CRI Online

" سحر المناطق الغربية القديمة في كاشغر "

cri       (GMT+08:00) 2016-10-31 14:39:16

  

تقع مدينة كاشغر في جنوب غربي منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، ويوجد بها مقر حكومة منطقة كاشغر، وهي أقدم مدينة في غربي الصين. يرجع تاريخ كاشغر إلى ما قبل ألفين ومائة سنة، وهي المركز السياسي والاقتصادي والثقافي ومحور المواصلات وأكبر مركز لتداول المنتجات الزراعية والحيوانية في جنوبي شينجيانغ. وهي أيضا مدينة تجارية هامة على طريق الحرير القديم، ومحور للنقل وملتقى حضاري وثقافي واقتصادي بين الشرق والغرب.

كلمة "كاشغر" في اللغة الويغورية تعني المكان الجميل مثل الياقوت والأحجار الكريمة.

وتقع كاشغر، التي كانت جزءا من بلدة شوله القديمة، في السفح الشمالي لهضبة البامير وغربي صحراء تاكلاماكان. يبلغ متوسط ارتفاعها فوق سطح البحر 1289 مترا، ويعيش فيها أبناء إحدى وثلاثين قومية، منها الويغور وهان والطاجيك والقرغيز. تجاور طاجيكستان وأفغانستان وباكستان، ويصل طول حدودها إلى 888 كيلومترا، وهي قريبة من قرغيزستان وأوزبكستان والهند أيضا، ما يجعلها أسهل ممر دولي كبير يربط بين الصين وآسيا الوسطى وجنوبي وغربي آسيا وأوروبا.

ترتبط المناطق الغربية بمناطق السهول الوسطى ارتباطا وثيقا منذ قديم الزمان.

الملك تشو مو (1001 ق.م- 947 ق.م) في عهد تشو الغربية (القرن الحادي عشر ق.م- 771ق.م) هو أقدم رحالة صيني. قيل إن الملك تشو مو كان لديه ثمانية خيول مميزة وسائس خيل ممتاز. حسب السجلات التاريخية، انطلق الملك تشو مو من مدينة هاوجينغ (مدينة شيآن حاليا)، عاصمة أسرة تشو الغربية (القرن الحادي عشر ق.م- 771 ق.م) إلى جبال كونلون، وقابل الملكة الأم للسماء الغربية وأنشدا معا بعض الأشعار، الأمر الذي يجسد قصة جميلة للتبادلات بين المناطق الغربية والسهول الوسطى. وقد جسد بعض الرسامين المشهورين هذه القصص في لوحاتهم مثل، جوزيبي كاستيغليون (الإيطالي) وشيوي بي هونغ.

في عام 119 ق.م، كان تشانغ تشيان، رائد شق طريق الحرير البري، في زيارة إلى  كاشغر خلال رحلته إلى المناطق الغربية. وفي عام 60 ق.م، من أجل ضمان سلامة المرور في طريق الحرير، أقامت الحكومة المركزية لأسرة هان الغربية (206ق.م -24م)) هيئة لإدارة المناطق الغربية في شينجيانغ، باعتبار كاشغر جزءا هاما في المناطق الغربية، وانضمت إلى الصين رسميا. بعد القرن السادس، أصبحت كاشغر حصنا عسكريا في عهد أسرة تانغ (618م- 917م) وكانت إحدى أشهر المدن حينذاك.

وفي فترة أسرة يوان (1271م- 1368م)، كانت كاشغر إقطاعية لابن جنكيز خان الثاني، جاغاتاي خان.

قبل فتح طريق الحرير البحري في القرن الخامس عشر، كانت كاشغر نقطة التقاء الطريق الجنوبي والشمالي والمتوسط ومحور النقل على طريق الحرير القديم المشهور، وتاريخها التجاري مع آسيا الوسطى وجنوبي آسيا وغربي آسيا وأوروبا يرجع إلى عهد قديم جدا، وكانت ملتقى للتجار الشرقيين والغربيين، فاعتبرت بمثابة "قاهرة الشرق".

منطقة كاشغر هي مهد ثقافة قومية الويغور، ومعظم سكانها من الويغور، ويمكن التمتع بميزات وثقافات وفنون قومية الويغور في كاشغر، ولذا يقال: "لم يزر شينجيانغ من لم يذهب إلى كاشغر".

يعتنق أبناء الويغور الدين الإسلامي الذي ترك أثره عليهم في لباسهم وطعامهم وشعائرهم وتقاليدهم.

تعتبر كاشغر "موطن الرقص والغناء"، وقد انتقل رقص وغناء كاشغر إلى السهول الوسطى قبل ألف سنة، وقد اشتهر رقص وغناء كاشغر إلى تشانغآن (شيآن حاليا)عاصمة أسرة تانغ (618م- 917م). يجيد الويغوريون الرقص والغناء منذ الطفولة، إذ يشعرون بسعادة، ويعبرون عن شعورهم وآمالهم وأحلامهم بالرقص والغناء. ((المقامات الاثنا عشر)) مشهورة وهي أعلى عمل موسيقى كلاسيكي ويغوري وأنفس كنز لفنون الغناء الويغورية. وهناك أنواع مشهورة من الرقصات الويغورية مثل "سنام كاشغر" و"سنام داولنغ" و"رقصة شامان".

الملابس الويغورية جميلة ومتعددة ومتنوعة وتمتاز بسمات فريدة. فوق القميص، يلبس الرجل الويغوري "يويبان" (الجلباب) وحزاما مستطيلا يمكن تعليق مستلزمات صغيرة فيه. تحب النساء ارتداء التنورة الملونة. كل من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ يحبون ارتداء قبعات الزهرة الرباعية الرائعة والأحذية الطويل الساق. بجانب ذلك، تحب النساء ارتداء الأقراط والأساور والقلائد والخواتم ومناديل الرأس الملونة. ويفضلن تمشيط شعورهم على شكل ضفائرة صغيرة طويلة أيضا.

يعيش أبناء قومية الويغور في بيوت مستطيلة مسطحة من طابق واحد، وعلى سقف البيت توجد كوة، ويمكن الاستظلال وتجفيف الحبوب على السقف أيضا. يحب الويغوريون التعايش معا. وتتشابك الترع وقنوات الري في القرية، ويزرع السكان كثيرا من أشجار الفواكه. وفي شمال شرقي مدينة كاشغر القديمة، ما زال هناك تجمع ويغوري تقليدي، حيث يتمسكون بالعادات التقليدية، فكلما ازداد عدد الأسرة، يقومون ببناء طابق جديد في بيت الأجداد. وتتناقل هذه العادة جيلا بعد جيل، فتظهر البيوت مرتبطة ببعضها، بيت ببيت وشقة بشقة على جرف لوس، مشهورة في كاشغر، وبينها يوجد أكثر من خمسين زقاقا.

للبيوت على جرف اللوس تاريخ عريق، وبعضها يتجاوز مئات السنين. كل منها يسجل تاريخ أسرة. بسبب مفهوم العشيرة القوي، جوهر ثقافة البيوت هذه هو شعور الاشتياق والانتماء إلى العائلة والبلدة. وفي بعض البيوت الكبيرة، توجد بضع عشرة غرفة ويعيش فيها أجيال عديدة. فلا يمكن معرفة ميزة ثقافة البيوت وميزة الحياة لأبناء الويغور إلا عن طريق زيارة تلك البيوت والأزقة.

منذ عام 2009، بدأت حكومة كاشغر مشروع إصلاح المدينة القديمة، واستثمرت أكثر من سبعة ملايين يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6.7 يوانات)، وقامت بترميم البيوت التقليدية لخمسين ألف أسرة ويغورية. بعد الإصلاح، مازالت المدينة القديمة تحافظ على الطراز المعماري التقليدي و حلت مشاكل القمامة واستخدام الماء وغيرها من المشاكل اليومية، مما حسن حياة السكان بشكل عام.

فخار كاشغر: ظهر "فن الطين" أو "فخار كاشغر" في العصر الحجري الحديث، وتطور إلى الفخار الملون في القرن الثاني للميلاد. يصنع أبناء الويغور الفخار من دون قالب أو نموذج محدد، اعتمادا على تجاربهم الذاتية فقط. تستخدم منتجات الفخار كمستلزمات يومية وكأعمال فنية مزخرفة. ويحب معظم الويغوريين الفخار ذا الأسلوب والأشكال الإسلامية. الأعمال الرئيسية لفخار كاشغر هي الأطباق والصحون والأباريق، بما فيها "إبريق العبد" الذي يعتبر عملا مثاليا لفخار كاشغر.

المدينة القديمة: تقع المدينة القديمة في قلب كاشغر حاليا، وهي نموذج لثقافة كاشغر وثقافة الويغور، وهي أيضا منطقة حضرية ذات ميزة ثقافية إسلامية. في عام 2015، تم اختيارها كمقصد سياحي وطني بدرجةA5 . تجسد البنايات في المدينة القديمة الطراز الإسلامي والويغوري، حيث تتشابك الطرق بأسلوب واحد. بجانب البنايات الفريدة، توجد الشوارع ذات الموضوعات المميزة، بما فيها شارع الحدادة وشارع قبعات الزهور وشارع أصص الزهور وشارع الأعمال اليدوية وشارع الفخار وغيرها. يسمح بعض المحليين للسياح بزيارة بيوتهم؛ فإذا فُتح باب البيت على مصراعيه، فهذا يعني أن رب المنزل موجود في البيت؛ وإذا فتحت درفة باب واحدة، فهذا يعني أن ربة المنزل هي التي في البيت؛ أما إذا تم تعليق الستارة، فذلك يعني وجود ضيوف في البيت.

عادات قومية: أبناء قومية الويغور معروفون بحماستهم واحترامهم للتقاليد والعادات. وهم يكرمون الضيف حتى وإن كان غريبا، إلا أنهم في نفس الوقت يلتزمون بشدة بالآداب والتقاليد. وفي جانب الطعام، يلتزم الويغوري بالشريعة الإسلامية التزاما تاما؛ فلا بد أن يركع، ويغسل اليدين قبل الأكل وبعد الأكل، ويجفف اليدين بمنشفة، ويقسم الخبز إلى قطع، فلا يمكن أكل كله مباشرة. ويقبل الشيء الذي بيده لأنه نعمة من الله، ولا يمكن أن يستخدم أشياء الآخرين بدون موافقتهم. ويحظر أخذ الأشياء الغير محببة عند دخول المسجد والمقبرة.

كاشغر ليست موطن ثقافة الويغور فحسب، وإنما أيضا ملتقى الحضارات الأربع القديمة في العالم، حيث تندمج وتتطور الثقافات والقوميات والعادات المختلفة في ممر التاريخ الطويل. القوميات العديدة تمثل المناظر الإنسانية البارزة الفريدة في مجرى التاريخ الطويل، وتشكل ثقافات متعددة في كاشغر.

تتعايش الأديان الشامانية، الزرادشتية، النسطورية، البوذية، والإسلام في كاشغر، الثقافات الدينية المختلفة والمتنوعة تجعل هذه الأرض أكثر سحرا بل وتجعلها عالما مليئا بالألغاز والأسرار.

منذ زيارات تشانغ تشيان إلى المناطق الغربية، تأثرت كاشغر بثقافة السهول. وفي نفس الفترة، دخلت البوذية إلى كاشغر، وخلال الألف سنة التالية، أصبحت البوذية دينا رئيسيا في كاشغر. وقد جعلت الثقافة البوذية هذه المدينة إحدى المراكز البوذية حينذاك، وحتى اليوم مازال فيها الكثير من الآثار البوذية القديمة. وفي الوقت ذاته، تطورت فيها المعتقدات النسطورية، المانوية والزرادشتية والشامانية. بعد القرن العاشر الميلادي، مع تكوّن القومية الويغورية والفتوح الإسلامية، بدأ خروج البوذية من كاشغر تدريجيا، ودخول الإسلام فأصبح الدين الرئيسي للمنطقة.

هذا التاريخ المميز يجعل كاشغر تجمع بين الحضارة الصينية والحضارة الهندية والحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية، الأمر الذي يوفر لكاشغر أساسا ثقافيا عميقا.

مع هذه الخلفية من تعددية الأديان، الإسلام في كاشغر يزيد من ميزة التسامح والتعايش مع الأديان الأخرى. ومن الممكن رؤية العناصر البوذية والطاوية في المساجد؛ وفي الساحة خارج مسجد عيد كاه، يرقص الويغوريين الرقص الشاماني؛ وفي عمق صحراء كاشغر، يؤدي المتصوفون فيها بعض الطقوس البوذية.

وخلال السنوات الأخيرة، أكد علماء وباحثون غربيون أن جوهر ثقافة شينجيانغ ربما هو ناتج لتعددية الثقافات المتراكمة في طريق الحرير. باعتبار كاشغر مدينة هامة في طريق الحرير، تجسد تعددية ثقافة شينجيانغ مركزيا، وهذه التعددية تقدم سحرا فريدا لكاشغر.

مسجد عيد كاه هو قلب هذا الموقع، الذي يضم ساحة عيد كاه ومنارة الزيارة ومركز العادات الشعبية ومتحف المناطق الغربية ومشروعات الأعمال اليدوية والزينات الذهبية، ويتمتع بميزة قومية ودينية. يقع مسجد عيد كاه في غرب الساحة، وتبلغ مساحته 16800 متر مربع، ويتكون من أربعة أجزاء: المئذنة والحرم وقاعة الصلاة ومكتبة للكتب النفيسة. يرجع تاريخه إلى ما قبل خمسمائة سنة. وفي القديم، كان المسجد مكانا هاما لنشر ثقافة الإسلام وتدريب الأكفاء، وتخرج فيه كثير من رجال الدين والعلماء الكبار. الآن هو مكان للصلاة لكل المسلمين في شينجيانغ، خلال عيدي الفطر والأضحى، يجتمع المسلمون هنا ويؤدون الصلاة فيه ويحتفلون بالعيد. ووفقا للشريعة الإسلامية، في السابق لم يكن يسمح لغير المسلمين بدخول المسجد، ولكن الآن يسمح لهم بالدخول للزيارة، وأيضا هناك مكان مخصص للنساء في المسجد. لكن في يوم الجمعة، لا يسمح لغير المسلمين بدخول المسجد. وبالإضافة إلى ذلك، يمنع التقاط الصور من دون أخذ الموافقة.

مقبرة المحظية شيانغ: تقع حديقة مقبرة المحظية الإمبراطورية شيانغ، في قرية هاوهان التي تبعد عن الضاحية الشرقية لمدينة كاشغر بحوالي خمسة كيلومترات. وهي أشهر مقبرة لأسر المسلمين في شينجيانغ، ويقال إن شيانغ، التي كانت محظية للإمبراطور تشيان لونغ في أسرة تشينغ (1616م- 1912م) دفنت هنا، لذا سميت المقبرة باسمها. في الحقيقة، هذا المكان عبارة عن مجموعة من المقابر لخمسة أجيال لأسرة كبيرة. مقبرة المحظية الإمبراطورية شيانغ عبارة عن ضريح مكون من البوابة والقاعة الصغيرة للصلاة والقاعة الكبيرة للصلاة وقاعة المقبرة الرئيسية، وجميعها تتمتع بمزايا إسلامية عميقة. قاعة المقبرة الرئيسية هي أهم بناية في المقبرة وهي أكبر قبة في شينجيانغ، مزخرفة بالطوب المزجج الأخضر الذي يرجع تاريخه إلى ما قبل ثلاثمائة سنة، وعليها زخارف ورسوم إسلامية ملونة وآيات من ((القرآن الكريم)). تقع كومة قبر المحظية شيانغ في شمال شرقي الحديقة، وعلى نصبها كتب اسمها باللغة الويغورية ولغة قومية هان. كومة القبر مشيدة بطوب مزجج أزرق وعليه أقمشة ملونة ذات صور ورسوم. لا توجد رواية موحدة لسيرة وقصة المحظية شيانغ مما يزيد من غموضها وأسرارها.

معجم التركية العربية الكبير: هو معجم اللغة التركية الذي يشرح ويوضح معاني الكلمات باللغة العربية. وقد قام بتأليفه العالم الويغوري الكبير محمود الكاشغري وأكمله في سبعينات القرن الحادي عشر. هذا المعجم هو إنجاز مثمر ومميز للثقافة الويغورية في القرون الوسطى، يظهر ثقافة أبناء الويغور وأبناء آسيا الوسطى قبل تسعة قرون، ويوفر مادة للبحث في اللغة وقواعد اللغة والألفاظ العامية في اللغة التركية في القرون الوسطى، ويحافظ على معطيات نفيسة كثيرة حول تاريخ ومجتمع القبائل التركية حينذاك. خلاصة القول، هو وثيقة هامة ونادرة.

مستمعينا الأعزاء، استمعتم في الدقائق الماضية إلى تقرير بعنوان " سحر المناطق الغربية القديمة في كاشغر "، في الدقائق التالية، سنقدم لكم خبرا بعنوان " التعليم الأساسي ضروري لتحقيق الحلم الصيني ".

 

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي