CRI Online

ثاني اقتصاد في العالم يواجه طريقا صعبا

cri       (GMT+08:00) 2011-01-05 16:34:04






مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم! طابت أوقاتكم بكل خير! هذه أجمل تحية لكم من إذاعة الصين الدولية. ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي: اقتصاد وتجارة. وفي حلقة اليوم، نقدم لحضراتكم تقريرا بعنوان:

ثاني اقتصاد في العالم يواجه طريقا صعبا

تجاوز الناتج المحلي الصيني نظيره الياباني مرتين على التوالي خلال الموسم الثاني والثالث للسنة الحالية، ليصبح بذلك ثاني أكبر كيان اقتصادي في العالم بعد امريكا، ويعتبر هذا الحدث من أهم الأحداث الدولية التي شهدها عام 2010.

وقد تباينت مواقف الدول المختلفة في العالم تجاه هذه الأمر فمنهم من أبدى تأكيده ومنهم من صادق على ذلك، كما بدت مشاعر الغيرة من البعض الأخر، وظهر من البعض المزايدة ووصف الصين بأنها إحدى الدول العظمى في العالم والتي يجب عليها تحمل المزيد من المسؤوليات الدولية. في حين تعامل الصينيون بأكبر قدر من التواضع أمام هذه النتائج والبيانات المتفوقة.

"أود أن أسمع بأن الصين في المرتبة الثانية من ناحية مستوى انتاجها المحلي، كما أتمنى أن يصل الضمان الإجتماعي إلى المرتبة الثانية على مستوى العالم"

"هناك فرق شاسع بين المستوى المعيشي لدى الصينيين من جهة واليابانيين من جهة، لا يزال أمامنا طريق طويل وشاق حتى نصل إلى المرتبة الحقيقية لثاني اقتصاد في العالم."

ومنذ عام 1978، وهي بداية خطة الاصلاح والانفتاح الصينية وحتى عام 2009، ازداد معدل الاقتصاد الصيني بأكثر من 9%. وفي عام 2009 تجاوز المجموع الكلي للاقتصاد الصيني 4 تريليونات و900 مليار دولار أمريكي، غير أن معدل الناتج المحلي الصيني للفرد جاء بالمرتبة المائة تقريبا، فالمستوى المعيشي لدى الصينيين لا يزال بعيد جدا مقارنة بالوضع في الدول المتقدمة.

وبناءا على ما أعلنته بيانات صندوق النقد الدولي، فمعدل الناتج المحلي الصيني للفرد لعام 2009 بمقدار 3800 دولار أمريكي، أي ما يعدل العشر بالنسبة إلى الياباني. وفي نفس الوقت التي تظهر فيه بعض وسائل الإعلام الأجنبية دهشتها من ارتفاع القوة الشرائية للسياح الصينيين تجاه السلع الفاخرة، أظهرت أحدث البيانات الواردة من وزارة التجارة الصينية أنه لا يزال لدى الصين 150 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، ولم يصل مستوى الدخل لديهم إلى المعيار المحدد من قبل الأمم المتحدة والمقدر بدولار واحد في اليوم. وطبقا لمعامل جيني المعروف كقياس عالمي لعدالة توزيع الدخل، فقد وصلت الصين إلى مستوى 0.47، وهو معدل يتجاوز ما حددته معايير الإنذار الدولية. ولدى الحكومة الصينية تجاه هذه الجوانب مفاهيمها الواضحة.

"إن الصين خلال مشوارها التنموي حتى اليوم، هناك تقدم وأيضا تقهقر لهذه العملية، وعندما تتداخل التناقضات القديمة والجديدة، نجد أننا نواجه العديد من التحديات"

إن الصين من فئاتها الشعبية حتى الجهات الرسمية تدرك تماما أن التنمية ليست متوازنة تجاه هذه الكثافة السكانية الكبيرة، كما أن الدولة التي لا زالت في خضم مرحلتها الإنتقالية، ستواجهها الكثير من الصعوبات خلال طريق تنميتها.

ومنذ فترة طويلة، اعتمد الاقتصاد الصيني خلال مرحلته التنموية الطويلة على الصادرات ومشاريع الاستثمار، وظل ضعيفا في جوانب الابتكارات التكنولوجية وسبل إدارة السوق. ومن الأمثلة المعروفة أن الصين قامت بتصدير 500 مليون قميص وهي كمية تكفي لشراء طائرة ركاب كاملة.

من جهته يعتقد عميد معهد الدراسات الصينية التابع لجامعة نوتنغهام البريطانية، والبروفيسور في علم الاقتصاد السيد (ياو شو جيه) أن الصين اعتمدت في تنميتها المفرطة للناتج المحلي الصيني على استنزاف مصادر الطاقة والمواد الخام.

"إن مثل هذا الناتج المحلي يعتمد بشكل عال على مصادر الطاقة والمواد الخام، وإذا ما تضاعف إجمالي الناتج المحلي فمن غير المعقول إن يظل على هذا المنوال المعتمد في الوقت الراهن. فأولا من المستحيل أن تتوافر مصادر الطاقة والمواد الخام كما كانت من قبل، فالصين لم يعد لديها مثل هذا القوة الكامنة للإنتاج من مصادر الطاقة والمواد الخام، وسيحتاج الناتج المحلي للصين خلال تنميتها المستقبلية إلى خفض الطلب تدريجيا لاحتياجات موارد الطاقة والمواد الخام، لتحويل نمط النمو الاقتصادي"

كما يعتقد البروفيسور (ياو شو جيه) بأن الأزمة المالية العالمية، تدعو الصين لإعادة التفكير في السبل الحالية تجاه الاقتصاد والمتمثلة في الاعتماد على الصادرات إلى الخارج. يجب على الاقتصاد الصيني تحقيق التنمية المستدامة، من خلال إهمال الكم والاهتمام بالكيف، لتحسين نوعية النمو الاقتصادي.

"يجب أن نحسن من فعالية انتاج الصناعات الحالية من خلال الرفع من مستوى التكنولوجيا. ثانيا، يجب تنمية قطاع الخدمات بشكل أكثر، حتى نرفع من مستوى معيشة المواطنين، كما يجب تعزيز دور الزراعة، فالصين دولة ذات كثافة سكانية عالية، فالناس محتاجون إلى الطعام والملابس بالإضافة إلى البيئة الحياتية، وكل هذا يرتبط بقطاع الزراعة"

تعمل الصين في الوقت الراهن على إعداد خطة تنموية لخمس سنوات قادمة، حيث سيتم تعديل معيار النمو لإجمالي الناتج المحلي للخمس السنوات القادمة ما بين 7% إلى 7.5%، إذ ستقوم الحكومة على الاهتمام أكثر بجودة الاقتصاد. وفي نفس الوقت، ستعمل الحكومة الصينية ولأول مرة على تحقيق اقتصاد "شامل النمو".

وفي هذا الصدد أشار البروفيسور (ياو شو جيه) أن هذا يعني بأن الصين عند توزيعها للاقتصاد الوطني أو عند إعادة توزيعها لمختلف الجوانب ستتاخذ استراتيجية جديدة في ذلك.

"إن نمو الاقتصاد ليس من أجل الأغنياء، ولكن لأجل الشريحة الأكبر من المجتمع، من أجل جميع المواطنين. لتسريع من عملية رفع مصادر الدخل لذوي الدخل المتوسط والمنخفض، حتى تتجاوز ذوي الدخل المرتفع، ليتم تغيير الحالة الراهنة المتمثلة بالفرق الشاسع بين الوضعين، وهو ما من شأنه أن يحل واحدة من أكبر التحديات"

ويشير المحللون إلى أن مستوى التنمية الحالي للصين، يتشابه في الواقع مع الوضع الياباني في ستينات القرن الماضي. إذ قامت اليابان حينها بالعمل على تحسين التوزيع العادل للثروات الإجتماعية، وتأسيس نظام متكامل للضمان الإجتماعي، ولهذا قالت الباحثة المساعدة في هيئة التوقعات الاقتصادية التابع للمركز الوطني للمعلومات السيدة (جانغ مو نان)

"إن هذا هو السبب وراء الخطة الجديدة للخمس السنوات القادمة لإعادة هيكلة الثروة الوطنية. لقد أصبحنا ثاني قوة اقتصادية على مستوى العالم، يجب علينا التحول من دولة غنية في الأصل إلى دولة قوية مواطنوها أغنياء. والتحول من الاهتمام بنمو الثروة إلى الاهتمام بتوزيع الثروة. لدينا احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي، فكيف يمكن لكمية كبيرة من الاقتصاد الوطني أن يعود بالفائدة إلى الشعب، وتقديم مساحة أكبر للمواطنين لايجاد ثرواتهم"

كما أشار الخبراء أنه إلى جانب مواجهة إعادة الهيكلة الاقتصادية في داخل البلاد، وتوزيع الثروات بين شرائح المجتمع، فالقوة التي تتناسب مع لقب "ثاني اقتصاد على مستوى العالم" لا تزال تبتعد كثيرا عن ما هو عليه الحال في الصين. ويعتقد البروفيسور (ياو شو جيه) أنه في المجال الدبلوماسي فالصين لم تنخرط بعد في تيار العالم الدبلوماسي، وفي نفس الوقت وخلال عملية التنمية الاقتصادية، ستواجه الصين الحمائية التجارية وغيرها من التحديات، ولهذا فعندما تعمل الصين في سياساتها الخارجية وتنميتها التكنولوجية والتبادلات وغير ذلك، فعليها التنسيق مع المجتمع الدولي.

إن الهدف الحقيقي من التنمية الاقتصادية هو الإرتقاء بالمستوى المعيشي لدى المواطنين، ورفع مؤشرات السعادة والرفاهية لديهم. وعلى الرغم من أن الكثير من الدلائل تشير إلى أن الصين أكبر الدول النامية في العالم، وأنها تعتبر ثاني قوة اقتصادية في العالم، إلا أن الطريق في المستقبل لا يزال وعرا.

أعزائي المستمعين إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من البرنامج الاسبوعي (اقتصاد وتجارة) كان في الإعداد والتقديم أنور الصبري، شكرا على حسن المتابعة وإلى لقاء متجدد معكم في حلقة جديدة الاسبوع القادم لكم منا أرق التحيات وأطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي