CRI Online

عقد من التطور الاقتصادى ما بين الأزمات والرخاء

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2011-01-18 15:55:54






مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! طابت أوقاتكم بكل خير! وهذه أجمل تحية لكم من إذاعة الصين الدولية. ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي: اقتصاد وتجارة. وفي حلقة اليوم، نقدم لحضراتكم تقريرا بعنوان:

عقد من التطور الاقتصادى ما بين الأزمات والرخاء

على صعيد الاقتصاد العالمى، اتسم العقد الأول من القرن الحادى والعشرين بتعايش الأزمات والرخاء والدمار والتقدم ومزيج من الانخفاضات والارتفاعات.

وتبدو عبارة "لقد كانت أفضل الأوقات، وكانت اسوأ الأوقات"، من العبارات الكلاسيكية للروائى البريطانى تشارلز ديكنز، مناسبة تماما لوصف الاقتصاد العالمى خلال السنوات العشر الماضية.

فإذا كان العالم قد شهد حالة من الاضطراب فى تسعينات القرن الماضي بعد انتهاء الحرب الباردة، فان نسيج التنمية الاقتصادية العالمية اصبح واضحا بشكل متزايد فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.

وعلى مدار السنوات العشر الماضية، أخذ الاقتصاد العالمى يتطور بأنواع مختلفة من طرق التنمية. واثبتت الأزمة المالية العالمية التى بدأت فى عام 2008 من وول ستريت أن النظام الغربي الاقتصادى والمالى بمواطن ضعفه الموروثة لم يكن نموذجا يمكن تطبيقه عالميا.

ومن ناحية أخرى، اختارت غالبية الدول النامية أنماط التنمية الخاصة بها وفقا لأوضاعها الوطنية، وظهرت كقوة إيجابية لتعزيز الانتعاش الاقتصادى العالمى.

فقد كان عموما عقدا بدون حرب كاملة. وبالرغم من أن الاقتصاد العالمى واجه انفجار فقاعة الدوت كوم فى الولايات المتحدة والأزمة المالية وشهد الكثير من النكسات فيما بينهما، إلا أن هذا العقد تمكن من الحفاظ على النمو مع حدوث ازدياد فى الانتاج العالمى وتوسع فى التجارة الدولية وتعمق فى تقسيم العمل الصناعى الدولى.

ومن خلال الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا وخاصة تكنولوجيا الاتصالات، تسارعت خطى جولة جديدة من العولمة بصورة ملحوظة منذ الثمانينات العقد المنصرم.

وقد تم تضمين المزيد من الاشخاص و الاسواق المحلية والموارد فى النظام الاقتصادى العالمى. وزادت الثروة التى كونتها البشرية واتسعت التبادلات الاقتصادية بين الدول وتحسن مستوى معيشة معظم الافراد.

ومن ناحية أخرى، وبالنسبة للتأثيرات الناجمة عن هذه الفقاعات. فقد أشار توماس فريدمان مؤلف كتاب "العالم منبسط" إلى أن الاستثمار خلال فترة فقاعة الدوت كوم فى البنية التحتية للانترنت ككابلات الالياف البصرية العابرة للمحيطات هو الذى أرسى الأساس المادى لنمو العولمة بصورة أكبر بعد الأزمة.

وحاليا، يسود الاعتقاد بأنه من الضرورى تدعيم القواعد المالية العالمية وإعادة تشكيل النظم الاقتصادية والمالية العالمية.

لقد أصبح مفهوم التنمية المستدامة الخضراء والمنخفضة الكربون والتي تقوم على حماية المحيط البيئي أكثر شيوعا. ويمكن أن تصبح القوة المحركة للاقتصاد العالمى خلال السنوات العشر القادمة.

وعلى خلفية التنمية المستمرة للاقتصاد العالمى ككل، اصبحت تنمية كل دولة وكل منطقة خلال العقد الماضى مختلفة تماما. وبدأت الدول المتقدمة بقيادة الولايات المتحدة العقد الأول من القرن الجديد بأزمة وانهته بهزة من أزمة أكبر.

فمن فقاعة الانترنت إلى فقاعة سوق الاسكان ثم إلى الأزمة المالية، ومن أزمة إلى رخاء ثم إلى أزمة أكبر، فقد كان إلى حد ما عقدا مليئا بالصعاب بالنسبة للدول المتقدمة.

وكما قال من قبل سيمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد السابق بصندوق النقد الدولى إن التنمية المختلة للقطاع المالى وسيطرة المضاربة دفعت الاقتصاد العالمى إلى دائرة من الرخاء والهلاك.

من جانبه دعا النائب الاول لرئيس البنك الدولى، فينود توماس إلى زيادة التنسيق بين الحكومات لضمان تحقيق التعافى الاقتصادى العالمى، وحذر من التسهيلات الكمية وحروب العملة واتساع حجم العجز المالى.

وصرح توماس بأن الدول التى تعانى من عجز الميزانية والديون، وبخاصة الدول الصناعية فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، لديها مساحة قليلة للتوسع المالى.

كما أكد على أن التسهيلات الكمية لها حدود، لانها تؤدى الى وجود الكثير من الاموال التى تحاول التحرك الى دول اخرى من أجل الحصول على معدلات فائدة أفضل، ومن بين تلك الدول الصين والبرازيل.

ومن ناحية أخرى، فبالنسبة لغالبية الدول النامية، كان العقد الماضى مستقرا بشكل نسبى حيث شهد تنمية مستمرة وتقدما اقتصاديا واجتماعيا كبيرا.

ووفقا لهذا، تغير ميزان القوى بين الدول المتقدمة والدول النامية بشكل نسبى. ولا يزال الهيكل الاقتصادى العالمى يتطور نحو مستقبل متوازن ورشيد على نحو اكبر.

كما حدثت تغييرات فى منظمات دولية كبرى كصندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، ومجموعة الثمانية، ومجموعة العشرين. وعلى سبيل المثال، حلت مجموعة العشرين محل مجموعة الثمانية لتصبح المنتدى الرئيسى للحوكمة الاقتصادية العالمية.

وعند النظر إلى السنوات العشر القادمة، سنجد أن نمط الاقتصاد العالمى سيتغير، حيث سيشهد العقد القادم تغييرات وتعديلات وأوجه تنمية كبيرة فى الاقتصاد العالمى.

وتشير مختلف العلامات إلى أن تنمية الاقتصاد العالمى ستسلك ثلاثة اتجاهات رئيسية.

اولا، سيتغير الوضع الاقتصادى العالمى بصورة أكثر سرعة حيث ستدخل الحكومات الوطنية تعديلات مهمة على مناهجها لتحقيق التنمية.

فقد حطمت الأزمة المالية العالمية الاستهلاك والمضاربة اللذين تحركهما ديون الولايات المتحدة، الأمر الذى ضخ أيضا قوة دفع جديدة لإعادة الهيكلة الاقتصادية فى الدول المتقدمة. إذ تحاول الاقتصادات المتقدمة استعادة التوازن بين الادخار والاستهلاك وبين الاقتصاد الفعلى.

ومن ناحية أخرى، تحتاج الدول النامية إلى خفض اعتمادها على الصادرات، وتحسين نظام الضمان الاجتماعى، وتحديث نظم توزيع الدخل، وتوسيع الطلب المحلى، ورفع مستوى المعيشة.

وعموما، فبخلاف العوامل الغير قابلة للتوقع كالحروب واسعة النطاق والأمراض والاوبئة والكوارث الطبيعية، فانه من المتوقع أن تدخل غالبية الاقتصادات الصاعدة عقدا جديدا من التنمية والتقدم. وسيظل اصلاح حوكمة الاقتصاد العالمى يزداد عمقا.

وبالاضافة إلى هذا، ونظرا لكون القضايا البيئية تبرز شيئا فشيئا، فمفهوم التنمية المستدامة سيصبح اكثر انتشارا. وسوف تحقق اقتصادات الكربون المنخفض والاقتصادات الخضراء والاقتصادات الصديقة للبيئة تنمية أكبر فى أنحاء العالم.

ثانيا، سيشهد النظام المالى والنقدى العالمى تعديلات مهمة. وقد كشف اندلاع الأزمة المالية العالمية عدم قدرة النظام الحالى تماما على الاستدامة.

إن تدعيم الرقابة المالية لا يعنى احتواء الابتكار المالى أو انكار دور النظام المالى فى العمليات الاقتصادية الحديثة.

بيد انه إذا لم يتم تعديل القواعد المالية، فان ما يسمى بأزمة مالية عالمية قد تلوح في الأفق مرة أخرى فى غضون عقود قليلة. وبالاضافة إلى هذا، فان خطر النظام النقدى الدولي الذى تتم فيه التعاملات بالدولار الأمريكى سيزداد تدريجيا.

ثالثا، ستستمر العولمة فى التطور مع تعايش المخاطر والفرص جنبا إلى جنب. وفى العقد القادم، ستستمر العولمة فى "تحويل" الانتاج العالمي وانماط الاستهلاك والتجارة العالمية، الأمر الذى سيجعل العالم "منبسطا" على نحو متزايد.

وسوف تتيح شبكات الاتصال منخفضة التكلفة والملائمة والحديثة فرصا لمزيد من الاشخاص للمشاركة فى عملية العولمة.

ومن ناحية أخرى، فمن المحتمل أن تغرق عدد من الدول الضعيفة فى مشكلات أكبر بسبب الحروب أو الامراض أو الكوارث الطبيعية فى ظل المنافسة الشديدة فى السوق العالمية. وستحافظ القوى الاقتصادية التقليدية على تفوقها بالتحديث الصناعي وإلا ستهزم فى المنافسة. وقد تواجه الاقتصادات الصاعدة أيضا مشكلات كتلك المسماة "بشرك الدخل المتوسط".

وباختصار، فكل دولة لديها فرصها وتحدياتها. وسيكون العقد القادم كأي عقد أخر فى التاريخ. فالفرص تفضل دوما الدول والشركات والافراد الذين هم على أهبة الاستعداد و أهم شيء بالنسبة لهم هو تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الفرص.

أعزائي المستمعين إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من البرنامج الاسبوعي (اقتصاد وتجارة) كان في الإعداد والتقديم أنور الصبري، شكرا على حسن المتابعة وإلى لقاء متجدد معكم في حلقة جديدة الاسبوع القادم لكم منا أرق التحيات وأطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي