CRI Online

الماراثون في الصين

cri       (GMT+08:00) 2016-12-09 10:07:33


 

مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم. طابت أوقاتكم بكل خير، وأهلا وسهلا بكم معنا في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي: الصين تحت المجهر. معكم في الأستوديو أسامة مختار. في حلقة اليوم، نعرفكم على تاريخ الماراثون وتطوره في الصين. فأهلا ومرحبا بكم.

--------------------

الماراثون من ألعاب القوى، ويعني رسميا الركض لمسافة 42.195 كيلومترا. وقد أدرج ضمن ألعاب الرجال في دورات الألعاب الأولمبية منذ عام 1896. وفي دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس سنة 1984، تم إدراجه ضمن ألعاب السيدات.

في عام 490 قبل الميلاد، نشبت معركة بين اليونانيين والفرس في منطقة ماراثون باليونان. وبعد نزاع طويل انتصر اليونانيون على الفرس، فخرج شخص من المقاتلين اليونانيين اسمه فيديبيدس ركض لمسافة أربعين كيلو مترا من منطقة ماراثون إلى أثينا ليخبر أهلها بانتصارهم على الفرس. ولكن، بعد أن أخبرهم لقي حتفه من شدة التعب والإرهاق. وقد سُمي سباق الماراثون بهذا الاسم تيمنا بهذا الجندي الذي قطع كل هذه المسافة من أجل أن يزف خبر الانتصار إلى الشعب اليوناني. أقيمت أول بطولة للألعاب الأولمبية عام 1896 في اليونان، وكانت رياضة الماراثون من الألعاب الأساسية في الأولمبياد. وكان السباق يبدأ من جسر قرية ماراثون إلى أثينا، وهي نفس المسافة التي قطعها فيديبيدس. وقد حصل على الميدالية الذهبية لهذا السباق في أول دورة للأولمبياد العداء اليوناني سبيريدون لويس (1873- 1940) الذي يحمل ملعب أثينا الأولمبي اسمه (إستاد سبيروس)، وقد قطع المسافة في ساعتين و58 دقيقة و50 ثانية.

في الألعاب الأولمبية القديمة، كانت مسافة الماراثون حوالي أربعين كيلومترا. وعندما بدأت الألعاب الأولمبية الحديثة عام 1896، ظلت مسافة الماراثون أربعين كيلومترا أيضا. وفي أولمبياد عام 1908، تحددت مسافة 41 كيلومترا و352 مترا في لندن. ويقال إن الأسرة الملكية البريطانية أرادت أن تكون البداية في قلعة وندسور بحيث يستطيع أحفاد الملك إدوارد السابع أن يشاهدوها، وفي نفس الوقت تكون النهاية أمام منطقة الجلوس الملكية في الملعب الأولمبي بحيث تستطيع الملكة ألكسندرا أن تراقبها، لذا تمت إطالة مضمار السباق ليلائم تلك المتطلبات. وقد تم قياس تلك المسافة بالضبط وتثبيتها في كافة سباقات الماراثون التالية.

-------- تطور الماراثون في الصين

أقيم أول سباق ماراثون في الصين عام 1981 في بكين، في وقت لم يكن لهذه الرياضة جماهيرية واسعة بالبلاد. وفي السنوات الأخيرة، ومع تزايد اهتمام الصينيين بالصحة والرياضة، بات كثيرون منهم يقبلون على الركض.

حسب الإحصاءات، وصل عدد سباقات الماراثون المسجلة في لجنة الصين لألعاب القوى إلى 134 في عام 2015، بزيادة 83 سباقا مقارنة مع عام 2014. ومن بين هذه السباقات، 53 ماراثون كاملا و43 نصف ماراثون وثلاثة عشر سباقا لمسافة عشرة كيلومترات وأربعة سباقات لمسافة مائة كيلومتر وواحد وعشرون سباقا آخر. من ثلاثة عشر سباقا في عام 2010 إلى مائة وأربعة وثلاثين سباقا في عام 2015، شهد عدد سباقات الماراثون في الصين زيادة بحوالي عشرة أضعاف خلال خمس سنوات. وخلال عام 2015، صارت عطلات نهاية الأسبوع كلها تقريبا عطلة للماراثون، بل إنه في الثامن عشر من أكتوبر 2015 أقيم أحد عشر سباق ماراثون في الصين.

إضافة إلى زيادة عدد السباقات، أصبح الماراثون متعدد الأشكال. فعلاوة على الماراثون ونصف الماراثون والماراثون لمسافة خمسة كيلومترات والماراثون لمسافة عشرة كيلومترات وغيرها من السباقات التقليدية، أقيمت في الصين سباقات ماراثون الجبال وماراثون الغابات وماراثون الشواطئ الرملية والماراثون الفائق ونصف الماراثون للنساء وسباق ماراثون التتابع.

حاليا، تقام سباقات الماراثون في الأربع بلديات التابعة مباشرة للحكومة المركزية، و79 مدينة في 23 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم، وبلغ عدد المشاركين في سباقات الماراثون بالصين عام 2015، مليونا وخمسائة ألف شخص، بزيادة ستمائة ألف فرد بالمقارنة مع عام 2014، ووصل عدد المشاركين في الماراثون ونصف الماراثون تسعمائة ألف فرد عام 2015 بزيادة ستمائة وأربعين ألف فرد بالمقارنة مع عام 2014. وجاء المشاركون في الماراثون من حوالي تسعين دولة ومنطقة. قال دو تشاو تساي، مدير مركز إدارة ألعاب القوى التابع لمصلحة الدولة العامة للرياضة البدنية: "يمكننا أن نقول إن الماراثون صار أكثر السباقات الجماهيرية تأثيرا وترحيبا. وقدمت سباقات الماراثون مساهمات نشيطة لتقوية أجسام الجماهير وتشجيع أسلوب الحياة الصحي".

---------- لماذا تلقى سباقات الماراثون شعبية كبيرة في الصين؟

تشير الإحصاءات الرسمية في الصين إلى أن عام 2016 فقد شهد تنظيم 187 مسابقة ماراثون خلال نصفه الأول فحسب. وبينما كان الراغبون في المشاركة في مسابقات الماراثون يضطرون إلى التنقل إلى بكين أو شنغهاي أو قوانغتشو أو شيامن وغيرها من المدن الكبرى، أصبح هذا النوع من المسابقات في الوقت الحالي ينظم في المدن المتوسطة والصغيرة أيضا، ما سهل المشاركة في السباقات على أعداد كبيرة من الناس. ما سبب الشعبية الكبيرة التي تجدها مسابقات الماراثون في الصين خلال السنوات الأخيرة؟

السبب الأول هو سهولة المشاركة وفوائد كبيرة تعود على المشاركين

تعد المشاركة في الركض متاحة لغالبية الأشخاص، كما تتميز هذه المسابقة ببساطتها وسهولة إتقانها، حيث يعد ارتداء حذاء رياضيا شرطا كافيا للقبول في المسابقة. في المقابل يعود الركض بفوائد كثيرة على المشاركين، سيما الفوائد الصحية وتخفيف الوزن، كما يستعمله البعض للتخلص من العادات الحياتية غير الصحية مثل السهر. من جهة أخرى، أصبح الركض في الوقت الحالي يشهد ثراءا متزايدا في المحتويات والأنشطة.

وعلى سبيل المثال، يعتبر البعض الركض فرصة لتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، ففي السابق كانت الطبقة الوسطى فما فوق تفضل دراسة إدارة الأعمال لتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، أما الآن فقد بات الركض بديلا، ويشارك فيه حتى رجال الأعمال. في هذا السياق، يقول أحد المشرفين على دورات التدريب في مسابقات الماراثون بقوانغتشو، إن رياضة الركض أصبحت تسجل مشاركة عددا متزايدا من مسؤولي الشركات الكبرى، بل إن بعض الشركات أصبحت تعتبره إحدى الأنشطة التدريبية لموظفيها.

ويرى البعض الآخر الركض على أنها متنفس وطريقة لكسر روتين الحياة وتعلم أشياء جديدة. وفي الوقت الحالي توجد بعض المنتديات الخاصة بالركض، التي تضم عشرات آلاف المسجلين، الذين يتبادلون انطباعاتهم عن الجري ومسار الركض وينظمون مواعيد الجري الجماعية، وهناك من تعرف على شركاء تجاريين وهناك من تعرف على نصف الثاني عبر هذه الرياضة.

لذا فإن سهولة المشاركة والفوائد الكبيرة من المشاركة جعلت الركض يتحول لرياضة ذات شعبية في شوارع المدن الصينية.

السبب الثاني هو عائدات كبيرة واستثمارات صغيرة وراء دعم حكومي

تمتلك بعض المدن العالمية المشهورة علاماتها الخاصة في الماراثون، مثل طوكيو، شيكاغو، نيويورك وبرلين، التي تجذب سنويا آلاف المشاركين. وبالمقارنة مع هذه المدن، لاتزال مسابقات الماراثون في المدن الصينية في مرحلة النمو، لكن مختلف المدن الصينية مهما كان حجمها تنظر لمسابقات الماراثون كفرصة لزيادة شهرتها وتسويق صورتها.

تنظيم مسابقات الماراثون إلى جانب أنه فرصة للإشهار وزيادة إشعاع المدن على المستوى الدولي، يعد الماراثون أيضا آلية تساعد على الدعاية لثقافة المدينة وتنميتها الاقتصادية. وفي بعض المدن التي تمتلك تجربة جيدة في تنظيم مسابقات الماراثون، أصبحت مثل هذه المسابقات في شكل سلسلة اقتصادية متكاملة، من الملابس إلى الأطعمة، ومن السكن إلى الألعاب والتسوق والترفيه وغيرها، وهو ما يمثل دفعا قويا لاقتصاد المدينة المنظمة.

الأهم من ذلك، أنه على عكس التكلفة العالية لتنظيم مسابقات كرة القدم وكرة السلة وغيرها من البطولات الرياضية، فإن جميع المدن تقريبا لديها القدرة على تنظيم مسابقات الماراثون، في المقابل تحصل على فوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة. مثلا، بلغت كلفة ماراثون قوانغتشو 15 مليون يوان، في حين أن صفقة دعم واحدة يمكن أن تغطي هذه التكلفة. وقد بدأ ماراثون قوانغتشو تحقيق الأرباح منذ العام الثاني، ومع ارتفاع شهرة ماراثون قوانغتشو، بدأت الجهة المنظمة تستقبل دعما تجاريا أكبر فأكبر.

سهولة المشاركة، كثرة الفوائد، مستوى غير عالي من الإنفاق الحكومي، إشعاع واسع، منافع صحية، إشهار للسياحة ودفع للتنمية الاقتصادية، كل هذا وغيره يفسر أسباب انتشار مسابقات الماراثون في مختلف أنحاء الصين.

هناك عامل مهم آخر يكمن في خلفية ازدهار مسابقات الماراثون في الصين، وهو دور شركات العلامات الرياضية في تطوير السوق.

فمع نضح سوق المعدات الرياضية لكرة القدم وكرة السلة، لجأت شركة العلامات الرياضية للبحث عن نقاط نمو جديدة، وكانت مسابقات الماراثون إحدى هذه النقاط، التي من شأنها أن تساعد على ترويج المنتجات وتطوير المعدات الرياضية الذكية الخاصة بالجري، لتجد هذه السلع إقبالا أكبر من المستهلكين. وهو ما يتيح لهذه الشركات تحقيق المزيد من الأرباح.

تعد مسابقات الماراثون سلسة اقتصادية منخفضة التكلفة، مرتفعة العائدات، وما يجعلها هكذا هو تنافسيتها العالية. وتعكس المشاركة الواسعة من الناس في الماراثون تطور الرياضة في الصين وآفاق السوق الرياضية الواسعة.

مستمعينا الأعزاء، لنستريح قليلا ونستمتع بأغنية صينية جميلة، ثم نعود ونواصل حديثنا عن الماراثون في الصين.

(أغنية)

-----------------------

عدنا أعزائي بعد أن استمعنا لهذه الأغنية الجميلة لنتابع معكم برنامج "الصين تحت المجهر" من إذاعة الصين الدولية. وفيما يلي، نعرفكم على أرباح الماراثون الاقتصادية وحياة الماراثون في الصين.

مع تطور سباقات الماراثون في الصين، تطورت الأعمال الاقتصادية والتجارية المرتبطة بهذه الرياضة.

الشركة الأولمبية الصينية للركض على الطرق التي تقيم ماراثون بكين، استفادت من تطور الماراثون وحصلت على ربح كبير من حيث التسويق والإعلان.

مجموعة الحكمة للرياضة المتعهدة بإقامة ماراثون قوانغتشو وماراثون هانغتشو وماراثون شنتشن، ذكرت أنه في عام 2014، بلغت تكلفة إقامة ماراثون هانغتشو 12 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6.5 يوانات)، ووصل الدخل إلى 20 مليون يوان، ما يعني أن ماراثون هانغتشو بدأ يحقق ربحا.

مع ارتفاع المستوى الرياضي، يحتاج هواة الجري إلى معدات أكثر تخصصا، منها الملابس الرياضية والأحذية الرياضية والساعات الرياضية والمشروبات الرياضية والحقائب والنظارات ووسائد الركبة وغيرها، ويتراوح إجمالي سعر هذه المعدات المتخصصة بين آلاف اليوانات ومائة ألف يوان.

كما أن مشاركة الناس في الماراثون في مختلف المناطق تساعد على تنمية قطاعات المواصلات والإقامة والغذاء والسياحة. قالت لي هان، وهي موظفة في أحد البنوك ببكين إن مديرها يحب الجري، وقد دعا بعض زملائها إلى المشاركة في ماراثون أقيم في مسقط رأسه في سبتمبر عام 2015. يبدو أن الماراثون رابط يعمق العلاقة بين المدير ومرؤوسيه".

إضافة إلى ذلك، تتطور سوق الرياضة بسرعة في السنوات الأخيرة. العداءة الصينية المشهورة المعتزلة، سون ينغ جيه، أسست ناديا للعدو الطويل في بكين، وساعدت في إعداد وتدريب كثيرين. قالت: "سأواصل إعداد مهارة العدو الطويل ونشر العدو الطويل في المستقبل، أثق بأن مزيدا من الناس سيرغبون في الجري".

------- حياة الماراثون

في الثاني من يناير عام 2014، في مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان، استيقظ لي تسه، لاعب كرة القدم الصيني المعتزل ومدرب كرة القدم حاليا، من النوم في الساعة الخامسة ونصف وقام بحركات إحماء بعد الإفطار للمشاركة في أول نصف ماراثون في حياته.

قال لي تسه: "كنت أقول لزملائي خلال أول زيارة لي إلى مدينة شيامن عام 2008 إنني سأشارك في ماراثون في المستقبل، ولم أتخيل أن هذا الهدف أصبح أمرا حقيقيا بعد ست سنوات. أجري دائما حوالي عشرة كيلومترات في مباراة كرة القدم، لكن الجري في مباراة كرة القدم يختلف عن الركض في الماراثون، لأنني أجري ثم أتوقف في مباراة كرة القدم، لكن الماراثون يحتاج إلى الركض المتواصل. في الحقيقة، الركض في الماراثون متعب، لكنني أشعر بسعادة بعد انتهاء السباق".

كانغ كانغ فتاة من شانغهاي أكملت أول ماراثون في حياتها عام 2013. الآن، تشارك في سباق ماراثون في كل شهر أو شهرين، وتثابر على الجري لمسافة عشرة كيلومترات كل يوم. الجري أصبح شيئا لا ينفصل عن حياة هذه الفتاة التي كانت لا تعرف مسافة الماراثون خلال مشاركتها الأولى في ماراثون شانغهاي عام 2012.

وحاليا، يشكل الراكضون في حديقة الغابة الأولمبية وحديقة تشاويانغ ببكين وطريق بينجيانغ وحديقة شيجي بشانغهاي والطريق الدائري بشيامن مناظر متميزة.

ارتداء الساعة الرياضية وتشغيل نظام تحديد الموقع العالمي (GPS، مع بدء الركض، وتسجيل المسافة والفترة والسرعة بالهاتف النقال، يجعل كل منا قادرا على تبادل النتيجة مع الأصدقاء باستخدام تطبيقات هاتفية. قال شياو دينغ، رئيس تحرير قناة الركض في أحد شبكات الإنترنت المشهورة بالصين، إن تقدم الأجهزة الذكية يدفع انتشار الجري، الذي كان في السابق نشاطا فرديا، وأصبح الآن نشاطا جماعيا بفضل انتشار الأجهزة الذكية وظهور برنامج ويتشات وغيره من وسائط الاتصال.

كان من عادة الصينيين أن يتبادلوا التحية في بداية لقائهم بغيرهم بجملة: "هل أكلت؟". حاليا، يبدأ بعض العدائين التحية بجملة: "هل ركضت اليوم؟" الجري المشترك بين الأصدقاء صار موضة جديدة في المجتمع الصيني.

مستمعينا الأعزاء، في ختام حلقة اليوم، دعونا نراتح قليلا مع أغنية جميلة.

(أغنية)

-------------

مستمعينا الأعزاء، إلى هنا نكون قد وصلنا وإياكم إلى نهاية مشاورنا معكم من البرنامج الأسبوعي "الصين تحت المجهر" ولا يسعنا إلا أن نكون قد وفقدنا في انتقاء مواضيعنا وقدمنا لكم وقتا طيبا ونترككم مع بقي برامجنا في إذاعة الصين الدولية ولمزيد من المعلومات، يمكنكم زيارة موقعنا على شبكة الإنترنت على العنوان التالي: Arabic.cri.cn. شكرا على حسن متابعتكم، وإلى اللقاء في حلقة قادمة تقبلو تحيات بهية يانغ يينغ وحكيم ليو تشي في الإعداد، وكذلك أسامة مختار في التقديم. مع السلامة!

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي