حان الوقت لتعزيز الاستقلال والتضامن


قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في مقابلته الأخيرة مع وسيلة إعلام عربية، إن الدول الغربية فرضت ضغوطا كبيرة على الدول العربية بشأن القضية الأوكرانية، وطلبت من الدول العربية رفض العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا والمشاركة في "تطويق روسيا"، لكن الدول العربية لن تخضع لضغوط الدول الغربية.

 ظلت الدول العربية تلتزم بموقفها المستقل منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا. في مارس الماضي، أشار البيان الصادر عن الدورة الـ 157 لمجلس جامعة الدول العربية  على مستوى وزراء الخارجية أن الجانب العربي يدعم جميع الجهود الرامية إلى حل الأزمة الأوكرانية عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، وأكد البيان على أهمية احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب المواجهة السياسية المتزايدة ورفض أي ازدواجية المعايير الدولية، وقرر تشكيل مجموعة الاتصال الوزارية العربية بشأن القضية الأوكرانية لمتابعة الأوضاع والاتصال مع الأطراف ذات الصلة والدفع بالحل السياسي للقضية الأوكرانية. في هذا السياق، التقى وفد مجموعة الاتصال مع وزير الخارجية الروسي ووزير الخارجية الأوكراني على التوالي في إبريل الماضي، مؤكدا أن الجانب العربي يدعم إجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا.

تعاني الدول العربية من ويلات الحروب والاضطرابات منذ زمن طويل، وهي تتعاطف مع معاناة الشعوب في مناطق الصراع. إن تدخل الدول الغربية الكبرى له ارتباط وثيق بغياب حل عادل للقضايا الساخنة منذ زمن طويل، سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية التي استمرت دون حل لأكثر من 7 عقود ، أم للقضايا الساخنة في العراق وليبيا وسورية وغيرها. كما أن بقاء هذه القضايا بدون حل أدى إلى التدهور المستمر للوضع الأمني في المنطقة، وجلب تحديات كبيرة للتنمية في المنطقة. "تجارب الماضي هي دروس للحاضر والمستقبل"، فيما يخص القضية الأوكرانية، إن الدول العربية على علم تام بأن "صب الزيت على النار" لن يساهم في تهدئة الأوضاع، فترفض رفضا قاطعا المشاركة في فرض عقوبات على روسيا.

إن الصين كصديق مخلص لدول الشرق الأوسط ، تتمسك دائما بـ"الدعمين"، أي دعم مساعي دول الشرق الأوسط لحل القضايا الأمنية في المنطقة عبر التضامن والتعاون، ودعم جهود شعوب الشرق الأوسط لاستكشاف الطرق التنموية الخاصة بها بإرادتها المستقلة. تدعم الصين بكل ثبات جهود الدول العربية في التخلص من التشويشات الخارجية والدفاع عن المبادئ الأساسية مثل السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي  وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، التي تضمن بقاء الدول النامية الغفيرة. طرح مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي في العام الماضي نيابة عن الجانب الصيني، المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وغيرها من المبادرات والدعوات، لدعم مساعي دول الشرق الأوسط إلى تحقيق الاستقرار من خلال تقوية الذات، وتحقيق التنمية من خلال التعاون، الأمر الذي لقي تأييدا وتقديرا على النطاق الواسع من قبل الدول العربية.

 يرجع تاريخ التواصل الودي بين الحضارتين العريقتين الصينية والعربية إلى زمن بعيد. على مدى آلاف السنين، تتوارث روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك جيلا بعد جيل. يتبادل الجانبان الدعم في النضال من أجل الحفاظ على الكرامة الوطنية والسيادة الوطنية، ويساعد بعضهما البعض في استكشاف الطرق التنموية وتحقيق النهضة الوطنية. ينتمي كلا الجانبين إلى صفوف الدول النامية، ويمر كلاهما بمرحلة تنموية مهمة حاليا، وتقع على عاتق الجانبين رسالة مشتركة تتمثل في تحقيق النهضة الوطنية وازدهار البلاد، وتربطهما توافقات واسع النطاق بشأن حماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها والدفاع عن الإنصاف والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية والأمن، لذلك، يحفظ الجانبان على التنسيق والتعاون بشكل جيد. مهما تغيرت الأوضاع الدولية، وبالرغم من البعد الجغرافي، ظلت الصين والدول العربية من الشركاء الطبيعيين في تعزيز التضامن والاستقلال وتقوية الذات.

في الوقت الراهن، تتشابك وتتفاعل آثار التغيرات غير المسبوقة في  العالم منذ مئة سنة وجائحة القرن، وتتزايد عوامل عدم الاستقرار وعدم اليقين وانعدام الأمن في الأوضاع الدولية. تحتاج الصين والدول العربية، كقوى مهمة في صفوف الدول النامية، إلى تعزيز التعاون في المسيرة نحو التنمية المشتركة، والعمل يدا بيد على تعزيز الأمن في المنطقة، وإجراء التنسيق في طريق قيادة الحوكمة العالمية، والتشارك في حماية السيادة والأمن والمصالح التنموية، وضخ الاستقرار والطاقة الإيجابية في الأوضاع الدولية التي تشهد التغيرات والاضطرابات، بما يقدم المساهمات الصينية والعربية في  بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.


بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق