CRI Online

عبقرية علماء الماضى والحاضر

cri       (GMT+08:00) 2011-09-22 14:08:11

بقلم : سليمان قناوى

نسمى الصين فى مصر(مصنع العالم) فكل شيىء صنعته الا الانسان والهواء وكل ما نتعامل به فى حياتنا اليومية هو صينى حتى ما يرتبط بعقيدتنا الاسلامية مثل سجادة الصلاة والمسبحة . والعقلية الصينية الفذة التى أثبتت كل ذلك لا تنتمى الى الحاضر فقط، ولكن هذه العقلية تمتد الى الماضى السحيق ايضا وبالتحديد الى عام 256 قبل الميلاد حين تفتق ذهن المسئول الصينى العبقرى لى بينج عن انشاء مشروع دوجيان للرى مستغلا انحناء معينا فى مجرى الرى لتنفيذ فكرته وحتى لا يدمر الفيضان اراضى الصين قام بعمل حاجز امواج مقدمته كفم السمكة ليجعل النهر الواحد نهرين احدهما داخلى يمضى فى طريقه ليصب فى نهر يانجتسى، والاخر خارجى يجمع المياة حين يفيض النهر فى موسم الفيضانات حتى لا يغرق الفيضان الاراضى الزراعية، ثم ابتدع جزءا ثانيا لهذا المشروع ليقوم بتنقية المياة من الرمل والحجارة والزلط. على الفور تذكرت السد العالى الذى افتتح فى مصر عام 1964 والذى حمى مصر من الفيضانات المدمرة التى كانت تغرق اراضى مصر، لكن هناك فارقا كبيرا بين السد العالى ومشروع دوجيان، فالسد العالى صنعه الانسان ومشروع دوجيان صنعته الطبيعه واستغل هذه الطبيعة مسئول عبقرى ليفيد مدينة شيندو دون اى تكلفة، فى حين كانت هناك تكلفة ضخمة للسد العالى اقلها هى التكلفة المالية فقد استشهد خلال بنائه الكثير من العمال المصريين، وتتكلف حتى الان صيانة توربيناته التى تولد الكهرباء اموالا طائلة، الا ان السد العالى يتميز عن مشروع دوجيان انه يولد الكهرباء ويمد مصر بحوالى 50% من طاقتها الكهربائية. ليس الهدف هنا من هذه المقارنة هو التقليل من اى من المشروعين فكل واحد منهما يخدم بلاده ولكننا نريد لقارىء العربية من الاشقاء الصينيين ان يعرف مدى عبقرية علمائه القدامى ويعرف المصريون عظمة ما أنجزوه.

هذا عن عبقرية الماضى فى الصين، اما عبقرية الحاضر فتتمثل بشكل واضح جدا فى منطقة شيندو للتكنولوجيا عالية التقدم وحديقة تيانفو للبرمجيات اللذان يقدمان آخر ما وصل اليه العلم فى مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات والاتصالات، وحتى تعرف عزيزى القارىء مدى ما تساهم به حديقة تيانفو للبرمجيات على المستوى العالمى يكفى ان نرصد لك تلك الاحصائية التى تقول ان الميكروتشيب الخاص بجهاز من كل جهازى لاب توب فى العالم يتم اختباره فى حديقة تيانفو، اى ان اسم شيندو يحمله نصف مواطنى العالم الذين يملكون لاب توب، فأينما ذهبت ستجد لاب توب فى يد الجميع.كما ان حديقة تيانفو للبرمجيات قامت فى العام الماضى بتصدير ما قيمته 8 بلايين يوان. ويخططون الى مضاعفته الى اكثر من خمسة اضعاف خلال السنوات القادمة.

وقد سعدت جدا حينما علمت ان هذه المنطقة التى توجد بها حديقة تيانفو للبرمجيات كانت منطقة ريفية منذ عشر سنوات، وبسرعة شديدة ومعدلات تنمية عالية تحولت الى مركز حضرى يجذب الكثير من المهاجرين الذين يسعون وراء الحصول على عمل جيد وإقامة طيبة. ليس هذا فقط هو ما أسعدنى واسترعى انتباهى ولكن ايضا الحوافز والتسهيلات التى تقدم لكل مستثمر او شركة صغيرة او متوسطة او كبيرة، فيمكنك ان تحصل على مقر مؤثث مجانا لمدة عام كى يساعدوك على ان تبدأ البزنس الخاص بك وحتى يمكن التسهيل اكثر تحصل على تخفيض 50% فى العام الثانى، وهذه التسهيلات تقدم للصينيين والاجانب على حد سواء كما ان الضرائب تقل بنسبة 10% عن تلك المفروضة فى كل من بكين وشنغهاى. وهناك مزايا اخرى غير مباشرة للعاملين فى حديقة تيانفو للبرمجيات ، فأيجار المساكن يقل كثيرا عن مدن الصين الاخرى كما تتوفر مواصلات سهلة ورخيصة بجانب المدارس الصينية والدولية حتى يمكن لكل الجاليات القادمة الى تيانفو من المعيشة الهانئة وتعليم اولادهم.

حديقة تيانفو للبرمجيات ومنطقة شيندو للتكنولوجيا عالية التكنولوجيا تقدم الوجة الحديث المضىء للامة الصينية. ما اجمل هذا التزاوج بين الماضى والحاضر فالذى ينسى ماضيه سيكون بلا جذور ومن ينسى حاضره ومستقبله سيعيش متخلفا.

لقد زاوجت زيارتى لمدينة شيندو بين الماضى والحاضر، فزرنا معبد بوخو العظيم وسرنا فى أزقة كوان جاى، وحين انغمست فى الحضارة الصينية القديمة، ايقظتنى طفلة صينية من مدرسة تون شن جن جيان الابتدائية عمرها 11 عاما، ايقظتنى منالاستغراق فى الحضارة الصينية لتذكرنى بالحضارة المصرية العظيمة من خلال لوحة رسمتها لاهرامات الجيزة وفراعنة مصر، وهذه اغلى هدية حصلت عليها فى حياتى لانها جاءت معبرة عن براءة الطفولة فهى لا تعرفنى ولا تريد منى شيئا ولكن فقط كى ترينى عظمة بلادها التى تعلم الصغار كيف يحبون الاجانب. استطيع اقول ان امة مثل الصينيين هؤلاء هم اطفالها ستتقدم اكثر واكثر لتفوق الدنيا كلها. سلام للصين وشعبها العظيم.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي