مقالة خاصة: الولايات المتحدة تنتهك حقوق الإنسان في الشرق الأوسط باسم الدفاع عن حقوق الإنسان

شن الحروب، قتل الأبرياء، فرض العقوبات أحادية الجانب... هكذا ارتكبت الولايات المتحدة، التي نصبت نفسها مدافعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، جرائم جسيمة في الشرق الأوسط وتسببت في كوارث إنسانية لا تحصى على مدى سنوات طوال. إن تصرفات الولايات المتحدة تشكل انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان وتتمخض عنها أضرار مستديمة وبعيدة المدى.

وبدورهم أعرب العديد من الخبراء والمحلليين السياسيين في الدول العربية عن إدانتهم للجرائم الأمريكية التي لم تؤد إلى حروب متكررة في الشرق الأوسط فحسب، بل أغرقت المنطقة في مستنقع الصراعات والمعضلات الأمنية وقوضت بشكل خطير حقوق سكانها المحليين في الحياة والصحة والكرامة الشخصية والبقاء والتنمية.

فمن المعروف أن الولايات المتحدة استخدمت على نحو سيء أنبوب اختبار صغير مملوء بمسحوق أبيض أو ما يصفه البعض بـ"مسحوق الغسيل" كدليل على وجود أسلحة دمار شامل في العراق قبل أن تشن حربا لغزو العراق في عام 2003.

ومنذ بدء غزو الولايات المتحدة للعراق وحتى أكتوبر 2019، قُتل ما بين 184382 و207156 مدنيا في العراق بسبب "العنف المباشر المرتبط بالحرب الذي سببته الولايات المتحدة وحلفاؤها والجيش والشرطة العراقيان وقوات المعارضة"، وفقا لما ذكر مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون الأمريكية.

وقد ندد حسن رجب، عميد كلية الألسن بجامعة قناة السويس في مصر، بانتهاكات الولايات المتحدة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تدعي شن حرب العراق من أجل "الحرية"، ولكنها في الواقع لا تجلب سوى الدمار، وكذلك تجلب الدمار والفوضى لسوريا وليبيا وغيرهما.

ومن جانبه، ذكر ناظم علي عبد الله، المحلل العراقي في المنتدى العربي، وهو مركز بحثي مقره بغداد، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أن أمريكا ارتكبت الكثير من الجرائم في الشرق الأوسط والعالم، والعراق خير شاهد على ذلك، حيث كان الجنود الأمريكيون يقتلون الأبرياء بدم بارد، لافتا إلى فضيحة سجن أبو غريب الشهيرة مع المعتقلين العراقيين كدليل واضح على كذب الديمقراطية الأمريكية وزيف إدعائها بالتمسك بحقوق الإنسان.

وأكد أن "تجربة حقوق الإنسان والديمقراطية" التي أجرتها الولايات المتحدة قد أغرقت العراق في تدخل خارجي طويل الأمد، وانقسام اجتماعي، وصراعات حزبية، قائلا إن ما تسميه الولايات المتحدة بـ"العملية السياسية الديمقراطية" تستنزف موارد العراق الوطنية وتنتهك حقوق الإنسان للشعب العراقي.

وبعد اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، ساندت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون المعارضة في محاولة لإسقاط الحكومة السورية، مما أدى إلى معاناة لا حصر لها لعدد لا يحصى من السوريين.

ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب حرب مقره لندن، قُتل ما يقرب من 4000 مدني، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، في سوريا على أيدي قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي نفس الوقت، قدرت هيئات مراقبة أخرى لحقوق الإنسان عدد القتلى المدنيين في الحرب في سوريا منذ عام 2014 بعدد أكبر بكثير.

وقال المحلل السياسي السوري أحمد الأشقر إن الولايات المتحدة زعزعت استقرار الدول الأخرى تحت شعارات "الديمقراطية وحقوق الإنسان".

وأشار في مقابلة مع وكالة ((شينخوا)) إلى أنه "في سوريا، استخدمت الولايات المتحدة الديمقراطية كذريعة لدعم القوى الانفصالية والقوى المتطرفة لزعزعة استقرار الحكومة الشرعية"، متسائلا بقوله "تحت ذريعة محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية، سرقت الولايات المتحدة مناطق غنية بالنفط والغاز في سوريا، هل تسمون ذلك ديمقراطية؟"

وبالإضافة إلى جلب الفوضى والاضطرابات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات متكررة على بلدان في الشرق الأوسط مثل سوريا وإيران، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لحق السكان المحليين في التنمية. فبدلا من أن ترفع العقوبات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على هذه البلدان بعد تفشي جائحة كوفيد-19، الأمر الذي فاقم من محنة هذه البلدان.

وفي نفس السياق، قال المحلل السياسي السوري محمد العمري إن الولايات المتحدة "تحدثت عن قواعد وآليات أو نماذج تتعلق بحقوق الإنسان وتتعلق بمكافحة الإرهاب وغيرها من هذه المصطلحات البراقة في حين وجدنا أنها كانت تستخدم هذه المصطلحات لتحقيق مصالحها الذاتية ومصالح توسعها على مستوى النظام الدولي ولتوسيع قواعدها العسكرية أو حتى التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

وأشار في مقابلة مع وكالة ((شينخوا)) إلى أن الولايات المتحدة "تتجاهل الأزمات الإنسانية التي تقوم بافتعالها في منطقة الشرق الأوسط سواء في العراق وسوريا واليمن وعدد من الدول الأخرى سواء من خلال تدخلاتها العسكرية ووجودها العسكري في المنطقة أو من خلال فرضها للحصار الاقتصادي أو الإرهاب الاقتصادي الأحادي الجانب والذي من شأنه أن يؤزم الملفات الإنسانية ويزيد من تعقيد هذا الملف الإنساني".

وشدد عزت سعد، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، على أن "الولايات المتحدة تتبع بصورة واضحة مبدأ الكيل بمكيالين في التعامل مع حقوق الإنسان، واستخدامها فقط لأغراض سياسية دعائية".

ومن ناحية أخرى، أكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عصام شيحة، أن جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، كانت كاشفة لزيف الفكر الغربي الذي كانت تتغنى به الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وأثبتت أن منظومة حقوق الإنسان بالنسبة له مجرد منظومة مصالح أكثر منها منظومة إنسانية.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق