CRI Online

تجربة الصين في إيواء الأطفال اللقطاء

cri       (GMT+08:00) 2015-04-20 15:00:03


يعتبر التخلي عن الأطفال غير شرعي في الصين، لكنه ما زال موجودا في أنحاء البلاد، ويتخلى عن مائة ألف طفل قريبا كل سنة بعد ولادتهم. ومن أجل تجنب تعرض هؤلاء الأطفال اللقطاء لأضرار أخرى، بدأت وزارة الشؤون المدنية الصينية منذ عام ألفين وثلاثة عشر تعميم بناء "جزيرة سلامة الأطفال" والتي تسمى أيضا بجزيرة الأطفال اللقطاء" في أرجاء البلاد. وحتى نهاية عام ألفين وأربعة عشر، تم فتح إثنتي وثلاثين جزيرة سلامة طفل والتي استقبلت حتى الآن أكثر من ألف طفل لقيط. غير أن العديد منها انهت عملها مؤخرا، مما أحدث اهتمام المجتمع بقضية التخلي عن الأطفال. وفي هذا الصدد، أكد الخبراء أن هذا الأمر يعكس أهمية وإلحاحا في تحسين نظام رعاية المجتمع للأطفال بالصين.

يعتبر بناء "جزيرة سلامة الأطفال" من الإجراءات المقبولة لدى عدة دول متقدمة في العالم لمساعدة الأطفال اللقطاء، غير أنه كان ولا يزال هناك جدال واسع بالمجتمع الصيني منذ ظهوره، حيث يعد هذا العمل كتشجيع للآباء على التخلي عن أطفالهم مما أدى إلى إزدياد عدد الأطفال اللقطاء. وبهذا الخصوص، قال نائب وزير الشؤون المدنية الصيني دو يو بي:

"بدأنا بهذا العمل بناءا على مبدأ اتخاذ الحياة أولا وحماية حقوق الأطفال، الأمر الذي يتوافق مع روح قانون حماية الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد في بلادنا، ولم يخالف مكافحة جريمة التخلي عن الأطفال."

ويرى الخبراء أن التخلي عن الأطفال مثل ارتكاب الجرائم، فمن الواجب أن ينال هذا العمل عقابا شديدا. غير أنه مع وجود هذا السلوك السيء ، ولا نستطيع أن ننفيه، في كل حال، هناك الدور الإيجابي الذي يلعبه تقديم الحماية الأمنية والمساعدة الإنسانية للأطفال اللقطاء. وقال السيد تونغ لي هوا مدير مركز المعاون القانوني للشباب والمراهقين ببكين:

" أعتقد أن وجود الجدال حول هذا الأمر هو طبيعي . وينص قانون بلادنا على إعطاء حماية خاصة للأطفال، غير أن تنفيذها صعب. فمن الواضح أن وضع جزيرة سلامة الأطفال يدفع حماية حياة الأطفال وصحتهم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نقول دائما إن تربية الأطفال تعتبر مسؤولية الوالدين، غير أنهم يتابعون أيضا للدولة والمجتمع وخاصة هذا في العصر القانوني. ولذلك فإني أعتقد أن وضع جزيرة سلامة الأطفال يعكس تماما مسؤوليات الحكومة والدولة، لأن بعض الآباء لا يتمكنون من تربية أطفالهم، ومن الأفضل لهم أن يتركوا أطفالهم في جزيرة السلامة وليس في الخارج."

كانت الرغبة الأولية في اتخاذ هذا العمل هي تجنب تعرض الأطفال اللقطاء للمزيد من الأضرار، وكذلك حماية حقوقهم في الحياة. غير أنه خلال تنفيذ هذا العمل، وقعت العديد من هذه الجزر في وضع حرج، حيث أعلنت دار رعاية الأطفال بمدينة قوانغتشو الصينية إنتهاء عملها في العام الماضي وذلك بعد خمسين يوما واستقبال مائتي وإثني وستين طفل منذ فتح "جزيرة سلامة الأطفال" فيها، فإن هذه المدينة هي الأولى في البلاد والتي أعلنت إيقاف هذا العمل.

وحول ما يتعلق بهذا الشأن، قال السيد شيو جيو مدير دار رعاية الأطفال بمدينة قوانغتشو:

"تجاوز عدد الأطفال اللقطاء بدارنا توقعاتنا، مما أعطى لنا ضغطا شديدا. ومن الواجب أن نعمل على رعاية وتربية الأطفال بشكل جيد، بينما نواجه دائما نقص عدد العاملين."

لم تكن مدينة قوانغتشو في مثل هذا الوقع الحرج بل المدن الأخرى في أرجاء البلاد.

وبسبب إصابة تسعة وتسعين في المائة من الأطفال اللقطاء بأمراض خلقية، أصبحت التكاليف الطبية البالغة سببا رئيسيا للتخلي هذه الأسر عن أطفالها. ومع الإزدياد المتزايد لعدد هؤلاء الأطفال اللقطاء، تجاوزت التكاليف الطبية لعلاج أمراضهم إمكانيات الأجهزة الخيرية. لذلك فإن وضع "جزيرة سلامة الأطفال" لم يكن حلا جذريا لهذه المشكلة بل تحسين النظام المعني بهذا الشأن هو الأفضل. ويقترح الخبراء على أن تزيد البلاد استثماراتها المالية للأجهزة الخيرية، بينما تعزز دعمها للأسر التي تربي الأطفال المصابين بالأمراض الشديدة، مما يخفف رغبات هذه الأسر في ترك أطفالها. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على البلاد تعميم الفحص الصحي المجاني لزوجين قبل الزواج، من أجل تخفيض نسبة ولادة الأطفال المعوقين والمصابين بالأمراض الشديدة. وبهذا الخصوص، قدم السيد وانغ جيه ياو مدير كلية البحوث للأعمال الخيرية بجامعة بكين للتعليم قدم اقتراحه التالي:

" حسب تجارب مختلف دول العالم والعديد من المدن الكبرى بالصين، يمكننا أن نخفف منا هذه الظاهرة عبر طريقتين، الأول هو إعطاء تأمين طبي لطفل، مثلا، يدفع كل من الوالدين والحكومة خمسين في المائة من إجمالي تكلفة هذا التأمين كل سنة لضمان العلاج الطبي إذا كان لدى الطفل مرضا شديدا. والثاني، منح الأطفال المصابين بالأمراض الشديدة دعما ماليا دائما، من أجل إخفاء مخاوف الأسر من التكاليف الطبية البالغة."

رغم أن "جزيرة سلامة الأطفال" ما زالت في مرحلة التجريب، غير أنها جبهة أخيرة لحماية حياة الأطفال اللقطاء الأبرياء. لذلك فإنها لا يمكن أن تغلق بل أن تعزز إصلاحاتها وتحسن إجراءاتها المعنية بإيواء الأطفال، من أجل حماية الحقوق المشروعة وتقديم ضمان أحسن للمزيد من الأطفال.

يعتبر الأطفال مستقبل الأسرة والأمة، وإنهم يحتاجون إلى اهتمامات ورعاية المجتمع. ونتمنى لكل طفل في العالم صحة جيدة وحياة جميلة.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي