مقالة خاصة :تزايد الاهتمام بالخيول العربية الأصيلة بالعراق

بدأت تربية الخيول العربية الأصيلة في العراق تشهد تزايدا مؤخرا لإحياء تراث الأجداد كون الخيول تمثل علامة للفروسية والشجاعة فضلا عن كونها ترتبط بعلاقة قوية مع مالكيها حتى أصبح البعض يطلق عليها اسماء بعض ابنائه.

وتتميز الخيول العربية الأصيلة برأسها المميز وذيلها المرتفع ورشاقة جسمها، وهي واحدة من أقدم سلالات الخيول بالعالم وأفضلها، إضافة إلى قدرتها على الجري لمسافات طويلة وجمالها اللافت للنظر ما أكسبها شهرة عالمية.

كما تعد الخيول ثروة وطنية وجزء من التاريخ العريق للشعوب العربية الذي يمتد لآلاف السنيين وشكلت رمزا للبطولة والقوة في الحروب التي خاضوها.

وقال الدكتور بكر فاروق الطبيب البيطري المسؤول عن قسم رعاية الخيول العربية بحديقة الزوراء لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الخيول الموجودة لدينا هي خيول عربية أصيلة مسجلة لدى منظمة الخيول العربية العالمية ومقرها بريطانيا، وكل الخيول ضمن المعايير الدولية والعراقية".

وأضاف "إن العرب اهتموا بهذا النوع من الخيول لسرعتها وتحملها الركض لمسافات طويلة والأجواء السيئة سواء الحر ام الحروب وكذلك لجمالها".

ولأجل ديمومة التواصل وتبادل المعلومات عن الخيول أنشأت المنظمة العراقية للخيول العربية موقعا لها على (الفيسبوك) بهدف الحفاظ على الجواد العربي نقيا سليما في أصوله واضحا في سلالاته وتعتبر هذه المنظمة الجهة الوحيدة المسؤولة عن الحفاظ على نقاء دماء الخيول العربية المسجلة لديها وهي الجهة المعتمدة دوليا بهذا المجال.

ويتذكر فاروق ما بذله من جهود عام 2003 قبل الاحتلال الأمريكي والتي أسفرت عن إنقاذ مجموعة من أندر الخيول العربية الأصيلة في نادي الفارس العربي بعهد الرئيس الأسبق صدام حسين.

وأكد أنه خاطر بحياته عندما قام بإجلاء الخيول دون موافقة حكومية إلى اسطبلات نادي الفروسية بحي العامرية غربي بغداد لإبعادها عن اسطبلات القصور الرئاسية (المنطقة الخضراء حاليا) التي كان متوقعا أن يتم قصفها من قبل قوات الاحتلال الأمريكي.

وللحفاظ على أصول هذه الخيول بعد دخول القوات الأمريكية اخفى فاروق السجلات والوثائق الخاصة بها في منزله حفاظا عليها خلال فترة النهب التي أعقبت سقوط النظام السابق.

وقال فاروق بحسرة وآلم "إن معظم هذه الخيول سرقت أو جرى تهريبها خارج البلاد".

ووفقا لفاروق فقد تم استرجاع بعض الخيول الأصيلة رغم الصعوبات والإغراءات، مبينا أن عروضا مغرية قدمت لهم بلغت 50 مليون دولار من داخل العراق وخارجه لتهريب هذه الخيول لكن هذه العروض رفضت كون هذه الخيول تعد ثروة وطنية للبلاد.

-- سباق الخيول --

يتجمع عشرات الرجال والشبان في نادي الفروسية غربي بغداد حاملين أوراق المراهنة وأقلام الرصاص في مجموعات بمنصة مؤقتة للمشاهدين أو في قاعة قريبة تطل على أحد طرفي المسار الترابي، ويشاهدون الفرسان الذين يرتدون السراويل البيضاء والقمصان الملونة على ظهور خيولهم ويتسابقون بحماسة للوصول لخط النهاية.

وفي داخل الصالة المطلة على مضمار السباق بدت المناقشات وتبادل المعلومات حول الخيول الحامية وفجأة ارتفعت أصوات وصيحات الشباب والكبار عندما أقلعت الخيول في إحدى جولات السباق.

ووسط الأجواء الصاخبة داخل القاعة قال ضياء الخفاجي وهو مربي خيول ومقامر دائم لـ ((شينخوا)) "أنا هنا طالما يوجد سباق خيول لأنني عاشق للخيول منذ طفولتي وهذا الشغف ورثته عن والدي وأجدادي ".

وأضاف "هناك جانب ربح في تربية الخيول من خلال بيعها وشرائها وكذلك سباقاتها لوجود جوائز مالية"، مبينا أنه شارك في العديد من سباقات الخيول وفاز بجوائز عدة.

وأظهر الخفاجي صورة لحصانه "الزعيم" الذي أحبه كثيرا رغم أنه مات قبل عدة سنوات قائلا "كان مثل ابني وأنا أعزه وأحبه لأنه حصان عربي أصيل وفريد من نوعه فاز 14 مرة بالمركز الأول و 12 مرة بالمركز الثاني".

ويلتقي محبو الخيول والمقامرين كل يوم سبت وثلاثاء أسبوعيا على المضمار الخاص بالخيول في النادي للمراهنة وتشجيع الخيول التي يفضلونها.

وكان سباق الخيول مزدهر في بغداد وهو من بين أكثر السباقات نجاحا في الشرق الأوسط تشارك فيه الخيول العربية الجميلة التي جذبت نخبة المدينة لموقع السابق بحي المنصور الراقي بالعاصمة والذي كان يسمى محليا ب "الريسيز" ويقام ثلاثة مرات أسبوعيا.

وتأثرت سباقات الخيول في العراق نتيجة الحروب و13 سنة من العقوبات الاقتصادية وأكثر من 30 عاما من الحظر على سباقات الخيول الدولية بسبب فشل العراق في تلبية الشروط التي حددتها المنظمة العالمية لصحة الحيوان، كما تأثرت هذه السباقات سلبيا بعد مغادرة العديد من المربين للبلاد وموت العديد من الخيول.

وقال جمال رشيد (55 عاما) طبيب بيطري ومدير دائرة تسجيل الخيول العربية بنادي الفروسية العراقي لـ ((شينخوا)) "إن العقوبات والحروب التي شهدها العراق أثرت سلبا على النادي وتربية الخيول".

وأضاف "لا يزال أمامنا الكثير لإعادة تأهيل سباق الخيول، حيث يفتقر النادي لملعب وبنى تحتية أخرى بالإضافة إلى زراعة العشب في مضمار السباق".

وكشف رشيد عن حاجة المربين للدعم كون الكثير منهم يستخدمون اسطبلات النادي، مبينا أن النادي يضم 146 اسطبلا ، لكل منها 16 مربطا.

وأوضح أن النادي مؤسسة مستقلة وذاتية التمويل ولديه إمكانيات محدودة، معربا عن أمله في أن تدعم الحكومة النادي والمساهمة باستعادة جزء من التراث الوطني العراقي.

-- استعادة الاهتمام --

داخل النادي وقف كاظم محمد علي مدير المدرسة العراقية المركزية لتعليم الفروسية أمام بوابة مدرسته التابعة للنادي لشرح دور مدرسته في تعليم ركوب الخيل للطلاب الصغار بهدف استعادة الاهتمام بالفروسية.

وقال علي إن "الخيول تمثل تاريخ المجتمع العراقي وكان العراقيون يعتنون بخيولهم منذ القدم ولديهم تقارب وحب للخيول وكانوا يسمونها على اسماء أبنائهم وبناتهم".

وتابع "في بعض الأحيان يهتم مربو الخيول بإطعام خيولهم أكثر من اهتمامهم بإطعام أبنائهم" ، مضيفا "أن هذا الشغف غالبا ما يتسبب بمشاكل اجتماعية لدى أسر عشاق الخيول".

بدوره قال أبو تمام وهو مهتم بالخيول العربية "هناك اهتمام متزايد بالخيول بجميع المحافظات وقد تم إنشاء مزارع ومرابط خاصة لتربية الخيول، للحفاظ عليها كونها تمثل ارتباط الحاضر بالماضي".

وتابع "تقام سباقات للخيول سنوية أو فصلية بالعديد من المحافظات ويحصل الفائزون على جوائز قيمة، وهذا دليل على تزايد أهمية هذه الخيول في حياة العراقيين التي تعود للعصور القديمة".

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق