تعليق ((شينخوا)): على واشنطن أن تتعلم كيف تتخلص من إدمان تشويه صورة الصين

لا عجب في أنه قد تبين أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تختلف كثيرا عن سابقتها عندما يتعلق الأمر بالصين، إن لم تكن أكثر نفاقا.
  ففي معرض توضيحه لسياسة البيت الأبيض الحالي تجاه الصين يوم الخميس، أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنتاج نفس نظرية "التهديد الصيني" القديمة، وروج للمنافسة وسياسات الكتل التي تحمل نمط "أنا أربح وأنت تخسر"، ونشر أكاذيب حول سجلات الصين في مجال حقوق الإنسان، وقام بتشويه السياسات الداخلية والخارجية للصين. غير أن بلينكن قال أيضا في كلمته أن واشنطن "لا تريد صراعا أو حربا باردة جديدة".
   يا لها من مفارقة غريبة! في الواقع، ما تحاول واشنطن القيام به من السهل جدا رؤيته: احتواء الصين مع التظاهر بأنها لا تريد ذلك.  
   إن مثل هذا النهج ذي الوجهين لم يكشف فقط عن عقلية الحرب الباردة المتعنتة لدى واشنطن، بل شهد أيضا على ألوانها الحقيقية المتمثلة في نفاقها المتزايد.
  والحقيقة هي أن الولايات المتحدة نفسها هي المخرب الحقيقي للنظام العالمي القائم، وتهديد رئيسي للسلام والاستقرار العالميين، ومنتهك خطير للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
   فمن أجل السيطرة على العالم، خاضت واشنطن على مدى عقود مغامرات عسكرية دامية الواحدة تلو الأخرى خارج البلاد، وفرضت عقوبات أحادية الجانب على أي بلد أو كيان تراه مناسبا، وصعدت التوترات الجيوسياسية في آسيا وأماكن أخرى، وحاولت تجاوز الأعراف الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة من خلال مجموعة القواعد الخاصة بها.
   في مواجهة صين سريعة النمو، أصبحت الولايات المتحدة مضطربة بشكل متزايد. ولكن يبدو أن واشنطن لا تحاول المضي قدما من خلال تحسين نفسها، وإنما من خلال إسقاط الصين.
   فقد أدرجت شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية على القائمة السوداء بتهم لا أساس لها من الصحة، وفرضت تعريفات جمركية مدمرة للذات على السلع الصينية، وتدخلت في الشؤون الداخلية للصين فيما يتعلق بهونغ كونغ وشينجيانغ والتبت وغيرها.
   وفيما يتعلق بمسألة تايوان، انتهكت الولايات المتحدة وعدها مرارا وسعت إلى إفراغ مبدأ صين واحدة من مضمونه، واضعة السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان على المحك.
   وفي الآونة الأخيرة، عكفت واشنطن على محاولة إنشاء تحالف مناهض للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ" المعلن حديثا والغامض إلى حد كبير وآلية الحوار الأمني الرباعي (كواد).
   لذلك عندما ادعى بلينكن أن واشنطن لا تريد منع الصين من تنمية اقتصادها أو النهوض بمصالح شعبها، كما أنها لا تريد إجبار الدول الأخرى على الانحياز لأحد الجانبين بين واشنطن وبكين، فإنه يعني في الأساس العكس تماما.
   واليوم، تقف العلاقات الصينية الأمريكية عند منعطف حاسم. فقد شهد التاريخ على حقيقة أن الجانبين يستفيدان من التعاون ويخسران من المواجهة، وكذلك العالم بأسره. ويصدق هذا بشكل أكبر في هذه اللحظة التي تتطلب جهدا شاملا ويكافح فيها المجتمع العالمي لمواجهة سيل من التحديات العالمية غير المسبوقة مثل التغلب على جائحة كوفيد-19، وإعادة تنشيط الاقتصاد العالمي الذي هو على شفا ركود، وتبريد كوكب يزداد حرارة.
  وبالتالي، ينبغي على الولايات المتحدة العمل مع الصين لبناء علاقات صحية ومستقرة تتسم بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون القائم على الكسب المشترك، وهي طريقة مسؤولة حقا لإدارة ما يعتبره الكثيرون أهم علاقات ثنائية في العالم.
   وتتطلع واشنطن إلى تعاون الصين في المجالات التي تحتاج فيها إلى المساعدة في حين تحاول فك الارتباط أو حتى إثارة صراعات مع الصين في مجالات أخرى. إن مثل هذه العلاقات الثنائية المجزأة هي ببساطة غير مقبولة.
   في حدث أقيم يوم الخميس، قال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تشين قانغ إن المنافسة ليست هي التيار الرئيسي أو موضوع العلاقات الصينية الأمريكية. وإن الفكرة القائلة بأن العلاقات الصينية الأمريكية تحددها المنافسة لن تؤدي سوى إلى تصعيد التوترات والدفع إلى نشوب صراع.
   الأمر الأكثر أهمية هو أنه في هذا العصر من الاعتماد والارتباط المتبادلين العالميين، ينبغي لصناع القرار في واشنطن أن يكونوا قادرين على العلو فوق عقيدة الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن والتي تقول إن العالم يدور حول صراع "نحن ضد هم"، وأن طرفا واحدا فقط يمكن أن ينتهي به الأمر بأن يصبح الفائز النهائي.
   ينبغي أن يبدأ ذلك بتنفيذ وعود الرئيس الأمريكي جو بايدن لنظيره الصيني شي جين بينغ خلال المكالمة التي جرت عبر الفيديو بينهما في مارس، والتي تشمل عدم السعي إلى حرب باردة جديدة مع الصين، وعدم السعي إلى تغيير النظام الصيني، وعدم إضمار نية شن صراع مع الصين، وعدم دعم "استقلال تايوان"، وذلك من بين أمور أخرى.
   "لا يوجد سبب يمنع بلدينا الكبيرين من التعايش سلميا، والمشاركة في التقدم البشري والمساهمة فيه معا"، هكذا قال بلينكن في نهاية كلمته بشأن السياسة تجاه الصين.
   إذا كانت هذه هي نية الولايات المتحدة حقا، فعليها على الأقل أن تبدأ بفطم نفسها عن هوسها غير الصحي بتشويه صورة الصين، وتنحية عقلية المحصلة الصفرية جانبا. وفي النهاية، يجب على أي أمة كبيرة أن تتصرف بناء على هذه الحيثية.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق