CRI Online

تعالَ معي إلى الأوبرا: ماذا تعرف عن الفتاة الجميلة التي أسقطت الإوز البري بألحانها الحزينة ؟

cri       (GMT+08:00) 2016-12-19 09:43:58

وافقت الفتاة الجميلة، والأحلام تملؤها بمستقبل ملكي مرموق، ولكن قلبها كان يتمزق حزناً، وهي تغادر قريتها وحياتها الوادعة إلى حياة جديدة وبشر آخرين..

آنذاك، جلست على أحد المقاعد، واحتضنت قيثارتها، وراحت تداعب أوتارها، وتعزف لحن الوداع.

جذب الإوز الطائر في الفضاء ذلك اللحن الشجي المتصاعد من قيثارة وانغ جاو جون ، فتوقف مصغياً وهو يتأمل ملامح الفتاة بارعة الحسن، وتقول الحكاية إن الإوز البري غفل عن تحريك أجنحته، فهوى على الأرض، ضحية للجمال والموسيقى.

يواصل التاريخ حكايته مع الجميلة وانغ جاو جيون، فيروي أنها سافرت إلى الشمال بصحبة زوجها، وكان لها هناك دور مهم وعظيم، حيث أحبها أبناء قومية سيونغنو، لجمالها ورقتها وبراعتها وطيبة قلبها، فعملت على نشر وترسيخ ثقافة السلام والتعايش، وبث عادات وتقاليد قومية الهان بين أبناء قومية سيونغنو.

كما كانت سبباً في تدعيم علاقات السلام وحسن الجوار بين مملكة هان وقومية سيونغنو عبر أجيال وأجيال.

إذاً، "وانغ جاو جيون" ليست مجرد دمية جميلة يلهو بها الرجال، ثم يخبئونها في الغرف المغلقة، لا، بل هي فتاة ذكية، تستخدم مواهبها الرفيعة في خدمة قضايا وطنية كبرى، وهي رمز لدور المرأة الصينية البارز في تحقيق السلام بين المتحاربين، ونشر ثقافة التعايش بين القوميات المختلفة.

كان العرض الفني الاستعراضي الراقص القائم على التعبير الحركي والموسيقى، عبارة عن مجموعة من اللوحات الفنية البديعة، قدمتها نخبة ممتازة من الفنانين رائعاً إلى حد الدهشة، حيث لا حوار هناك ولا أغنيات باستثناء كلمات قليلة أحياناً، وهمسات أو تمتمات خافتة في بعض الأحيان.

في أثناء العرض، كان الزميل الإعلامي أسامة مختار، يجلس بجانبي مبدياً إعجابه الشديد بالتقنية الرفيعة التي تستحضر نهراً وجبالاً وصحارى على خشبة المسرح، فتشعر أنها حقيقية، وأنك تستطيع أن تلمسها بأناملك.

أما الزميل الإعلامي لطفي المقدم، فقد جذبته روعة الإضاءة على خشبة المسرح، والتناغم الحركي بين الممثلين والممثلات، الذين كانوا يتحركون في خفة مدهشة وخطوات مرسومة بعناية، ليعبروا عن أحداث ساخنة متلاحقة، وحكاية ملء السمع والبصر والوجدان، وذلك من خصائص المسرح الصيني المعاصر، الذي يمزج بين مفردات الماضي ومعطيات الحاضر في براعة.

العرض الفني الذي استغرق حوالي الساعة وخمس وثلاثين دقيقة، كان زاخراً بالمتعة والإثارة، فالرشاقة التي يتحرك بها الفنانون تجعلك لا تستطيع أن تحول عينيك عن خشبة المسرح، والدقة في الأداء تقول إن خلفها تعباً شاقاً ومجهوداً متواصلاً ودأباً لا يعرف الكلل.

وإذا أسعدك الحظ يوماً بحضور بعض حفلات الأوبرا الصينية، فلابد أن تلفت انتباهك ، ملابس الممثلين والممثلات الزاهية الملونة التي تخلب الألباب وتثير الإعجاب، وكأنها لوحات فنية متحركة بذاتها، إلى جانب الأصباغ الملونة التي يطلي بها الممثلون وجوههم، فتبدو براقة لامعة ساحرة مدهشة.

وذلك فن قائم بذاته، قد تتاح لنا الفرصة يوماً لنتحدث عنه.

ورغم أن قصص الأوبرا الصينية محلية الصنع أحداثاً وشخصيات، فإن المتلقي الأجنبي يتفاعل معها وكأنها بنت بيئته، ربما لأنها مختارة بعناية فائقة، أو لأنها مصنوعة ببراعة، أو لأن اللمحات الإنسانية بها تتخطى حدود الجغرافية الضيقة إلى آفاق الإحساس الرحبة.

كل هذا قد يكون صحيحاً، المهم أنك لن تخرج من المكان إلا مفعماً بالبهجة، ومرتوياً من نبع الفن حد الكفاية.


1 2