ستعقد الدورة السنوية للمجلس الوطني العاشر لنواب الشعب الصيني في بكين يوم السبت المقبل (5 مارس عام 2005)، الأمر الذي يمثل حدثا هاما بالنسبة إلى الصينيين البالغ عددهم مليارا وثلاثمائة مليون نسمة، ولكن لا يعرف الكثيرون في العالم طبيعة نظام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. وفيما يلى نود أن نعرف بهذا النظام مستعرضين الفوارق بينه وبين النظام النيابي الغربي.
يعد المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني أعلى أجهزة السلطة في الصين وتتجدد عضويته مرة كل خمس سنوات، ويضم المجلس الوطني العاشر لنواب الشعب حوالي ثلاثة آلاف نائب. ويشبه المجلس الوطني البرلمانات الغربية في العديد من المجالات، ويمثل المجلس نظاما سياسيا نيابيا مثل البرلمانات الغربية، حيث ينتخب الشعب نوابا يمثلونه ويمارسون سلطات الدولة نيابة عنه. ويعتبر المجلس الوطني جهازا تشريعيا مثل البرلمانات الغربية أيضا على الرغم من أن سلطاته لا تقتصر على التشريع. ولكن نظام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني الذي يرجع تاريخه إلى ما قبل قرابة خمسين سنة تم تأسيسه إنطلاقا من الظروف الواقعية الصينية، فيختلف عن البرلمانات الغربية في الكثير من النقاط.
وتتخذ الأنظمة السياسية في الدول الغربية عادة نظام فصل السلطات الثلاث حيث تعمل الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية مستقلة عن بعضها البعض، ولكن الحالة مختلفة في الصين، حيث يتم تشكيل كل من الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية الوطنية بواسطة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وتكون كل هذه الأجهزة مسئولة أمام المجلس الوطني وخاضعة لرقابته. ويتمتع المجلس الوطني أيضا بحق انتخاب وتعيين وإقصاء أعضاء أجهزة الدولة وإصدار قرارات حول الشئون الوطنية الهامة ومراقبة أجهزة الدولة الأخرى. وبعبارة أخرى، يمارس المجلس الوطني جميع سلطات الدولة بصورة موحدة، وهذا مختلف تماما عن نظام فصل السلطات الثلاث في الدول الغربية.
ولنضرب مثلا، فمجلس الدولة الصيني هو الجهاز التنفيذي في الدولة، ويجب عليه أن يكون مسئولا أمام المجلس الوطني لنواب الشعب ويخضع لرقابته ويعرض عليه تقارير العمل، وهنا يمثل مجلس الدولة الذراع التنفيذي للمجلس الوطني لنواب الشعب، فهذا مختلف تماما عن العلاقات بين السلطة التنفيذية والتشريعية في الدول الغربية.
وهناك نقطة أخرى يختلف فيها نظام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني عن البرلمانات الغربية. فتطبق الكثير من الدول الغربية نظاما نيابيا ذا مجلسين بسبب أن هذه الدول دول فيدرالية، بينما تتخذ الصين نظاما نيابيا ذا مجلس واحد وهو المجلس الوطني لنواب الشعب لأن الصين تهتم غاية الاهتمام بالقيادة الموحدة حيث تخضع السلطات المحلية للقيادة الموحدة من قبل السلطات المركزية.
وبالمقارنة مع النظام النيابي الغربي الذي يرجع تاريخه إلى قبل أكثر من ثلاثمائة سنة، فإن نظام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني شابا لم يبلغ عمره خمسين سنة ويحتاج إلى الإصلاح والاستكمال على أصعدة عديدة. قال الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ في عام 1992 إن العديد من أنظمة الصين ما زالت غير ناضجة وربما يستغرق استكمالها ثلاثين سنة. وينطبق هذا الكلام على نظام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني أيضا. فعلى سبيل المثال، يتم إنتخاب أعضاء المجلس الوطني بواسطة أعضاء مجالس المقاطعات بدلا من انتخابهم بصورة مباشرة، وكذلك أعضاء المجلس الوطني غير محترفين للعمل السياسي بل لديهم أعمال أخرى، فظهرت هنا مشكلة كبيرة لم تحل بصورة جيدة حتى الآن: كيف يحقق هؤلاء النواب الاتصال الوثيق مع مواطني المناطق التي يمثلونها ويستمعون إلى آرائهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم بصورة مباشرة ؟
والمهم أن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني كان وما زال وسيستمر في إتخاذ إجراءات لإكمال هذا النظام، وجدير بالذكر أن المجلس الوطني التاسع لنواب الشعب قد وضع قانونا للتشريع، الأمر الذي يجعل أعماله التشريعية تحكمها معايير ونظم وقوانين موحدة.
