تعليق ((شينخوا)): قانون الرقائق الأمريكية شهادة أخرى على الإكراه الاقتصادي لواشنطن

وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا قانون الرقائق الالكترونية والعلوم للعام 2022 في محاولة لإنعاش قطاعي العلوم والتكنولوجيا والرقائق في البلاد من خلال تقديم حوافز لصانعي الرقائق وإجبارهم على الانحياز إلى طرف دون الآخر.

القانون المؤلف من ألف صفحة لا يعدو كونه سوى وثيقة حمائية. فقد تضمن شروطا تحد من الاستثمار والتجارة العادية للشركات ذات الصلة في الصين وتقيد التعاون الصيني-الأمريكي في العلوم والتكنولوجيا.

ولتحقيق هذا الهدف المهيمن، من الواضح أن واشنطن لا تعبأ بتعريض العولمة المترنحة لمزيد من الخطر، أو وضع سلاسل التصنيع والتوريد العالمية لأشباه الموصلات على المحك، مما يكشف عن مدى عدم ضمير القوة المهيمنة المتراجعة في محاولتها إنقاذ وضعها المتضائل.

ومع ذلك، لا يتوقع أن ينجح هذا الإكراه الاقتصادي المبطن في خلق طفرة في صناعة الرقائق في أمريكا من واقع أن هذا النهج يتعارض مع قوانين السوق وقواعد التجارة الدولية.

على المدى القصير، قد تساعد الإعانات الضخمة التي وعدت بها واشنطن، التي دأبت على اتهام الآخرين بدعم صناعاتهم من أجل تحقيق مزايا غير عادلة، صانعي الرقائق المحليين في الولايات المتحدة على اكتساب موطئ قدم لهم. لكن على المدى الطويل، لن يعالج القانون السبب الجذري وراء تدفق مصنعي الرقائق في أمريكا إلى الخارج في العقود الماضية.

إن جوهر مشكلتها يتلخص في ارتفاع كلفة الإنتاج. وقد كشفت رابطة صناعة أشباه الموصلات، وهي جمعية تجارية مقرها واشنطن وتمثل صناعات أشباه الموصلات والرقائق الدقيقة في الولايات المتحدة، أن التكلفة الإجمالية لملكية مختبر جديد في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات تزيد بنسبة 30 إلى 50 في المائة عنها في اقتصادات شرق آسيا.

إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا تعزيز صناعة الرقائق الخاصة بها، فعليها أولا أن تركز على مزاياها النسبية ثم تعزيز دمج نفسها في التقسيم العالمي للعمل، بدلا من اللجوء إلى الحمائية والإكراه الاقتصادي، وإلا سيصبح إدعاء الرئيس الأمريكي بأن القانون "سيجعل السيارات أرخص، والأجهزة أرخص، والحاسوب أرخص" مجرد وهم.

بالنسبة لصانعي الرقائق، فإن الشروط المرتبطة بتمويل واشنطن مجحفة وضارة. ووفقا لوسائل الإعلام الأمريكية، سيتم حظر صانعي الرقائق الذين يتلقون الدعم من الانخراط في "معاملات كبيرة في الصين أو البلدان الأخرى المعنية" تتضمن أي قدرة تصنيع متطورة لأشباه الموصلات لمدة 10 سنوات.

وفي ظل تلك الشروط التي تستهدف الصين بشكل أساسي، فإن واشنطن تجبر صانعي الرقائق على الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما. ولن تؤدي تلك المحاولة المكشوفة لإعادة هيكلة المشهد العالمي لإنتاج الرقائق إجباريا سوى إلى تقسيم السلسلة الصناعية للرقائق في العالم.

وبالنسبة لصناعة تعتمد على تنسيق عالمي يقوم على الكفاءة العالية، فإن عواقب الشلل في السلسلة الصناعية ستكون كارثية. وسيتحمل صانعو الرقائق الأمريكيون بالتأكيد وطأة ذلك.

إذا اتبعت واشنطن الانفصال التكنولوجي الخشن وحظرت تماما شركات أشباه الموصلات المحلية من البيع للعملاء الصينيين، فستفقد الشركات الأمريكية 18 في المائة من حصتها في السوق العالمية و37 في المائة من إيراداتها، مما يؤدي إلى خسارة ما بين 15 ألف إلى 40 ألف وظيفة محلية عالية المهارة، وفقا لمقال نشره مؤخرا مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية نقلا عن تقرير لمجموعة بوسطن الاستشارية.

غير أن واشنطن في سبيل تحقيق مصالحها الذاتية تجاهلت كل المخاطر التي قد يجلبها قانون الرقائق للعالم، بما في ذلك الإضرار بمصالح منتجي الرقائق والعملاء داخل حدودها.

في الواقع، ليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة قضايا التكنولوجيا كسلاح وتحاول تشكيل مجموعات تكنولوجية لقمع الآخرين. وكما أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، فإن مثل هذه التحركات هي إرهاب تكنولوجي كلاسيكي.

وقد أشار مراقبون عالميون إلى أن التعاون الاقتصادي والعلمي التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة يخدم المصالح المشتركة للجانبين ويسهم في التنمية المشتركة للبشرية، وسيؤدي وضع القيود والانفصال إلى الإضرار بالمصالح المشتركة دون أن يستفيد أي طرف.

وقد حذرت مقالة افتتاحية بعنوان "يتعين على الولايات المتحدة تعزيز العلاقات العلمية مع الصين وليس قطعها" نشرتها جريدة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست)) يوم الإثنين من أن "الجهود الأمريكية للانفصال لدواع أمنية أو الحفاظ على دورها القيادي تتجاهل المنافع التي تعود على الطرفين والقدرة على مواجهة التحديات المشتركة والعالمية".

يجب على واشنطن أن تعرف أفضل من ذلك.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق