CRI Online

التشدد في مطالبة الصين عبر المقايضة بوضع اقتصاد السوق أمر غير مقبول

cri       (GMT+08:00) 2011-11-15 14:29:01







وفقا لإحصاءات وزارة التجارة الصينية، بلغ عدد دول العالم المعترفة بوضع اقتصاد السوق للصين 81 دولة، من بينها روسيا، البرازيل، إيسلندا، سويسرا والنمسا، فيما إمتنعت أمريكا وأعضاء الإتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى عن الاعتراف حتى الآن. لكن في الحقيقة، حسب قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO) يمكن للصين الحصول آليا على وضع اقتصاد السوق بعد 15 سنة من انضمامها إلى المنظمة، وهو ما يوافق عام 2016.

تعد روسيا و جنوب إفريقيا من أول دول مجموعة البريكس التي اعترفت مبكرا بوضع اقتصاد السوق للصين. ويعتقد كبير الباحثين في مركز بحوث روسيا للشؤون الاقتصادية والاجتماعية الصينية، السيد إيفان فلاديمير فاخروشن أن الاقتصاد الصيني قد بلغ مستوىً عاليا من التطور، وأن الصين تتمتع ببيئة اقتصادية واستثمارية جيدة جدا، وقدرة كبيرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، وهذا يعود إلى منظومة الضمانات الجيدة التي توفرها الصين لرؤوس الأموال والشركات الأجنبية. وإن استمرار الصين في احتلال الصدارة العالمية من حيث حجم رؤوس الأموال الأجنبية المستقطبة، قد حفز الاقتصاد الصيني على النمو السريع.

وبالنسبة لدول الآسيان، فقد كانت سنغافورة أول من بادر بالاعتراف بوضع اقتصاد السوق للصين، ولاحقا، أعلنت الدول التسع المتبقية اعترافها تباعا، وفي تعليق على هذا الأمر، أشار الدكتور غوتشي يانغ الأستاذ بمعهد لي كوان يو للسياسات العامة في الجامعة الوطنبة بسنغافورة، أثناء لقاء صحفي، أنه نظرا للقرب الجغرافي بين الصين ودول الآسيان، والتكامل القوي بين الجانبين من حيث هياكل الصناعات، والترابط الوثيق في مستوى مراحل الإنتاج، فإن سنغافورة ودول الآسيان يهمها كثيرا أن تؤدي الصين دور "القاطرة المحركة لاقتصاد السوق"، كما تعرفت هذه الدول جيدا على مسيرة انفتاح السوق الصينية، كما يعود اعتراف دول الآسيان بوضع اقتصاد السوق للصين، إلى الصداقة التي تربط بينهما. من جانب آخر، يعد الاعتراف بوضع اقتصاد السوق للصين خيارا عمليا، نظرا للفائدة التي ستعود على دول الآسيان من ورائه.

تميز موقف الاتحاد الأوروبي في تعاطيه مع مسألة الاعتراف بوضع اقتصاد السوق للصين، باللين التدريجي بعد اتصالات طويلة بين الجانبين. حيث، توصل الاتحاد الأوروبي في أبريل 1998 إلى قرار يقضي بشطب إسم الصين من قائمة الدول التي ليس فيها اقتصاد السوق أبدا، واسند لها صفة "دولة ذات اقتصاد متحول"، وهي منزلة تقع بين مرتبة "الدول التي ليس فيها اقتصاد السوق أبدا"، ومرتبة الدول التي تتمتع بوضع اقتصاد السوق الكامل، وفي حالة مواجهة سياسات مكافحة الإغراق الأوروبية، يمكن للشركات الصينية التمتع بامتيازات وضع اقتصاد السوق لمعالجة بعض الملفات. لكن، عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين، أصبح عقبة كأداء في العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي. ويرى الخبراء أن سبب إصرار الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على عدم الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين، لا يعود لعدم معرفتهم بإتجاه تطور الاقتصاد الصيني، بل يعزى إلى رغبة الاتحاد الأوربي في استغلال ذلك كحجة يمكن من خلالها عرقلة الصين.

خلال السنوات الأخيرة، طالب العديد من مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي على غرار ألمانيا وفرنسا، الاتحاد الأوروبي بالإسراع في الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين. ويعتقد فاخروشن أن هناك إحتمال كبير في أن يعترف الإتحاد الأوروبي بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين قبل الفترة الأخيرة من سنة 2016، لأن الصين في النهاية، هي أحد أهم الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي، وهناك تبعية بين الجانبين، ولا يستطيع أي طرف التخلي عن الأخر.

وتعتبر أمريكا أكثر الدول المتقدمة مماطلة في الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين. وقد بدأت المفاوضات الصينية الأمريكية بشأن هذه المسألة منذ سنة 2004. وعلى مدى 7سنوات، ظلّت أمريكا تعطي الوعود بالإسراع في اعترافها بوضع اقتصاد السوق للصين، لكن على أرض الواقع، كانت تماطل في اتخاذ أي تحرك جدي.

الاعتراف بوضع اقتصاد السوق للصين من عدمه، أصبح أحد الأوراق المهمة التي تستعملها أمريكا خلال المفاوضات التجارية مع الصين. ويشير المحللون، إلى وجود علاقة مباشرة بين مسألة الاعتراف بوضع اقتصاد السوق للصين ويين العلاقات التجارية الصينية الأمريكية، وفي هذا الإطار، تمارس الشركات الأمريكية ونواب الكونغرس المتخوفون على مصالحهم ضغطا كبيرا على الحكومة الأمريكية، من أجل أن لاترى هذه الوعود النور. من جانبها، تستخدم الحكومة الأمريكية مسألة الاعتراف كورقة الضغط على الصين، في مسائل من قبيل سعر صرف اليوان، أو الديون الأمريكية إلخ، لإجبار الصين على منحها تنازلات.

إن عدم الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين، قد أدى إلى خسائر متكررة للشركات الصينية تحت مظلة مكافحة الإغراق. وهناك بعض الدول تقْدم على استعمال بيانات دولة ثالثة عند تقييمها للمنتجات الصينية من عدمه إلى مبدأ إغراق السوق، كما تعْمد إلى تضخيم مستوى الإغراق، لتبرير إتخاذها سياسات مكافحة إغراق السوق.

يرى الأستاذ غو تشينغ يانغ أن الحكم على أحقية دولة ما بالوضع الكامل لاقتصاد السوق، لا يعتمد على التاريخ والحقيقة فحسب، بل يجب أيضا يراعي اتجاه تطور السوق في المستقبل. ومنذ دخول الصين منظمة التجارة العالمية، شهد اقتصادها تغيرات جذرية. فعلى صعيد مستوى السوق والتواصل مع الاقتصاد الدولي، أظهرت الصين خصائص اقتصاد السوق الحر. مثلا، تتميز أسعار المنتجات الصينية في السوق الدولية والتجارة الخارجية بدرجة عالية من الحرية. بالإضافة، إلى تزايد أهمية الدور الصيني في التجارة العالمية.

ويرى السيد هو جيانغ يون، الباحث في مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة، أن الصين قد قامت بمجهودات كبيرة من أجل حصولها على الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الكامل للصين. حيث بادرت في البداية إلى تعميق الإصلاح، وخاصة إصلاح القطاعات المحتكرة. كما شجعت ودعمت الاقتصاد الخاص ودخول رؤوس الاموال الأجنبية. إلى جانب فصل إدارة الإنتاج عن السياسة الإدارية في قطاعات النفط والطيران والسكك الحديدية والإتصالات. أما بالنسبة لإصلاح الأسعار، فباستثناء بعض المنتجات الحيوية بالنسبة للمواطن، فإن أسعار أكثر من 98 % من المنتجات تحددها السوق. زد على ذلك الإصلاحات المالية، حيث قامت الصين بإصلاح نظام سعر الفائدة و سعرالصرف، إلخ. ثانيا، قامت الحكومة بتحسين منظمومة الانفتاح، ووفقا لإتفاقية الـ WTO التي صادقت عليها، قامت بخفض الحواجز الجمركية على تجارة السلع. وقلصت من الإجراءات غير الضريبية.

وخلال السنوات الأخيرة، عززت الصين انفتاح تجارة الخدمات، وقد نفذت تسهيلات لدعم التجارة والاستثمار، و حققت الصين في بعض قطاعات الخدمات مستوى انفتاح يفوق حتى بعض الدول الغربية المتقدمة. كما حررت الصين قطاع السيارات بالكامل، وهذا لم يشمل صناعة السيارة كاملة وقطع الغيار فحسب، بل حررت أيضا قطاع خدمات السيارات. أما بالنسبة لقطاعات خدمات التوزيع، والحاسوب، إلخ، فإن مستوى انفتاح السوق الصينية أعلى من نظيره في الدول العادية. ثالثا، تسهيل الدخول إلى السوق، والتخفيض من حواجز السوق، ومعْيرة نظام السوق، وبناء سوق محلية موحدة.

ويعتقد الباحث هوجيانع يون، أن بعض الدول الغربية المحددة لقواعد اقتصاد السوق، هي نفسها أكبر مخرب له. مثلا، فرضت أمريكا سنة 2003 تدابير حمائية على قطاع الحديد والصلب، منافية لقواعد منظمة التجارة العالمية، ومارست على أرض الواقع الحمائية التجارية. كم رأى أن إصلاحات السوق الصينية قد حققت نجاحات كبيرة، يجب على أمريكا وأوروبا واليابان أن تضعها في عين الاعتبار. وأن لاتستمر هذه الأطراف في تجاهل هذه الحقيقة، وممارسة التنديد غير المبرر، وطرح الشروط المشطة.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي