مقال رأي: ما يسمى بـ"الفصل بين السلطات" ليس مبررا لزيارة بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية

إن الأزمة التي أثارتها زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية جعلت المجتمع الدولي أكثر يقظة تجاه التكتيكات المعتادة للجانب الأمريكي المتمثلة في خلق الفتن وإثارة المواجهات.

فالجانب الأمريكي يبرر زيارة بيلوسي بذريعة ما يسمى بـ"الفصل بين السلطات"، وهي مغالطة تثير قلق المجتمع الدولي ويجب دحضها بشدة.

بادئ ذي بدء، يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة سياسة خارجية واحدة فقط، ولا يمكن استخدام الفصل بين السلطات لتبرير هرولة بيلوسي إلى القيام بالزيارة. عادة ما يتم وضع السياسة الخارجية لأي بلد من قبل السلطة التنفيذية وتنفيذها من قبل السلطات الأخرى. إن مبدأ "صين واحدة" هو الأساس السياسي للعلاقات الأمريكية الصينية. وقد تعهدت الإدارة الأمريكية الحالية بدعم سياسة صين واحدة وصرحت بأنها لا تدعم "استقلال تايوان".

وبصفتهم أعضاء في فرع رئيسي من الحكومة الأمريكية، فإن أقوال وأفعال المشرعين تحمل سمات وطنية متميزة. لذلك، كانت طبيعة زيارة بيلوسي بعيدة كل البعد عن كونها شخصية أو غير رسمية، وتتعارض خطوتها هذه مع التزام الحكومة الأمريكية طويل الأمد بسياسة صين واحدة.

ينص البند الثالث من المادة الثانية من الدستور الأمريكي على مسؤوليات الرئيس، حيث يقول إنه يتوجب عليه الحرص على تنفيذ القوانين بأمانة.

وفي مواجهة زيارة بيلوسي، التي شكلت انتهاكا واضحا للقانون الدولي والتشريعات المحلية الأمريكية، كان ينبغي على رئيس ذلك البلد أن يقوم بواجبه في ثنيها بشدة عن القيام بها. لقد فقدت الحكومة الأمريكية كل مصداقيتها بسبب التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن مبدأ صين واحدة.

ثانيا، وفقا للقانون الدولي، ينبغي اعتبار تصرفات الكونغرس الأمريكي أفعالا للدولة، تكون الدولة مسؤولة عنها. لقد صرحت حكومة الولايات المتحدة مرارا بأنها تلتزم بسياسة صين واحدة، ومع ذلك فقد قام أعضاء الكونغرس الأمريكي بزيارة منطقة تايوان الصينية، الأمر الذي لم يكشف عن ازدواجية ونفاق أعمال حكومتها فحسب، بل شكل أيضا تهديدا خطيرا للأمن العام والرفاه في المنطقة والمجتمع الدولي.

إن شرعية السلوك الدبلوماسي الأمريكي يجب أن تستند إلى احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية والامتثال لها.

فزيارة بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية ليست خروجا صارخا عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي المتمثلة في احترام السيادة وسلامة الأراضي فحسب، بل تمثل أيضا انتهاكا صارخا لمبدأ صين واحدة، وهو إجماع دولي وعرف أساسي للعلاقات الدولية يحظى باعتراف شامل من قبل المجتمع الدولي.

وتكشف زيارات أعضاء الكونغرس الأمريكي عن نية الجانب الأمريكي الشريرة الرامية إلى خلق أزمات واضطرابات إقليمية بل وعالمية، والتي قوبلت بإدانة واسعة ورفض شديد من قبل الغالبية العظمى من البلدان في المجتمع الدولي. ومن حيث البعد الدولي، لا يوجد أساس قانوني لزيارة أعضاء الكونغرس الأمريكي لمنطقة تايوان الصينية.

ثالثا، من مجمل عملية زيارة بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية، يمكن ملاحظة أن الإدارة الأمريكية لم تكن "عاجزة عن وقف" زيارة بيلوسي كما قالت. بل على العكس، استخدمت قوتها العسكرية الضخمة، بما في ذلك المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات لتقديم تعاون نشط ومرافقة مسلحة.

إن مسألة تايوان هي مسألة جوهرية يمكن أن تؤثر بشكل أساسي على العلاقات الصينية الأمريكية وهي حجر الزاوية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بل والنظام الأمني العالمي، وإن التغيير السياساتي التخريبيي الذي يعتزم الجانب الأمريكي تنفيذه بشأن هذه المسألة سيُقابل لا محالة بإدانة واسعة ومعارضة شديدة من المجتمع الدولي.

إن ذريعة الفصل بين السلطات ليست سوى ذريعة للتغطية على الخطوة الخطيرة التي قام بها الجانب الأمريكي لإفراغ مبدأ صين واحدة من مضمونه وطمسه. والغرض الأساسي من هذا التلاعب هو تحويل اللوم إلى الجانب الصيني في مسألة توجه الولايات المتحدة إلى تغيير الوضع الراهن بمضيق تايوان وخلق حالة انقسام ومواجهة إقليمية، وبالتالي تضخيم نظرية "التهديد الصيني" في الرأي العام الدولي والاستمرار في مزاحمة الجانب الصيني في بناء نظام أمني إقليمي.

لقد مضت بيلوسي قدما في القيام بهذه الزيارة التي لا علاقة لها بالفصل بين السلطات، وإنما ترتبط ارتباطا وثيقا بإيمان الجانب الأمريكي بمنطق سياسة القوة للحفاظ على مكانته المهيمنة.

فالولايات المتحدة ترى أنها طالما حافظت على الهيمنة، يمكنها إرغام المجتمع الدولي والجانب الصيني على قبول الرواية المشوهة المتعلقة بتايوان والتي يحاول الجانب الأمريكي تلفيقها. ولكن هذا المخطط الخطير لابد أن يسترعي انتباه المجتمع الدولي ويجعله على درجة عالية من اليقظة.

ويجب على الصين والمجتمع الدولي مواصلة العمل بلا كلل وبدقة على كشف الخطر الكامن وراء لعب الولايات المتحدة بالنار بشأن مسألة تايوان، وإن مقاومة هذه السياسات الكارثية بحزم صارت أمرا ضروريا وملحا. 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق