CRI Online

"الصين اليوم" وكل يوم..

cri       (GMT+08:00) 2014-01-26 14:39:06

يلينا نيدوغينا*

في الإعلام الناجح، تجارب كثيرة على مساحة العالم. والنجاح لا يتأتى سوى بالتواصل مع قضايا الناس والشعوب، والوقوف الى جانبهم، والعمل معهم كتفاً الى كتف، لتعزيز أواصر الصداقة والعلاقات، ومنها الثقافية والإعلامية والإنسانية، فيُحرز العمل الإعلامي إذ ذاك سِعةً في الانتشار، وتوسّعاً أفقياً وعمودياً، يؤهّله للشعبية. ومِثالٌ على هذا التوسّع الإعلامي الناجح، منذ عشرات السنين، مجلة "الصين اليوم"، بطبعتها العربية الانيقة، التي صارت منبراً لأوسع القراء العرب، مُستندةً في جماهيريتها على قواعد الحقيقة، وتقديم وجبات إعلامية تفيض بالعقلانية، وتنضح بالموضوعية في الطرح، والمعلومة الشفّافة، والتحرير المهني الرفيع، والصياغة المُثلى، والتسويق الهادف، وتلتزم الواقعية في الشكل والمضمون، والمصالح الجماعية، الجامعةِ لكل الأطياف والمَشارب لدى جمهرة المهتمين.

"مجلة الصين اليوم" تحتفل في يناير الحالي بالذكرى الخمسين لصدور عددها الاول بالطبعة العربية. ومنذ نصف قرن، باتت المجلة معروفة وشهيرة في أوساط القراء الاردنيين والعرب، وصار القارئ يعرفها وصارت قريبة من عقله وقلبه. وابتداءً من العدد الأول الذي سُوّق في الاردن، وكان الى جانب "الصين اليوم" مجلة صينية أُخرى هي "الصين المصوّرة"، ذات القطع الكبير أنذاك، في الخوالي من السنين، قبل أن تتحول "المصورة"، وفقاً لمعلوماتي، الى مطبوعة الكترونية حصراً، فخلت الأرفف العربية منها، وإنحصر التعريف بالصين بـ"الصين اليوم"، كمنِبر ورقي مُصَوّر هو الأكثر نشاطاً وحيوية وتوزيعاً وتواصلاً مع قراء الضادِ، في التعريف بالصين المُعَاصِرة، وسياسة القيادة الصينية النابهة، وراهناً الدعوة للإطلاع على نهج الرئيس والأمين العام العظيم "شي جينبينغ"، الذي أحرز جماهيرية طاغية في الصين والعالم، باتّباعه سياسة شفافة ومكاشفة حثيثة شاملة، ومتابعة إدارية وفكرية وسياسية من لدنه، كفيلة بنقل الصين الى ذُرى أرفع من التقدّم المنشود، والتشدّد بمكافحة الفساد، وتبسيط الإجراءات الحكومية لصالح أعرض فئات وشرائح المواطنين، وتسهيل وصول العالم الى الصين بمختلف مكونات هذا البلد الملياري.

ووفقاً للإعلاميين الصينيين الضليعين بالعربية والصينية ومعارف الثقافة في العالمين الصيني والعربي، فائزة تشانغ لي وممدوح تشنغ جيه، يوجد حالياً في الصين الشعبية ست وسائل إعلامية ناطقة بالعربية، وهي وكالة أنباء شينخوا الحكومية، إذاعة الصين الدولية، شبكة الصين، وصحيفة الشعب اليومية، ومحطة التلفزيون المركزي، بالإضافة الى "الصين اليوم". وتعتبر مجلة "الصين اليوم"، بحسب الاستاذة المستعربة فائزة تشانغ لي والاستاذ ممدوح تشنغ جيه، المجلة "الوحيدة" المطبوعة بالعربية في الصين. وقد تأسست الطبعة العربية للمجلة في يناير من العام 1964، حيث كانت ولا تزال تهتم بإلقاء الضوء على المواقف الصينية من القضايا الدولية، والقضايا العربية، وتتابع عن كثب مسيرة العلاقات الصينية العربية في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية كافة. إضافة، إلى نقل الواقع الصيني الحديث بصورة موضوعية وشاملة، وفي هذا الصدد، يقول رئيس الفرع العربي للمجلة، "وانغ ماو"، ان المجلة كانت تأسست على يد السيدة "سونغ تشينغ لينغ" عقيلة صن يات صن، في يناير عام 1952، وكان اسمها "بناء الصين"، وصدرت في بداياتها بالإنجليزية فقط، وعمل فيها بعض العائدين الصينيين من الخارج. أما الطبعة العربية فقد بدأت في الصدور في العام 1964، وحاليا يوجد عدة طبعات بلغات مختلفة للمجلة، منها الصينية، الفرنسية، الأسبانية، الانجليزية، التركية، الالمانية، والعربية كذلك، وكان تطور المجلة تحت رعاية صندوق "سونغ تشينغ لينغ"، ويتم نشر المجلة وتوزيعها حالياً في أكثر من 150 دولة".

في بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، كانت شعوب العالم لا تعرف عن الصين إلا النزر اليسير من المعلومات، فأسهم تأسيس مجلة "الصين اليوم" في تقديم الصين إلى دول العالم بصورة أكثر انفتاحاً، ويُشير السيد "وانغ ماو هو" الى أن المجلة كانت منذ يوم ميلادها الاول وستبقى تهتم بتعزيز التبادلات الثقافية الشعبية بين الصين ودول العالم. "الصين اليوم" أصبحت بفضل جهود الدولة الصينية نافذة رئيسية لتعريف العالم بالصين في مختلف المناحي، وتحولت بإقتدار الى جسرٍ للدبلوماسية الشعبية، مهتمة بتيسير التبادلات الثقافية الشعبية، ولعب الدور الهام في جَسْرِ الصداقة بين الشعب الصيني وبين شعوب العالم. وتمشيا مع التنمية الإعلامية والاجتماعية الصينية المتلاحقة، أصبحت المجلة الآن إحدى وسائل الإعلام الوطنية الرئيسية في الصين، وغدت المزود الرئيسي لقرائها بآخر تطورات الصين سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفي غيرها من المجالات.

مضامين المجلة متنوعة، وهو احد عوامل انتشارها الواسع في الاوساط العربية التي تفضّلها على غيرها. وفي رأي الاستاذ "وانغ ماو هو" فإن هذه النتائج الباهرة قد تحققت بفضل جهود جميع العاملين فيها، وقد ساهم مكتبها في القاهرة في الإعلاء من شأنها في الدول العربية، حيث بدأ توزيع المجلة في مصر، في العام 1985، وهي من إحدى الأجهزة الإعلامية الصينية التي أسست فروعاً لها في القاهرة، في مرحلتها المبكرة، وقبل ذلك كانت مواد المجلة تُعدُ في الصين، وترسل الى مصر ليتم طباعتها وتوزعها. وتطور مكتب المجلة في القاهرة، فأصبح في أكتوبر من العام 2004، مركزاً لها في "الشرق الأوسط"، يتحمل مسؤولية النشر وجَمعِ ملاحظات القراء، وتوسيع نطاق توزيعها في الدول العربية. والآن يزداد عدد القراء باستمرار ويتضاعف، وبعضهم يلتزمون بعلاقات الكترونية ثابتة مع المجلة. وفي رأي الاستاذ حسين اسماعيل، نائب رئيس تحرير المجلة، فإن "الصين اليوم" تتمتع بميزتين اثنتين. "الأولى، أن انها تقدّم للقراء العرب الصين الحقيقية. والثانية، ان المجلة متنوعة للغاية، حيث تقدم معلومات وافرة للباحثين والدارسين الذين يحبون الصين، لتميزها عن المطبوعات الأخرى أو عن وسائل الإعلام الصينية باللغة العربية، فهي صحافة متوازنة وموضوعية و"لا تقول" أن في الصين كل شيء عظيم.. كل شيء ممتاز.. نحن نكتب كل شيء.. مشاكل الصين.. نجاحات الصين.. الفساد.. المساوئ في العمل أو الإدارة، ومن ثم فإن ما نكتبه يلقى إقبالا وثقة القارئ، هذا أمر مهم للغاية، كما يقول الصحفي حسين اسماعيل، لأن البعض الآخر، يعتبر المجلة دعائية، لكنه يؤكد أن المجلة تمكنت من خلال الطبعة العربية، تأكيد القيم المعايير المهنية للصحافة، فغدا ذلك يجتذب ردود أفعال كثيرة تستغرب الأمر.

لمجلة "الصين اليوم" منتديات قرّاء وأصدقاء كُثر، وهؤلاء يعملون على متابعتها في غالبية الدول العربية، وفي الاردن أيضاً، ويُشاركون في مسابقاتها الشهرية بفعالية، ويفوزون بهداياها، ونأمل ان تخصص المجلة جائزة جديدة، في مسابقات مقبلة، تكون زيارات للقراء الى الصين، أسوة بجوائز الزيارات للصين التي تنظّمها غيرها من وسائل الاعلام الصينية، ومنها القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، التي توفّر زيارات متواصلة للقراء، الى بيجين ومدن صينية كثيرة.

*كاتبة روسية اردنية، وممثلة العالم العربي في اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية للصحافة الروسية.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي