CRI Online

الأنا الإنسانية في استحضار "الصينية"

cri       (GMT+08:00) 2014-01-26 09:25:17

بقلم يلينا نيدوغين*

 يتعاظم نشاط الصين اللغوي في العالم كما لم يكن خلال كل تاريخها، برغم انتشاره الشاسع سابقاً، على جنبات آسيوية واوروبية على طريق الحرير القديم. وفي العمل اليومي لـ440 معهداً من معاهد كونفوشيوس الصينية، في 120 دولة ومنطقة، وسط جهود لترويج اللغة والثقافة الصينيتين في أنحاء العالم، تتربع الصين على تاج نشر اللغات في المعمورة.

تُعتبر معاهد كونفوشيوس التي سمُيت بإسم الفيلسوف الصيني القديم والشهير كونفوشيوس، مؤسسات عامة لا تهدف لتحصيل الربح، ولا تتطلع الى بديل نقدي ومعنوي مقابل مساعدة الأجانب على فهم الصين، "فهماً جيداً"، بسبيل تدريس اللغة الصينية، والتعريف بالثقافة الصينية، في الجامعات والمعاهد والمدارس والكليات والمؤسسات العلمية والتعليمية في أنحاء العالم. ووفقاً للمركز الرئيسي للمعهد في بيجين، يوجد 650 مدرسة ابتدائية وثانوية أجنبية تنشط بتدريس الصينية بجهود معهد كونفوشيوس، وقد سجّل أقل من مليون طالب أنفسهم في هذه المؤسسات، التي عُقد فيها 20 ألف نشاط ثقافي، منذ إقامة أول معهد كونفوشيوس في العالم في العام2004 .

وفي نهايات العام المنصرم، 2013، إختتمت في بيجين، فعاليات مؤتمر معاهد كونفوشيوس الثامن، الذي كان عُقد تحت شعار "استعراض الماضي والتطلع إلى المستقبل"، وشارك فيه أكثر من2200 رئيس معهد وجامعة من شتى رقاع البسيطة، حيث تبادلوا الخبرات والتجارب في التعليم، وبحثوا سُبل دفع تطور معاهد كونفوشيوس. وكانت "ليو يان دونغ"، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، نائب رئيس مجلس الدولة، قد ألقت كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، نوّهت فيها إلى أن معاهد كونفوشيوس تسهم في سد احتياجات شعوب مختلف الدول، لتعلم اللغة الصينية، وتقدّم مساهمة كبيرة لتعزيز التفاهم والصداقة بين الشعب الصيني والشعوب الأخرى.

وجرّاء النشاط المجاني لهذه المؤسسات في العالم، وإخلاصها لمهمّتها، صَار هذا العالم يعتمل بحماسة متجددة لمعرفة اللغة الصينية، ويَكفي الإشارة الى أن سبع دول، من بينها بريطانيا، السويد، وايرلندا، أصدرت أوامر حكومية بتضمين تدريس اللغة الصينية، في برنامج التعليم الوطني لديها، في العام 2012، وقد وصل عديد تلك الدول الى أكثر من أربعين دولة.

معلمة اللغة الصينية في الكلية العلمية الاسلامية، "جوليا"، التي إسمها الصيني "شينغ فانغ جو" قالت لي، أن إبتعاث المدرسين الصينيين لخارج الصين، لتدريس اللغة الصينية، يَخضع لعملية محددة، جُلّها التأكّد من اكتساب المدرسين ناصية اللغة أولاً، من خلال حصولهم على شهادات علمية جامعية عليا معترف بها حكومياً ومن معهد كونفوشيوس أيضاً، ومِن ثَم تدريسهم هذه اللغة في الصين لفترة معينة قبل توجههم الى خارجها، حتى يتم التأكّد مِن قُدراتهم وإمكاناتهم اللغوية ونجاح آلياتهم التدريسية، وليكون لعملهم انعكاساً صائباً ويُحقق القيمة المضافة المطلوبة منه، على الصعيد اللغوي والاجتماعي العام. إضافة الى ذلك، تقوم المعلمات ويقوم المعلمون بتدريس الصينية في الجامعات الصينية، وعلى سبيل المثال وبصورة أساسية في مدينتي بيجين وشنغهاي العريقتين، وبأن أكثر من نصف المعلمات والمعلمين اللغويين الصينيين يعملون في سلك تدريس الاجانب في الصين، كممارسة يومية لنيل الخبرات، قبل توجههم لأصقاع العالم، حيث الممارسة التعليمية الأهم والأكثر نفعاً للصين، لنشر لغتها بالعالم، ومن خلال اللغة، إدراك الواقع الصيني المُعاش ونجاحات الشعب الصيني، وشؤونه وشجونه، وللتعريف بقسمات الوجه الصيني وثقافة الصين الانسانية للشعوب كافة، التي تتحدث عن جميعها حضارتها القديمة التي تفجرت ينابيعها منذ عدة الآف من السنين.

كشفت "جوليا"، التي هي "شينغ فانغ جو"، أن بعض الاساتذة الصينيين، ينشغلون تِبعاً لتخصصهم، بتدريس الفنون القتالية للأجانب، ومنها الـ"كونغ فو"، في مراكز خاصة خارج الصين، إضافة الى أن بعضاً من آخرين من المدرسين ينهمكون في تدريس أشكال وفنون الخط الصيني، العامر بتجسيد صور مُبهجة لا تخطر على بال لدى تخليقها بأيادٍ ماهرةٍ.. وفي تجسيد "الحرف" الصيني، بأشكال شتى، تعبير عن مشاعر الآنا الإنسانية، المُختلطة بنوازع إجتماعية بشرية متعددة، الى استحضار عالم "الفلورا والفاونا" بإنسجاماته المتصلة من الأزل، وغيرها، كتعبير عن فنٍ راقٍ، ومتطور، يُبرز قدرات اللغة الصينية الكامنة في صورها التشكيلية والتعبيرية، وإصرارها على مواصلة الحياة في العالم المعاصر أيضاً، ونيلها سِعة الانتشار حالياً، ليس في أوساط المتعلّمين والمثقفين لها فحسب، بل وفي مختلف الاوساط أيضاً التي ترى في هذه اللغة ضالتها في حقول متعددة.

*كاتبة روسية اردنية، وعضو في قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي