CRI Online

خبير عربي بأمور الصين في شارع شياوبي

cri       (GMT+08:00) 2013-09-16 16:29:22

البرنامج الخاص:من حلم إلى حقيقة- قصص الأجانب في الصين
مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم يسرنا ان يتجدد لقاؤنا في حلقة جديدة من برنامج "صور من المجتمع" الذي يأتيكم كل أسبوع عبر أثير إذاعة الصين الدولية، معكم اليوم صديقتكم فائزة تشانغ لي، وفي الحلقتين الماضيتين قدمنا لكم بعض قصص العرب المقيمين في مدينة قوانغتشو جنوب الصين، وفي حلقة اليوم سنعرفكم بشاب سوداني يجيد اللغة الصينية يعمل ويعيش في قوانغتشو.
الساعة الثامنة صباحا يكون وقت الذروة لحركة المرور في قوانغتشو ومعظم الشوارع مزدحمة بالناس والسيارات. وقف الشاب السوداني أسعد همزة في محطة الأوتوبيس لمدة ربع ساعة، ويركب الأوتوبيس رقم 297 هنا إلى مكان عمله كل يوم. قد عاش مثل هذه الحياة لتسع سنوات. ولكن اليوم هو مستجعل لأنه سيلتقي بزبون مهم جدا، ولضمان الوصول إلى المكتب في الموعد قرر أن يشغل عربة تاكسي.
يوجد معظم التجار العرب المقيمين في قوانغتشو في منطقة شارع شياوبي بحي يويشيو، لذلك أطلق المحليون على شارع شياوبي اسم "شارع العرب" أيضا، ومثل رجال الأعمال العرب الأخرين اختار أسعد شارع شياوبي كمكان عمل له حيث استأجر مكتبا في مبنى يدعى وانتساي بهذا الشارع .
وصل أسعد في الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى مكتبه الموجود في الطابق السابع في هذا المبنى مستهلا عمله لهذا اليوم.
جاء أسعد إلى الصين قبل 11 عاما لتعلم اللغة الصينية، وبعد إكمال دراسته وصل إلى مدينة قوانغتشو بدعوة من أحد أصدقائه الذي يمتلك شركة في قوانغتشو، ولم يتوقع أنه سيستقر في هذه المدينة منذ ذلك الوقت، والآن مرت تسع سنوات وحول انطباعاته عن قوانغتشو قال أسعد للمراسل:
"قوانغتشو مدينة مناسبة جدا للعمل التجاري، إنها متسامحة والفرص متوافرة، والأسواق منفتحة وشاملة. كل الناس مهما كانت جنسياتهم وقومياتهم وثقافتهم، يختار قوانغتشو للقيام بالتجارة فيها."
تعتبر مدينة قوانغتشو ميناء تجاريا مهما في الصين منذ القدم وكانت لها تبادلات كثيفة مع الدول العربية، وبعد الإصلاح والانفتاح على الخارج عام 1978 جذبت قوانغتشو بفضل موقعها المميز مجموعة كبيرة من التجار الأجانب للبحث عن فرص تجارية. وقال رئيس الجمعية الإسلامية في قوانغتشو السيد عبد الله محمد وانغ ون جيه إن عدد التجار العرب الموجودين حاليا في قوانغتشو يصل إلى أكثر من ستين ألف شخص، معتبرا أن العرب قد فتحوا قناة تجارية شعبية تكميلا للتبادلات التجارية الحكومية.
"يجذب معرض قوانغتشو الذي يُنظم مرتين كل سنة عددا كبيرا من العرب وغيرهم من المسلمين للمشاركة في البناء الاقتصادي الصيني، وإلى جانب ذلك يقوم المزيد من العرب بإنشاء مصانع وشركات في قوانغتشو، حيث يعتبرون قوى دافعة كبيرة لاقتصاد قوانغتشو واقتصاد الصين واقتصاد العالم بأسره، والمساهمات التي يقدمها العرب لا تمحى أبدا."
في صباح كل اليوم يصل أسعد إلى المكتب، يفتح الكومبيوتر، يعالج الايميل وهو يستمع إلى الراديو ويشرب القهوة، لقد تعود على مثل هذه الحياة. رغم أنه لا يفهم لهجة قوانغندونغ لكنه يحاول أن يعيش مثل المحليين.
تتركز معظم أعمال أسعد في الصباح لذلك فإنه مشغول جدا في هذا الوقت، حيث يرد على الايميلات من الزبائن ويكتب تقرير العمل للشركة الرئيسية التي يقع مقرها في الخرطوم بالسودان، وعليه أن يتابع أحوال الخدمات اللوجستية أيضا. طبعا لم ينس أهم أعماله هذا الصباح أي اللقاء مع زبونة صينية مهمة.
"نناديه دائما باسمه المدلل دونغ دونغ، هاها، أعتقد أنه شخص طيب ومؤدب."
إنها السيدة هوانغتسي الزبونة المهمة التي يتلقي بها اليوم أسعد، وقد تعرفت على أسعد منذ أكثر من سنة، وتأثرت بحماسة وصدق هذا الشريك السوداني الذي يعتبر خبيرا بأمور الصين. 
"هو صادق جدا ويساعدني بقدر الإمكان، ويعرف آداب وتقاليد الصين حيث يقدم لنا التحية بمناسبة عيد الربيع كل سنة، وهو كريم حيث يدعونا كثيرا لتناول الطعام. رغم أننا شريكان في العمل ولكننا صديقان جدا."
شهدت شركة أسعد خلال السنوات التسع الماضية تغيرات كبيرة حيث كانت أعمالها تتركز في البداية على الملابس والحاجات اليومية ثم تحولت إلى مواد البناء، وتعمل في الوقت الحالي في مجال الاستشارات الاستثمارية، وتماشيا مع تغير الوضع الاقتصادي الصيني والعالمي ودخول المزيد من رجال الأعمال الأجانب إلى قوانغتشو، تزداد الضغوط التنافسية التي يواجهها أسعد يوما بعد يوم.
"التغيرات في السنوات الماضية كبيرة، حيث ارتفع سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار من 2 إلى 7، ما يؤثر على التجارة الخارجية، وبالإضافة إلى ذلك انخفضت الواردات السودانية بسبب الاضطرابات في بعض المناطق، كما ارتفعت أسعار البضائع في قوانغتشو، وارتفعت التكاليف المعيشية."
توجه المزيد من السوانيين إلى الصين للبحث عن فرص عمل نظرا للنمو الاقتصادي الصيني السريع وانكماش الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى اضطراب الوضع السياسي المحلي، كما ظهرت حمى اللغة الصينية في السودان خلال السنوات الأخيرة. لقد استفاد أسعد من تعلم اللغة الصينية، ويخطط الآن لمساعدة أخوين له لتعلم اللغة الصينية في جامعة ببكين.
"تعتبر الصين ثاني اقتصادات في العالم، و99% من البضائع Made In China، وتلقي اللغة الصينية إقبالا كبيرا في السودان، والكثير يرغب في تعلم اللغة الصينية في الصين، لأن فرص العمل متاحة أكثر اذا كنت تجيد اللغة الصينية."
بفضل ظروفها التجارية الجيدة وحركة المرور السهلة والظروف الإنسانية المنفتحة والواسعة الصدر، أصبحت مدينة قوانغتشو مكانا مفضلا لدى الأجانب وخاصة العرب للبحث عن فرص تنموية والسعي إلى تحقيق الذات. وقال نائب رئيس مجلس الجاليات العربية في قوانغتشو السيد سميح قرقش لمراسلنا إن الكفاءة العالية والإدارة القوية للحكومة الصينية جذبت عددا ضخما من رؤوس الأموال الأجنبية التي تضفي حيوية جديدة لهذه العاصمة الدولية.
"نرى السهولة في المعاملات وفي ترخيص الشركات، السهولة في سير البضائع، السهولة في الشحن، السهولة في تجهيز الأوراق... لأن الدولة والحكومة تسهل المعاملات، فتجد السهولة في المعاملة مع المصنع... فعلا الحكومة تسهل وتوفر بيئة سهلة واسعة مريحة للاستثمار، والله الصينيون أصبحوا يسبقون العالم كله في إدارة الاستثمار وإدارة الاقتصاد، الدليل أن الصين قبل ثلاث أو أربع سنين أصبحت قوة اقتصادية ثانية في العالم، هذا يعني أنها تسير بسرعة وبخطوات سريعة. "
لا يشعر أسعد بالوحدة رغم أنه يعيش بمفرده في قوانغتشو لمدة طويلة، حيث يتجمع مع عدد من أصدقائه السودانيين لتجاذب أطراف الحديث أو يلعب معهم "ما جونغ" – لعبة صينية تشبه الدومينو، وأفضل شيء في قوانغتشو بالنسبة لأسعد هو انتشار المطاعم العربية لأن الطعام العربي يخفف شوقه وحنينه لوطنه وأهله.
"تناول الطعام في قوانغتشو سهل بالنسبة لنا، يمكنك أن تجد مطعما عربيا بعد كل مائة متر في الشارع، انظر هذا الشارع يوجد على طوله حوالي ستة أو سبعة مطاعم إسلامية أو أمريكية أو بريطانية أو برازيلية."
لم يتوقف أسعد عن العمل رغم أنه الآن في شهر رمضان، وعادة ما يعود إلى السودان خلال مناسبة عيد الربيع في الصين لأن كل الصينيين يكونون في إجازة في ذلك الوقت. وقال أسعد للمراسل إن هناك رحلات جوية كثيرة كل يوم من قوانغتشو إلى الخرطوم عبر الخطوط الإماراتية والقطرية والأثيوبية والمصرية والسعودية، ولم يشعر بالمرة بأنه بعيد عن وطنه.
انتهى أسعد من عمله الساعة السادسة مساءا، وصل كالعادة إلى مقهى في الهواء الطلق في شارع هوانشيتشونغ، حيث يدخن الشيشة لتخفيف التعب والتمتع ب"نكهة الوطن"، ويشاهد قناة الجزيرة على شاشة التلفزيون ويدردش مع أصدقائه العرب، يشعر كأنه الآن في بلده. 
"قوانغتشو مثل بيتي، لا أستطيع الانفصال عنها الآن."
هكذا أعزائي المستمعين نصل وإياكم إلى نهاية حلقة اليوم من برنامجنا الأسبوعي"صور من المجتمع"، تعرفنا خلال هذه الحلقة على شاب سوداني حقق أحلامه في مدينة قوانغتشو، أتمنى أن تكون هذه الحلقة قد نالت إعجابكم، كانت معكم في الإعداد حنان لي جيوان والمنتاج آدم شي جينغ وأنا فائزة تشانغ لي في التقديم، تقبلوا منا أحلى التحايا وأطيب المنى وإلى اللقاء.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي