لم يُظهر الزلزال المدمر الذى ضرب مقاطعة سيتشوان بعد ظهر يوم الخامس من مايو الجارى ، الجانب المأساوى للكوارث الطبيعية فحسب، بل اظهر الى جانب الكثير من علامات القوة والشجاعة والعزم والصبر التى تتحلى بها الامة الصينية العظيمة ، صورا نادرة ومؤثرة لمواجهة الموت وقهره بقوة التشبث بالحياة ، واثبات أن الانسان قد يعاق لكنه لن يدمر !!
هنا نروى قصة فتاة فى عمر الزهور بمدرسة بيتشوان المتوسطة الاولى بمدينة ميان يانغ ، وهى من المناطق الاكثر تضررا بالزلزال ، وكيف أنها وزملاءها واجهوا الموت وحصار الانقاض ، بشجاعة نادرة لمن فى اعمارهم !
كانت لى آن نينغ ، من بين 360 طالبا بالمدرسة المذكورة اعلاه ، سحبهم رجال الانقاذ من تحت انقاض المدرسة ظهيرة يوم الخميس 8 مايو ، بعد ساعات قاسية وطويلة جدا تحت انقاض مبنى المدرسة المنهار .
لقد ظلت لى آن محاصرة لنحو 40 ساعة تحت انقاض مبنى المدرسة المكون من ستة طوابق ، قبل ان يتمكن رجال جيش تحرير الشعب الصينى من انقاذها.
قالت هذه الفتاة للصحفيين بعد انقاذها إن الزلزال باغتهم وهم فى حصة الجغرافيا ، يا للصدفة العجيبة !! لم يكن احد يتوقع ان يغير هذا الزلزال العنيف ملامح هذه المنطقة الوادعة !
استذكرت الفتاة لى كيف ان قاعة الدرس بدأت تهتز ثم بدأت طوابق المبنى تنهار الواحد تلو الآخر !
وتحت الانقاض ، ومن خلال بصيص من الضوء ، رأت الفتاة لى احد زملائها بقميص ابيض ، وتعرفت عليه ، إنه زميلها لى يوان فنغ يرقد تحت الانقاض بجانبها !
تقول الفتاة لى " لقد أمسكت بيد زميلى وناديته ولكن لم يجبنى ، فى البداية شعرت بدفء يديه ، ولكنهما بردتا بعد قليل ".
لم تكن هذه الفتاة قادرة على التحرك او الخروج من تحت الانقاض ، ولكنها استجمعت شجاعتها وبدأت تنادى بأسماء زملائها واحدا بعد الآخر . لقد كانت ثلاث زميلات لها يرقدن غير بعيد عنها ، لكنها لم تستطع الوصول اليهن .
وبعد عشر ساعات تحت انقاض المبنى المنهار ، بدأ بعض التلاميذ الآخرين يصيحون بأعلى اصواتهم ، وبذلك وجدت الفتاة لى من تأنس به وتتحدث معه فى محنتها !
صاح احدهم " علينا ان نصمد لنجتاز هذه المحنة ، تشجعوا حتى نخرج من هنا ."
تقول الفتاة لى إنها لا تذكر من بدأ عبارات التشجيع أولا ، لكن سرعان ما بدأ التلاميذ يرددون اغانى بوب يحفظونها من اجل تشجيع بعضهم البعض وتثبيت عزيمتهم للخروج من طوق الموت الذى يحيط بهم من كل جانب .
وتتذكر مقطعا من اغنية شائعة للمطرب مايكل وونغ بعنوان " حكاية ساحرة " ، وكيف ان ذلك المقطع الذى يقول " لنكتب نهايتنا معا " ، قد بث فيهم القوة والحماسة وحب الحياة !!
كانت تتذكر والدموع تسيل من عينيها ، تلك الآلام الفظيعة التى عانتها وهى تُسحَب من تحت الانقاض ! لكن تلك الآلام كانت بشيرا لها ولزملائها بحياة جديدة !
لقد كانت ساعات مُروّعة شعر بها هؤلاء الفتيان والفتيات وكأنها دهر يمر عليهم وهم تحت الانقاض ، لقد كان الزلزال مدمرا لكل شىء لكنه لم يقهر عزيمة الشباب ، أمل كل الأمم !
" قد يستطيع الزلزال دك جبل ، أو سد نهر ، ولكنه لن يستطيع قهر عزيمة الشعب الصينى " ، هكذا خاطب رئيس مجلس الدولة الصينى ون جياو باو جنود جيش تحرير الشعب الصينى وهم يهبون لانقاذ واغاثة اخوانهم فى هذه المقاطعة المنكوبة ، مضيفا " تصرفوا كما علمتكم أمتكم المجيدة" .
ومن المؤكد أن هذه القصة ليست الوحيدة من بين أمثلة انسانية رائعة ابرزتها هذه الكارثة المروعة ، وهناك العشرات من القصص التى تؤكد حب الانسان للحياة وعشقه للعيش بأمن وسلام وطمأنينة ! إنها دعوة للحياة بسلام وتناغم وانسجام !
ترجمة الزميل عباس جواد كديمى