طريق فلاح صيني إلى تحقيق الثراء

نعرفكم اليوم بفلاح صيني عادي اسمه تسانغ رونغ قن. يعيش في قرية جميلة بضاحية مدينة هانتشو شرقي الصين. وتحيط القرية غابات خضراء كثيفة من البامبو تخترقها جداول صغيرة ذات مياه صافية والهواء فيها نقي ومنعش. وفي صباح كل يوم يقود تشانغ رونغ قن سيارته الخاصة إلى شركة سياحية ثم يسوق بعد ذلك عربة تجرها الأبقار لاستقبال السياح والزوار في رحلة سياحية بين حقول القرية وعلى الدروب الريفية. وأثناء الحديث عن عربته وبقرته قال الفلاح:

" هذه هى بقرتي، وإذا طلبتُ منها أن تجري بسرعة فستركض فورا. وإذا طلبتُ منها أن تقلل السرعة فستمشي فورا ببطئ كأنها عجوز مسنة. هى مطيعة جدا لأوامري."

تسانغ رونغ قه له مهارة بارزة في تربية المواشي خاصة البقر. منذ زيادة سرعة النمو الاقتصادي في القرية بفضل تطبيق سياسة الاصلاح والانفتاح في الأرياف الصينية أقيمت فيها شركة سياحية جديدة. والقرية قريبة من مدينة شانغهاي والمدن الكبيرة الأخرى. فإلى جانب مناظرها الجميلة يعود تاريخ القرية إلى أكثر من ألف سنة كما أنها تملك تراثا ثقافيا متميزا وعادات تقليدية محلية طريفة. وكل هذه الأشياء تجذب كثيرا من السياح لزيارتها. إلا أن القرى المماثلة الأخرى في هذه المنطقة كثيرة إذن كيف تحافظ القرية على تميزها في السباق السياحي هذا خلال تنمية أعمال السياحة ؟

عقدت شركة السياحة بالقرية اجتماعا بحضور جميع العاملين ليبحثوا عن طريق وأسلوب جذب المزيد من السياح لزيارتها ولتنمية السياحة فيها. وأثناء الاجتماع تحدث تسانغ رونغ قه عن فكرته قائلا:

"قال الكثير من الزوار القادمين من شانغهاي إنهم تعودوا على ركوب السيارات بمختلف الأنواع والسفن والطائرات إلا أنهم لم يركبوا عربة تجرها ماشية كعربة البقر لذلك يرغبون في القيام بتجربة جديدة أي ركوب عربة البقر لرؤية المناظر الطبيعية الجميلة."

قبلت الشركة فكرته هذه فتم الاتفاق بينه وبين الشركة على أن يقود هو عربة البقر هذه لاستقبال ونقل السياح أثناء تجولهم إلى القرى المختلفة. ولم يمض وقت طويل حتى ازداد عدد هؤلاء السياح الذين يطلبون استخدام عربة البقر هذه. وقال السيد وانغ بانغ لين مدير عام الشركة السياحية في القرية:

"كان عدد السياح القادمين إلى هنا عام 2000 عدة آلاف فقط. أما الآن فقد ازداد عددهم بسرعة حتى وصل في العام الماضي إلى حوالى سبعمائة ألف زائر."

بعد مرور سنوات حقق تسانغ رونغ قن ربحا كبيرا من عمله في السياحة. ومن أجل الذهاب إلى العمل كل يوم بسهولة وبسرعة اشترى سيارة خاصة يقودها يوميا إلى موقع العمل ثم يتحول إلى قيادة عربة البقر لاستقبال السياح. هكذا بدأ هذا الفلاح حياة جديدة تختلف تماما عن حياته السابقة.

ومع تطور أعمال السياحة في القرية بدأ الكثير من الفلاحين يقتدون بتسانغ رونغ قه في ممارسة عمل جديد في قطاع السياحة فتغيرت حياتهم تغيرا جذريا وازدادت أموالهم ودخولهم من أعمالهم الجديدة ازديادا سريعا وتحدث بعضهم عن هذه التغيرات السارةّ قائلين:

"في بداية الأمر كان عدد السياح قليلا. ولم تكن لدينا المعدات والوسائل التي نستخدمها لاستقبال السياح وحتى لم تكن لدينا سيارة كبيرة لنقلهم. أما الآن فقد أصبح لدينا كل الأشياء بما فيها سيارات وباصات عديدة."

"لو ظللنا نعمل في الحقول فقط ولم نخرج إلى ممارسة عمل جديد كالعمل في مجال السياحة لما حصلنا على هذه الأموال."

لقد تطورت أعمال السياحة في القرية تطورا كبيرا وأضافت دخولا كثيرة للفلاحين. فقام الكثير منهم ببناء بيوت جديدة. وفي السنوات الأخيرة تم إنشاء حي سكني جديد في القرية يضم بيوتا وعمارات سكنية حديثة إضافة إلى حديقة جميلة. وقد اشترى تسانغ رونغ قن بيتا جديدا داخل هذا الحي وهو عبارة عن فيلا جميلة تضم عدة غرف وقاعة كبيرة. ولم يخطر ببال هذا الفلاح أنه قد أصبح مالكا لهذه الفيل الحديثة ويعيش فيها مع عائلته حياة سعيدة. وبالإضافة إلى ذلك قام تسانغ رونغ قه قبل أيام بتمهيد قطعة من الأرض داخل ملكيته الخاصة وزرع فيها أزهارا متنوعة بهدف التجميل والإثراء أيضا من خلال بيعها بعد ذلك في الأسواق. وفي حديثه عن عمله هذا قال وهو في غاية السرور والسعادة:

"كثير من الناس يحبون زهرة الأزالية فقمتُ بزرعها وتربيتها في هذه الحديقة الصغيرة. ثم أبيعها في السوق. وإلى جانب ذلك أقوم الآن بتصميم وتنفيذ عدة مشروعات فنية للبستنة، وأرى أن السياحة لم تحقق لنا دخلا متزايدا فحسب بل وفرت لنا فرصا وأعمالا وحياة جديدة أيضا."