث أفتتحت عدة فروع لها في مقاطعة تشجيانغ ومدينة قوانغتشو، كما أنشأت معارض لحاجات المسلمين في دبي وماليزيا، الأمر الذي شكل شبكة كاملة لبيع المنتجات ذات خصائص نينغشيا.

بصفتها سيدة أعمال شاركت نا هوي بينغ في ثلاث دورات متتالية لمنتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية الذي يعقد في منطقة نينغشيا وقالت إن المنتدى وفر لها مساحة أوسع وفرص أكثر لتطوير شركتها، وعند حديثها عن التغيرات التي شهدها المنتدى خلال هذه السنوات قالت نا هوي بينغ:

"عندما عقدت الدورة الأولى للمنتدى، ابتعثتني الحكومة إلى الخارج، وكان الأجانب لا يعرفون نينغشيا، وفي الدورة الثانية، عرف الكثير من الأجانب منطقة نينغشيا ومدينة يينشتشوان، ولكنهم لم يجدوا مجالات مناسبة للتعاون معنا، والحالة تختلف تماما أثناء الدورة الثالثة حيث لاحظت بصفتي سيدة أعمال اهتمام الدولة بالمناطق المكتظة بأبناء الأقليات القومية ودعمها لها، وأنا واثقة من أن نينغشيا ستشهد المزيد من التطور في المستقبل."

هذا وقد وافق مجلس الدولة الصيني على إنشاء منطقة معفاة من الرسوم الجمركية في نينغشيا خلال الدورة الثالثة لمنتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية، وبذلك أصبحت مدينة يينتشوان من المناطق الأكثر انفتاحا في الصين. لم تضيع السيدة نا هوي بينغ الطموحة هذه الفرصة السانحة وخططت لتصدير المنتجات الإسلامية وتحسين تغليفها وبدء التعاون مع المواقع الالكترونية المحلية والأجنبية لتشكيل خط إنتاج صناعي متكامل للمنتجات الإسلامية.

"أمامنا فرص كثيرة بفضل منتدى التعاون الصيني العربي، وتواجه منطقة نينغشيا حاليا فرصة نادرة جدا لتحقيق تقدم كبير. أنا على يقين أن المزيد من الأجانب سيأتون إلينا تلقائيا للبحث عن فرص تعاون معنا بدلا من خروجنا للبحث عن فرص تعاون معهم."

ومثل السيدة نا هوي بينغ، يجيد السيد تشانغ هونغ بين اللغة العربية أيضا، واختلافا عن سيدة الأعمال نا فإن تشانغ هونغ بين البالغ من العمر 40 عاما قد وهب نفسه لقضية الدين الإسلامي، وذلك يشعره بالهدوء والارتياح حسب تعبيره.

يتلو تشانغ هونغ بين القرآن الكريم أثناء صلاة الفجر، ويؤدي الصلاوات الخمس المفروضة يوميا، وقد عاش هكذا لأكثر من ثلاثين عاما. ولد تشانغ هونغ بين في أسرة مسلمة، واستمع إلى شرح جده للقرآن الكريم في المسجد منذ صغره، ومنذ ذلك الوقت أحب اللغة العربية واعتبرها ساحرة وجميلة. وعندما ترعرع التحق تشانغ هونغ بين بالمعهد الإسلامي بمنطقة نينغشيا لدراسة اللغة العربية، وبعد تخرجه بدأ يعمل في الجمعية الإسلامية بالمنطقة، ومن أهم أعماله تنظيم أفواج الحجيج المسلمين للتوجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، وعند حديثه عن عمله قال تشانغ هونغ بين للمراسل إنه يشعر بالاعتزاز بصفة مسلم صيني، لأنه نال احتراما واهتماما من قبل الأصدقاء المسلمين في السعودية، وبهذا الصدد تحدث لمراسلنا آدم شي جينغ عن أمر بسيط حدث له في السعودية ولكنه لن ينساه أبدا.

"في ذلك اليوم كنت أسوق السيارة متجها إلى مدينة جدة، ولكن الإطار انفجر فجأة، وصادف ذلك اليوم يوم الجمعة وكانت معظم محلات التصليح مغلقة، وفي الأخير وجدت محلا مفتوحا، سعدت كثيرا وتبادلت معهم التحية بالأسلوب الإسلامي: السلام عليكم، وصلحوا الإطار رفضوا أن يقبلوا أي مقابل لأننا مسلمون من الصين. ترك هذا الأمر انطباعا عميقا في ذهني، وتأثرت به كثيرا."

مرت ثلاثون عاما منذ تعرفه على اللغة العربية، وقال تشانغ هونغ بين إن اللغة العربية جلبت له تغيرات كثيرة، حيث تثبت إيمانه بعد قراءة النسخ الأصلية للكتب العربية، كما خرج من بوابة الوطن باستغلال اللغة العربية كوسيلة للتبادل وتوسع أفاق معارفه، بفضل إجادته اللغة العربية لم يرتفع مستوى معيشته فحسب، بل أصبح سفيرا للتبادلات الصينية العربية، ولكن أكبر التغيرات التي طرأت عليه بفضل اللغة العربية هو التغير الفكري:

"أكبر تغيراتي هو التطور في المجال الفكري، حيث تحولت من مسلم بالوراثة إلى مسلم بالإختيار، وتعرفت على عظمة الإسلام ومعناه الحقيقي، كما أدركت حقيقة أن الأديان تؤدي إلى تطور الدول."

تلقب محافظة تونغ شي ببلدية وو تشونغ في منطقة نينغشيا ب"مكة الشرقية" بظروفها الإسلامية الصارخة، وفي مسجد تونغ شي الذي يعتبر أقدم المساجد تاريخا في منطقة نينغشيا يعمل إمام شاب اسمه قاو هاي دونغ البالغ 27 من عمره.

قبل عشر سنوات عندما تخرج قاو هاي دونغ من مدرسة محلية تعلم اللغة العربية وصل إلى مدينة يي وو بمقاطعة تشجيانغ للعمل في شركة صغيرة، ثم سافر إلى مقاطعة هاينان ليعمل في تجارة المواد الخشبية بالتعاون مع الأصدقاء، وأخيرا أسس شركته الخاصة في مقاطعة قوانغدونغ اعتمادا على جهوده الشخصية. وتحسنت ظروف حياته تدريجيا بفضل جهوده الدؤوبة، ولكنه شعر بنقص في أداء واجباته الدينية بسبب انشغاله بالعمل سنوات طويلة، لذلك قرر العودة إلى مسقط رأسه عام 2008، وبدأ يعمل في المسجد كإمام.

"علينا نشر المعارف التي نجيدها للأخرين حسب أوامرالقرآن الكريم، والآن يأتي كل يوم العشرات من المسنين إلى المسجد للاستماع إلى شرحي للقرآن الكريم، هذا شيء جميل ومشجع بالنسبة لي."

قال قاو هاي دونغ للمراسل إنه شهد بعيونه تحسن معيشة المواطنين خلال السنوات الأخيرة، حيث يمتلك الكثير من الناس شركاتهم الخاصة والمنازل الجديدة والفاخرة. وفي الوقت الحالي لم تكن محافظة تونغ شي مكانا دينيا فقط، بل تطورت إلى موقع سياحي وتجاري، وتطلعا إلى أحلامه في المستقبل قال هذا الإمام الشاب:

"أمنيتي هي مواصلة الدراسة خارج البلاد، وأتمنى أن أتعلم المزيد قدر الإمكان في شبابي. كما أتمنى زيارة السعودية لأنها مكان مقدس في قلوب المسلمين، وبالإضافة إلى ذلك، أتمنى أن يسلك أولادي طريق الإسلام أيضا، ويواصلوا الدراسة في الخارج بعد ترعرعهم لتقديم مساهمات للوطن والدين."

يقول مثل صيني إن المعلم مهندس لروح البشرية، ويقول المثل العربي من علمني حرفا كنت له عبدا.

كلنا نعرف أهمية المعلمين بالنسبة لأي أمة ودولة فإنهم عمود المجتمع وأساس تقدم الوطن، ومنارة لتنوير ذكاء البشر، الآن أيها الأحباء نعرفكم بأستاذ للغة العربية، عاش في ليبيا عدة سنوات وكان أستاذا في جامعة هناك، ورغم المكانة الاجتماعية المحترمة والرواتب العالية قرر العودة لتقديم مساهماته للوطن الأم، والآن يعمل في مدرسة نينغشيا الدولية للغات، اسمه يانغ تشونغ فو.

يصل الأستاذ يانغ تشونغ فو في الساعة الثامنة والنصف كل صباح إلى المدرسة لتعليم اللغة العربية، وقد عمل في هذه المدرسة لثماني سنوات، وقال إنه يشعر بالارتياح والسرور للبقاء مع التلاميذ. كان الأستاذ يانغ تشونغ فو البالغ من العمر50 عاما قد وُفد إلى الجامعة الإسلامية الرسمية الليبية بعد تخرجه من الجامعة بفضل تفوقه في الدراسة، وبقي في تلك الجامعة بعد الحصول على شهادة الدكتوراه وعمل فيها كمعلم. ومع مرور الأيام اشتد شوقه وحنينه إلى الوطن الأم، لذلك ترك حياة الرفاهية هناك وعاد إلى مسقط رأسه بلا تردد. والآن يعمل كمعلم للغة العربية لمساعدة الشباب الطموحين لتحقيق أحلامهم، وقال الأستاذ يانغ تشونغ فو:

"أصبح عالمنا اليوم قرية، ويستغرق السفر من بكين إلى دبي ساعات فقط، لذلك فإن التعارف والتعاون مهمان جدا، العرب يحتاجون إلى مساعدة الصينيين، والصينيون يحتاجون إلى دعم الأصدقاء العرب، أنا فخور بأنني أعمل كجسر صداقة يربط بين الصين والدول العربية، أتمنى أن يساهم تلاميذي في خدمة الشعبين الصيني والعربي."

يقول الأستاذ يانغ تشونغ فو للتلاميذ دائما أثناء المحاضرات إن الجهل كارثة وإن المعارف روح الأمة وأساس نهوضها.

تخرجت دفعة تلوى الأخرى من طلاب المدرسة متجهين إلى مختلف المجالات، بعضهم خرج من البلاد لمواصلة الدراسة، وبعضهم أصبحوا رجال أعمال ناجحين وبعضهم الآخر سلكوا طريق أستاذهم وأصبحوا معلمين للغة العربية.

ستتخرج دفعة أخرى من الطلاب بعد أشهر، وسيبدأون مسيرة جديدة في حياتهم حاملي أحلامهم الجميلة، وهم متفاءلون تجاه المستقبل.

"أتمنى أن أسافر إلى العراق أو السودان بعد تخرجي لأن هناك كثير من الشركات تحتاج إلى مترجمين."

"أتمنى أن ألتحق بجامعة الملك سعود لمواصلة دراسة اللغة العربية، وأتمنى أن أؤدي الحج في مكة. "

"أتمنى أن أصبح معلما متفوقا للغة العربية."

حنان: هكذا أصدقائي الأحباء، نصل وإياكم إلى ختام حلقة اليوم من برنامجنا الأسبوعي صور من المجتمع، وبهذا تكون نهاية جولتنا في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة بمناسبة حلول العام الجديد، أتمنى أن تكون هذه السلسلة قد نالت أعجابكم، ونتعشم استقبال آرائكم وملاحظاتكم عبر البريد العادي أو الإلكتروني، ولمزيد من المواضيع الرائعة زوروا موقعنا على شبكة الانترنت على العنوان: Arabic.cri.cn، تقبلوا مني ومن كل العاملين بالقسم العربي بإذاعة الصين الدولية أحر التحيات وأطيب التمنيات، وإلى اللقاء.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي