انضح غلاف العدد الأخير من مجلة "تايم" الأمريكية نفساً من الرعب والقسوة، حيث أظهر للناس صورة أن المداخن الأربعة على سقف البيت الأبيض تنفث كميات هائلة من الفيروسات الحمراء على خلفية سوداء، تكاد تبتلع الحروف الإنجليزية الأربعة من اسم المجلة " TIME"، الأمر الذي يقول للعالم أنه بسبب إهمال الساسة في البيت الأبيض، فإن وباء كوفيد-19 في الولايات المتحدة قد صار خارج عن السيطرة، وفيروس كورونا الجديد ينتشر حاليا في كل ركن من أركان البلاد. وفي ظل ذلك، يود المجتمع الدولي أن يتساءل: ما هو ضمير الساسة الأمريكيين الذين جروا الشعب الأمريكي إلى "أحلك شتاء"؟
في الحقيقة أن متوسط عدد الإصابات الجديدة بكوفيد-19 تجاوز 46 ألف حالة يوميًا في الولايات المتحدة طوال الأسبوع الماضي، بزيادة قدرها 12٪ عن المتوسط قبل أسبوعين. وأصبح البيت الأبيض بصفته المكان الأكثر شهرة في البلاد، المنطقة الأكثر تضررًا من الوباء. كما دق البنتاغون ناقوس الخطر، إذ تم تأكيد إصابة مسؤول كبير في خفر السواحل بالفيروس، ما اضطر إلى خضع رئيس هيئة الأركان المشتركة وأعلى ضابط بالجيش الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، وغيره من عدة جنرالات لعزل ذاتي في منازلهم.
ونشر الدكتور ريك برايت، المدير السابق لهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم بالولايات المتحدة، مقالًا في صحيفة "واشنطن بوست" يوم الخميس (8 أكتوبر)، انتقد فيه الحكومة الفيدرالية الأمريكية لتسييس الوباء، مما تسبب في وفاة الآلاف من الأمريكيين بسبب فيروس كورونا الجديد.
في الواقع ، إذا استعرضنا الإجراءات الأمريكية في مكافحة الوباء لأكثر من نصف عام ، سنجد أن سيادة المصلحة السياسية الذاتية هي خلفية الحكومة الأمريكية في مكافحتها للوباء ، وأصبح العلم والحقيقة منتجات نادرة ، والأكاذيب والمعلومات الكاذبة هي السائدة. هذا هو السبب الأساسي لوفاة أكثر من 210 آلاف شخص في الولايات المتحدة وإصابة أكثر من 7.6 مليون شخص بالفيروس. نشر الشائعات من أجل "تحميل منظمة الصحة العالمية المسؤولية ، وتشويه سعمة الصين وحتى حلفائها ، متمنينًا تحمل العالم كله اللوم عن فشل الولايات المتحدة في الوقاية من الوباء.
أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤخرًا كلية هاريس للسياسة العامة في جامعة شيكاغو ووكالة أسوشيتد برس الامريكية أن 56٪ من الأمريكيين يعتقدون أن الحكومة الأمريكية يجب أن تتحمل مسؤولية الوباء الحالي. وأظهرت نتائج استطلاع مشترك آخر نشرته مؤخرًا وكالة رويترز ومجموعة إبسوس أنه من بين حوالي 1000 أمريكي بالغ ، لم يصدق 55٪ من المشاركين المعلومات الوبائية الصادرة عن البيت الأبيض ، ولم يوافق 57٪ منهم أعمال الحكومة لمواجهة الوباء. أكثر ما يقلق العالم هو أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر عائق للوقاية من الوباء العالمي والسيطرة عليه والتعافي الاقتصادي.
ومع ذلك ، بالنسبة للشعب الأمريكي ، فإن الظلام الحقيقي لم يأت بعد. حذر كبير خبراء الأمراض المعدية الأمريكي أنتوني فوشي من أنه إذا لم يتم الاستعداد جيدًا لفصلي الخريف والشتاء ، فقد يصل عدد الوفيات في الولايات المتحدة إلى 400 ألف. كما حذر ريك برايت من أن "أمريكا تدخل بشكل أعمى في أحلك شتاء في التاريخ الحديث". هل يريد السياسيون الأمريكيون حقاً مشاهدة تسجيل المزيد من الأرواح البريئة؟ هل هناك حقا إرادة تحويل هذه الكارثة إلى ما تسميه جريدة واشنطن بوست بانه "قتل بموافقة الدولة؟"