الفصل
الرابع:
بكين وشانغهاي ومناطق التنمية الحديثة بكين: المركز السياسي والثقافي في الصين شانغهاي: أكبر مركز اقتصادي في الصين المناطق الاقتصادية الخاصة والمدن المنفتحة في الصين
1- بكين: المركز السياسي والثقافي في الصين
بكين عاصمة جمهورية الصين الشعبية، وهي المركز السياسي والثقافي في الصين، وهي أيضا مدينة مشهورة للثقافة الكلاسيكية في الشرق. وتقع في الطرف الشمالي لسهل هوابي، وتبعد جنوب شرقيا عن بحر بوهاي بمائة وخمسين كيلومترا، وتبلغ مساحتها ستة عشر ألف وثمانيمائة كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها اثني عشر مليون وخمسمائة وتسعين ألف نسمة. ان بكين مدينة عريقة يرجع تاريخها الى أكثر من ثلاثة آلاف سنة منذ انشائها. وظلت بكين مدينة هامة في شمال الصين منذ فجر التاريخ. وخلال مدة المجابهة بين أسرة سونغ الشمالية (من عام 960 الى عام 1127) وأسرة لياو ( من عام 907 الى عام 1125)، أصبحت بكين فجأة عاصمة جانبية لأسرة لياو. ثم ظلت بكين مركزا سياسيا في الصين عبر أسر جين ويوان ومينغ وتشينغ. وفي عام 1949، عينت بكين عاصمة لجمهورية الصين الشعبية. وتتحلى بكين بالعادات والمناظر العتيقة المميزة للعاصمة القديمة الشرقية. ويمر بها خط محوري من الشمال الى الجنوب، ويقع القصر الامبراطوري – اي المدينة المحرمة في أسرتي مينغ وتشينغ في وسط المدينة بالضبط. ويمر الخط المحوري من الجنوب الى الشمال بالبوابتين الأمامية والخلفية للقصر الامبراطوري والقاعتين الأمامية والخلفية فيه، كما يضع عليه العرش الامبراطوري في وسط قاعة تايهه باعتبارها قاعة رئيسية في القصر. وبجانبي الخط المحوري، انشئت مجموعات من البنايات بصورة منتظمة. وتتشابك معظم الشوارع والأزقة من الجنوب الى الشمال او من الشرق الى الغرب في المدينة حتى تشكل بشكل رقعة الشطرنج. وان هذا الترتيب المعماري الذى يتركز حول القصر الامبراطوري نادر جدا في العالم. وبصفتها عاصمة قديمة، ما زالت بكين تحافظ حتى الان على عديد من البنايات القديمة ومختلف الأنواع من التحف التاريخية. ويعتبر القصر الإمبراطوري خلال فترة أسرتي مينغ وتشينغ أضخم وأفخم قصر في العالم، ويحافظ بصورة جيدة تماما حتى الان، وقد حدد الى متحف القصر الأمبراطوري. تم تجديد بوابة تيان آن مون امام القصر الامبراطوري– أي البوابة الجنوبية للمدينة الامبراطورية السابقة، وهي رمز لبكين. وامام بوابة تيان آن مون ميدان تيان آن مون المنبسط والواسع، ويقف شامخا في وسطه النصب التذكاري لأبطال الشعب والقاعة التذكارية للرئيس الراحل ماو تسي دونغ. وبجانبي القصر الامبراطوري حديقة تشونغشان والقصر الثقافي للشعب الكادح، وفي خلفه حديقة زينغشان وحديقة بايهاي، مما شكلت مجموعة كاملة من البنايات. واذا دخلت القصر الامبراطوري، يمكن ان تتمتع بالفن المعماري القديم في الصين وتستذكر التاريخ الصيني. ويقع القصر الصيفي باعتباره أكبر حديقة امبراطورية في الصين في ضاحية بشمال غربي بكين، وتوجد بالقرب منه أطلال حديقة يوان مينغ يوان يزورها السياح كثيرا.
وتتمتع بكين بالتقاليد الثقافية العريقة والوافرة. وتكمن في طياة هذه المدينة القديمة لهجة بكينية، وتشكلت على أساسها الفصحى الصينية – اللغة الرسمية في الصين. وتمتاز هذه المدينة بأوبرا بكين – أشهر أوبر في الصين. ولا تتحلى الأطعمة التقليدية في بكين بالخصائص الغذائية في وسط البلاد فحسب، بل تشمل أيضا على التقاليد الغذائية لقوميات مان ومنغوليا وغيرهما في شمال البلاد، ومن ضمن أشهر الأطعمة المحلية البط المشوي وشرائح الخروف المغطسة وغيرهما. وان تصميم الديار الشرقية الرباعية صالح للسكن وأسلوب بنائها فريد ويسود الشوارع والأزقة جو من المحبة والصداقة. وان فنون الصناعة اليدوية التقليدية ببكين رائعة، وتتمتع أواني جنتايلان (كلوازونيه او المينا المحجر) والنحت اليشمي والسجايجيد وغيرها من المنتجات التقليدية المحلية بشهرة عالية في الأسواق الدولية. ولقي كل ذلك اعجابا شديدة لدى السياح الصينيين والأجانب. وان القضية العلمية والثقافية الحديثة ببكين متطورة جدا. وتعتبر أكبر مركز علمي وثقافي في الصين. وتوجد فيها مكتبة بكين --- أكبر مكتبة في الصين وأضخم المنشآت الرياضية في كل البلاد والمستشفيات على الدرجة الأولى في البلاد. كما تعتبر بكين مركزا وطنيا للصحافة والنشر وتأسست فيها عشرات من الجماعات الفنية على المستوى الوطني. وتلقب بكين بمدينة المتاحف لأن مائة وعشرين متحفا تنتشر فيها. وتمتاز بكين بالشخصيات الفذة والعجائب، وتتركز فيها نحو مائة جامعات بمختلف الأنواع، ولم تعد جامعتا بكين وتشينغهوا وغيرهما من الجامعات والمعاهد العليا مجموعة كبيرة من الأكفاء للوطن فحسب، بل استجذبت كثيرا من الطلاب الموفدين الأجانب أيضا. ويقع ببكين مقر لكلتي أكاديمية العلوم الصينية والاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية باعتبارهما أكبر هيئتين للأبحاث العلمية في الصين، اما الوحدات البحثية الفرعية التابعة لهما التى يجاوز عددها مائة فمعظمها تنتشر في بكين. وتعتبر منطقة تشونغ قوان تسون الواقعة في شمال غربي ضاحية بكين أكثف مكان أكفاء وتقنيات. حيث تجانب جامعتا بكين وتشنغهوا مع مختلف الوحدات البحثية التابعة لأكاديمة العلوم الصينية. ومنذ الثمانينات، تتفجر صناعات العلوم والتكنولوجيات العالية كالينابيع المتدفقة هناك، فتلقب بالوادي السليكوني الصيني. وتتمتع بكين بالقاعدة الصناعية القوية والعميقة بحيث تضم كثيرا من الأجهزة الصناعية للحديد والصلب والفحم والمكانيك والبتروكيميا والألكترونيات والغزل والنسيج وغيرها. وتعتبر مؤسسة العاصمة للحديد والصلب ومنجم جينغشي ومؤسسة يانشان العامة للبتروكيميا ومصنع بكين لسيارة الجيب بالتمويل المشترك الصيني الأمريكي وغيرها مؤسسات ضخمة وطنية. ومنذ التسعينات، تتطور صناعات الحديد والصلب والكيماويات والغزل والنسيج وغيرها من الصناعات التقليدية الى اتجاه الكثافة التقنية الان. وقد اصبحت المعلومات الالكترونية والصناعة الجامعة بين الضوء والآلة والكهرباء والهندسة البيولوجية والأدوية الجديدة والمواد الحديثة التى تتفق مع خصائص العاصمة نقاطا هامة لتطور الصناعة الحديثة ببكين. وتشهد في بكين بصفتها عاصمة للصين مواصلات متطورة. وتعتبر همزة وصل ترتبط خطوط السكك الحديدية والطرق العامة والخطوط الجوية في الصين، وتمتد كثير من خطوط السكك الحديدية والطرق العامة الرئيسية الى كل انحاء البلاد. وبعد تم استخدام الطريق العام السريع من بكين الى ميناء تانغقو الجديد بمدينة تيانجينغ، اصبحت المواصلات البحرية بين بكين وخارجها أسهل. وقد تطور مطار العاصمة في شرقي ضاحية بكين أكبر ميناء طيراني في الصين، وتمتد كثير من الخطوط الجوية الى مختلف المدن الكبيرة في الصين وكثير من المدن في خارج البلاد. وتماشيا مع تطور عملية الاصلاح والانفتاح على الخارج باطراد، تجددت مناظر بكين يوما بعد يوم. وحقق البناء الأساسي للطرق داخل المدينة والاتصالات السلكية واللاسلكية منجزات وافرة . وقد شكل الطريقان الدائريان الثاني والثالث ببكين شبكة مواصلات دائرية للتقاطع المجسم الكامل. وتحتل نسبة تعميم هواتف التحكم المبرمج ببكين في طليعة البلاد كلها. وتزداد المباني الحديثة ببكين، وتتوسع مساحة الأشجار والأعشاب باستمرار. ويقال ان بكين أصبحت أعلى وأجمل. وقد وضعت الهيئات المعنية ببكين خطة التنمية الطويلة الأمد للقرن الحادي والعشرين. ومن الموثوق ان بكين ستصبح أجمل خلال مدة قصيرة. 2- شانغهاي: أكبر مركز اقتصادي في الصين
بلغ عدد سكان مدينة شانغهاي الإجمالي 13
مليون نسمة، وتعتبر عاصمة كبرى على مستوى العالم رغم أن مساحتها لا تتجاوز
6340 كيلومترا مربعا، حيث أصبحت أكبر مركز اقتصادي وفيها أكبر ميناء في بر
الصين الرئيسي وتحتل المراكز المتقدمة من حيث قيمة الإنتاج الصناعي والزراعي
وقيمة الصادرات وقدرة الشحن والتفريغ في ميناءها.
بعد سنة واحدة من تنفيذ سياسة الإصلاح
والانفتاح على الخارج في عام 1978، أنشأت الصين أربع مناطق اقتصادية خاصة في
مدن شنتشن وتشوهاي وشانتو بمقاطعة قوانغدونغ ومدينة شيامن بمقاطعة فوجيان على
التوالي. وفي عام 1984، فتحت الصين على الخارج داليان وشانغهاي وغيرهما من
إثنتي عشرة مدينة ساحلية. ثم وسعت الصين انفتاحها ليشمل مقاطعة هاينان بأقصى
جنوب الصين باعتبارها أكبر منطقة اقتصادية خاصة في الصين إضافة إلى مناطق
ساحلية أخرى في دلتا نهر اللؤلؤ ودلتا نهر اليانغتسي وجنوب مقاطعة فوجيان
وشبه جزيرة شانغدونغ وشبه جزيرة لياودونغ ومقاطعة خيبي ومنطقة قوانغشي.
|