CRI Online

حلم لطفي مقدم في طريق الحرير

cri       (GMT+08:00) 2014-08-27 14:46:21


حديقة تضاريس دانشيا بتشانغيه

لطفي: مستمعينا الأعزاء أهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم صور من المجتمع والذي اعتدنا على اللقاء بكم من خلاله لنتكلم عن مواضيع نختارها من الحياة الاجتماعية في الصين والدول العربية لتكون جسرا لنشر الثقافات العربية والصينية والذي يقرب بين وجهات النظر لتكون رسالة محبة وسلام بين الشعوب عبر أثير إذاعة الصين الدولية معكم في الأستوديو هارون يان وأنا لطفي مقدم، مرحباً هارون.

هارون: أهلاً بك يا صديقي. كيف حالك بعد رحلة طويلة قمت بها لمقاطعة قانسو؟

لطفي: استغرقت رحلتي حوالي أسبوعين، حيث زرت خمس مدن في هذه المقاطعة، وكان يمرها طريق الحرير خلال العصور القديمة. وبالإضافة إلى العديد من الآثار العريقة، زرتُ أيضا المناطق الصناعية وخاصة الأراضي المستصلحة التى تستخدم اليوم للزراعة.

هارون: واووووو، رحلة رائعة. وتقع مقاطعة قانسو في شمال غربي الصين. كم ساعات لمدة السفر من العاصمة بكين إلى حاضرة المقاطعة على متن الطائرة؟

لطفي: رحلة تدوم حوالي ساعتين والنصف من مطار بكين.

هارون: للأسف، لم أزر هذه المقاطعة حتى الآن. وأنت شخص محظوظ، يا صديقي.


أطلال مدينة سويانغ القديمة

لطفي: نعم، إنها أول زيارة لي لمقاطعة قانسو والتي صادفت انعقاد فعاليات اللقاء حول طريق الحرير وعلی الريادة التي سوف تلعبها المنطقة في إنجاح التحديات التي تواجه الصين من أجل تحقيق الحلم الصيني وعلی أهمية طريق الحرير في أن يصبح ديناميكية جديدة لقارة آسيا علی طريق الكسب المشترك. وتمثل قانسو هذا التحدي من خلال موقعها الجغرافي وإرثها التاريخي.

كان إحساسي جميل وقدمي تقع لأول مرة علی أرض هذه المقاطعة التي تمنيت أن أزورها وذلك من خلال تصفحي لبعض الكتب والمقالات التي تتحدث عنها، وكم زاد إعجابي وأن أشاهد صورا لمناظرها الخلابة وتاريخها التي لا يوجد لها مثيل في العالم، ومواقعها التاريخية التي تشهد علی التنوع العرقي الذي استطاع أن يعيش في هذه الجغرافية الفريدة ليكتب بذلك أجمل الصفحات التاريخية الصينية.

بداية سفرنا في مقاطعة قانسو كانت لانتشو في اتجاه وووي، وكم كان هذا الطريق يؤكد علی الدور الريادي لهذه المقاطعة، بنايات ضخمة ورشات بناء كبيرة وكثيرة علی ضفاف النهر الأصفر الذي يعطي للمدينة رونقا وجمالا، ناطحات سحاب طرق كبيرة وعلى جانبها شريط أخضر يزين النظر.

هارون: ما هو طريق الحرير في ذهنك قبل هذه الرحلة؟

لطفي: في البداية، كنت أظن أنه طريق لنقل الحرير والشاي والآنية الخزفية من الشرق إلى الغرب خلال العصور القديمة، وطبعا، أعرف أنه طريق للتبادلات التجارية والثقافية باعتباره جسر صداقة بين شعوب الدول الواقعة على امتداد هذا الطريق.

هارون: وبعد هذه الرحلة، هل لديك معرفة جديدة عن هذا الطريق؟


معبد تشانغيه الكبير

لطفي: كان لطريق الحرير تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصينية والحضارة المصرية والهندية والرومانية حتى أنها أرست القواعد للعصر الحديث. يمتد طريق الحرير من المراكز التجارية في شمال الصين حيث ينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي. يمرّ الفرع الشمالي من منطقة بلغار- كيبتشاك وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولاً بالبندقية. أمّا الفرع الجنوبي فيمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال إفريقيا.

أما في العصر المعاصر، يبعث طريق الحرير روحا جديدا وأهمية هامة، إذ وضع الرئيس الصيني شي جين بينغ مفهوم "حزام واحد وطريق واحد" للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين خلال زيارته لوسط آسيا وجنوب شرق آسيا على التوالي في 2013، مما يفتح بابا واسعا لإحياء طريق الحرير ودفع التعاون والتبادل بين الصين والدول على طول طريق الحرير القديم الذي يمتد من آسيا إلى أوربا.

هارون: عرفتُ أنك زرت خمس مدن خلال هذه الرحلة، ما هو دورها في طريق الحرير؟

لطفي: مثلا، تعتبر تشانغيه من المدن التاريخية والثقافية في الصين. هي تقع في الشمال الغربي لمقاطعة قانسو، وسط رواق قانسو. وهي تلعب دوراً هاما في طريق الحرير وهي محطة مهمة في الجسر البري الأورواسي الجديد. تبلغ مساحة المدينة حوالي 40874 كلم مربع.

تشانغيه تملك مناظر طبيعية خلابة فهي تملك الصحراء والواحاة، السهول، الأراضي الطبيعية الخصبة وغابتها كثيفة وجميلة.

إن زيارتنا لهذه المدينة أكدت لنا علی القدرات التي تتمتع بها مدينة تشانغيه مثل شاندان بسهولها ومروجها وتلالها الراعوية وأيضا بحصانها الفريد من نوعه.

ومن خلال زيارتنا للحضيرة الجيولوجيا الوطنية لدانشيا بتشانغيه التي تقع علی بعد 30 كلم شرق المدينة، إن حضيرة دانشيا لها تضاريس وتلال ملونة فريدة من نوعها، وفي عام 2005 اعتبرت تضاريس دانشيا من 7 الأجمل تضاريس لدانشيا في الصين. وفي عام 2011 تم اعتبارها واحدة من العشرة ظواهر جيولوجيا الأكثر جمالا في العالم من قبل مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" الأمريكية. لقد انتابنا إحساس فريد من نوعه عند مقابلاتنا لهذا الجمال الطبيعي في التلال الملونة. إن مدينة تشانغيه لها الإمكانيات الطبيعية الكافية لكي تكون قطبا سياحيا من الدرجة الأولى علی طريق الحرير.

ومثل مدينة تشانغيه، تلعب مدينة جيوتشيوان دورا مهما أيضا في طريق الحرير. وتبسط علی الربع الغربي من المقاطعة. وتبلغ مساحتها حوالي 191342 كلم مربع، أغلب مناطقها قاحلة وصحراوية، فهي تقع في رواق خشي الذي يعبر المنطقة من الغرب إلی الشرق محاطة بالجبال والوحات التي كانت تعتبر طريقا مهما في طريق الحرير، وهي اليوم تلعب نفس الدور في منطقة آسيا الوسطى من خلال الطريق الوطني 312 الذي يربط شنغهاي بشينجيانغ ويكمل إلی كازاخستان.

جيوتشوان هي مدينة جميلة تشبه الكثير من المدن الأوروبية بمعمارها الذي لا يحوي علی ناطحات سحاب وبنيات شامخة، فالذي شدا انتباهنا هو اللون الأخضر الذي يزين كل شوارع المدينة وأيضا زرقة السماء والطرق العريضة والأزهار التي تزين كل المساحات الخضراء.

اتجهنا في زيارة خاصة لحديقة جيوتشوان الجميلة التي تعتبر من الحدائق المفتوحة طول السنة وبدخول حر للزوار وخاصة لسكان مدينة سوتشو ليبقوا علی اتصال دائم مع تاريخهم.

فالحديقة تروي قصة أصل تسمية المقاطعة، وذلك يعود إلی فترة أسرة هان الملكية 156 سنة قبل الميلاد أين اتخذت اسم جيوتشوان أو منبع الخمور.

إن الجزء المركزي للحديقة يخلد ذلك عبر تماثيل منحوتة تروي كيف أن الجنرال هوه تشيوي بينغ الذي فاز بالحرب ضد جيوش شيونغنو، وليتقاسم فرحة الفوز مع جنوده تقاسم النخب مع جنوده عبر هذا المنبع فصارت تسمى منبع الخمور.

الحديقة تتمتع أيضا بمساحة خضراء وأزهار والجزء الكبير مخصص لزهرة اللوتس فهو مثل ديكور إستيديو تصوير خارجي يتاوفدو الزوار علی التصوير فيه.


تذوق الأطباق المحلية في وووي

وتعتبر مدينة جيوتشوان منطقة خاصة في مقاطعة قانسو حيث ترفع تحديات كبيرة علی طريق التنمية الشاملة واسترجاع دورها التاريخي عبر طريق الحرير.

وأدرجت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) "طريق الحرير" الذي يربط بين كل من الصين وقازاقستان وقيرغيزستان إلى قائمة التراث العالمى في الدورة الـ 38 للجنة التراث العالمي. هل زرت الآثار القديمة في هذا الطريق، يا صديقي؟

لطفي: كثيرا. مثلا، أطلال مدينة سوه يانغ التى تقع في منطقة دون فانغ التي تبلغ مساحتها 26960 كلم مربع. وكانت المنطقة تلعب دورا بوابة طريق الحرير، وتقع في شرق صحراء تاكلاماكان أي في تقطع طرق القوافل التي تتخطى الصحراء واحدة في الشمال والأخرى في الجنوب عند قدمها من آسيا الوسطی.

إن أول مكان قمنا بزيارته هو آثار مدينة سوه يانغ القديمة التي يعود تاريخها إلی ما قبل أكثر من 1700 سنة، لقد أصبحت اليوم عبارة عن أطلال لا نستطيع تميزها من الطبيعة والبيئة المحيطة بها بسبب التصحر والظروف المناخية القاسية.

لقد بقى منها بعض الأطراف من أسور هذه المدينة التي ترجع الی أسرة خان الملكية.

هذه المدينة التي لعبت دورا مهما كمعبر في طريق الحرير القديم أصبحت اليوم عبارة أطلال لا تعني شيء.

إن الإنسانية لم تنسی الدور المهم الذي لعبته هذه المنطقة، ما أدى إلی تصنيفها من طرف اليونيسكو في قائمة التراث الإنساني في سنة 2014 في اجتماع الدوحة الأخير.

إن مقاطعة قانسو لعبت دورا كبيرا و مهما في نشر الثقافات والتواصل بين شعوب العالم فالدور المهم الذي لعبته في طريق الحرير وأيضا في طريق الأورواسيوي يعطيها التفوق اليوم لتقدم 5 مناطق مهمة للتراث الإنساني و الثقافي مصنفات من طرف اليونسكو ، فقانسو اليوم تلعب نفس الدور الذي لعبته علی طريق الحرير ألا هو أن تكون همزة وصل بين الصين والدول المجاورة.

هارون: يا لطفي، سمعتُ أنك زرت مدينة دونغهوانغ أيضا.

لطفي: نعم. وهي آخر محطة في هذه الرحلة، وهي مدينة رائعة لن أنسى جمالها ورونقها.

هارون: مدينة دونغهوانغ معناها مكان كبير ومزدهر، ويرجع اسمها إلى طريق الحرير الذي فتحه السيد تشانغ تشيان المسؤول بأسرة خان الغربية الملكية عبر زيارتيه للمناطق الغربية القديمة في عام 139 ق.م وعام119 ق.م، يعتبر طريق الحرير ممرا يجتاز قارة آسيا ويربط الصين بالغرب، ويدفع التبادلات الثقافية والاقتصادية بينهما. ودونغهوانغ ليست محطة للتبادل التجاري بين الشرق والغرب فحسب، بل هي نقطة تجمع الأديان والثقافات والمعلومات أيضا.

لطفي: منطقة دونهوانغ منطقة تاريخية من الدرجة الأولى التي شهدت الساعات الأولى لطريق الحرير ورفقته في تطوره وتطورت معه حت أصبحت من أهم المدن علی هذا الطريق.

دونهوانغ من مقاطعة قانسو استطاعت ربط اسمها بهذا الطريق العريق وأيضا بتاريخ الصين العريق فالمنطقة كانت محل نزاع بين الأسرى الملكية الصينية وهذا بسبب موقعها المهم كمركز عبور لدخول والخروج من الصين من الجهة الغربية.

ازدهار المنطقة تابعه ازدهار وتطور في المكونات البشرية والدينية وها هي تترك لنا تراث بشري مادي وغير مادي.


أكل بطيخ بايلان المنتج في مينتشين

هارون: وانتشر الدين البوذي من المناطق الغربية القديمة إلى داخل الصين عبر دونغهوانغ، وأظهرت أربعمائة واثنان وتسعون كهفا بكهوف موقاو الفن البوذي الذي قد امتد لأكثر من ألف سنة عبر تماثيل ورسوم جدارية فيها.

وأدرجت كهوف موقاو ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي التي حددتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة عام1987.

وتقع كهوف موقاو عند سفح جبل مينغ شا ومعناه أصوات الرمال والذي يبعد خمسة وعشرين كيلومترا جنوب شرقي مدينة دونغهوانغ بمقاطعة قانسو. تتميز هذه المنطقة بوقت كاف لسطوع الشمس والجفاف وقلة الأمطار والفروق الواضحة بين الفصول الأربعة والفرق الكبير بين درجة الحرارة في النهار ودرجة الحرارة في الليل.

تمتد كهوف موقاو لأكثر من ألف وستمائة متر من الجنوب إلى الشمال، وتنقسم إلى خمسة طوابق، ويبلغ ارتفاع الكهف الأعلى بها خمسين مترا. ويبلغ عدد كهوف موقاو أربعمائة واثنين وتسعين كهفا، وفيها أكثر من خمسة وأربعين ألف متر مربع من الرسوم الجدارية وألفان وأربعمائة وخمسة عشر تمثالا ملونا، بالإضافة إلى أربعة آلاف تمثال لإله "فيتيان". لذلك تسمى بكهوف ألف بوذا.

لطفي: لاحظنا المكان المنحوت في جبال صخرية في صحراء قوبي، هذه الكهوف التي كانت مكان عبادات ذو أهمية كبيرة عبر طريق الحرير، فبناؤها كان موزعا علی فترة زمنية طويلة من القرن الرابع إلی القرن الرابع عشر مع فترة مهمة بين القرن السابع و العاشر تحت حكم أسرة تانغ الملكية.

كهوف موهقاو أو كهوف الألف بوذا يرجع تاريخها إلی أسطورة محلية عن رهبان بوذي باسم لو تسون كان وراء إنجازها بعد رؤية له لـ 1000 بوذا في هذا المكان.

ومع طريق الحرير وازدهار البوذية أصبحت هذه الكهوف موقعا دينيا مهما علی طريق الحرير.

ها هي اليوم الكهوف وبعد تصنيفها من طرف اليونسكو في قائمة التراث العالمي تلعب دورا جديدا على طريق الحرير الجديد ألا وهو حماية الذاكرة الجماعية والتراث المادي وغير المادي للمنطقة.


حديقة دونغ دونغ تان لتوليد الكهرباء

وتتمتع دونهوانغ أيضا بالمناظر الخلابة والفائقة الجمال، وتعيش دونهوانغ الساحرة بين عالمين مختلفين، الأول عالم صحراء قوبي القاحل والشديد، والثاني الواحة الخضراء بحقولها وبساتنها.

والزائر لهذه المنطقة يبقى بدون صوت لهذا الجمال المتناقض.

فمناخ هذه المنطقة تربص بتضاريس عبر الأزمنة لكي يضرب لنا اليوم موعدا مع أجمل ما أبدعته الطبيعة علی سطح هذه الأرض ألا وهي تضاريس يادان الفريدة من نوعها في العالم والتي تعتبر اليوم مركز الحضيرة الجيولوجيا الوطنية ليادان في دونهوانغ، التي تقع علی بعد 180 كلم في اتجاه الشمال الغربي للمنطقة مساحة هذه الحضيرة بإضافة المناطق المحادة لها الشمالية والغربية تبلغ حوالي 400 كيلومتر مربع.

وتعتبر هذه الحضيرة مركزا سياحيا من الدرجة الأولى يقصده العديد من السواح سواء من منطقة قانسو أو المناطق الأخرى فهنا لوحات ترقيم السيارات تشير إلی وجود جميع المقاطعات القريبة من قانسو. وخاصة هواة الرالي والسباقات في الطرق البرية بسيارات الدفع الرباعي.

ففي آخر يوم من زيارتنا لمدينة دونهوانغ أثبتت لنا هذه الواحة علی قدرتها السياحية من خلال إرثها المادي ولامادي لتلعب دورها السياحي علی طريق الحرير بأكمل وجه.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي