CRI Online

الإقتصاد الصّيني مَحلّياً ودولياً.. عَملية لتحْويل العَالم

cri       (GMT+08:00) 2016-11-14 10:25:19

الأكاديمي مروان سوداح*

الاجتماعات القيادية والشعبية التي تشهدها الصين هذه الايام تؤكد حيوية تطور المجتمع الصيني، وإيجابية التعامل مع الراهن الاقتصادي والاجتماعي نحو اجتراح المزيد من الإصلاحات فيه، ومشروع نقله الى فضاءات جديدة مُتّسِعة، وتجاوب المتطلبات الداخلية للصين مع تلكم الخارجية وانعكاساتها في دول العالم توافقياً وانسجامها مع رؤى الجماعية في عملية توسيع الحوافز الاقتصادية المحلية والطلب السلعي الداخلي الذي يُشكّل قاعدة النمو الحاسم للصين في لحظة فارقة دولياً ستمارس بلا وجل عملية التحويل العالمي للاقتصاد والسياسة والطريق البشري للاخذ بفكرة الصين بالمساواة الاقتصادية الفعلية بالاتجاهين بين الشعوب وبين الاقتصادات الدولية.

في اللوحة الحالية التي نشهدها، يتطوّر إقتصاد جمهورية الصين الشعبية بصورة دينامية وحيوية لم يسبق لها مثيل منذ بداية عهد الاصلاح والانفتاح الكبير. ويشهد العالم أجمع على عظمة الفكر الاقتصادي الصيني المعاصر، الذي تمكّن من نقل دولة الصين الجديدة الى ذرى الازدهار والعطاء الاكثر شساعة على مستوى الكون، حتى صارت البشرية كلها تنعم بثمار هذا الانفتاح وتتمنى توسيع تطبيقاته، كما وتفعيل تطبيقات السياسات الصينية التي تفيض على البشرية بالمساعدات البنّاءة وقواعد البناء إنطلاقاً من فكر إنساني مُتقدّم، يضع في جوهر إنشغالاته مصالح الانسان أياً كانت انتماءاته، والكسب المشترك، والندّية في العلاقات الدولية والبشرية، والمساواة بين الدول والشعوب صغيرها وكبيرها.

في الدفع الصيني الحالي الذي عُرض على المجتمع الصيني في الاجتماعات التي تشهدها أو شهدتها الصين هذا الشهر، نرى تركيزاً على تعظيم السوق الداخلي، ليكون ضمانة للتطور الصيني، ومعالجة مختلف أشكال الاختلالات الاقتصادية، وتطهير الحوافز الإقتصادية من درائن قد تظهر هنا وهناك في عمليات النمو والتأسيس، والعمل لجعلها مُنتجة على نحو أوسع، وتعزيز الاستثمارات الصينية في العالم، وقد غدت هذه شعارات لخطة صينية من شأنها نقل الصين من الدولة الثانية الى المكانة الاولى على وجه البسيطة، إذ يُبشّر بهذه النقلة القريبة جداً الاقتصاديون والخبراء الاجانب، ويؤكدون ان الصين ستغدو أولى، وإن إعتمدت فقط على سوقها المحلي الذي لا يحتاج الاخذ بحسابات دولية، لأسباب منها التقلبات السياسية التي يشهدها العالم وتأثيراتها االاقتصادية على مختلف الاقاليم والتجارة نمواً أو تراجعاً.

شخصياً، تابعتُ خلال الاجتماعات الصينية التاريخية دعوة رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، وبخاصة يوم الأحد (6 أذار/ مارس) الحالي، وقد تضمّنت نقاطاً في غاية الأهمية، صارت مشروعاً تطويرياً وتعبوياً للمجتمع الصيني يؤشر الى حتمية الشروع بالعمل الجاد المًبدع الاوسع في حقول 1/ الإصلاحات الأساسية المولّدة لقوة دافعة جديدة للنمو الاقتصادي وتعزيزه؛ 2/ وإقامة المزيد من المنصات المنسقة لربط الشركات والجامعات ومعاهد البحث العلمي؛ 3/ ومواصلة الإصلاح الهيكلي وخاصة في جانب العرض؛ 4/ وتنفيذ إستراتيجية يكون جُلّ دافعيتها الابتكار وتحفيز قدرات الصين الكامنة على الوفاء بأهدافها الاقتصادية والاجتماعية الداخلية؛ 5/ والحفاظ على سرعة متوسطة واخرى عالية للنمو؛ 6/ تفضي لتشجيع اقتصاد جديد؛ 7/ تُشكل جميعها الطريق الجديد بقسماته التي تجمع مختلف طرائق النجاح الصينية التاريخية.

وفي مجال موازٍ، نلمس دعوة يوي تشنغ شنغ رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الذي وضع أُصبعه على الجرح، كما يقول المَثل العربي، عندما شَرَّحَ كيفية حل المعضلات الصينية بخاصة التي تواجه الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في التمويل ودخول السوق والخدمات العامة، ومؤكداً ضرورة ان يلعب الحزب الشيوعي الصيني الدور المُحفّز والمنُّمي للقدرات الوطنية، وطالب زملاءه المستشارين أن يتمسكوا بقيادة الحزب، لأن في ذلك ضمانة النجاحن وهي رؤى سديدة ترتكز على خبرات التغيرات العالمية المأساوية التي شهدتها دول عديدة، منها الاتحاد السوفييتي ودول شرق اوروبا.

وفي خطاب أخر، كانت دعوة لبقاء قيادية الحزب في الحياة الصينية الاقتصادية والاجتماعية وعلى المستوى الشخصي المُحفّز. فخلال مداولات مع نواب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني عن مدينة تيانجين، طلب منهم نائب رئيس مجلس الدولة تشانغ قاو لي، اتباع تعليمات قيادة الحزب وتنفيذ الخطط المحددة في تقرير عمل الحكومة، سيما قضايا مثل القدرة الفائضة والتخلص من مخزون السلع، وخفض نسبة الديون، وتكلفة الشركات التي يجب الاهتمام بها، داعياً إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز محركات نمو جديدة ومنع المخاطر الاقليمية وغيرها على كل صعيد .

ونلمس ايضاً في كلمات وانغ تشى شان - سكرتير اللجنة المركزية لفحص الانضباط للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، خلال مداولات مع نواب المجلس الوطني عن بكين، ضرورة ان يضع النواب في محور اهتماماتهم، مفاهيم (التنمية الابتكارية والخضراء والمفتوحة والتشاركية) موضع التطبيق العملي، وهي بالضرورة مطالب الحزب التي من شأن تطبيقها مزيد تطوير الصين في مجال مهم هو رفع قدرات الابتكار والحياة والانتاج بلا تلوث وتعزيز روح التشاركية، وفي كل ذلك نلمس مرة تلو المرة دور الحزب في رفع مكانة الصين الاقتصادية والسياسية والدولية الى مستوى حاسم، وتأكيد دوره الاول في تعزيز عمليات الإبداع الفعلي فالحفاظ على مصالح الصين المتوافقة مع مصالح البشرية، في انسجام المتطلبات والانتاج الاقتصادي والتجارة والتشاركية .

هناك سر كبير في نجاح الاجتماعات الصينية القيادية والبرلمانية والشعبية، لكن هذا السر ليس مكتوماً عن أي من الناس، بل هو يعرض مكنوناته على صفحة مفتوحة أمام الجميع. هذا السر يكمن في تآلف المجتمع الصيني وتحالفهم مع الحزب الشيوعي القائد الذي أكد نجاعة نظرته ومشاريعه التطويرية والتنويرية اجتماعياً وصينياً ودولياً.

كما يؤكد نجاح الاجتماعات الحالية ان المشاركين فيها هم صفوة المجتمع المفكّرة والنظرية والمُفعّلين للجهود عملياً، ولا يَقصر هؤلاء أعمالهم على كلماتٍ، بل يعملون لتفعيلها، أي أنهم يقرنون النظرية بالعمل، والبحث العقلي في البحث الحَقلي، ليكون المُنتج واضح المعالم، ثم قابلا للتطبـيق والتوسيع والاشغال على متويين صيني وعالمي ونحو تحويل العالم برؤى اقتصادية تجديدية، لا مندوحة للجميع من القبول بها لأنها تتجاوب مع مصالحهم.

•كاتب وصحفي ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي