إذاعة الصين الدولية القسم العربي  
الصفحة الرئيسية   |   أخبار   |   إقتصاد وتجارة   |   منوعات   |   سياحة وثقافة   |   عالم المسلمين   |   تعاون معنا   |   أولمبياد بكين  |  Webcast
أساتذة يحمون أرواح التلاميذ متناسين سلامتهم
   2008-05-21 16:39:01    cri
 

ومنذ اجتياح الزلزال المدمر مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين في الـ 12 من مايو الحالي شهدت المناطق المنكوبة قصصا لا يحصى عددها ولا يُعد وتركت مضامينها المؤثرة في أعماق قلوب جميع الصينيين. وفيما يلي نقدم لكم بعض هذه القصص التي تحكي لكم تصرفات بعض المعلمين عند انقاذ تلاميذهم متناسين سلامتهم الشخصية فور وقوع الزلزال الكبير.

في الساعة الثانية والدقيقة الـ 28 بعد ظهر الـ 12 من مايو الحالي حيث كان معظم تلاميذ مدرسة الأمل الابتدائية بقرية ليو هان في محافظة بي تشوآن بمقاطعة سيتشوان والبالغ عددهم 483 تلميذا وتلميذة يلعبون في ملعب المدرسة بعد انتهاء فترة استراحة الظهر بينما بقى القليل منهم داخل صفوف الدراسة في الطابق الثالث ببناية المدرسة، عندما فاجأهم زلزال قوي حيث اهتزت الأرض بشدة وتزعزعت جدران الغرف وتحرك ما فيها من الأبواب والنوافذ مع ظهور أصوات مدوية مرعبة.

" يا له من زلزال! يا له من انهيار أرضي .... " صاح المعلمون والمعلمات، ونادوا تلاميذهم ليهرعوا بسرعة الى خارج البناية والى ملعب المدرسة. ولكن بعض التلاميذ سقطوا على الأرض لشدة اهتزاز البناية. وفي هذا الوقت الحاسم لم يهرب المعلمون إلى الخارج بل صعدوا فورا الى طوابق البناية العليا بحثا عن التلاميذ المتبقين داخل الصفوف لمساعدتهم على الخروج من البناية.

الغبار والأتربة المتطايرة من جراء الهزات الشديدة أشعرت الجميع باختناق شديد. لكن الهزات الارتدادية المتتالة كانت أشد وأكبر تهديد للتلاميذ الصغار. وقام شياو شياو تشوآن/ مدير قسم الشؤون التعليمية بالمدرسة قام فورا بتوجيه جميع التلاميذ وارشادهم الى الخروج من المدرسة متوجهين الى الجبل الواقع أمام المدرسة. وبعد انسحابهم قام بتعدادهم، وشعر ببالغ السرور عندما عرف أن جميع تلاميذ المدرسة في بآمان وسلامة ولم يصب أي واحد منهم بجروح. وبعد فترة جاء أولياء الأمور الى المدرسة لاستقبال أولادهم. وفي الساعة الخامسة مساء عاد معظم التلاميذ مع أولياء أمورهم باستثناء 71 تلميذا وتلميذة لم يأت أهاليهم حتى بعد حلول الظلام.

وفي صباح اليوم التالي عقد تسعة معلمين ومعلمات قضوا ليلة كاملة ساهرين بجانب تلاميذهم الصغار عقدوا اجتماعا لبحث كيفية ايجاد طريق للتخلص من أخطار الزلزال. إلا أن هذا الموضوع كان يقلقهم، وأخذ منهم طويلا في التفكير. وقال أحدهم:

" قد تجتاحنا الانهيارات الجبلية وانزلاق الاتربة في طريق انسحابنا اضافة الى صعوبة السير في الطريق الموحل، وأرى أننا لن نستطيع المشي في هذا الطريق بشكل طبيعي إلا زحفا باليدين والقدمين .... "

ورغم هذه الصعوبات قاد المعلمون تلاميذهم الـ 71 في طريق الانسحاب. وأصغر هؤلاء التلاميذ في الخامسة من عمره فقط، أما أكبرهم فكان يبلغ من العمر الـ 14 سنة. وبعد قطع حوالى مائة كيلومتر من الدروب الجبلية الصعبة، قابلوا أخيرا رجال الانقاذ. وبمساعدتهم وصلوا جميعا الى احدى المدارس الثانوية ذات الأماكن الآمنة حيث تم اعداد أماكن اقامتهم مع ترتيب مختلف شئونهم المعيشية.

لم يخطر ببال هؤلاء المعلمين التسعة أن أربعة منهم قد توفى بعض أفراد عائلتهم وسط الزلزال. ومنهم معلم قد توفى سبعة من أفراد عائلته من جراء الزلزال. أما بقية المعلمين فلم يكونوا قد تلقوا حتى ذلك الوقت أي خبر بشأن أوضاع عائلاتهم. وقال شياو شياو لين / مسؤول بالمدرسة والمذكور سابقا: --- التسجيل ---

" يبلغ أبي الحادية والثمانين من العمر، ولم أحصل بعد على أي خبر عنه لذلك يساورني الآن قلق شديد .... "

حدثت قصة مؤثرة أخرى في مدرسة زو يوان الاعدادية بمدينة دوجيانغيان / احدى المناطق الأكثر تضررا بالزلزال. وعند وقوع الزلزال كان المعلم بو بين يدرّس تلاميذه كالعادة في قاعة الدرس بالطابق الاول داخل مبنى المدرسة. وكان يبعد حينذاك عن مكان آمن بمسافة مترين فقط، إلا أنه عندما وقع الزلزال لم يلجأ اليه بل قاد جميع تلاميذه في الانسحاب بشكل هادئ. وأخيرا نجا 56 تلميذا من بين إجمالي عدد التلاميذ الـ 76، وانسحبوا الى أماكن آمنة بينما طمر المتبقون بما فيهم المعلم بو تحت الانقاض وماتوا جميعا في النهاية. وكان المعلم بو يبلغ من العمر الـ 28 عاما فقط. وعندما اكتشف رجال الانقاذ جثته وجدوا أن تحت جسده عدة جثث من تلاميذه. ووصف احد رجال الانقاذ تلك الصورة المؤلمة قائلا: -- التسجيل --

" يبدو أنه كان يرفع ذراعين لحماية هؤلاء التلاميذ بجسده إثر وقوع الزلزال.إلا أنهم لم يتخلصوا من شبح الموت.... "

إنهارت دموع احد تلاميذه بعد أن عرف وفاة معلمه حيث قال:

" لو لم يُنقذني لما كنت حيا اليوم. أو على الأقل كنت سأصاب بجروح شديدة ..."

" أشكر معلمنا العظيم من أعماق قلبي ..... "

الحزن الشديد لم يكن يقتصر على قلوب هؤلاء التلاميذ فحسب بل إجتاح بصورة أشد وأكبر قلب زوجته التي عقد قرانها على المعلم بو في حفل زفاف بهيج في رأس السنة الجديدة للعام الحالي. لأن لا احد يستطيع اعادة حبيبها اليها أبدا. وقالت زوجته وهى في غاية الحزن والألم:

" تركني بهذه السرعة لأعيش في وحدة دون منحي فرصة لانجاب ولدنا، يا لقسوة الكارثة ! ويا له من ألم مزق قلبي .... "

لم يكن حزن أم المعلم أقل مما كان لدى الآخرين. والجدير بالذكر أن في عائلة المعلم بو 13 فردا يعملون معلمين ومعلمات في مجال التعليم والتثقيف. ورغم الحزن الشديد إلا أن الأم العجوز قالت إنها فخورة بإبنها الذي ضحى بحياته لانقاذ الآخرين. وقالت هذه الأم العظيمة: -------- التسجيل -------

" لقد استشهد إبني من أجل مصلحة الشعب. لن أكون نادمة على ما فعله، لأنه قد أنقذ 56 تلميذا ومنح السعادة والإطمئنان لـ 56 أما. ورغم أنني فقدت إبني. إلا أنه ضحى بحياته من أجل سلامة وسعادة العديد من العائلات. لذلك أنا فخورة به وأشعر بالشرف والاعتزاز الكبيرين بما أقدم عليه .... "

نعم، لقد ضحى هذا المعلم العظيم بنفسه من أجل أوراح الكثير من التلاميذ الذين أنقذهم بشجاعته وبسالته وكرامته. والأهم من ذلك إنه علّم تلاميذه وأعطاهم الكثير بتضحيته بحياته ومثابرته وصبره أخلاقه الفاضلة اثناء مكافحة الكوارث مثل كارثة الزلزال هذه.

أعزائي، في ختام برنامجنا هذا نقدم معا تعازينا العميقة في أرواح المنكوبين وسط هذا الزلزال المدمر، وخاصة التلاميذ الصغار ومعلميهم المتوفين مع تمنياتنا الطيبة لمن نجوا من الكارثة كل السلامة والتوفيق والعافية والخير الدائم، وشكرا على حسن متابعتكم والى اللقاء في الحلقة القادمة مع أطيب التمنيات.

متعلقات
ما رأيك ؟
v قائمة البرامج
v موجات البرامج
 
|  link  | اتصل بنا  |