CRI Online

الحاضر يعيد صياغة العلاقات العمانية –الصينية في التاريخ

cri       (GMT+08:00) 2014-03-10 10:18:31


السفينة جوهرة مسقط.. الترحال في العصر الحديث

مسقط – من د. محمد بن سعد المقدم

إن تاريخ العلاقات بين عمان والصين يعود إلى أكثر من ألفي عام، عندما كان لطريق الحرير البري والبحري دور كبير في ازدهار التبادل بين البلدين. وهذا الطريق البحري هو الذي كان يسلكه التجار العمانيون ذهابًا وإيابًا، وأصبحوا بنقلهم للحرير وسائر سلع الصين همزة وصل بين الشرق والغرب.

تتناول هذه الورقة ملامح العلاقات العُمانية الصينية عبر طريق الحرير البحري ما قبل الاسلام وحتى بداية القرن السادس عشر. تُشير المصادر التاريخية إلى التواصل الصيني – العربي، وخاصة مع عُمان إلى القرن الأوّل قبل الميلاد، حيث وصل البحارة العُمانيون إلى جنوب الصين، وأيضا تشير إلى زيارات بعض البحارة والتُجار الصينيين إلى الموانئ الجنوبية للجزيرة العربية، والموانئ الخليجية ومنها العُمانية، عبر طريق الحرير البحري. وقد سجلت المصادر الصينية اسم عُمان في فترة عهد أُسرة هان الغربية 206 ق.م-225م، ووصول السفن الصينية إلى الموانئ الخليجية مثل: صُحار، سيراف، البصرة. ومثل ذلك يفعل العُمانيون، فقد كانت سفنهم تبحر من الموانئ الخليجية إلى الصين تحمل البضائع التي كان أهمها اللُّبان الذي لعب دورًا بارزًا في طريق الحرير البحري.

ومع بزوغ شمس الدعوة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، شهدت الجزيرة العربية والمناطق المجاورة لها بزوغ عصر جديد، وبعد قرن ونصف من ذلك وصلت الدولة الإسلامية إلى الحدود الشمالية الغربية لإمبراطورية تانغ الصينية (618-907م). وقد زادت حركة التجارة بين الموانئ الصينية - الخليجية في عهد أسرة تانغ. وتذكر لنا المصادر العربية أسماء الكثير من التجار والبحارة الذين امتلكوا السفن للتجارة مع الصين، ومن أشهرهم التاجر والبحار العُماني أبو عبيدة عبد الله بن القاسم، الذي قام بزيارة كانتون في الصين عام 752م، وهو أوّل بحار عربي يصل إلى الصين حسب المصادر التاريخية العربية.

واستمرت العلاقات الطيبة بين عمان والصين وبلغت ذروتها في عهد "أُسرة مينغ" الملكية 1368-1644م، وشهدت فيها العلاقات الصينية – العمانية تطورا ملحوظا، وخير مثال على تلك العلاقة هي: رحلات البحار الصيني المسلم "تشنغ خة"، الذي قام بسبع رحلات بحرية عابرًا المحيط الهندي، ووصل إلى شرق إفريقيا ومنطقة الخليج العربي، وخاصة إلى ظفار وقلهات وصُحار وهُرمُز. وقام بتلك الرحلات (1405 إلى 1435م) على مدى ثمانية وعشرين عامًا وزار خلالها أكثر من 30 دولة في جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وشرق إفريقيا ومنها ظفار، قلهات، هُرمُز.

ولم تتوقف العلاقات بين الصين وعمان خلال الفترة التاريخية منذ عهد "أُسرة هان"، حتى عهد "أُسرة مينغ"، ومع قيام النهضة العمانية عام 1970م، بقيادة السلطان قابوس وقيام الجمهورية الصينية الشعبية في الصين عام 1949م، عادت العلاقات الدبلوماسية والتجارية عام 1978م. ففي عام 1980م أبحرت السفينة العُمانية "صُحار" إلى ميناء كانتون حيث وصلت في عام 1981م. أتت فكرة بناء سفينة "صُحار" وإرسالها في رحلة، التي أطلق عليها "رحلة السندباد"، إلى الصين وكان الهدف من هذه الرحلة دراسة الأحوال الحقيقية والواقعية للخطوط البحرية بين عمان والصين وأيضا تقوّية الأواصر والعلاقات التجارية والتاريخيّة التي تربط موانئ الخليج العربي، والصين وخاصة عُمان.

وفي فبراير 2010م، أبحرت السفينة "جوهرة مسقط" مستهلة رحلتها إلى سنغافورة عبر الطُرق البحرية القديمة (طريق الحرير البحري)، متبعة خطا البحارة العمانيين القدامى الذين ساروا هذه الخطوات التي كانت سائدة خلال القرن التاسع الميلادي. وهو دليل على اهمية طريق الحرير البحري في التواصل التجاري والحضاري بين الصين وعُمان.

رئيس قسم التاريخ

جامعة السلطان قابوس

مصدر :ميدل ايست أونلاين

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي