CRI Online
الباب الرابع عشر : التاريخ

الكتب المشهورية التاريخية الصينية

فن الحرب لسون زي

يعتبر "فن الحرب لسون زي" أقدم وأشهر الكتب الحربية في الصين، وأحد أشهر الكتب الصينية القديمة في العالم أيضا. وتستخدم مبادئه وأفكاره على نطاق واسع في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية. وقد تم تأليفه قبل 2500 عام، فيعتبر أقدم مؤلف نظري عسكري في العالم إذ إنه أقدم ب2300 عام من كتاب "عن الحرب" //ON WAR// للأوروبي كلاوسيويتز (Clausewitz).

اسم مؤلف كتاب فن الحرب سون وو، أما سو زي فهي الكنية. ولد سون وو في محافظة هوي مين بمقاطعة شاندونغ شرق الصين اليوم ومن مملكة "تشي" في عصر الربيع والخريف، وانتقل إلى مملكة وو هربا من الحروب حيث عينه ملك وو قائدا لقوات المملكة، وتغلبت قوات وو البالغ قوامها 30 ألفا بقيادة سون ووعلى قوات مملكة تشو البالغ قوامها 200 الف، الأمر الذي أوضح قوة مملكة وو مقارنة بالممالك الأخرى. وعلى أساس تلخيصه للحروب في أواخر عصر الربيع والخريف والحروب من قبل ألف سون وو كتاب فن الحرب حيث طرح نظاما عسكريا متكاملا.

ويقع كتاب فن الحرب لسون زي في أكثر من 6000 مقطع صيني ويضم 13 فصلا يتحدث كل منها عن موضوع واحد. يركز فصل "التخطيط" على إمكانية شن حرب، إذ يشير إلى أن هناك خمسة عوامل أساسية تحسم نتيجة الحرب هي السياسة والمناخ والتضاريس وقيادة الجيش ونظام إدارة الجيش وأهم هذه العوامل هو السياسة ومعناه أن يكون الشعب في انسجام وائتلاف مع السلطة العليا ومن ثم فإنهم يتبعون هذه القيادة غير مبالين بحياتهم ودون أدنى تفكير في الخيانة. ويدور فصل "الهجوم" حول كيفية مهاجمة الدول المعادية، حيث دعا سون وو إلى تحقيق أكبر انتصار ممكن بأقل ثمن، وبالأحرى تحقيق الانتصار دون الهجوم الهمجي والاستيلاء على مدن العدو دون اللجوء إلى أسلوب الحرب الطويلة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أكد سون وو على أهمية القيام بالتخطيط واستخدام الحيل، مشيرا إلى أن أفضل الأمور أن يستطيع الإنسان تحقيق النصر بالطرق السياسية، والثاني هو الانتصار بالأسلوب الدبلوماسي والثالث هو الانتصار باستخدام القوة والأخير هو الانتصار بأسلوب مهاجمة مدن العدو. وفي فصل "التجسس"، اكد سون وو على أهمية إتقان استخدام الوسائل المختلفة للتجسس من أجل الحصول على أكثر قدر من المعلومات حول العدو. وفي الحقيقة، تكمن في كتاب "فن الحرب لسون زي" الكثير من الأفكار الفلسفية، مثلا: اعرف نفسك واعرف خصمك وتخوض مائة معركة ناجحة، وقد أصبحت هذه الكلمة معروفة لدى عامة الناس في الصين.

يضم "فن الحرب لسون زي" الكثير من الرؤى الدياليكتيكية، وبحث سلسلة من الثنائيات الدياليكتيكية المتعلقة بالحرب: الطرفان المتحاربات، المعتدي والمعتدى عليه، الكثرة والقلة، القوة والضعف، والهجوم والدفاع، والنصر والهزيمة، الإيجابيات والسلبيات، إلخ. قام كتاب "فن الحرب لسون زي" بدراسة طبيعة هذه الثنائيات وظروف التفاعل والتحول بينها وبالتالي التوصل إلى السبل الاستراتيجية والتكيتيكة الحربية. وقد استخدمت هذه السبل على نطاق واسع من قبل العسكريين القدامى على مر الأجيال، وأصبحت أسماؤها وقصصها معروفة لدى الصينيين رجالا ونساء، كبارا وصغارا.

وقد ترجم كتاب "فن الحرب لسون زي" إلى 29 لغة أجنبية منها الانجيليزية والروسية والألمانية واليابانية، وتوجد في العالم عدة آلاف طبعة له، واستخدمته المعاهد العسكرية في الكثير من دول العالم كمواد دراسية. وأفادت التقارير أن طرفي القتال في حرب الخليج عام 1991 لجآ إلى هذا الكتاب. كما استخدم هذا الكتاب على نطاق واسع في مجال الأعمال، حيث تستخدم مبادئه وأفكاره في الإدارة والتسويق وغيرهما من الأعمال.

"التاريخ"

يعد "التاريخ" كتابا عظيما عن تاريخ الصين ومؤلفا أدبيا عظيما تحكي سيرة العظماء، وترك آثارا بعيدة المدى في المجالين التاريخي والأدبي بالصين. تم تأليف هذا الكتاب في القرن الأول قبل الميلاد في عهد أسرة هان الغربية حيث سجل الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية خلال الفترة الممتدة من الزمان القديم وحتى أسرة هان الغربية والتي استمرت 3000 سنة.

إن مؤلف "التاريخ" سي ما تشيان هو المؤرخ والأديب المشهور في عهد أسرة هان الغربية. ولد سي ما تشيان من أب عمل كمسؤول للبلاط الملكي عن التاريخ، وأظهر مواهبه منذ صغره حيث أبدى الكثير من الرؤى المستقلة عن الشخصيات والأحداث التاريخية. وتجول سي ما تشيان في أيام شبابه في كل أنحاء المملكة للاطلاع على الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية. ثم خلف والده في منصبه الذي كان فيه مسؤولا عن التاريخ، ولاحظ خلال تنظيمه للسجلات التاريخية أنها تختلف اختلافا كبيرا بسبب تباين مواقف وآراء القائمين بها، فخطر بباله أن يؤلف كتابا عن جميع الفترات الماضية. ومن سوء الحظ أن سي ما تشيان زج به في السجن لأسباب سياسية حيث تعرض لعقوبة قاسية. ورغم الجراح الخطير الذي أصابته جسمانيا ونفسيا، دأب على تأليف كتاب "التاريخ" باعتبار ذلك هدفا وحيد لحياته. وبعد 13 سنة من الجهود، انتهى سي ما تشيان أخيرا من تأليف كتاب "التاريخ" الذي ضم 103 فصلا ويقع في نحو 500 ألف مقطع صيني.

ويضم "التاريخ" خمسة أجزاء الأول عن الملوك والأحداث التاريخية المتعلقة بهم والثاني سجل الأحداث الكبيرة والهامة التي وقعت في مختلف الفترات التاريخية والثالث عن التطورات في مجالات الفلك والتقويم والري والاقتصاد والثقافة والرابع عن الأمراء والنبلاء والخامس عن سيرة الشخصيات المشهورة وتاريخ أبناء الأقليات القومية.

اتبع سي ما تشيان في تأليف "التاريخ" ما يسمى بأسلوب "التسجيل الواقعي" خلافا لما قام به المسؤولون عن التاريخ الذين كانت تتمثل مهمتهم في تسجيل مآثر الملوك وكبار المسؤولين ومدحهم، ولم يقتصر على المجال السياسي، بل تناول جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والفلكية والاجتماعية والطبيعية مما صور بطريقة حية عالما متكاملا ومتنوعا.

ويتمتع "التاريخ" بقيمة أدبية عالية، تتمثل في الشخصيات التي صورها اعتمادا على الوقائع التاريخية الحقيقية، فمنهم من ارتقوا من لا شئ واعتلوا العرش أخيرا ومنهم من يبدو أنهم ضعفاء وعاجزون ولكنهم في الحقيقة أبطال لهم أهداف بعيدة ومنهم من يمتلكون القوة والذكاء ولكنهم لا يسعون للسلطة ومنهم جنرالات ناجحون ومنهم من اغتيلوا وهم في مواقف الشجاعة ومنهم الأرامل الغنيات ومنهم الفتيات الجميلات اللواتي أقبلن على الهروب مع عشاقهن. ويمكن القول إن هذه الشخصيات شكلت أروع وأهم أجزاء "التاريخ".

جدير بالذكر أن أسلوب تأليف "التاريخ" بسيط وحي ومثير، وأن كلماته متواضعة وبسيطة وسلسة وجادة ومرنة وتعتبر نموذجا للكلمات الصينية القديمة.


1 2 3 4 5