CRI Online

إعادة الأعمار الزراعي بعد الكارثة – التحول من التقاليد إلى الحداثة.

cri       (GMT+08:00) 2011-05-24 15:23:44






مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم! طابت أوقاتكم بكل خير! وهذه أجمل تحية لكم من إذاعة الصين الدولية. ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي: اقتصاد وتجارة. وفي حلقة اليوم، نقدم لحضراتكم تقريرا بعنوان:

إعادة الأعمار الزراعي بعد الكارثة – التحول من التقاليد إلى الحداثة.

كان السيد (تشانغ ون بوه) البالغ من العمر 34 عاما قبل عام 2008 يمكث في شانغهاي ويعمل في مجمع سون تشياو النموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة، ولم يفكر قط بأنه سيذهب للعمل خارج شانغهاي، لكن حدوث كارثة الزلزال المدمرة والمفاجئة جعلته ينتقل من مدينة شانغهاي إلى سيتشوان كما أنه ما إن استقر هناك حتى امتدت فترة مكوثه إلى ثلاث سنوات.

يعمل السيد (تشانغ ون بوه) في قرية هايون شرقي مدينة دوجيانغيان بمقاطعة سيتشوان، وتشتهر القرية منذ القدم بوسائلها في تنظيم مياه الري وخصوبة أراضيها وتعد واحدة من أهم قواعد المنتجات الزراعية في الصين، فمشروع دوجيانغيان للري المشهور يقود نهر مينجيانغ ليغذي هذه الأرض. لكن وللأسف فالزلزال الذي ضرب مدينة سيتشوان قبل ثلاث سنوات دمر ديار المزارعيين المحليين. كما تأثرت الزراعة التقليدية بشكل كبير.

وبعد الزلزال قام مجمع سون تشياو النموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة بإعادة الإعمار للوحدات الموجودة في قرية (هاي يون)، من أجل مساعدة المزارعيين المحليين الذين تأثروا بالكارثة في سرعة إعادة البناء في أراضيهم. وقد قاموا هناك ببناء مجمع نموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة. وقد جعلت الحالة في قرية (هاي يون) السيد (تشانغ ون بوه) نائب المدير العام فيها، جعلته يشعر بالقلق البالغ.

"عندما أتيت إلى القرية، وجدت أنها تأثرت بكارثة الزلزال تأثرا كبيرا نسبيا، فقد انهارت الكثير من المنازل التي كانت قديمة نوعا ما، فكان من الممكن مشاهدة مجموعات المنازل التي تم بناؤها بشكل مؤقت في كل مكان. جدير بالذكر أن عملية إنتاج الفطريات هنا كانت منظمة نسبيا، لكنها كانت تزرع داخل سقائف بسيطة، لذلك انهارت معظمها إثر الزلزال"

وبعد رؤية مشاهد المنازل المنهارة والدمار الذي حل بالأراضي الزراعية، خيم على العاملين في وحدات الإعمار مشاعر حزن ثقيلة. من جهتها قامت شركة (سونغ تشياو) بشانغهاي بالتعاون مع حكومة مدينة دوجيانغيان باستثمار ما يقارب من 60 مليون يوان صيني في تأسيس المجمع النموذجي للزراعة الحديثة. وفي شهر سبتمبر عام 2008 بدأ العمل الفعلي في المشروع، وبعد الانتهاء من انجاز جميع المشاريع على التوالي، دخلت جميعها إلى مرحلة الإنتاج في الوقت الراهن.

وبعد مرور ثلاث سنوات، وعند الدخول إلى قرية (هاي يون) فستتنفس الهواء النقي فيها، وستجد الطرقات الإسمنتية واسعة ونظيفة، كما سترى شتلات الحقول الزراعية الخضراء تمتد على مساحات كبيرة للغاية على ضفتي الطرقات، ومن معالم الزراعة الحديثة صوب التدفئة لنمو الازهار وأشجار الفواكه، كما تمتلئ الشاحنات والجرارات على طول الطريق بالخضروات المحلية، والفواكه ونباتات الزينة والزهور والتي يتم شحنها نحو مدينة دوجيانغيان والأقاليم المحيطة بها.

من جهته قال السيد (تشانغ ون بوه) إن المجمع النموذجي يغطي مساحة قدرها أكثر من 500 فدان، ومجموع قيمة انتاجه السنوي تصل إلى 40 مليون يوان صيني تقريبا، كما وفر فرص عمل للعديد من المزارعين.

"إن أراضينا مستأجرة بالجملة، وتعد أجرة هذه الأراضي أحد مصادر الدخل للأهالي هنا، ومن جهة أخرى، يحتاج مجمعنا إلى عدد كبير نسبيا من العمالة، فهناك أكثر من مائة شخص يعملون في نطاق حقولنا، حيث نعمل على تطوير الزراعة الحديثة ذات التقنيات المتقدمة لذلك، وندرب العاملين الجدد كي يصبحوا عاملين فنيين ماهرين بعد فترة من التدريبات، ولهذا فهم لا يعملون على كسب الرزق فحسب ولكن لمعرفة المزيد من التقنيات"

وكما قال السيد (تشانغ ون بوه)، إن مجمع سون تشياو النموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة لم يساعد إلى إعادة الإنتاج لقرية (هاي يون) فحسب، بل حمل معه أحدث التقنيات الزراعية، والتي أدت إلى زيادة كبيرة في وتيرة التنمية الزراعية المحلية، فعلى سبيل المثال قامت وحدات الإعمار بإنشاء ما يقارب من 5000 متر مربع من الغرف الحرارية لتربية الشتلات.

وتشكل هذه الغرف وورش البذور وغرف تربية نسيج النباتات سلسلة كاملة من تربية البذور والشتلات الزراعية.

وبالإضافة إلى ذلك، قام خبير الزراعة القادم من شانغهاي بإرشاد المزارعين المحليين بتربية منتجات زراعية عالية الجودة، والتي شملت زراعة الزهور وأشجار الفاكهة، بالإضافة إلى إنتاج الفطريات باستخدام المعدات الألية مع الدمج بين مميزات الزراعة المحلية والتقنيات الجديدة. وفي نفس الوقت قامت القرية بإنشاء محطة خدمات للمزارعين ومركز خدمات الماكينات الزراعية وورش غسل وتغليف الخضروات بالإضافة إلى تقديم خدمات صيانة الماكينات الزراعية وتخزين ومعالجة الخضروات، وغيرها من الخدمات.

إن سرعة التنمية للزراعة الحديثة في قرية (هاي يون)، جعلت الكثير من العاملين خارج المنطقة يعودون تدريجيا للعمل الزراعي في القرية. وكانت السيدة (ليو فنغ) أحد هؤلاء، فقد كانت تعمل خارج المنطقة قبل وقوع كارثة الزلزال المدمر، وبعد تأسيس المجمع النموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة، عادت السيدة (ليو فنغ) إلى القرية، وقد استقرت في العمل بالمجمع قرابة سنتين حتى اليوم، حيث يصل دخلها الشهري إلى 1500 يوان، والذي يسد احتياجات الأسرة، وفي معرض حديثها قالت إنه وتحت مساعدة وحدات الإعمار بعد الزلزال فقد شهدت قرية (هاي يون) تنمية سريعة للغاية.

"أولا فمقر عملي هنا قريب جدا من منزلي، حيث يمكنني رعاية أفراد أسرتي من هنا، وفضلا عن ذلك يمكنني تعلم تقنيات جديدة، كزراعة الزهور على سبيل المثال، ففي السابق كانت أنواع المزروعات في ضواحي مدينة (تشانغ دو) حاضرة سيتشوان ليست كثيرة مثلما هي عليه الآن. أما الآن فلدينا تقنيات متقدمة لزراعة الزهور وتربية الشتلات كما أن غرف التربية متطورة للغاية، ففي الماضي كنا نقوم بحصاد الحقول لموسمين زراعيين أم الآن فنحصد ثلاثة مواسم على أقل تقدير، ولهذا فحصادنا كثير"

إن حصاد شتلات الحقول في المجمع النموذجي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة جاء نتيجة أنماط الإنتاج المكثفة، ولم يضمن جودة الشتلات فحسب، بل سد احتياجات المزارعين تماما. ولهذا يقول السيد (تشانغ ون بوه):

"نقوم بتريبة شتلات الخضروات، وقد يصل عددها هذا العام إلى مائة مليون شتلة، والتي من الممكن أن تغطي مساحة قدرها 40 ألف فدان من الحقول الزراعية. وهذا نطاق واسع للغاية، وبمعدل ثلاثة إلى أربعة فدان من الحقول للمزارع الواحد، فيمكن أن يستفيد منها ما يقارب من عشرة ألاف أسرة من المزارعين"

وخلال عملية إعادة إعمار قرية (هاي يون)، لم تأخذ وحدات إعادة الإعمار في الاعتبار تهيئة ظروف مواتية لتعميم تكنولوجيا الزراعة الحديثة فحسب، بل بذلت كل جهودا في نفس الوقت من أجل خلق بيئة صالحة للعيش للمواطنين المحليين.

وفي قرية (هاي يون) يمكن أن ترى بجانب الصوب الزراعية ترتفع أربعة مبان جديدة ذات طابقين لإقامة المزارعين، حيث تم طلاء جدرانها الخارجية بلون أصفر أو أزرق فاتح وقد زينت بأطر خشبية ذات ألوان داكنة، وأمام كل منزل فناء صغير يزرع فيه نباتات وشتلات متنوعة، تجعل المكان يغطى باللون الأخضر.

أما الطرقات الصغيرة النظيفة التي تتوسط المباني والمزخرفة بالأحجار الملونة فتعكس صورة جميلة للغاية، وقد قام بالإشرف على تصميم هذه المباني السكنية جامعة تونغ جي بشانغهاي، وبنيت بتمويل مشترك من قبل وحدات الإعمار وحكومة مدينة دوجيانغيان والمواطنين المحليين، وقد حصل هذا التصميم على جائزة الأمم المتحدة في التصميم السكني.

بالنسبة لها تتمتع السيدة (تشانغ شو تشين) البالغة من العمر 75 عاما بنمط الحياة هذا حيث تعرض الخضروات المجففة لديها لأشعة الشمس في فناء منزلها الذي يعد من الاماكن المفضلة لها للاستراحة في أوقات الظهيرة.

"لقد كانت منازلنا على النمط التقليدي قبل وقوع كارثة الزلزال، وقد دمرت تماما مع الزلزال، والآن فمنازلنا التي نسكن فيها مريحة للغاية، وهي أفضل بكثير من منازلنا السابقة في هذا الجانب. والمحيط البيئي هنا ممتاز جدا، إنني سعيد للغاية، كيف لا أكون سعيدة وكل هذا الجمال هنا"

إن التغيرات التي طرأت على قرية (هاي يون) خلال السنوات الثلاث الماضية بعد حادثة الزلزال المدمر مدهشة للغاية، وقد عاصر السيد (تشانغ ون بوه) بنفسه خلال هذه السنوات التجربة التي شهدتها المنطقة بعد الزلزال، ورأى التغييرات التي بدأت من لا شئ إلى كل شئ. وهو سعيد جدا بأنه يمكنه أن يقدم مساهمة في إعادة إعمار هذه المنطقة بعد الزلزال.

"إن التغييرات في هذه المكان بالفعل عملاقة، ونتبنى الآن نموذج الإدارة الحديثة، للزراعة الحديثة والتقنيات المتقدمة لها، كما تحسنت معارف الناس العاديين، ومن ناحية أخرى فانه في الماضي كانت هنا منطقة زراعية تقليدية، ومنازلها عتيقة ومتفرقة، أما الآن فهذه القرية كقرى الدول المتقدمة، فبعد الانتهاء من البناء تبدو المباني كأنها فلل، وطبيعية للغاية، ولها مواصفات المدينة ففيها كابلات الضوء، والسخانات ومياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي، ومعالجة المحيط الصحي، وهذا التحديث لم يتحقق في الكثير من المناطق على عموم البلاد حتى المناطق المتقدمة فيها."

أعزائي المستمعين إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من البرنامج الاسبوعي (اقتصاد وتجارة) كان في الإعداد والتقديم أنور الصبري، شكرا على حسن المتابعة وإلى لقاء متجدد معكم في حلقة جديدة الاسبوع القادم لكم منا أرق التحيات وأطيب المنى وإلى اللقاء.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي