CRI Online

الانتقال من المروج في أرودوس إلى ثروة الماعز

cri       (GMT+08:00) 2010-10-27 11:10:19






مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! طابت أوقاتكم بكل خير! هذه أجمل تحية لكم من القسم العربى بإذاعة الصين الدولية. ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي: اقتصاد وتجارة. وفي حلقة اليوم، نقدم لحضراتكم في زاوية (آخر التطورات في مجال الاقتصاد والتجارة في المناطق المحلية الصينية) تقريرا بعنوان: الانتقال من المروج في أرودوس إلى ثروة الماعز

تعرف محافظة (يي جين هولو) في مدينة أردوس بمنغوليا الداخلية على مر التاريخ بأرضها الخصبة ومواردها المائية الغزيرة، غير أن الاستخدام المفرط لموارد هذا المكان أدى إلى تغيرات مناخية وتصحر الأراضي منذ أواسط القرن الماضي والتي تمثلت في كثرة الرياح الرملية. ومن أجل إعادة المحيط البيئي إلى وضعه الطبيعي بدأت محافظة (يي جين هولو) اعتبارا من مطلع هذا القرن بتشجيع المزارعين على حرفة رعي المواشي وتربية الثروة الحيوانية في الحظائر الخاصة، واليوم فإن المزارعين لم يعتادو على نمط الحياة الجديد فحسب، بل ازداد اعتمادهم على الثروة الحيونية كأسلوب جديد نحو الثراء. اليوم سنأخذكم من خلال برنامج الاقتصاد والتجارة إلى منازل عدد من المزارعيين لنتعرف عن قرب على حياتهم الجديدة هناك.

لقد اعتاد المزارع (هان بينغ) والذي تعدى عمره الأربعين عاما، على أن ترتبط حياته بالمروج والمزراع الخضراء، فقبل أن ينتقل مع أسرته إلى هذا المكان بعدة سنوات، تقلصت المساحات الخضراء كثيرا، الأمر الذي تسبب في انكماش الأراضي المخصصة لرعي الأغنام، فقد ظل المزارع (هان بينغ) يقود الأغنام مع زوجته لأكثر من عشر ساعات يوميا من أجل العثور على أماكن مناسبة للرعي.

ومنذ عام 2000 بدأت المحافظة تطبيق سياسة حظر رعي الماشية لإعادة المروج الخضراء، وصارت المنطقة التي يسكنها (هان بينغ) محظورة لرعي الأغنام فيها، ولم يجد الرعاة من سبيل أمامهم سوى الرعي خفية بعد غروب الشمس، ولهذا ازدادت حياتهم صعوبة.

"لقد كنا نرعى الأغنام يوميا حيث ننطلق في الصباح الباكر ولا نعود إلا في وقت متأخر جدا، كان لدي أكثر من مائة رأس من الأغنام. وفي ذلك الوقت كانت حالة التصحر التي شهدتها المناطق الخضراء خطيرة جدا، وكان العائد السنوي لا يتجاوز العشرة آلاف يوان صيني، فالأغنام ترعى لمدة اثنتي عشر ساعة إلى ثلاث عشرة ساعة قبل أن تشعر بالاكتفاء تقريبا، ولهذا يشعر المرء بالتعب قبل أن تشعر الأغنام نفسها بالتعب، وفي عام 2000 بدأ تنفيذ سياسة منع الرعي في المحافظة، ولهذا صرنا نرعى خفية في المساء وتغير نمط حياة الماشية إلى الليل بدلا من أن ترعى في النهار"

وفي عام 2007 تم تأسيس قرية جديدة في بلدة سو بو أر جا في محافظة (يي جين هولو) خاصة بالرعاة، وكان المزارع (هان بينغ) واحدا منهم حيث اصطحب أسرته المكونة من 5 أفراد وأقاموا في منزل جديد تبلغ مساحتها 90 مترا مربعا، وعلى فناء المنزل أقيمت حظائر أغنام تابعة للمنزل على مساحة تقدر بأكثر من عشرة أمتار مربعة. وتم تأسيس قاعدة لزراعة الأعشاب في هذه القرية الجديدة تبلغ مساحتها 660 هيكتارا من أجل تسهيل رعي الأغنام للرعاة، كما زودوا بالأموال اللازمة لشراء ما يحتاجونه من بذور الأعشاب، وهكذا فإنه لم يتم ضمان ما يلزم الماشية من الغذاء فحسب، بل تم تخفيض التكاليف اللازمة لتربيتها. وفي هذا الشأن قالت السيدة (يانغ ماو تشينغ) زوجة (هان بينغ) إنها لم تعد تحتاج إلى وقت طويل لتغذية الماشية بنفسها في الوقت الراهن، ولديها الكثير من الوقت للراحة، كما أن زوجها السيد (هان بينغ) لديه الكثير من الوقت للبحث عن زبائن لبيع الماشية وصوفها في الأسواق، ها هي تقول:

"إننا نطعم الماشية ثلاث مرات يوميا، ولا يحتاج ذلك إلا ساعتين ونصف تقريبا، ففي الماضي كانت الأغنام تحتاج إلى نصف يوم من الرعي لتأخذ حاجتها من الأعشاب، أما الآن فهناك متسع من الوقت للقيام بالأعمال المنزلية والأشياء والهوايات التي أحبها، إن الأسلوب الجديد في تربية الماشية يعتبر مريحا تماما بالنسبة لنا، كما ازداد العائد المالي أكثر من ذي قبل"

لقد انتقل في الوقت الراهن ما يقارب من 180 أسرة من الرعاة مثل السيد (هان بينغ) إلى منطقة سو جا بو أر، والذين بدأوا في تربية الماشية في الحظائر المرفقة بمنازلهم، بدلا من رعيها في المروج الخضراء كما كان الحال من قبل، ومع استقرار الدخل أصبحوا يقضون حياة هادئة وسعيدة.

لكن في الواقع فقد كان اقناع الرعاة بتقبل هذه النمط الجديد من الحياة أمرا ليس سهلا، لأن الكثير من الرعاة عاشوا على المروج لأجيال عديدة، وتعودوا على النمط الحر لحياة الرعي، ولم يتأقلموا من قبل مع أسلوب الحياة في المدينة، وبعد عدة سنوات ومع تغيرات حياتهم بين الماضي والحاضر يشعر الرعاة حاليا بالسعادة لاتخاذهم القرار الصائب، والآن يعتبر السيد ( ليو في ليانغ) واحدا من المتخصصين في تربية المواشي في (سو بو آر جا)، ها هو يقول:

"ما هو السبب وراء عدم تأقلم بعض الرعاة؟ لأن معظمهم ليس لديه الثقافة اللازمة لذلك فلا يعرفون كيف سيقضون أيامهم بعد الانتقال إلى القرية الجديدة. وفي الحقيقة فإن الانتقال أمر جيد وفي صالح الرعاة، فبعد الانتقال بدأوا في تربية الماعز الجبلي الغني بالصوف. وتمكنت جميع الأسر من الحصول على دخل مادي والتمتع بحياة سعيدة وهذا أفضل من الماضي بكثير والذي كانت أيامه عصيبة جدا"

إن ما ذكره السيد ( ليو في ليانغ) عن الماعز الجبلي هو أحد المشاريع الرئيسية الذي يتم ترويجه في(سو بو آر جا)، وهذا النوع من الماعز ينتج كميات أكبر من الصوف وبجودة عالية، ولا يباع بشكل جيد في منغوليا الداخلية فحسب، بل ينتشر أيضا في شنسي وقانسو وغيرها من المناطق، وأضاف السيد ( ليو في ليانغ) أن ما يحمله نوع الماعز هذا من صوف هو ثروة مادية وقد مثل ربحا متكافئا لعملية الانتقال بالنسبة للرعاة.

"كنا في الماضي نقوم بتربية الماعز العادي، ولم تكن لدينا تكاليف الإنتاج المطلوبة، وهو ما انعكس على الربح الذي لم يكن كثيرا جدا، فقد كنا نجني من تربية رأس واحد لسنة كاملة ما يقارب من 100 يوان لصوفها، أما الآن فلدينا تكاليف الانتاج المطلوبة وهو ما يقارب يوانا واحدا للرأس الواحد في اليوم، كما يباع صوف الماعز في الوقت الراهن ب 320 يوانا للجرام الواحد، وفي السنة الواحدة تلد الأغنام مرتين ويمكن أن يباع الأغنام الصغيرة ب 2000 يوان صيني"

واليوم، وفي القرية الجديدة في (سو بو آر جا) يقوم الرعاة بتربية أكثر من عشرة ألآف رأس من أفضل أنواع الماعز الجبلي، وقد اقتراح العديد من الأشخاص مثل السيد (ليو في ليانغ) بتسجيل ماركة خاصة لهذا النوع من الماعز وأطلق عليها (مين قاي)، ومن أجل توسيع انتشار هذه العلامة التجارية وترويجها ،قام الرعاة بتأسيس جمعية خاص بتربية الماعز الجبلي، والتي من شأنها أن تقدم للرعاة المعلومات الخاصة بالسوق، والخدمات التقنية، والدعم المطلوب في التعاون بينهم، والتخفيض من تكاليف الإنتاج.

وفي نفس الوقت، تقوم الحكومة المحلية بتقديم التمويل المالي والفني من أجل دعم تربية الماعز، وفي هذا الصدد قال السيد (شياو مينغ) نائب مدير المركز الإداري لمحافظة ( يي جين هو لو):

"لقد مولت الحكومة المحلية نصف تكلفة البناء خلال عملية تأسيس منطقة تربية الماعز، كما قامت بتوفير جميع مصادر الماء والكهرباء. وأثناء عملية الشراء للماعز، تقوم الحكومة بتقديم خاصية القرض المالي، كما قامت بتأسيس مراع مجانية، ويوجد لدينا مركز تدريب يختص بالتدريب الفني للرعاة، لزيادة تعريفهم بأنواع الأعشاب وتربية الماعز، وعلاج ووقاية الماشية وغير ذلك بشكل مجاني"

والآن يعود السيد (ليو شينغ ليانغ) والسيد (هان بينغ) في بعض الأحيان إلى المنطقة القديمة لمشاهدتها، حيث قال السيد (ليو شينغ ليانغ) إنه قبل عشر سنوات كانت الأبقار والأغنام ترعى في هذا المكان، وهو الأمر الذي أضر بالأماكن العشبية بشكل خطير، فهي تقريبا تأكل الثلث من الأعشاب وتدوس الثلث وتبدد الثلث. وفي الوقت الراهن بدأ الرعاة بالتوجه للمدن للعمل فيها أو تربية المواشي في الحظائر الخاصة في فناء المنازل بالقرية، وهو ما أعطى الفرصة للعشب للعودة إلى وضعه الطبيعي، وقال السيد (ليو شينغ ليانغ) عندما رأى العشب يتحول إلى اللون الأخضر يوما بعد يوم:

"لقد كانت الفترة بين عامي 1996 و1998 من أسوأ الأوقات، فالرياح العاصفة لم تكن تترك لنا مجالا لرؤية بالعين المجردة، وكانت الرمال تغطي جميع الأماكن، ولم يعد هناك مكان للون الأخضر، والآن لا وجود للرعاة تقريبا، وهو ما أدى إلى عودة المحيط البيئي إلى وضعه الطبيعي، وقد وصل ارتفاع الأعشاب إلى متر تقريبا، حيث سيختفي أي شخص بالغ يدخل فيها"

أعزائي المستمعين إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من البرنامج الاسبوعي (اقتصاد وتجارة) كان في الإعداد والتقديم أنور الصبري، شكرا على حسن متابعتكم وإلى لقاء متجدد معكم في حلقة جديدة الاسبوع القادم لكم منا أرق التحيات وأطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي