CRI Online

من مساهمات عبد الرحيم أيت العواد

cri       (GMT+08:00) 2011-11-30 16:19:23
الصين العظيمة في مرآة العرب

لم تكن الصين بعيدة عن اتصال العرب المسلمين بها، ولم تكن عصيّة على معرفتهم، وتصوراتهم، فكانت حاضرة، بشكل مبكر، في اتصالاتهم ومعارفهم، ومتخيلهم، شجع على ذلك الاحتكاك العربي المبكر بها، فلم يأت القرن الثاني الهجري حتى امتلأت سواحلها والجزر القريبة منه، بالجاليات العربية، التي عاشت على هامش النشاط التجاري والبحري. فامتلك العرب متخيلاً عاماً عن حضارة الصين، ولعل ما يوحي بذلك الحديث المأثور (اطلبوا العلم ولو في الصين) الذي حمل في طياته الإشارة إلى بُعْدَ الصين، وإلى ما تختزنه من علوم، إلى أن بدأ عصر التدوين في القرنين الثاني والثالث هجريين، ونشط التأليف الأدبي، وكتب الأنساب والجغرافية، والفلسفة والفقه، ومدونات التاريخ، وهذه الأخيرة طمحت إلى الإحاطة بالتاريخ العالمي برمته، باعتباره قصة أمم يقودها ملوك، ورسالات نبوية نزلت على هذه الأمم، توجتها رسالة النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-. على أمته، الأمة الخاتم، التي ينفتح بها أمام العرب التاريخ الكوني بحق، الذي تحتل فيه الأمة الصينية مكاناً مرموقاً، وكان أفضل نموذج لهذا السردية التاريخية قدمها الطبري، والمسعودي، واليعقوبي، وابن الأثير وغيرهم، وأكمل هذا الطموح إلى العالمية المدونات الجغرافية الكبرى في دأبها المحموم للإحاطة بالعالم برمته، بأممه وحضاراته، وأقاليمه المختلفة، فضلاً عن الرحالة الذين واكبوا ذلك الفضول المعرفي للعالم، واحتلت الصين مجالاً حضارياً جاذباً لذلك الفضول المعرفي المتعدد الجوانب، وللاتصالات المباشرة عن طريق التجار والرحالة، والسفارات، ولتبادل المعارف والاقتباسات الثقافية، وكانت حصيلة ذلك، تراكم المعرفة المكتبية عن الصين، انعكست فيها صورة زاهية عن الحضارة الصينية، وعن الشعب الصيني، مفعمة بالحماسة والإعجاب، فلقد استأثرت الصين بمكانة ممتازة في نظر العرب، في مجال العمران، والعلم والخبرة الصناعية، وبسمعة الثراء، والحكمة، وأيضاً عدل حكامهم.

لم تنحصر علاقات العرب بالصين على العلاقات السياسية، أو تبادل الرسائل، والرحلات، والمعارف، بل صاحب ذلك كله علاقات تجارية نامية، وما يرافقها من متبادل للمنافع وللتعارف،

وكان للعرب دراية واسعة بخطوط التجارة البحرية مع الصين، ودونوا ذلك في مؤلفاتهم، وتناولوا هذه التجارة من جميع جوانبها، وسجل بعضهم وصول السفن الصينية إلى مرافئهم العربية حتى القرن التاسع الميلادي.

مع فائق احتراماتي القلبية

صديقكم الدائم و الوفي

الغزال الأسمر

عبد الرحيم أيت العواد

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي