عالم العقاقير لي شي تشن
中国国际广播电台


       الطب التقليدي الصيني بتاريخ له عريق حيث ظهر العديد من علماء العقاقير المشهورين. فقد ظهر في القرن السادس عشر في أسرة مينغ الملكية الصينية عالم عقاقير مشهور اسمه لي شي تسن وكان عنوان كتابه الطبي "الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية" وقد أصبح علامة هامة في تاريخ الطب والعقاقير بالصين.

        لي شي تشن كان من مواطني منطقة شين تشو بمقاطعة هوبي الصينية. وكانت هذه المنطقة غنية بالأعشاب الطبية. وبسبب تأثيره بوالده الذي كان طبيبا، أبدى لي شي تشن منذ صغره حبا وشغفا بالطبيعة، حيث كان دائما يتبع والده لجمع الأعشاب الطبية ثم يصنعها بعد العودة إلى البيت. ولكن في تلك الفترة كانت المكانة الاجتماعية للأطباء منخفضة، وعزم والده الطبيب على أن يغير مسار حياة ابنه لجعله سير على طريق تولي منصب مسؤول حكومي من خلال الدراسة.

ونجح لي شي تشن عام 1531 في الرابعة عشرة من عمره في امتحان اختيار سيوتساى \ خريج على مستوى الناحية في أسرتي مينغ وتشينغ \، ثم خاض إمتحان اختيار مجاز محلي \ ناجح على مستوى الناحية خلال أسرتي مينغ وتشينغ\ ثلاث مرات، ولكنه فشل. ومنذ ذلك الحين، ورث أعمال والده وبدأ يدرس الطب ويعالج أمراض أبناء الشعب الفقراء. ومن أجل تحقيق حلمه ليكون طبيبا مرموقا، كان دائما ما يزور الصيادين والقناصين والحطابين والفلاحين وجامعي الأعشاب الطبية وجمع العديد من الوصفات الخاصة المنتشرة بين أبناء الشعب، كما أتقن أشكال وطبيعة مختلف العقاقير من خلال المراقبة الدقيقة والتجربة المتواصلة.

وأصبح لي شي تشن  عام 1551 طبيبا مشهورا. وذات مرة، أصيب إبن ملك تشو بمرض شديد وتلقى علاج لي شي تشن، ثم شفي بسرعة الأمر الذي جعل ملك تشو مسرورا جدا، فرشحه لتولي منصب في مستشفى القصر.

وكان الملك حينذاك يؤمن بالطاوية وأوهمه الكثيرون بطول العمر وكان معظم أطباء المستشفى الملكي مؤمنين بهذه الأفكار العمياء على عكس من لي شي تشن الذي لم تكن له رغبة في السعي وراء المناصب والألقاب والفوائد والرواتب وأدرك أنه لن يحقق أمنيته في خدمة المجتمع وإنقاذ أبناء الشعب داخل  الهيئات الحكومية. لذلك قدم استقالته بعد أقل من سنة من توليه هذا المنصب وعاد إلى موطنه وواصل حياته الأصلية أي معالجة المرضى وتأليف الكتب.

وخلال مسيرته الطبية، اكتشف لي شي تسن أن كتب العقاقير التي ألفها القدامى غير موثوق بها، فصمم على تأليف كتاب جديد عن العقاقير. وفي عام 1522 بدأ لي شي تشن في الخامسة والثلاثين من عمره يركز انتباهه لتأليف كتاب" الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية".

ومن أجل تأليف هذا الكتاب، قرأ لي شي تشن أعمالا طبية لنحو ثمانمائة شخص وكتبا تاريخية أخرى وأجرى ثلاثة تعديلات كبيرة على كتابه على أساس المعلومات التي جمعها في الماضي. وخلال مسيرة تأليف الكتاب، استغل ملكات جميع أفراد أسرته حيث شارك إبنه وحفيده وتلاميذه في أعمال المراجعة والنسخ والرسم. وبعد نحو ثلاثين عاما من الجهود الدؤوبة والمخلصة، أتم لي شي تشن أخيرا في عام 1578 عملا خالدا وعظيما أي كتاب "الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية".

وبلغ عدد كلمات هذا الكتاب أكثر من مليون وتسعمائة ألف كلمة وانقسم إلى 16 جزءا وسجل 1892 نوعا من العقاقير وأكثر من 11000 وصفة طبية. وفي هذا الكتاب أكثر من ألف رسم تشرح بشكل جيد الأشكال المعقدة لمختلف العقاقير الأمر الذي ساعد الناس على تمييزها. وتتمثل إنجازات كتاب "الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية" في مجالات عديدة. أولا، أعاد هذا الكتاب تصنيف العقاقير التي سجلها مثلا صنف بشكل علمي عقاقير الأعشاب الطبية والعقاقير الحيوانية. وحتى عام 1741، اتخذ العلماء الأوروبيون في مجال تصنيف النباتات أسلوب التصنيف المماثل وذلك متأخرين في ذلك عن لي شي تشن بنحو مائتي سنة. ثانيا، عدل هذا الكتاب العديد من أخطاء القدماء وأوضح الكثير من الأشياء الغامضة وأضفى إليه بعض العقاقير المكتشفة حديثا وشرح مدى فعالياتها. ثالثا، استنكر لي شي تشن الخرافات الآراء السخيفة في الكتب الطبية القديمة. وكانت الطاوية منتشرة في تلك الفترة حيث تشجع على فنون استخلاص إكسير الخلود وعمم الأفكار العمياء في المجال الطبي. وندد لي شي تسن بمفهومه المادي الساذج بتلك الأراء الخاطئة التي تنتمي إلى العلوم المزيفة.

لأن لي شي تسن بذل كل جهوده طول حياة لتلخيص خبرات الصينيين في  استخدام العقاقير على مدى آلاف السنين وأنجز عملا طبيا كبيرا أي كتاب " الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية" مما دفع علوم العقاقير القديمة إلى ذروتها، فإنه أصبح أعظم عالم عقاقير في تاريخ الصين القديم. وبعد ذلك، أعيدت طباعة هذا الكتاب مرات عديدة في اليابان وأصدر في الصحف أو المجلات على نطاق واسع. كما توجد في بريطانيا وفرنسا وألمانيا نسخ مترجمة حتى نسخ مترجمة إلى اللغة اللاتينية. ومنذ القرن السابع عشر، بدأ هذا الكتاب ينتشر في كل أنحاء العالم وأصبح ميثاقا هاما يجب على باحثي العقاقير المعاصرين مراجعته.