CRI Online

أسطورة حب على طريق الحرير—قصة الحب بين أليب وصنام

cri       (GMT+08:00) 2016-08-24 09:17:21

التقى 25 شابا من قومية الويغور حيث عزفوا عشرات الأنواع من الآلات الموسيقية المحلية مغنيين بتأثر أسطورة الحب بين أليب وسنام – القطعة المختارة من المقام الموسيقي الويغورى . وكانت ألألحان والموسيقي مفعمة بالبهجة والغناء بصوت عال، وكل شيء يجرى بصورة سلسة وعلى شكل منسجم .أما فن المقام الويغورى، فتفوح رائحته الساحرة شأنها شأن جاذبية هؤلاء الشاباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 عاما وشعرهم مجعد وأنوفهم عالية، وعيونهم كبيرة وعميقة ووجهوههم وسيمة.

تقع منطقة شينجيانغ في شمال غربي الصين،و هي أراضي جميلة شاسعة . ويعتبر أبناء قومية الويغور الذين يعيشون هناك جيلا بعد جيل، الواحات في عمق الصحراء مهد التقاء ودمج الحضارة اليونانية والحضارة الصينية والحضارة العربية منذ أكثر من ألفي سنة ، الأمر الذي يشكل نوعا مميزا من الفنون التي تجمع بين الأغاني والرقص و الموسيقي في آن واحد —هذا هو المقام الويغورى الثاني عشر.

فن المقام الويغوري بمنطقة شينجيانغ الصينية فن كبير شامل يجمع بين الغناء والرقص واللحن، وله أشكال مختلفة في المناطق المختلفة من شينجيانغ. وهو ليس شكلا فنيا خاصا بقومية الويغور في شينجيانغ الصينية، بل منتشر في تسع عشرة دولة ومنطقة بوسط آسيا وجنوبها وغربها وشمال أفريقيا. وبفضل الموقع الجغرافي المتميز لشينجيانغ التي كان طريق الحرير القديم يمر بها، نشأ فن المقام الويغوري وترعرع وتطور مستفيدا من التبادلات الموسيقية والثقافية بين الشرق والغرب، شاهدا على تاريخ حوار الثقافات الصينية والهندية والإسلامية واليونانية واندماجها مع بعضها البعض.

وتعتبر المقامات الإثنتا عشرة أروع أعمال المقام الويغوري، وهي منتشرة في كل أنحاء منطقة شينجيانغ. ولكلمة "المقام" في اللغة الويغورية عدة معاني، منها "مجموعة موسيقية كبيرة" و"قواعد" و"أنغام". ويتكون كل مقام من المقامات الإثنتي عشرة من ثلاثة أجزاء هي النغمات (naqma) والقصائد الروائية (dastan) والرقصات (maxrap)، ويضم حوالي عشرين إلى ثلاثين أغنية وقطعة موسيقية، ويستمر عرضه حوالي ساعتين. ويحتاج عرض المقامات الإثنتي عشرة جميعا إلى أكثر من عشرين ساعة. وبنغماتها الرائعة وقصائدها الجميلة ورقصاتها الحارة، تعتبر المقامات الإثنتا عشرة روائع فنية نادرة، ورمزا للموسيقى الويغورية.

لفن المقام الويغوري علاقة وثيقة بإمرأة ويغورية عظيمة -- عمانيشا المولعة بالموسيقى والشعر. وبمجرد أن تزوجت عمانيشا من أحد الملوك بمنطقة شينجيانغ في عام 1547، استقدمت عددا كبيرا من فناني المقام لجمع روائع هذا الفن وتنظيمها وتوحيدها. ومع مرور الوقت، تبلورت من هذه المجموعة المقامات الإثنتا عشرة.

كانت المقامات الإثنتا عشرة تتناقل من جيل إلى آخر من الفنانين شفويا، ومن الصعب جدا حفظها جميعا بسبب حجم محتوياتها الهائل. ومع مرور الوقت، أصبحت مهددة بالانقراض. ومن أجل إنقاذ هذه التحفة الموسيقية النادرة، شكلت وزارة الثقافة الصينية عام 1950 فريقا خاصا من الموسيقيين. ولحسن الحظ، عثر الفريق على فنان ويغوري كبير السن يعرف غناء جميع المقامات الإثنتي عشرة، وحفظها باستخدام آلة تسجيل قديمة، ثم بدأ الفريق بتدوين وتنظيم الألحان والكلمات للمقامات الإثنتي عشرة ، واستمرت العملية حوالي ست سنوات.

أليب وسنام –أسطورة الحب التي كانت حدثت بين الشاب والشابة في العصور الوسطى، هي قصة معروفة لدى أبناء قومية الويغور،ومتداولة بين الألسن جيلا بعد جيل. ويحكى الممثل على مستوى الدولة والوارث الويغورى لفن المقام الفنان جوسمان أمات للصحفيين هذه القصة بصورة عامة . حيث قال:

في العصور الوسطى، كان الملك عباس يقوم بالصيد مع رئيس الوزراء آيشان. حيث اتفقا على زواج طفليهما بعد أن يكبرا . وفي وقت لاحق ، وللأسف الشديد توفي آيشان ، وكان ابنه أليب يحب الأميرة سنام حبا جما ، وكانت المشاعر بينهما عميقة . ولكن ابن رئيس الوزراء الجديد عبد الله شات، قد قام بتحريض أليب أمام الملك عباس. فأبعد أليب الى المنفى البعيد. وبعد أن تعرض أليب للمشاقات ، عاد أخيرا الى القصر الملكي، وفضح مؤامرة عبد الله شات ، فاستيقظ الملك عباس في ذلك الوقت وندم ما فعله في السابق، ووافق على زواج أليب من سنام في نهاية المطاف" .

وقال جوسمان آمات للصحفيين إن قصة الحب هذه حدثت في القرن العاشر تقريبا، وألفها وسجلها الشاعر الويغورى يوسوف عاج وفقا للتنقل الشفوي لقومية الويغور.

السيد ساموساك آمات هو مسن ويغورى بلغ 85 عاما من العمر و يعيش في قرية البستان بولاية كيرالا تل بمدينة أكسو بمنطقة شينجيانغ. في عام 1940، بدأ تعلم غناء المقام الاثني عشر أثناء رعيه للأغنام في المناطق الجبلية. نظرا لأنه لا يستطيع القراءة والكتابة ،فكان يتعلم غناء المقام الاثني عشر اعتمادا على الذاكرة القوية، الآن بعد مرور أكثر من 70 سنة ،فهو لا يزال قادرا على غناء قصة الحب هذه :

"يا حبيبتي ، إن يدي ترتدي أصفادا. إن لم أر وجهك ، سوف أموت، إن الشرير يحاول انتزاع حياتي. يا حبيبتي، إن لم أر وجهك ، سوف أموت".

ومن أجل إظهار السعادة بين أليب وسنام ، غنى جوسمان آمات قطعة مختارة من المقام للتعبير عن الحب بينهما .

"يا عيني ، خديك جميلة مثل الزنبق، وفمك الصغير مثل الكرز ، إني وقعت في الحب منذ أول لحظة من نظرتي اليك !"

قال الأستاذ ميجيس يونس مدير مكتب دراسة المقام التابع لكلية الفنون بشينجيانغ للصحافيين إن هذه الموسيقى المفعمة بالفرحة والبهجة تدل على أن قصة الحب هذه تقترب من النهاية ،أي الزواج السعيد بين أليب وسنام . قال :

"تعكس هذه القطعة المختارة من المقام مشهد الزواج المفرح. لأن الملك وافق على زواجهما أخيرا ، هذه النتيجة سعيدة بالنسبة لهما ، لذا ، أصبحت الموسيقي فرحة ومرحة . "

إن قصة الحب هذه تم تصويرها الى فيلم عام 1980، حيث ذاع صيتها داخل الصين وخارجها . كما ألف المطرب الشاب الصينى دولانغ أغنية شعبية على أساس هذه القصة المؤثرة .

في نوفمبر عام 2005، أعلنت منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة إدراج فن المقام الويغوري بمنطقة شينجيانغ الصينية ضمن روائع التراث الشفوي وغير المادي. وفي العام نفسه، أعلنت الصين خطة طويلة الأمد لحماية هذا الفن وتوريثها خلال الفترة ما بين عام 2005 وعام 2014.

وفي إطار تنفيذ هذه الخطة، تم الآن اختيار نخبة من الفنانين المخضرمين وتقديم الدعم الفعلي لهم، وإنشاء حوالي عشرة مراكز تدريبية في أنحاء شينجيانغ، وإدراج هذا الفن ضمن مناهج التعليم العادي والتعليم الفني المتخصص، وإنشاء عدد من قواعد البيانات والمواقع الالكترونية والمتاحف الخاصة بهذا الفن التقليدي. وفي هذا الصدد، قالت السيدة لي جي ليان، مديرة مركز دراسة وحماية التراث الثقافي غير المادي بشينجيانغ:

"يمكن لكل وارث على مستوى الدولة لتراث المقام أن يحصل على 10 الاف يوان من الدعم الحكومي سنويا، ووارث على مستوى المنطقة الذاتية الحكم يمكن أن يحصل على 3600 يوان سنويا ، أما الفنانون الشعبيون المحليون ، فبامكانهم الحصول على ما يتراوح بين 200 و 500 يوان من الاعانات . إن هذه الاعانات تسهم في ترويث هذا الفن العريق الى الابد . "

يمكن القول إن المقام قد أصبح جزءا من حياة أبناء قومية الويغور ، المقام هو واحة سعيدة في قلوبهم !

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي