CRI Online

سيتشوان..فلسفة شعب يعشق الحياة

cri       (GMT+08:00) 2011-05-04 16:05:50

بقلم غزوان بريك

لم تكن مجرد رحلة عمل لتغطية جهود الحكومة الصينية الجبارة، في إعادة إعمار المناطق الكبيرة المتضررة، التي تعرضت في /12/5/2008/ لزلزال مدمر ضرب سيتشوان في الساعة /2.28/ بعد الظهر.

كما لم تكن تلك الزيارة للعمل على تغطية المهرجان السياحي والثقافي، الذي أقيم في تلك المنطقة التي يستحيل بعد أن تراها حالياً أن تصفها /بالمنكوبة/.

هذه الرحلة، حملت في طياتها حقيقة أكبر، وطرحت تساؤلات أعمق بعد ما رأيناه من إنشاءات عظيمة، ومعالم جديدة كلياً. لنجد أنفسنا وقد وقعنا في شك وتساؤل كبيرين : هل ضرب الزلزال هذه المناطق الكبيرة حقاً؟


لكن الإجابة على تساؤلاتنا العديدة كانت سريعة، فخلال بحثنا وتجوالنا تأكدنا من تلك الحقيقة، وهي أن الزلزال ضرب فعلاً هذه المناطق ، فأطلال البيوت والطرق والجسور المدمرة، كانت حاضرة بشكل /مقصود/ فقط لتكون شاهداً على هول الكارثة وجسامة الحدث. لكن حضورها لم يكن لتراخ في أعمال إعادة الإعمار، ولا لتقصير في العمل. وإنما لتبقى شاهداً حاضراً في كل زمان ومكان ليذكر الصينيين والعالم أجمع /بأن المستحيل ليس صينياً/.

وكأن شيئاً لم يكن.. فخلال سنوات ثلاث فقط، باتت تلك المناطق جديدة كليا، في كل شيئ، المساكن المختلفة الأشكال التي تمزج بين الحديث والتقليدي الصيني.. الطرق الواسعة المعبدة والمنظمة.. المدارس والمستشفيات والمستوصفات الطبية إلى جانب الملاعب والمدارس الخ.. حتى الجبال العالية الراسخة ، نحتتها أيادي الصينيين لتحفر في أرحامها طرقاً تختصر المسافات، وتؤكد من جديد، أن لا شيئ سيقف في طريق نهج الإصلاح والانفتاح الذي اعتمدته الحكومة الصينية.. هذا النهج الذي سيبقى نبراساً ينير الطريق للعالم، وأن الإصرار وعشق الحياة الكريمة، ينطلق من عمق الإيمان بقدرة الشعب، والتمسك بالعزيمة وعدم الرضوخ لنوائب الدهر سواء أكانت بشرية أو طبيعية.

سنوات ثلاث.. فترة زمنية قصيرة جداً، لا بل إنها تبدو خرافية لإنجاز هذا الجهد الجبار..هذا الجهد الاستثنائي، أو الأسطوري إن صح التعبير.. تجولنا خلال زيارتنا تلك في مناطق عديدة في ونتشوان و آبا وضواحي وقرى تشنغدو حاضرة سيتشوان ، وضمن برنامج عمل مكثف يبدأ صباحا وحتى المساء، لكننا لم نكن لنشعر بالوقت ولا التعب أمام ما كنا نراه ونلاقيه من عبارات الترحيب، ومظاهر الحفاوة وطيب الاستقبال والتكريم من قبل السكان كانت أكثر من رائعة.. كانوا يستقبلوننا بالأغاني والأهازيج التقليدية، وبأزياء صينية تراثية تعبر عن شكل الحياة القديمة وثقافتها وعاداتها، والتي يأبى الشعب الصيني أن يتخلى عنها أو يتركها سعياً وراء الحضارة والتقنية والعولمة، لأنه يدرك جيداً أن مستقبله لن يكون واضح المعالم ،مالم يحترم تقاليده وعراقة تاريخه الضارب جذوره عميقاً في أعماق التاريخ.

جهود إعادة الإعمار مستمرة ،على مدار الساعة دون ملل أو كلل، والجميع يعمل بعزيمة وإصرار كبيرين، لتجاوز تلك الكارثة وتحويل معالمها لمعبد أو صرح عظيم، يحكي ويشرح فلسفة شعب في فهم الحياة وتقبلها بكل محبة، بما فيها من بياض وسواد.. فرح وحزن.. دمعة وابتسامة. فلسفة ترفض الانكسار والاستسلام للدمار، وتعلم العالم قاطبة أن الإنسان القادر المؤمن بقدرة بلاده يستطيع أن ينجز المستحيل.

وخرجت بعد زيارتي القصيرة الزاخرة بحقيقة راسخة، وهي أن الزلزال الهائل لم يدمر سيتشوان، لأن سيتشوان نفسها ضربت مفهوم الزلازل في مقتل، وقابلت بطش الطبيعة بفهم أعمق للحياة. سيتشوان نهضت من تحت الركام، أجمل.. أروع وأكثر قوة وإصراراً لتقول للعالم: /أنا هنا لم أمت.. وسأبقى كما كنت منذ بدء التاريخ إحدى جواهر الصين النفيسة/.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي