التكنولوجيا الفائقة والتنمية الخضراء... محوران هامان للتعاون الصيني العربي

 مع دخول المزيد من شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية إلى السوق العربية، يمضي التعاون الصيني العربي نحو نهج أكثر توجها نحو التنويع، وأصبحت التكنولوجيا الفائقة والتنمية الخضراء محورين هامين للتعاون بين الجانبين.

وفي هذا الصدد، أشار المحللون إلى أن الدول العربية تعمل بنشاط على تعزيز التحول الاقتصادي والارتقاء به، وتولي المزيد من الاهتمام بتنمية الصناعات ذات القيمة المضافة عالية التقنية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بحماية البيئة، فيما تشجع الصين شركات التكنولوجيا الفائقة على الانطلاق إلى العالمية والتعاون مع الدول العربية لتعزيز التنمية عالية الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق وإعطاء دلالات جديدة لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك.

-- التكنولوجيا الفائقة تدفع عجلة التنمية

تبرز دول الخليج العربية في موقع الصدارة بمنطقة الشرق الأوسط على صعيد التحول الرقمي، وفي إطار هذه العملية، تحظى معدات وتكنولوجيا الشركات الصينية بتفضيل كبير.

في يوليو من هذا العام، منحت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات الكويتية رسميا ترخيصا إلى (هواوي كلاود) لتقديم الخدمات السحابية في الكويت، لتصبح شركة خدمات سحابية معتمدة هناك. وفي الوقت الحاضر، يستخدم مشغلو الاتصالات الثلاثة في الكويت معدات هواوي لشبكة الجيل الخامس.

ومن جانبه، قال سالم الأذينة، الرئيس السابق للهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات في دولة الكويت، إن التحول الرقمي هو جزء من رؤية الكويت 2035، حيث أشار إلى أن إطلاق الخدمات السحابية من هواوي من شأنه أن يساعد القطاعين العام والخاص في الكويت على تحقيق التحول الرقمي وفي الوقت ذاته جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وفي شهر مايو من هذا العام، قامت شركة (علي بابا كلاود) من خلال التعاون مع شركة الاتصالات السعودية، إحدى أكبر مشغلي شبكات الهاتف المحمول في الشرق الأوسط، وشركاء آخرين، بإنشاء شركة مشتركة للحوسبة السحابية في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الشركة الجديدة ستساعد في تطوير البنية التحتية الرقمية للمملكة العربية السعودية، وتزويد الشركات في السعودية بأحدث حلول وخدمات تخزين البيانات، وتعزيز أمن وحماية المعلومات، وتعزيز قدرة المملكة العربية السعودية على تقديم خدمات الحوسبة السحابية للشركات العالمية، الأمر الذي سيجذب الاستثمارات الدولية إلى المملكة.

-- نقاط مضيئة جديدة تشهدها الصناعات التقليدية

لقد أوجدت التقنيات المتقدمة التي تمتلكها الشركات الصينية نقاطا مضيئة جديدة في صناعات تقليدية مثل البنية التحتية والبتروكيماويات في الدول العربية.

فعند بناء البرج الأيقوني بمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر، طبق فرع الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية (CSCEC) بمصر تكنولوجيا القوالب المنزلقة لإنجاز بناء طابق واحد كل أربعة أيام، كما اعتمد تقنية استخدام المضخات عالية الضغط لنقل الخرسانة إلى ارتفاع يزيد عن 500 متر، واستخدم رافعة برجية ذات ذراع خارجية لرفع مختلف مواد البناء إلى قمة البرج.

وقد قال عمرو خطاب المتحدث باسم وزارة الإسكان المصرية إن الشركات الصينية عززت توطين تقنيات البناء المتقدمة في مصر، ودربت العديد من المهندسين المحليين المتميزين، وضخت زخما جديدا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمصر.

وفي مشروع قاعدة تصنيع المواد البلاستيكية الجديدة والصناعات الإلكترونية البصرية بالسعودية الذي تنفذه شركة شينقونغ الصينية، باعتباره مشروعا عالي التقنية ضمن أوجه التعاون الصيني السعودي، تم استخدام موارد منتجات تكرير البترول الغنية في السعودية لتطوير وإنتاج مواد بلاستيكية معدلة جديدة يمكنها تلبية احتياجات صناعات محددة مثل الطيران والسيارات. ويبلغ إجمالي استثمارات هذا المشروع حوالي 892 مليون دولار أمريكي، وستبلغ قيمة الإنتاج السنوي بعد الانتهاء منه حوالي 2.209 مليار دولار أمريكي، ويمكن أن يوفر حوالي 10 آلاف فرصة عمل.

-- التركيز على التنمية المستدامة والخضراء

تلعب التكنولوجيا الصينية دورا مهما في التنمية الخضراء للدول العربية، ويرتبط هذا النمط من التنمية بمعيشة الناس ويحظى باهتمام كبير من هذه الدول.

ففي يوليو من هذا العام، نجح نظام تجميع مياه الأمطار في مشروع البنية التحتية لمشروع مدينة المطلاع السكنية بالكويت، الذي تنفذه شركة (قتشوبا) الصينية التابعة لمجموعة هندسة الطاقة الصينية، في اجتياز الفحص الذي أجرته الجهة المالكة. ويعتبر هذا المشروع ممارسة حية لتطبيق مفهوم "التكنولوجيا الخضراء ومدينة الإسفنج" بمدينة المطلاع الجديدة، وسيساعد الكويت على التعامل مع الأمطار الغزيرة في موسم الأمطار وحماية موارد المياه الجوفية بشكل فعال، بل وتهيئة بيئة حياتية ومعيشة أفضل للسكان المحليين.

وفي الأردن الذي يعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة ويعاني من نقص حاد في المياه، تساعد مشاريع الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح، التي تضخ شركات صينية استثمارات فيها وتشيدها، على تحقيق رؤية الأردن للتنمية الخضراء. وفي أغسطس 2021، تم تسليم مشاريع نفذتها شركة الخوانق الثلاثة الصينية الدولية (CTGI) للطاقة الجديدة في الأردن، وهي عبارة عن مشروعين لطاقة الرياح ومشروع للطاقة الكهروضوئية، بسعة إجمالية مركبة تبلغ 156 ميجاوات.

أما في السعودية، التي تمثل المناطق الصحراوية حوالي 40 بالمائة من مساحة أراضيها، فتتعاون شركة ستار فيجن الصينية (STAR.VISION) مع المركز الوطني السعودي لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، حيث تم استخدام الأقمار الصناعية بشكل شامل لتوفير مصادر البيانات وتم اعتماد تكنولوجيا معالجة البيانات بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يساعد السعودية على تنفيذ مبادرة "السعودية الخضراء". 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق