يتحدث الدكتور " كمال محجوب " قائلاً : تعتبر الاستشارات المالية من أهم الخدمات التي يعتمد عليها القطاع الخاص عند تأسيس مشاريعه الجديدة أو إعادة هيكلة مشاريعه القائمة، لذا فإن جودة الدراسات المالية لها أهمية بالغة في تحقيق أهداف المستثمرين، ومع ازدهار سوق المال لدينا خلال السنتين الماضيتين زاد الطلب على خدمات المستشارين الماليين وخصوصاً في مسألة تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة وإدراجها في سوق المال.
ومع أهمية الدور الذي يقوم به المستشار المالي فإن هناك شبها لفوضى في هذه السوق ولعل أبرزها تعدد الجهات التي ترخص لمزاولة مثل هذه الأعمال وغياب مرجعية موحدة تؤدي دور الرقيب والضابط لهذه السوق المهمة. لأن سوق الاستشارات غير منظمة في الوقت الحالي, وهي أيضا غير منظمة في كثير من دول العالم, وقد لا يتطلب الأمر وجود تصنيف لمكاتب المحاسبة أو مكاتب الاستشارات, على الرغم من أن تصنيف مكاتب الاستشارات بناء على حجمها أو نوع الخدمات التي تقدمها قد يعطي المستخدم فائدة جيدة, لكن الأهم هو النظر إلى حاجة المستخدم نفسه وكذلك طالب الاستشارة يجب أن ينظر إلى الجهة التي تقدمها وأن يتأكد أن هذه الاستشارة تفي باحتياجاته, وأن المكتب متخصص في تقديم هذا النوع من الاستشارات, يجب أن نميز بين تقديم استشارات مالية إلى فرد, أو تقديم استشارات إلى شركة, أو هيئة, أو جهة, أو مؤسسة حكومية, وبعبارة أخرى يجب أن نأخذ في الحسبان أن كل مكتب استشاري له مؤهلات وخبرات ويجب أن يكون التقييم بناء على هذه الخبرات والمؤهلات. ان واقع سوق الاستشارات المالية في الوقت الحالي, فأنا أعتقد أنه ينقسم إلى نوعين: الأول ترخص له وزارة التجارة وما زالت وهذا مستمر من فترة طويلة وتوجد مكاتب مرت عليها سنوات طويلة تعمل مع عملاء يقدرون عملها, لكن في الفترة الأخيرة مع موجة تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة قام كل من لديه ترخيص سابق بدخول السوق, أما المكاتب القديمة فإن لها زبائنها وهي لا تعتمد على قضية تحول الشركات إلى شركات مساهمة فقط بل تشمل خدماتها الهيكلة المالية و دراسات التوقعات المالية والتوسعات والاندماجات. إن بعض الشركات دون قصد تنظر إلى الجانب المالي فقط عند رغبتها في عمل أي استشاره لإعادة هيكلة أو لأغرض الإدراج أو للتحول إلى شركة مساهمة, و لا ينظرون إلى الجودة.
فالمكاتب غير المؤهلة تعتمد في إعداد دراساتها على جهود المكاتب الأخرى التي لديها كادر كامل طول السنة وتعمل على عمل تحديث لمعلوماتها بشكل مستمر، وهي تقدم خدماتها لمن لا يفهم في سوق الاستشارات وهذا خطير لأن أي قرار استثماري يعتمد على دراسات غير جيدة سيؤدي إلى تأسيس شركات فاشلة تكون عبئا على الاقتصاد.
أن الاستشارات يجب ألا ينظر إليها قبل البدء في الشركات فقط كما هو معروف حاليا ولكن المفروض أن يكون هناك اهتمام بعملية الاستشارات في ثلاث مراحل الأولى قبل البدء في الشركة, والثانية خلال عمل الشركة والثالثة بعد الشركة, فمن خلال عملي مستشارا ماليا في مجموعة كبيرة من الشركات, وجدت مشاكل معينة يعود السبب الرئيسي فيها إلى وجود إدارات لا تتمتع بالكفاءات والمهارة الإدارية المطلوبة وهذا يؤدي إلى تدهور حال الشركة من سنة إلى أخرى, بينما وجود مستشار يمتلك مستوى متوسطا يساعدها على معالجة الكثير من المشاكل الموجودة, هذا من ناحية تقديم الاستشارات. 
