CRI Online

هانتشغو قمة العشرين والأمل المرتجى

cri       (GMT+08:00) 2016-09-08 15:06:14

بقلم أسامة مختار*

*أسامة مختار وكاتب مهني وخبير فى إذاعة الصين الدولية ، والقائم بأعمال الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب لدى وسائل الصحافة والإعلام والإعلام الإجتماعي الناطق بالعربية في الصين.

تحتضن مدينة هانتشغو الصينية الجميلة قمة مجموعة العشرين يومي 4 و5 سبتمبر الحالى بعد ثمان سنوات من الأزمة الاقتصادية لعام 2008م، في ظل ما يشهده العالم من انكماش اقتصادي وتباطؤ في حركة التجارة الدولية وهو ما أثر على معدلات النمو وخاصة في الدول النامية، وأدى إلى عزوف الاستثمارات . وتضم القمة دولا صناعية وأخرى ناشئة ذات أسواق واسعة حيث تمثل دول المجموعة حوالي ثلثي سكان العالم، و85 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وأكثر من 75 % من حجم التجارة العالمية، فضلاً عن أنها تضم الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وهذه القمة هى الأرفع مستوى والأكبر حجما والأعمق نظرا بالنسبة للظروف المعقدة التى يمر بها الإقتصاد العالمى وتعلق هذه القمة آمالا كبيرة على الصين بصفتها الدولة المضيفة ، وثانى أكبر اقتصاد عالمى لمساعدتها فى طرح أفكار ورؤى جديدة لتحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد العالمى وإخراجه من مشاكل النمو المنخفض بالاستفادة من تجارب الصين فى تحقيق الابتكار الإصلاحى والحوكمة حيث إن استقرار الاقتصاد الصيني يقدم دفعة قوية للاقتصاد العالمي، ويوفره المزيد من فرص التنمية لدول العالم، وستقود الصين رئاسة قمة مجموعة العشرين لهذا العام2016م، وهي المسؤولة عن 30% من النمو العالمي، وهو ما يجعلها مرشحة لأداء دور قيادي في ضمان أن تعمل مجموعة العشرين تحولا ناجحا وأن تجلب المزيد من المنافع العامة لما يواجهه الاقتصاد العالمي من عدم استقرار وتباطؤ نتيجة لعدة عوامل أهمها انخفاض أسعار البترول وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكذلك الاضطرابات فى منطقة الشرق الأوسط خاصة فى دول مايسمى بالربيع العربى وفى مقدمتها سوريا وليبا واليمن ، وما نتج عن ذلك من أزمات النازحين و الجماعات الإرهابية كما أن القمة منصة للتعاون الصينى الأفريقى الذى شهد تقدما منذعام 2009م فأصبحت الصين أكبر شريك تجارى لأفريقيا وخصصت300 مليار دولار كاستثمارات فيها بينما بلغت استثمارات أفريقيا فى الصين 10 مليار دولارخاصة بعد إنشاء المنتدى الصينى الأفريقى وهى سانحة لتمنح القمة أيضا الدول الأخرى فرصة للنظر إلى الدول الأفريقية التي تضخ فيها الصين إستثمارات ضخمة،وتجدر الإشارة إلى أن قمة جوهانسبرج لمنتدى التعاون الصيني-الافريقي التى اتعقدت فى ديسمبر 2015م تضمنت مشاريع للتعاون الصينى الأفريقى بقيمة 60 مليار دولار خلال 3 سنوات.

إذا فإن مؤتمر قمة العشرين الحالى يشكل بلا شك فرصة كبيرة ويملك قدرة في إعادة تشغيل النمو العالمي. فمن المنتظر أن تركز القمة على تحقيق نمو عالمي مستدام، وتشجيع الحوار بين الدول المتقدمة والنامية حول إمكانية تعزيز النمو من خلال الإصلاح والابتكار ومعالجة ما يشهده الاقتصاد العالمي حاليا من من تقلبات . كما يجب أن تدمج الإصلاحات والتكيف الهيكلي على وجه الخصوص ضمن السياسات الحالية لخلق بيئة خصبة للنمو. وبفضل الاقتراحات المقدمة من الدول المشاركة، ولا سيما الصين، سيكون موضوع الاعتماد على الابتكار المرتبط بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة والنماذج الجديدة للأعمال التجارية مفتاح أجندة مجموعة العشرين الأمر الذي من شأنه أن يخلق فرصًا جديدة لمستويات الاستهلاك فالصين صاحبة المبادرات الذكية وليس ببعيد مبادرتها التى طرحتها "الحزام والطريق"، المؤلفة من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 والتى تسعى من خلاها لتحقيق الرخاء المشترك بطول طريق التجارة القديمة عبر التعاون القائم على الكسب المشترك، وتعد هذه المبادرة الفريدة بمثابة دليل قوى على نوايا الصين لتهيئة عالم تنموى مترابط متسامح ومتعاون.

وتكمن دلالة المكان الذى تعقد فيه القمة وأعنى مدينة هانغتشو التي تشهد طفرة إنمائية هائلة ، فهى المقر لعملاق التجارة الالكترونية (علي بابا) والمركز الصاعد للتكنولوجيا وشركة جيلين للسيارات التى إشترت ماركة فولفو العالمية فهى مدينة مبتكرة وحيوية وتشهد قطاع التصنيع الذكى الواعد وتعد صورة مصغرة للاقتصاد الصينى الجديد لما حققته الصين في إصلاحها الهيكلي الحالي في مجالات عدة منها التطور الهائل في البنية التحتية وجودة الخدمات المقدمة بالإضافة للتطور العمراني الذي يؤهلها لاستضافة قادة العالم المشاركين من الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا وألمانيا و اليابان فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة ودول مجموعة "البريكس" وهى البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا بالإضافة للملكة العربية السعودية وتركيا والأرجنتين والمكسيك وكوريا الجنوبية وإندونيسيا والاتحاد الأوروبي . ووجهت الدعوة لبعض الدول للحضور ومنها جمهورية مصر العربية وستتجه أنظار العالم ووسائل الاعلام العالمية الى هانتشغو الساحرة بصباحها البهى ولياليها الفاتنة و التى فيها يتحدد بعض ملامح المسار المستقبلي عبر رسالة الصين للعالم لبناء اقتصاد جديد .

وبينما ازدانت هانتشغو لاستقبال عرسها العالمى خصصت أجهزة الإعلام الصينية والعالمية المختلفة مساحات كبيرة لهذه الفعاليات عبر المواقع الشبكية، والبث الإذاعى والتلفزيونى لتضع المتابع داخل موقع الحدث وأ فردت مساحات للتفاعل وتقديم الآراء، ومما راقنى مقولة أحد المستمعين لإذاعة الصين الدولية ما معناه أن التحديات التى تواجه هذه القمة لن تجعل قادتها يتنزهوا بهانتشغو الجميلة ذات المناظر الساحرة والبيئة الهادئة والأنيقة التى أشرت إليها آنفا ،ولن يتمتعوا كثيرا بأطباقها اللذيذة حتى وإن جُملت بالأرز والسمك. والأاكيد أن قمة هانغتشو ليست دوا لكل داء ، لكنها خطوة حاسمة لإتخاذ خطوات إضافية لإعادة الأمور إلى نصابها ،ودفع الاقتصاد العالمى نحو النمو وتحقيق التنمية المستدامة ،وخلق النمو المفقود له، فالشعار الذي حددته الصين لقمة مجموعة العشرين هذا العام 2016م(بناء اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط مترابط وشامل) يعد مؤشرا على أن الصين حريصة على مساعدة الدول الناشئة مهما كانت العقبات وعظمت والتحديات والتضحيات.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي