"لا أستطيع التنفس" هذه هي الكلمات الأخيرة للمواطن الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد، الرجل البالغ من العمر ٤٦ عاماً والذي مات في شهر مايو عام 2020 أثناء عملية اعتقاله، بعدما ركع فوقه أحد عناصر الشرطة واضعاً رجله فوق عنق فلويد لمدة قاربت تسع دقائق.
أثار مقتل فلويد احتجاجا واسعا وأعمال شغب كثيرة اجتاحت أنحاء البلاد، إلا أنه لم يدفع الحكومة الأمريكية لاستخلاص درس من التجربة المريرة. وخلال عام بعد وفاة فلويد، لقي 229 مواطنا أمريكيا من أصل إفريقي على الأقل مصرعهم على يد الشرطة، ويعتبر تكرار مأساة "فلويد" وصمة عار على سجل حقوق الإنسان للولايات المتحدة.
وفي هذا العام، شهدت العنصرية والعنف في إنفاذ القانون في البلاد تدهورا بشكل مستمر...في شهر يونيو الماضي، أطلقت الشرطة في مدينة أكرون بولاية أوهايو، أكثر من 60 طلقة على جايلان ووكر، وهو شاب أمريكي من أصل إفريقي يشتبه في ارتكابه مخالفات مرورية، ما أدى إلى مصرعه. وفي الشهر نفسه، أصيب رجل أمريكي من أصل إفريقي في ولاية كونيتيكت بالشلل بسبب الاصطدام والتعامل العنيف داخل سيارة شرطة. في شهر يوليو الماضي، ضرب ضباط الشرطة في مدينة أوكلاند بولاية تينيسي الرجل الأمريكي من أصل أفريقي براندون كالوفي أثناء تطبيق القانون، وأطبقوا كتفيه، وداسوا على رأسه، وصعقوه بالكهرباء. وقد أدت هذه المآسي مرارا وتكرارا إلى فضح نفاق حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، قال تشن شيوي، رئيس البعثة الصينية لدى الأمم المتحدة في جنيف، متحدثًا نيابة عن مجموعة من الدول في الدورة 51 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، إن العنصرية والعنف في إنفاذ القانون هما مسألتان تتعلقان بالعنصرية وعدم المساواة الاجتماعية المتجذرتين على نحو مزمن ومنهجي وهيكلي في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، وموروثات العبودية والاستعمار في تاريخها.
وأضاف أن الأقليات والجماعات العرقية في هذه البلاد ، وبالتحديد الأشخاص المنحدرين من أصول إفريقية وآسيوية أو إسلامية، تتعرض منذ فترة طويلة للتمييز والتهميش، مع انتهاك حقوقها وبقاء سلامتها تحت التهديد المستمر بالعنف، مشيرا إلى أنه منذ اندلاع جائحة كوفيد -19، ينشر الساسة في الدول المعنية خطاب الكراهية على أساس العرق والدين، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الصعب لتلك المجموعات المعنية.
في ظل انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، يجب على الولايات المتحدة أن تواجه مشاكل خطيرة للعنصرية والتمييز العنصري داخلها، وتهتم بمآسي الأقليات العرقية فيها، وتعيد النظر في المؤسسات والقوانين والسياسات والتدابير التمييزية وتنقحها بشكل شامل، وتصلح أحوال هيئات تطبيق القانون والقضاء على وجه الخصوص، وتجري تحقيقا دقيقا في قضايا العنف لمحاسبة الجناة وتعويض الضحايا. وإلا، فلن تتمكن من تجنب تكرار مأساة فلويد.